شرح الموطأ - كتاب الحج (16)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الحج عمن يحج عنه:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الفضل بن عباس -رضي الله عنهما- رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: ((نعم)) وذلك في حجة الوداع.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: الحج عمن يحج عنه" النيابة في الحج ما حكمها؟ منها ما هو واجب يجب على من استطاع الحج بماله وعجز عنه ببدنه أن ينيب عنه من يحج، ومنها ما يستحب أن يحج الرجل عن أبيه عن أمه ممن لا يستطيع الحج، لا بنفسه ولا بماله، ومنها ما اختلف في حكمه من الحج أو العمرة عن القادر المستطيع ممن حج الفرض، سواءً كان حيًّا أو ميتًا.
حديث الباب: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس قال: "كان الفضل بن عباس" يعني أخاه الفضل بن عباس، أكبر ولد العباس، وبه كنيته "رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني راكبًا خلفه على الدابة، وهذا معنى الرديف، الركوب خلف الراكب، وأردف النبي -صلى الله عليه وسلم- عددًا من أصحابه، معاذ يقول: كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: ((يا معاذ))... إلى آخره، وأردف النبي -صلى الله عليه وسلم- الفضل، وأردف أسامة، وأردف غيرهم، وقد بلغوا أكثر من ثلاثين ممن أردفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- والإرداف على الدابة جائز شريطة أن تكون مطيقة لذلك بما لا يشق عليها، ولا يكرثها، يجوز ذلك، وقد فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويجوز ركوب ثلاثة إذا كانوا بحيث تطيقهم الدابة، ويمتنع إرداف واحد إذا كانت الدابة تعجز عن ذلك، ومرد ذلك إلى إطاقة الدابة.
"كنت رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني من إلى..، النبي -عليه الصلاة والسلام- في منصرفه من عرفة إلى مزدلفة أردف من؟ أسامة، ومن مزدلفة إلى منىً أردف الفضل، فهو رديف النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذه الفترة.
وابن عباس ممن قدمه النبي -صلى الله عليه وسلم- في الضعفة، فلم يحضر هذا الكلام، عن عبد الله بن عباس قال: كان الفضل بن عباس، يحكي قصة لم يشهدها، إلا أنه جاء في بعض طرق الخبر ما يدل على أنه يرويها عن صاحبها، وهو الفضل بن عباس "فجاءته امرأة" لم يذكر اسمها.
طالب:.........
ما يضر، نعم، لا يضر يعني لو لم نقف على أن ابن عباس تحمله عن أخيه ما يضر، "فجاءته امرأة" لم تسم، في مثل هذا السياق لا يحرص لا الصحابة ولا من بعدهم من الرواة، ولا أهل كتب المبهمات لا يحرصون على تسمية مثل هذه سترًا عليها، فمثل هذا يبهمون من ذكر في المتن من باب الستر عليه؛ ولأنه لا يترتب على ذكره فائدة "فجاءته امرأة من خثعم" قبيلة مشهورة، نعم؟
طالب:.........
ما يترتب عليه.
طالب:.........
نعم، يعني فيه تعارض بين النصين؟ إذا كان فيه تعارض بحث عن هذا، حمل على تعدد القصة ولو لم يعرف الاسم، "فجاءت امرأة من خثعم تستفتيه" يعني لا يقال باطراد أن المبهم تعيينه لا فائدة فيه، فيه فائدة، وألفت فيه المؤلفات الكثيرة، المبهمات فيها المؤلفات للخطيب البغدادي، وللنووي ولأبي زرعة ابن الحافظ العراقي، كتب مؤلفات فيها عناية فائقة في تتبع الطرق من أجل تعيين المبهم، وفيه فوائد كثيرة تعيين المبهم، منها معرفة تاريخ الخبر، إذا سمي وعرفنا أنه متأخر الإسلام عرفنا أن الخبر متأخر، ولو عرفنا أنه متقدم الإسلام عرفنا أن الخبر متقدم، ويفيدنا هذا في القول بالنسخ، معرفة الناسخ والمنسوخ، وأما تعيين المبهمات في الأسانيد فأمر لا يخفى؛ لأن المبهم من قبيل المجهول، مجهول الذات، وهو أشد من جهالة العين والحال، فتعيينه لا بد منه وإلا حكم على الخبر بعدم الثبوت حتى يعين.
"فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه" ونص الفتوى: "إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: ((نعم))" الجواب هذا استفتاء والفتوى "قال: ((نعم)) وذلك في حجة الوداع" وعرفنا أن هذا في آخر أمره -عليه الصلاة والسلام-، لا يمكن أن يقال في مثل هذا الخبر أنه قبل نزول الحجاب؛ لأنه قال: "وذلك في حجة الوداع" هذه المرأة تستفتي النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أبيها الشيخ الكبير الذي لا يثبت على الراحلة، وأدركته فريضة الله في الحج، يعني وجبت عليه فريضة الله في الحج، فدل على أنه كان قادرًا على الحج، لكنه لا يستطيع بنفسه، قادر بماله لكنه لا يستطيع بنفسه، وحينئذٍ يلزمه أن ينيب من ماله إلا إذا وجد متبرع كهذه؛ ولذا قالت: "إن فريضة الله في الحج أدركت أبي".
"فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه" فجعل الفضل ينظر إليها وكانت وضيئة، وتنظر إليه وكان وسيمًا، والنظر من قبل الرجل إلى المرأة، ومن قبل المرأة إلى الرجل -حاشا نظر الفجأة- أمر محرم، يجب غض البصر عنه، أما نظر الفجأة لو نظرها أول مرة، أو نظرت إليه أول مرة ثم صرف لا شيء في ذلك، له الأولى وليست له الثانية، أما استمرار النظر والنبي -عليه الصلاة والسلام- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، ثم يعود، لا شك أن مثل هذا لا يجوز؛ ولذا غير النبي -عليه الصلاة والسلام- المنكر بيده؛ فصرف وجه الفضل إلى الجهة الأخرى التي ليست فيها المرأة، غير جهة المرأة، وفي رواية: لوى عنقه، يعني بقوة، وهذا تغيير للمنكر باليد وهو الأصل، وهو المرتبة الأولى، مع الاستطاعة، هو المتعين مع الاستطاعة؛ ولذا قال: ((فإن لم يستطع فبلسانه))، وهنا النبي -عليه الصلاة والسلام- يغير بيده لأنه يستطيع.
