التعليق على تفسير القرطبي - سورة الزخرف (06)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإشكال الذي أوردناه بالدرس الماضي في حديث مسلم أنه «ثلاث إذا خرجت لا ينفع نفس إيمانها» ومنها الدجال ونزول عيسى بعد الدجال؛ لأنه يقتله، يجده فيقتله، والإيمان في وقت عيسى على ما دلت عليه الأحاديث الواردة فيها وإلا ما الفائدة من كون الناس يُجبرون على الإسلام وهو لا ينفع؟ وأنه يجبر حتى أهل الكتاب على الدخول في الإسلام، ويضع الجزية، ولا شك أن هذا إشكال، وإشكال قررناه في الدرس الماضي، يعني معارضة ما جاء في عيسى –عليه السلام- وأنه ينزل في آخر الزمان، وأنه يجد الدجال فيقتله عند باب اللد، وجاء في الصحيح، صحيح مسلم أنه إذا خرجت الثلاث الآيات التي منها الدجال لا ينفع نفس إيمانها، هذا لا شك أنه إشكال.
هذا كلام طويل يمكن في حدود عشرين صفحة، الله أعلمكم بالضبط، كله كلام يعني حول التوفيق بين هذه النصوص، ومنهم من تكلم في رواية مسلم وقال: إن ذكر الدجال وهم، وصوابه الدخان، بدل الدجال، ولا شك أن مثل هذا الكلام غير مقبول؛ لأنه يؤدي ويجرِّئ على التطاول على الصحيح، وإذا تطاول طالب العلم على الصحيح أو فتح المجال على التطاول على الصحيح فما بقى لنا شيء من السنة، أصبح كلٌّ يقول برأيه ما شاء، ومنهم من يقول: إن الشرط معلق باكتمال الثلاث التي آخرها طلوع الشمس من مغربها، وجاء إفراد طلوع الشمس من مغربها، يعني جاء التنصيص على طلوع الشمس من مغربها بمفردها، وهي آخر الثلاث، فلا يتم المشروط إلا باكتمال الثلاث.
لكن هذا الكلام يعني هل فيه متانة وقوة؟ هذا يلغي فائدة الخبر، يلغيها بالكلية، يعني الخبر الثاني يجزي، يغني عنه، يعني ما يكون لذكر الدجال والدابة فائدة، ما يكون لذكرها فائدة إذا قلنا: إن الأمر معلَّق باجتماعها كلها، بحصولها كلها، معناه أنه إذا طلع الدجال، جاء الدجال، أو الدابة أنه ينفع نفسًا إيمانها، ينفع نفسًا إيمانها، ويبقى الأمر معلقًا حتى تطلع الشمس من مغربها، فهل تم الجواب بهذا؟
الكلام طويل، والدرس يمكن لا يستوعبه إذا رأيتم أن نقتصر عليه اليوم، وإلا لو أحد عنده شيء مختصر.
طالب:.......
أنت ما لخَّصته بورقة؟
طالب:.....
لخصت كلها؟
طالب:....
تلخيصك؟
طالب:....
فتح الباري يقول: { يوم يأتي بعض آيات ربك} طلوع الشمس من مغربها، طلوع الشمس من المغرب، يعني تخصيص ببعض الأفراد التي جاءت بها السنة الصحيحة، لكن لو فُسِّرت بالسنة الصحيحة المتكاملة بالثلاث؛ لأن الحديث صحيح، حديث مسلم: ثلاث، يقول: طلوع الشمس من المغرب، وإلى ذلك ذهب الجمهور، وأسند الطبري عن ابن مسعود أن المراد ببعض إحدى ثلاث هذه أو خروج الدابة أو الدجال.
هذا كلام صحيح يوافق رواية مسلم، لكن يبقى الإشكال ما انحل، يعني الاقتصار على طلوع الشمس من المغرب يحل الإشكال، الذي نتج عن إلزام عيسى –عليه السلام- الناس بالإسلام، وأنه ينفعهم إذا ألزمهم وإلا فما الفائدة بإلزامهم؟ هذا يحل الإشكال من هذه الجهة، لكن ما يحل إشكال الحديث الصحيح « ثلاث إذا خرجت لا ينفع نفسًا إيمانها».
طالب:.......أول الآيات....
بالواو أم بثم؟
طالب: أول الآيات يا شيخ طلوع الشمس من مغربها نسيتها يا شيخ..
لكن بالواو أم بثم؟
طالب:.....
يعني نص أول الآيات أم ثلاث ذكر أولها؟
طالب: قال: أول الآيات طلوع الشمس من مغربها ما عندك....لكن طال من الدجال والدبة ...
يقول: ذكر ابن حجر، نشوف.