وجوب الغض من قبل الطرفين أمر معروف، نص عليه في القرآن: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النــور]، ثم قال: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [(31) سورة النــور] فلا يجوز بحال نظر الرجل إلى المرأة سواءً كانت امرأة حقيقية، ينظر إلى جسمها أو إلى وجهها أو إلى أي شيء يتعلق بها مما يثيره، ولو كانت متحجبة الحجاب الكامل لا يجوز له أن ينظر إليها، إذا كان نظره إلى حجمها وجرمها يثيره، وقل مثل هذا في المرأة؛ لأن هذا من ذرائع الموصلة إلى الفاحشة والشرع جاء بسدها، كما أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال لا سيما تحديدها في شخص بعينه، لا يجوز لها ذلك سواءً كان بغير واسطة كما هنا، أو بواسطة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة كلها؛ في الصحف والمجلات والقنوات، كل هذا لا يجوز، بل على الرجل أن يغض بصره عن المرأة، وعلى المرأة أن تغض بصرها عن الرجال.
نظر المرأة إلى عموم الرجال، أو نظر الرجل إلى عموم النساء بحيث لا يحدد في امرأة بعينها تفتنه، أو امرأة تنظر إلى عموم رجال خارجين من مسجد أو داخلين إليه، أو في مجتمع وما أشبه ذلك، عموم الناس التي لا يفتن الرجل ولا المرأة مثل هذا لا بأس به؛ لأن عائشة نظرت إلى الحبشة وهم..، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسترها، المقصود أن مثل العموم لا بأس به.
طالب:.........
من هي؟
طالب:........
المقصود أن الإقرار في مثل هذا ولو من الصغيرة، على وليها أن يكفها عن نظر الرجال.
طالب:.......
نعم، المتزوجة، المقصود أن مثل هذا لا يجوز بحال، والنص عليه بالقرآن نص لا يحتمل {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا} [(30) سورة النــور] {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ} [(31) سورة النــور] وكل ما أثار الرجل من قبل النساء لا يجوز له النظر إليه، كما أنه لا يجوز النظر إلى الرجال من قبل النساء إذا أدى ذلك إلى هذه المفسدة.
وفي حكم النساء المردان، وجاء التحذير الشديد من قبل سلف هذه الأمة وأئمتها من نظر الرجل إلى المردان، وجعلوه بمثابة المرأة، بل منهم من شدد في ذلك، فحرم النظر ولو من غير شهوة إلى الأمرد، فلا شك أن مثل هذه الأمور مزلة، مزلة مع تكرارها يقر في القلب من قبل الشيطان ما لا تحمد عقباه.
قد يقول قائل وهذا سائل يقول: "فجعل ينظر إليها وتنظر إليه" احتج بعضهم بهذا الحديث على جواز كشف المرأة وجهها؟
أولًا: ليس فيه نص على أنها كاشفة لوجهها، ونظر الرجل إلى الحجم والطول والعرض معروف، وفتنته بهذا معروفة، في بعض الروايات: أنها كانت وضيئة، والوضيئة بمعنى أنها بيضاء حسناء كما جاء في بعض الروايات، ومعروفة وضاءتها إنما يتم بخروج أي جز منها، ولو أصبع واحد، ولو بأصبع واحد، وكونها راكبة على جمل لا بد أن يخرج منها شيء من غير قصد، المقصود أن هذا ليس فيه دليل.
جاء في بعض الراويات أن أباها كان معها، قد يقول قائل: كيف يكون أبوها معها في حجة الوداع وهي تسأل عن أبيها الذي أدركته فريضة الله وهو شيخ كبير قالوا: المراد بالأب هذا الجد، لماذا لم يسأل الأب؟ لماذا؟ نعم؛ لأنه يعرضها على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويعرض بها كي يتزوجها، وجاءت هذا في بعض الروايات منصوص عليه، فمثل هذا الموطن لا بد أن تبدي شيئًا ولو لم يكن الوجه، لو لم يكن الوجه ما يلزم، نعم تبدي شيئًا يرغبه في نكاحها؛ ولذا الفضل بن عباس لما رأى عدم حاجة النبي -عليه الصلاة والسلام- إليها جعل ينظر إليها، فصرفه النبي -عليه الصلاة والسلام- علها أن تقبل به بديلًا عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، المقصود أنه ليس في الحديث ما يدل على أنها كاشفة لوجهها، ليس فيه نص على ذلك، كونها وضيئة، كونها حسناء، كون جسمها يلفت النظر بحيث ينظر إليها، هذا أمر معروف والرجال الفحول يدركون مثل هذا، نعم؟
طالب:........
نعم، تنظر إليه، معصية، رجل وضيء كاشف وجهه جميل تنظر إليه.
طالب: وهي؟
هي تنظر إليه، رغم النبي -عليه الصلاة والسلام- يراها، مجرد اتجاه الوجه دليل، مجرد اتجاه الوجه معروف أنها تنظر إليه، وهذا يدرك من وراء الحجاب، وكونها تنظر تستطيع أن تنظر ولو كانت متحجبة؛ لأنه ليس معنى الحجاب أنه يغطي كل ما وراءه كالأعمى، لا، نعم إنما يغطي الوجه لكن لا يغطي النظر، نعم؟
طالب: سفعاء الخدين؟
لا غير هذه، هذه مسألة ثانية، هذه في صلاة العيد سفعاء الخدين، وهذا عنه أجوبة، إما أن يكون قبل الحجاب؛ لأن صلاة العيد فرضت قبل الحجاب هذا من جهة، أو لأنها من القواعد، كبيرة في السن، فلا يلزمها الحجاب.
طالب: هو كان رديف النبي -صلى الله عليه وسلم-.
من؟ الفضل؟
طالب........
نعم.
طالب: هي تنظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو رديفه.
نعم.
طالب:........
تنظره، تنظر إليها وتنظر إليه، كيف؟
طالب:........
النبي -عليه الصلاة والسلام- اتجه إليها ليجيب عن سؤالها، والفضل رديفه ملتفت إليها، في بعد؟
مجرد اتجاه الوجه، اتجاههم واحد، رديفه، لكن المرأة وهي على جملها تنظر إلى العباس وينظر إليها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما يدرك هذا.
طالب: يعني يحتمل يكون......
لا، ما يلزم أبدًا.
طالب: فيه احتمال......
ما فيه أدنى احتمال، ينظر إليها، ينظر إلى حجمها إلى طولها إلى عرضها هذا ما يفتن الرجال؟ الجرم ما يفتن الرجال؟
طالب: يفتن.
خلاص، وكونها وضيئة وحسناء يمكن بأنملة يبين هذا، امرأة راكبة على جمل يمكن ما يبدو منها شيء؟
طالب:.......
وضيئة يعني بيضاء، والبياض من الأصبع يبين، يبين البياض من الأصبع، لكي تتفق النصوص ولا نضرب بعض النصوص ببعض، في قصة الإفك في البخاري تقول عائشة -رضي الله عنه-: "وكان يعرفني قبل نزول الحجاب" هل يحتاج أن تقول هذا وهي كاشفة عن وجهها؟ لا يحتاج أن يقال مثل هذا، قد يقول قائل: هذا خاص بأمهات المؤمنين {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [(53) سورة الأحزاب] هذه العلة التي من أجلها فرض الحجاب على نساء النبي -عليه الصلاة والسلام- ألا تشترك بنات المؤمنين ونساء المؤمنين في هذه العلة؟ ألسن بحاجة إلى طهارة القلوب؟ نعم؟ ألسن بحاجة إلى طهارة القلوب؟ يعني التنصيص على العلة هذا عبث؟ ليس بعبث، إذًا أمهات المؤمنين يلزمهن الحجاب بالنص، وأمهات ونساء المؤمنين وبنات المؤمنين يلزمهن الحجاب بالعلة {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [(53) سورة الأحزاب] أيضًا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [(59) سورة الأحزاب] إلى أن قال: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [(60) سورة الأحزاب]... إلى آخره، الارتباط وثيق بين الآيتين، يعني الذي يدعو إلى السفور لا شك أن فيه شعبة من هذه الشعب، لا شك أن في قلبه مرض، {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [(32) سورة الأحزاب] هذا في قلبه مرض.
طالب: هذا الأمر.....
كيف؟
طالب: هذا الأمر شرعي....
نعم، بلا شك، ما فيه شك، إلى عهد قريب، أنت لو نظرت إلى تواريخ بلاد المسلمين مصر والشام والهند وغيره قبل مائة سنة ترى امرأة كاشفة؟ نعم؟
طالب: لا.
كلهن محتجبات بلا استثناء.
بعض العلماء بل أكثر العلماء على أن إحرام المرأة في وجهها لا يجب عليها كشفه كما تقول عائشة بنت طلحة وغيرها فيما مر علينا، نعم أنهن كن يحرمن كاشفات فإذا حاذاهن الرجال -وعائشة يوم تقول هذا- سدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا كان الإحرام في الوجه وتغطيته لا تجوز، فكيف يترك مثل هذا الأمر بأمر مباح أو مستحب، لا بد أن يكون تغطية الوجه في غير الإحرام واجبة.
طالب: الشيخ عبد الرحمن العايد يسأل يقول: لماذا لم ينهها النبي -صلى الله عليه وسلم- كما نهى الفضل؟
أولًا: هي مسألة لي عنقها ما هو بوارد، مثل ما حصل منه -عليه الصلاة والسلام- للفضل، الأمر الثاني: أن المعصية التي تحصل من طرفين لا بد فيها من طرفين تنتهي بانتفاء أحد الطرفين، إذا انتهى العباس انتهت المسألة، انتهى الفضل انتهت المشكلة.
طالب:........
نعم، على كل حال إذا انصرف أحدهما انصرف الآخر، انتهى الإشكال، نعم؟
طالب:........
لا، ما فيه هنا حجة الوداع ما عاد، هي حجة الوداع والجواب عنه ممكن، النصوص الأخرى تدل على وجوب الحجاب مما لا إشكال فيه، النصوص المحكمة التي لا تحتمل تدل على وجوب الحجاب، النصوص المحتملة ما يرجع إليها في مقابل النصوص المحكمة.
الأمر الثاني: أنه لو وجد عالم وبحث المسألة بحثًا شرعيًّا متجردًا لله -جل وعلا- كغيرها من المسائل، وأداه اجتهاده إلى أن الوجه ليس بعورة هذا مأجور على هذا الاجتهاد، يعني لا نقول: إنه لئن لم ينته المنافقون يدخل في ذلك من رجح من أهل العلم أبدًا، الكلام على من يطالب بنزع الحجاب وليس من أهل الاجتهاد، ولو كان من أهل الاجتهاد وصحب هذا الاجتهاد هوًى في نفسه قلنا: في قلبه مرض، وما المانع؟ نعم؟ لكن المسألة إذا تجرد لله، وبحث المسألة متجرد لله، وأداه اجتهاد إلى هذا مأجور على كل حال، والقلوب السليمة من الأمراض معروفة يعني عليها أمارات وعليها أدلة.
طالب:........
ما هو؟
طالب:........
هؤلاء ما لهم..، نقل عنها أشياء، أقول: ذكرت عنها أشياء إن ثبتت فهي مكفرة، نقل عنها بعض الاختيارات.
طالب: ما وجدت مسجدًا فلذلك يفتحون لها الكنيسة....
نقول: عمارة.
طالب: حول الكنيسة....
نعم ما أذن لها في مسجد فأدوا الجمعة في عمارة، وهذا معروف أن مثل هذه تنفذ خطوة من خطوات الشيطان، ونقل عنها أشياء إن ثبتت فهي مكفرة، تقول: إن قطع يد السارق وحشية لا يجوز العمل بها، والآية التي لا يستطيع المسلم فهمها أو الحديث له رفضه ولو كان آية، ولكل واحد من الجنسين الاكتفاء بجنسه، فإن ثبتت هذه الأمور هذه مكفرات، نسأل الله السلامة والعافية.