وأسند الطبري عن ابن مسعود أن المراد بالبعض إحدى ثلاث هذه أو خروج الدابة أو الدجال. قال: وفيه نظر؛ لأن نزول عيسى ابن مريم يعقب خروج الدجال، وعيسى لا يقبل إلا الإيمان، فانتفى أن يكون بخروج الدجال لا يقبل الإيمان أو التوبة.
قلت: ثبت في صحيح مسلم من طريق أبي حازم عن أبي هريرة رفعه «ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل: طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض».
يعني عطف هذه الآيات بالواو لا يعني ترتيبها أنها أول، إلا إذا جاء التنصيص بثم أو ذكر أول. قيل: لعل حصول لذلك يكون متتابعًا بحيث تبقى النسبة إلى الأول منها مجازية، وهذا بعيد؛ لأن مدة لبث الدجال إلى أن يقتله عيسى ثم لبث عيسى وخروج يأجوج ومأجوج، كل ذلك سابق على طلوع الشمس من المغرب، سابق على طلوع الشمس من المغرب، فالذي يترجح من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى –عليه السلام –، وأن طلوع الشمس من المغرب أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة، ولعل خروج الدابة يقع في ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب.
يعني ترتيب الأمر على ثلاثة أشياء، ترتيب الأمر على ثلاثة أشياء يدل على أن هذه الأشياء ليست مرتبة، وإلا لو كانت مرتبة لالتغت فائدة الخبر، بمعنى أنه يتم بأولها، والبقية ما لها داعٍ. يعني لو كانت مرتبة، فذكر الثلاث، التنصيص على الثلاث يدل على أنها غير مرتبة، أمرها مجهول، ما رتبت؛ إذ لو كانت مرتبة لحصل الأمر بأولها، والباقي لا داعي له، عكس ما قالوه في أنه يتم بالمجموع، فلا يتم إلا بآخرها، فيكون الأول والثاني لا فائدة من ذكرها، فالإشكال باقٍ.
طالب:...محل النزاع؛ لأنه إذا طلعت الشمس من مغربها فقد...لا تقبل التوبة..
بلا شك؛ لأنها جاءت مضمومة إلى الثلاث، وجاءت مفردة.
طالب: ...يا شيخ مع حديث عبد الله بن عمر ... مع حديث أبي هريرة ثلاث لا ينفع يجتمع الآن...مادمنا نقول: طلعت الشمس...أول آية، ومع حديث أبي هريرة يا شيخ...الحديث هذا....
يعني يبقى إشكال عيسى، يبقى إشكال عيسى، وإن حللناه من جهته انفتحت علينا الثانية، يعني من جهتين الإشكال.
وقد أخرج مسلم أيضًا من طريق أبي زرعة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رفعه: «أول الآيات طلوع الشمس من مغربها».
ابن حجر في كلامه يترجح من مجموع الأخبار، رجح أن طلوع الشمس من مغربها هو الآخر، ولا يقال: خفي عليه الخبر؛ لأنه بعد سطر أورده.
وقد أخرج مسلم أيضًا من طريق أبي زرعة عن عبد الله بن عمر بن العاص رفعه: «أول الآيات طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى»، فأيهما خرجت قبل الأخرى فالأخرى قريبة منها.
ما معنى أول؟ أول الآيات طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى، فأيهما خرجت قبل الأخرى فالأخرى قريبة منها. يعني كيف هذه تخرج الشمس من مغربها في أول النهار بلا شك، يعني بدلًا من أن تخرج من المشرق تخرج من المغرب، في وقت خروجها، هذا الذي يظهر، والدابة ضحى، فأيهما خرجت قبل الأخرى؟
طالب: الشمس.
لا؛ لأنه يقول: فأيهما خرجت قبل الأخرى فالأخرى قريبة منها.
طالب: يعني المراد بأول ما تخرج الشمس من مغربها يكون خروج الدابة ذلك اليوم والذي بعده..
لا، مفهومه أنه ضحى ذلك اليوم والذي قبلها؛ لأنه يقول: فأيهما خرجت قبل الأخرى إما الشمس وإما الدبة، فالأخرى منها قريب.
وفي الحديث قصة لمروان بن الحكم، وأنه كان يقول: أول الآيات خروجًا الدجال، فأنكر عليه عبدالله بن عمرو.
قلت: ولكلام مروان محمل يعرف مما ذكرته. قال الحاكم أبو عبد الله: الذي يظهر أن طلوع الشمس يسبق خروج الدابة، ثم تخرج الدابة في ذلك اليوم أو الذي يقرب منه؛ لأن طلوع الشمس أول النهار والدابة ضحى، كما جاء مفسرًا في الحديث.