طالب:........
لا، الدين، كل إنسان يدين بما يترجح عنده، كل إنسان يدين الله بما..، ويبقى أن المسألة التي يتفق عليها أنه إذا خشيت الفتنة وجب الحجاب، هذا أمر مجمع عليه بين المسلمين، حتى لو خشيت الفتنة من الأخ من الرضاعة مثلًا لا يمكن من الدخول على أخته، من الأخ من النسب عليها أن تبتعد عنه، وأن يحال بينه وبينها إذا خشيت الفتنة بين الأب وابنته يفرق بينهما، فإذا كانت الفتنة قائمة هذا محل اتفاق بين أهل العلم، والسنة واضحة والشريعة -الحمد لله- محكمة، وما جاءت بشيء فيه ما فيه أبدًا، الأمور واضحة -ولله الحمد- إلا إنسان له مقصد وإلا إنسان له غرض وهدف يحقق بعض الخطوات التي هي أول خطوات الشيطان؛ ولذلك من أول ما وسوس به للإنسان {لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا} [(20) سورة الأعراف] هذه أول خطوات الشيطان، نعم؟
طالب:........
الفتنة إذا كانت تثير الرجال، إذا كانت تثير الرجال ويخشى عليها ويخشى منها هذه فتنة، المقصود أن كل ما يؤدي إلى الفاحشة محرم، كل ما يؤدي إلى المحرم حرام، أين؟
طالب: بوقتنا هذا؟
هذا أشد، أشد في وقتنا الحاضر.
طالب: حتى الذين......
كأنه في هذا الظرف الذي نعيشه محل إجماع بين أهل العلم.
طالب: يكثر المداخلات.....
لا، ما يخالف الموضوع مهم ترى، الموضوع مهم وطيب يعني إنه يدرس، لا سيما وأنه موضوع حي، الآن المطالبة من بعض المفتونين قوية، نعم؟
طالب:........
لا، النظر أمر مفروغ منه، محسوم بالقرآن، النظر إلى الرجل والرجل إلى المرأة كلها محسومة بالنص القطعي، نعم؟
طالب:........
الكلام في المسألة طويل، في الاستثناء {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [(31) سورة النــور] معروف والخلاف بين الصحابة، لكن..، وموضعه غير هذا حقيقة يعني نحتاج إلى بسط طويل، تحتاج المسألة إلى دروس ليس بدرس واحد في بيان أدلة الفريقين، والترجيح والإجابة عن الأدلة عما يمكن أن يتمسك به من يقول: إن كشف الوجه..، إن الوجه ليس بعورة، على كل حال.....
طالب:........
على ماذا؟
طالب:........
لا، العكس، ادعي العكس، يعني من نظر في المذاهب وجد أن في جميع المذاهب الأربعة من يقول بوجوب تغطية الوجه، المقصود أن في جميع مذاهب...، عند الحنفية وعند الشافعية وعند المالكية كلهم في المذاهب من يقول بوجوب تغطيته، أما ادعاء الإجماع لا قيمة له.
طالب:.......
لا، ما يكفي، مع هذه النصوص، ومع.....
طالب:........
لا، ما يمكن.
طالب:........
لا، المسألة يعني هي..، تساوي أدلة الفريقين؟ ما هي متساوية يا إخوان، والله ما هي متساوية، لمن نظر بعين البصيرة.
طالب:........
حجاب ماذا؟
طالب:........
بكثير، نعم، الأدلة في سورة النور، وفي سورة الأحزاب، والنصوص في صحيح البخاري وغيرها كثيرة، نعم؟
الشيخ الشنقيطي -رحمة الله عليه- في أضواء البيان ذكر الأدلة، واستطرد في المسألة في سورة النور وسورة الأحزاب.
طالب:........
نعم، معروف، كتاب المقدم هذا طيب، جمع فيه النصوص جمعًا طيبًا.
طالب:........
ما تساوت؛ لأن حتى الاستثناء إلا ما ظهر منها الإجابة عنه سهلة يعني ما هي....
طالب: يعني حتى ولو... يعني أدلة الشريعة العامة تمتنع مثل هذه الأمور التي قد تفضي إلى الرذيلة في المجتمع المسلم.
ما فيه شك أن سد الذرائع أمر مقرر في الشريعة وقاعدة كلية من قواعد الدين.
"فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج" فريضة الله في الحج يعني ما افترضه الله على عباده من هذا الركن من أركان الإسلام، أدركت أبي شيخًا كبيرًا، يعني احتمال أنه تأخر إسلامه، أو أنه بهذا الوصف حينما نزل فرض الحج، ونزوله كان في السنة التاسعة أو السادسة على خلاف بين أهل العلم، "شيخًا كبيرا ًلا يستطيع أن يثبت على الراحلة" ومعلوم أن الراحلة تحتاج إلى ثبات، ويوجد عدد كبير لا يلزم أن يكون شيخًا كبيرًا، بعض الشباب وبعض الكهول لا يثبتون على الراحلة؛ لأن الثبات على الراحلة فن، يحتاج إلى مران، ويحتاج إلى تعود، الذي يركب الدابة لأول مرة يقع ولو كان شابًّا، فمثل هذا الشيخ الكبير الذي لا يستطيع أن يثبت على الراحلة لكبره، لكن هل يلزم أنه إذا لم يثبت على الراحلة أن يشد بمعنى يربط على الراحلة، إذا أمكن ربطه، جاء في بعض الروايات: "وإن شددته خفت عليه" لا شك أن الربط..، تتصورون الربط مثل حزام الأمان، لا، مثل تربيط العفش، صحيح؛ لأن هذه ما هي بسيارة هذه دابة، لا بد أن يقع يعني، تقول: وإن شددته خفت عليه، هو في هذه الحالة يعني يلزمه إذا كان مستطيعًا بماله أن ينيب من يحج عنه، إذا تبرع أحد من أولاده بالحج عنه فكفى كما في هنا "لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟" أي يصح أن أنوب عنه فأحج "قال: ((نعم))" أي حجي عنه.
طالب:.......
ما يحتاج يا أخي أننا نرد نصوصًا محكمة بمحتملة أبدًا، يعني يلزم من ذكر المحرم في كل قضية، نعم في كل قضية، ما دام ثبت المحرم ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله... أن تسافر مسيرة يوم وليلة بدون محرم)) نعم، يعني نصوص محكمة نردها بمثل أمور مجملة، يعني ما لها أخ؟ ما لها عم؟ ما لها خال؟ لا بد، لا بد النصوص التي يعني..، عدم الذكر ليس بذكر للعدم، يعني لما جاء الثلاثة وأووا إلى مسجد، ودخلوا والنبي -عليه الصلاة والسلام- جالس، فأحدهم أوى فأواه الله، والثاني استحيا فاستحيا الله منه، والثالث انصرف، هل نقل أنهم سلموا؟ نقول: ما يلزم السلام؟ هل نقول: إنهم صلوا تحية المسجد؟ لا يلزم، ما يلزم؛ لأن عندنا نصوص محكمة تأمر بالسلام، ونصوص تأمر برد السلام، ونصوص تقول: ((لا يجلس... حتى يصلي ركعتين)) ما يلزم أن يذكر الأمر في كل قضية بعينها.
"قال: ((نعم)) -أي حجي عنه- وذلك في حجة الوادع".
وفي حديث أبي رزين العقيلي أنه قال نفس السؤال: إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا... إلى آخره، فقال: ((حج عن أبيك واعتمر)) فدل على وجوب الحج والعمرة على المستطيع بماله، وإن لم يستطع ببدنه بالنيابة عنه، هذه النيابة في الحج الواجب معروفة ولا إشكال فيها، وأما النيابة في الحج المسنون يعني شخص لا يجب عليه الحج؛ لأنه غير مستطيع لا بماله ولا بنفسه، فتبرع أحد أولاده أو من عصبته أو غيرهم تبرع محسن أن يحج عنه هذا مأجور، وأيضًا الحج شرعي هنا؛ لأنه حج واجب في الجملة، يقبل النيابة كالمستطيع، لا يلزم، ليس بواجب أن يحج عنه، لكن إذا حصل له أجره -إن شاء الله تعالى-، لكن لو عوفي بعد ذلك يجزئ وإلا ما يجزئ؟ شخص لا يستطيع أن يثبت على الراحلة لمرض به، ثم بعد ذلك عوفي، بعد أن حج عنه، هل يلزم أن يحج بنفسه؟ لأننا تبينا ببرئه أنه غير ميئوس منه، وأن التقرير الذي قال: إنه ميئوس منه غير صحيح؟ أو نقول: إن الله -جل وعلا- لم يوجب حجتين؟ أوجب حجة واحدة وأديت وكفت، والمسألة خلافية بين أهل العلم، مثل العبد إذا حج ثم تحرر عليه حجة الإسلام، نعم؟
طالب:.......
ماذا نقول؟ يعني ما يلزمه شيء؟ هو الأصل أنه في حق من لا يرجى برؤه، أما من يرجى برؤه لا تصح النيابة عنه، ينتظر حتى يبرأ، فإذا حج عنه ثم برئ عرفنا أن تقديرنا ليس بصحيح أنه لا يرجى برؤه، هذه مسألة، وبهذا يقول جمع من أهل العلم وكأن الإمام أحمد المشهور عنه أنه ما دام حج عنه على الوجه الشرعي وهو معذور في وقت حج النائب عنه أنه يكفيه ولا يلزم بحجتين، حجته حجة النائب، والأكثر على أنه يلزمه أن يحج بنفسه.
لا شك أن الأحوط شيء، ولكن ما دام أخرج من ماله لمن يحج عنه، وقلنا: إن هذه الحجة صحيحة، فهل يمكن أن يوجب الشارع حجتين بغير نذر؟ هل يلزمه أن يحج بنفسه؟
طالب: التقدير أصبح خاطئًا، لكن هنا من يفرق إن كان الظاهر منها مثلًا في غيبوبة أو تقرير أطباء مثله مثل الصيام هل يشترط طبيب مسلم عدل؟
لو قرر لجنة من ثلاثة من الأطباء قالوا: خلاص هذا ميئوس من برئه ثم أناب، وقل مثل هذا فيمن قرر الأطباء أنه لا يستطيع الصيام فأطعم، ثم برئ يلزمه الصيام أو لا يلزمه؟ لا يلزمه الصيام، كأن القاعدة على هذا، أنه لا يلزم أكثر مما لزمه شرعًا، وإذا أدي عنه على اجتهاد صحيح لا يلزم إعادته، نعم؟
طالب........
ثم تيمم؟
طالب: بعد ذلك.....
نعم، فليتقِ الله وليمسه بشرته، للمستقبل.
طالب: بعد الصلاة.....
للمستقبل، منهم من يفرق بين ما إذا كان في الوقت، وبين ما إذا خرج الوقت.
طالب: حجه الحج......
لا، هم يفرقون بين أن يبرأ قبل أن يتلبس النائب بالحج، وبين أن يكون قد تلبس به وأحرم به ولبى، نعم؟
طالب:........
كما لو برئ بعد رجوع النائب، نعم؟
طالب:........
"أفأحج عنه؟" تحج عن أبيها.
طالب:.......
لا، ما يلزم، هو يلزم أن..، لأنها قالت: فريضة الله في الحج، دل على أنها عليه فريضة، يجب عليه أن يحج؛ لأنه مستطيع لا يستطيع ببدنه يستطيع بماله، عليه أن ينيب، فإذا تبرعت بنته بالحج عنه كفى، ما يلزم أن يخرج من ماله شيئًا.
طالب:.......
هذه رواية، هذه رواية وفيها ما فيها، فيها أبو نجيح السندي معشر، مضعف، لكن هي تسأل عن أبيها وحمله على الجد لا شك أنه خلاف الظاهر.
طالب:.......
على الرواية، هذا كله، هي في الحج هي تحج عن نفسها الآن، هي الآن عن نفسها تسأل، بعد المنصرف من مزدلفة السؤال، بين مزدلفة ومنى، أبوها إن كان الأب الأقرب الذي هو الذي هي من صلبه فهي تسأل عنه وهي في محج، وإن كان على ما قيل: إن أباها معها وترك لها السؤال تسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- لكي تعرض نفسها عليه كي يتزوجها، والمراد بالأب الجد، وإطلاق الأب على الجد مستفيض في النصوص كما جاء في بعض روايات هذا الحديث، المقصود أن المسألة واضحة يعني، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء فيمن أحصر بعدو:
حدثني يحيى عن مالك قال: من حبس بعدو فحال بينه وبين البيت فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس، وليس عليه قضاء.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حل هو وأصحابه بالحديبية فنحروا الهدي، وحلقوا رءوسهم، وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت، وقبل أن يصل إليه الهدي، ثم لم يعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر أحدًا من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئًا، ولا يعودوا لشيء.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال حين خرج إلى مكة معتمرًا في الفتنة: "إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأهل بعمرة من أجل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل بعمرة عام الحديبية، ثم إن عبد الله نظر في أمره فقال: ما أمرهما إلا واحد، ثم التفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة، ثم نفذ حتى جاء البيت فطاف طوافًا واحدًا، ورأى ذلك مجزئًا عنه وأهدى.
قال مالك -رحمه الله-: فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو كما أحصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فأما من أحصر بغير عدو فإنه لا يحل دون البيت.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء فيمن أحصر بعدو" الحصر والإحصار هو المنع عن المضي فيما دخل فيه من نسك ومنع إتمامه، يقال: حصره العدو وأحصره إذا حبسه ومنعه وصده، حصره العدو والمرض أيضًا منعه، وعلى كل حال الأصل في الحصر المنع {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [(39) سورة آل عمران] أي ممنوعًا أو مانعًا نفسه، على الخلاف في هل هو ممتنع بنفسه عن النساء أو ممنوع عن النساء؟ المقصود أن الحصر هو المنع.
قال: "حدثني يحيى عن مالك قال: من حبس بعدو" حبس وحصر بعدو حال بينه وبين البيت، "فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه" يعني ولو لم يشترط: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ولو لم يشترط إذا وجد ما يحول بينه وبين الباب فإنه يتحلل، وسبق أن ذكرنا فيمن أحصر بعد فساد حجه أنه يتحلل ولا يلزمه المضي في فاسده؛ لأنه محصور ممنوع، "فإنه يحل من كل شيء، وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس" يعني في أي موضع كان، داخل الحرم أو دونه قبل الحرم، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية فلا يلزمه أن يبعث بهديه إلى الحرم، ويبقى محرمًا إلى أن يبلغ الهدي محله، إنما ينحر هديه ويحلق رأسه حيث حبس في المكان الذي حبس فيه "وليس عليه قضاء" لما أحصر عنه، عندنا الحصر والمنع بالعدو يترتب عليه أمور أشار إليها الإمام -رحمه الله تعالى-: النحر -نحر الهدي-، وحلق الرأس، والقضاء، الإمام يرى أنه ليس عليه قضاء.
بالنسبة لنحر الهدي النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر هديه بالحديبية، لكن هل هذا على سبيل الوجوب واللزوم أو على سبيل الاستحباب؟ {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] يعني فالواجب ما استيسر من الهدي، وبهذا قال الجمهور: إنه لا بد من الهدي، لكن من أهل العلم من يرى أنه يتحلل دون هدي، دليله؟ دليله أن الذين كانوا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية ألف وأربعمائة، وليس معهم إلا سبعين من الإبل، والسبعين دون الخمسمائة أربعمائة وتسعين، فيبقى تسعمائة أو يزيدون دون هدي، ولم يذكر أنهم أمروا أن يشتروا هديًا ليذبحوه في هذا، هذه حجة من يرى أنه لا هدي على المحصر، لكن الآية صريحة {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] لفظ ما استيسر هل يوحي باللزوم أو يوحي بأن الأمر فيه شيء من السعة؟ الذي معه هدي يذبحه، والذي ليس معه هدي لا يلزم بشرائه، نعم؟
طالب:.......
طيب، يعني هل نقدر، فإن أحصرتم فالواجب ما استيسر من الهدي؟ يعني كما قلنا: فعدة من أيام أخر، فالواجب عدة من أيام أخر، نعم هل نقول: هذا مثل هذا؟ أو نقول: إن لفظ استيسر دليل على اليسر، وأنه لا يلزم الإنسان بما ليس معه إن تيسر الهدي يذبح وإن لم يتيسر لا يلزم؟
النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر هديه، ومعهم سبعون من الإبل، وعدتهم ألف وأربعمائة، هل أمر أحدًا منهم أن يشتري هديًا؟ ما حفظ، وينحر هديه، يعني إن كان معه، نعم؟
طالب:.......
أقول: إذا قدرنا فالواجب ذبح ما استيسر من الهدي، قلنا: إن الهدي واجب، وبهذا يقول الجمهور، جمهور أهل العلم على أن الهدي واجب، هدي الإحصار، وإذا قلنا: إن الآية فيها ما يوحي بأن على التيسير إن وجد وإلا فلا يلزم به ولا يكلف، ويؤيد ذلك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أمر أحدًا ممن معه أن يشتري هديًا يذبحه، وعلى كل حال الآية ما استيسر من الهدي، كأن الجمهور يقولون: فالواجب عليه ما استيسر، ما تيسر من أنواع ما يهدى، ما استيسر، إبل، بقر، غنم، فالتخيير بين الأنواع الثلاثة، بين هذه الأنواع، بين مفردات هذه الأنواع لا بين هذه الأنواع وعدمها.
"وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس" وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه أن يحلقوا رؤوسهم فترددوا، في أول الأمر رجاء أن يثبت لهم ما قصدوه من زيارة البيت، لكنه أصر النبي -عليه الصلاة والسلام- وقبل الصلح على أن يرجع هذا العام، ويحج من قابل، فدخل على بعض نسائه مغضبًا؛ لأنه يأمر -عليه الصلاة والسلام- ولم يمتثلوا، ومعلوم أن الباعث لهم على ذلك إرادة الخير، ومع ذلك قالت أم المؤمنين: لو حلقت رأسك لحلقوا، صحيح إذا حلق النبي -عليه الصلاة والسلام- رأسه وأيسوا بادروا بالحلق، لكن قبل أن يحلق هم على رجاء أن يتم لهم ما أرادوا، فلما حلق النبي -عليه الصلاة والسلام- كادوا أن يقتتلوا على الأمواس؛ لأن الآن ما فيه مندوحة من قبول هذا التوجيه.
"ويحلق رأسه" في الموضع، في أي موضع حصر فيه، فلا يلزمه أن يبعث الهدي إلى الحرم، وأن يحلق رأسه في الحرم، "وليس عليه قضاء" لما أحصر عنه، هذا رأي الإمام مالك، وهو أيضًا معروف عن الإمام أحمد وجمع من أهل العلم أنه ليس عليه قضاء، ويرى آخرون أن عليه القضاء؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى هذه العمرة من قابل، لكن لم يثبت أن جميع من كانوا معه في العام الماضي أنهم قضوا في هذا العام، يعني هل كل من كان معه في الحديبية اعتمروا من العام القابل في عمرة القضاء؟ قالوا: إن الذين تخلفوا عنه كثير لم يقضوا، هذه حجة من يقول: إنه ليس عليه قضاء، ومن يقول بالقضاء يقول: إنه دخل في النسك فلزمه إتمامه، فلما صد عنه صار كمن أفسد حجه، عليه القضاء، نعم؟
طالب:.......
هذه أنا أقول: إذا أمكنه ولم يصعب عليه شراؤه بأن كانت قيمته........ ويستطيع أن يقترض ولا يشق عليه، وإلا تكليفه بأن يستدين لا شك أن هذا خلاف ما استيسر؛ لأن لفظ ما استيسر يشمل المفاضلة بين الأنواع الثلاثة، كما أنه يشمل المفاضلة بينها وبين عدمها، نعم؟
طالب:........
هذا العموم يشمله.
"وليس عليه قضاء" هذا قول الإمام مالك بدليل أن الذين كانوا معه في عمرة الحديبية أو في صلح الحديبية كثير منهم تخلف عن عمرة القضاء.
طالب:.......
نعم، بهذا لا، لكن {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] هذا من باب الإتمام اللزوم المضي فيه إن أمكن وإلا فبدله، يعني من هذا الباب.
طالب: حتى لو كانت عمرة؟
إذا دخل فيها صار حكمها حكم الواجب.
طالب:.......
هدي، نعم هذه السبعون.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حل هو وأصحابه بالحديبية" يعني لما صدهم المشركون، "فنحروا الهدي وحلقوا رءوسهم وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت" يعني حلوا من كل شيء منعوا منه بسبب الدخول في النسك "قبل أن يطوفوا بالبيت" وهذا معلوم أنهم صدوا عن البيت، "وقبل أن يصل إليه الهدي" وإنما نحر هديه في مكانه -عليه الصلاة والسلام- "ثم لم يعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر أحدًا من أصحابه" الملازمين له، المتقدمين في الصحبة، "ولا ممن كان معه" من الخارجين للحديبية، والكل صحابة، لكن يحمل قوله: "من أصحابه" على من تقدم إسلامهم، ولازموا النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا ممن كان معه ممن خرج إلى الحديبية من متأخري الإسلام، كل هؤلاء لم يؤمروا "أن يقضوا شيئًا ولا أمرهم أن يعودوا لشيء" يفعلونه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال حين خرج إلى مكة معتمرًا في الفتنة" حين نزل الحجاج لقتال ابن الزبير بمكة، وحصل منه ما حصل، قال ابن عمر حين خرج إلى مكة حين أراد أن يخرج إلى مكة معتمرًا في ذلك الظرف الذي نزل فهي الحجاج بابن الزبير لقتاله: "إن صددت عن البيت" قال ذلك جوابًا لولديه سالم وعبيد الله اللذين نصحاه بأن لا يحج هذا العام، نصحاه أن لا يحج، المسألة فيها إشكال، وفيها احتمال فتنة، وفيها احتمال قتال أشاروا عليه من باب الشفقة على والدهم أن لا يحج هذه السنة، فقال: "إن صددت عن البيت -منعت عن البيت- صنعنا كما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عمرة الحديبية" صنعنا أي صنعت أنا ومن معي كما صنع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا الصد موجبه ما تقدم من التحلل؛ حيث منعوا من دخول مكة عام الحديبية، "فأهل -ابن عمر- بعمرة" لكي يطابق فعله فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما صد كان محرمًا بعمرة، فأهل ابن عمر بعمرة من أجل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل بعمرة عام الحديبية، سنة ست من الهجرة "ثم إن عبد الله بن عمر تأمل ونظر في أمره" وسأل نفسه ما الفرق بين الحج والعمرة؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- تحلل من العمرة لما صد عنها، هل يكون هناك فرق بين أن يكون الصد عن عمرة أو عن حج؟ تأمل ابن عمر وراجع نفسه في هذا "ثم إن عبد الله نظر في أمره فقال: ما أمرهما إلا واحد" الحج والعمرة حكمهما واحد، فإذا صددت تحللت، سواءً كان ذلك حج أو عمرة، قال هذا في نفسه، أدار هذا في نفسه، "ثم التفت إلى أصحابه" فأخبرهم بما استقر عليه اجتهاده، "فقال: ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة" قد قال ذلك ليقتدى به، وإلا فالنية في مثل هذا تكفي، أن يلبي بهما جميعًا، من دون أن يشهد الناس على ما أراد، لكن من أجل أن يقتدوا به "ثم نفذ -يعني مضى- حتى جاء البيت فطاف طوافًا واحدًا" هو أوجب الحج مع العمرة يعني أحرم بماذا؟
طالب: بالقران.
بالقران، أوجب الحج مع العمرة فصار قارنًا "حتى إذا جاء البيت فطاف طوافًا واحدًا" والقارن كما تقدم لا يلزمه إلا طواف واحد وسعي واحد كالمفرد، "ورأى ذلك مجزيا عنه" يعني يكفي الطواف الواحد والسعي الواحد "وأهدى" هدي القران، وهذا رأي الجمهور أن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد كالمفرد، والحنفية يرون أن القارن كالمتمتع يلزمه طوافان وسعيان كالمتمتع سواء.
طالب:.......
هو طواف الركن، أما طواف القدوم فليس بلازم، نعم؟
طالب:........
كأنه لم يطف للقدوم، حتى إذا جاء البيت يحتمل أنه بعد نزوله من عرفة، وهذا هو الركن، وهذا كونه طاف طوافًا واحدًا مما يلزمه، ولا ينفي هذا أن يكون طاف للقدوم، أو أن يكون تطوع بالطواف، لكن الطواف الواحد هذا مما يلزمه "ورأى ذلك مجزيًا عنه" يعني ما طاف طواف بنية عمرة مستقلة كالمتمتع، ولو كان قد طاف للقدوم لا يرد على هذا التعبير؛ لأنه إنما طاف طوافًا يعني مما يجب عليه، والحنفية يرون أن القارن كالمتمتع يلزمه طوافان وسعيان، فعندنا رأي الجمهور أن القارن مثل المفرد يلزمه طواف واحد، وسعي واحد، ولا فرق في الصورة بين الإفراد والقران.
الحنفية يرون أن القارن مثل المتمتع يطوف طوافين ويسعى سعيين، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن المتمتع يلزمه طوافين وسعي واحد، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فطافوا بين الصفا والمروة طوافًا واحدًا، شيخ الإسلام جمعوا بين الحج والعمرة يرى أنه يشمل التمتع، والجمهور يحملونه على القران.
"قال مالك: فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو -يفعل- كما أحصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه" فيفعل كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- من التحلل ونحر الهدي ولا قضاء؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] ولم يذكر قضاء، ولا ألزم كل من معه في الحديبية بالقضاء.
"فأما من أحصر بغير عدو -كمرض- فإنه لا يحل دون البيت"، يعني رأي الإمام مالك في التفريق فيمن كان حصره بسبب العدو أو بسبب المرض ظاهر، يقول: فأما من أحصر بغير عدو، يعني كالمرض، أو ذهاب نفقة، أو موت دابة تحمله إلى المشاعر ولا يستطيع أن ينتقل هذا أحصر، ولكنه بغير عدو كالمرض مثلًا فإنه لا يحل دون البيت، لا بد أن يصل إلى البيت، طيب مريض ما يستطيع يمرض، وإذا عوفي يذهب إلى البيت ويتحلل بعمرة إذا كان الحج قد فاته "فإنه لا يحل دون البيت" وبهذا قال الشافعي وأحمد وإسحاق وجماعة خلافًا لأبي حنيفة ككثير من الصحابة في أنه عام في كل حابس من عدو ومرض وغيرهما.
يعني النص بالعدو، لكن الحصر بالمرض محلق به بجامع المنع من الوصول إلى البيت في العدو في حال حصر العدو، وفي حال حصر المرض، هم يفرقون بين الحصر والإحصار والمتعدي واللازم في كلام طويل يعني؛ ولذلك الإمام -رحمه الله- ترجم بعد هذا بقوله: "باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو" على كل حال هذا رأي الإمام مالك، وبه يقول الإمام الشافعي، وهو رواية عن أحمد.
يقول في المقنع مع حاشيته: "ومن أحرم فحصره عدو ولم يكن له طريق إلى الحج ذبح هديًا في موضعه وحل، فإن لم يجد هديًا صام عشرة أيام ثم حل، وفي وجوب القضاء على المحصر روايتان، ومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة لم يكن له التحلل، فإن فاته الحج تحلل بعمرة؛ لأن الحصر بالمرض وذهاب النفقة لا يمنعه من أن يصل إلى البيت، يعني غاية ما هنالك أنه يدخل المستشفى فإذا عوفي وصل إلى البيت لم يكن له التحلل، فإن فاته الحج تحلل بعمرة، و يحتمل أنه يجوز له التحلل كمن حصره العدو بجامع المنع في كل منهما، وأن الحصر بالمرض إن لم يكن أشد من الحصر بالعدو فليس دونه.
ومن شرط في إحرامه: أن محلي حيث حبستني فله التحلل بجميع ذلك، ولا شيء عليه، يتحلل، فلا يلزمه هدي، ولا يلزمه حلق رأس، ولا يلزمه قضاء، المقصود أنه إذا كان قد اشترط ينفعه ذلك، والاشتراط جاء في حديث ضباعة بنت الزبير أنها قالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأجدني شاكية، فقال: ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت)) فالاشتراط ينفع مطلقًا كما يقول بعض العلماء، للإنسان أن يشترط ويتحلل متى حصل له ما يمنع من الحج، حتى أنهم قالوا: إن الحائض لها أن تشترط إذا خشيت أن تحبس الرفقة أن تتحلل وينفعها ذلك، ومنهم من يرى أن الاشتراط خاص بضباعة بنت الزبير، ومنهم من يقول كشيخ الإسلام ابن تيمية: إن الاشتراط ينفع من حاله كحال ضباعة ممن وجدت آثار أو مقدمات المرض، وأنه لا ينفع مطلقًا؛ لأن فيه نقضًا لما أبرمه من الدخول في النسك.
وعلى كل حال النص صحيح صريح ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت)) لكن التوسع في الاشتراط بأن يشترط كل من أراد النسك يشترط؟ كان هذا معروفًا بين الناس متداول بينهم، كل من دخل في الإحرام قال: فإن حبسني حابس فحملي حيث تحبسني، ويوجد من يشترط في غير الحج، يعني وجد من العامة من يسمع مثل هذا الكلام ويصطحبه –ويستصحبه- حتى في الصيام مثلًا، ويقول: اللهم إني أريد الصوم فإن حبسني حابس..، هذا سمع من بعض العامة.
طالب: العشرة الأيام.....
نعم؟
طالب: ثم يتحلل.......
ومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة... أو قبل؟ ومن أحرم فحصره عدو ولم يكن له طريق إلى الحج ذبح هديًا في موضعه وحل، فإن لم يجد هديًا صام عشرة أيام، ثم حل...، أنه لا يحل حتى يصوم عشرة أيام، وهذه المسألة وحصر المرض وتأثيره والخلاف في المسألة؛ لأنه حيث ترجم الإمام -رحمه الله تعالى- في الباب الذي يليه، باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو، يأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"