نقول: مثل هذه الإشكالات الحاصلة في هذه العلامات ليس مردُّه إلى اضطراب في النصوص، بل مردُّها إلى مقصد شرعي، والمراد منه إخفاء هذه العلامات أولها وآخرها، مرة يقول كذا ومرة يقول، مثل ما جاء في ليلة القدر؛ لحكمة الإلهية، بما أن الساعة أخفيت، فما قبلها تبع لها، علامات تابعة لها، تخفى ولا يدرى أولها من آخرها، ومرة يأتي كذا، ومرة يأتي كذا، ولا يكون هذا اضطرابًا في النصوص، ولا يستدرك على النصوص الصحيحة بمثل هذا، يعني إذن يستدرك في ليلة القدر جاء فيها أكثر من هذا الاضطراب، لكن الحكمة من إخفائها أن يجتهد الناس، ويجدوا في الطلب، ولا يتكاسلوا ويتوانوا ويؤخروا العمل إلى ليلة بعينها، ويتركوا العمل فيما عداها. هذه النصوص كلها تدل على أن الإنسان ينبغي أن يخاف ويوجل، وأن تدركه هذه الآيات وهو على حال لا ترضي، سواء كانت الشمس أو الدابة.
على كل حال مثل هذا الاضطراب الذي يقال: إنه اضطراب هذا أول، وذا آخر، وذا بعد، وذا قبل، وذا ما أدري إيش، هذا كله من توابع الساعة التي أخفاها الله –جل وعلا-، فأخفى العلامات في وقت السعة، أخفاها؛ ليكون الإنسان على وجل وخوف منها.
طالب:....
حتى هذا كثير، نريد خلاصة، ما نريد كلامًا طويلاً، كتبت..
طالب:.....
ماذا؟
طالب:....
من عندك؟ فهمك للكلام؟
كان فيه مدرس درسنا في مرحلة من المراحل لا يأبه بأقوال الطلاب أبدًا، كان معنا طالب قطري، قال له: يا شيخ أنا أقول لك: قال بعض الفضلاء، وهو أنا؛ حتى تلتفت للكلام.
طالب: .......
الكلام معتبر..
يقول: «ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا» الحديث قال النووي في شرحه على مسلم: قال القاضي عياض: هذا الحديث على ظاهره، يعني عند أهل الحديث والفقه والمتكلمين من أهل السنة خلافًا لما تأولته الباطنية، وذكر الحافظ ابن حجر كلامًا حول هذا الحديث.
قلت: ولفظ الحديث المذكور يدل على أن المراد ظهور تلك العلامات جميعًا، فمتى اكتمل ظهورها وقع الحكم المرتّب وهو إغلاق باب التوبة، ولا يلزم وقوع الحكم بالانفراد مع ورود النص في طلوع الشمس والدابة استقلالاً؛ إذ لو كان كذلك لبينه النبي –عليه الصلاة والسلام-، كما في حديث أربع «من كن فيه كان منافقًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق» ألا ترى أنه لما كان احتمال وجود إحدى تلك الخصال دون بقيتها نبَّه على الحكم عند الانفراد، ألا ترى أنه لما كان احتمال وجود إحدى تلك الخصال دون بقيتها نبَّه على الحكم عند الانفراد، يؤيد ذلك النصوص المتكاثرة من الكتاب والسنة الدالة على قبول الإيمان في زمن عيسى –عليه السلام- كقوله تعالى: { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته}، وكذلك الأحاديث في الصحيح وغيره، وكذلك كل الروايات اتفقت على ربط إغلاق باب التوبة بعلامتين فقط، وهما طلوع الشمس من مغربها ودابة الأرض أيهما أسبق، كما سلف بيانه من الحافظ.
فإن قيل: إن كان الأمر كما تقولون، فلمَ يخص الدجال بالذكر مع العلامتين دون سائر أشراط الساعة الكبرى؟
قلت: والله أعلم لما كان خروج الدجال أعظم الآيتين، بل أعظم الفتن التي ستمر بها البشرية كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل كما قال الحافظ: أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأمر، وينتهي ذلك بموت عيسى –عليه السلام –، وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة، فظهر وجه مناسبته للجمع بينهما.
فإن قيل: إغلاق باب التوبة وعدم نفع الإيمان أو العمل الصالح يقع بإحدى العلامتين، فما فائدة ذكر الأخرى؟ يعني تكون الثلاث مثلًا، فإن قيل: إغلاق باب التوبة وعدم نفع الإيمان والعمل الصالح يقع بإحدى العلامتين يعني بإحدى العلامات الثلاثة ما فيه إشكال.
الجواب واحد، طيب فما فائدة ذكر الأخرى؟ قل فما فائدة ذكر الأخريين؟
قلت: والله تعالى أعلم لما كان الأسبق منهم غير معلوم بيقين، وكان كل منهم مستبدًّا في أن الإيمان لا ينفع بعد مشاهدتها فأيتها تقدمت ترتب عليه عدم النفع، فحسن أن يذكرهما جميعًا، والثالثة ما يضر، الجواب يشملهم، ويبقى أن مآل الكلام إلى ما قلت، وأن الإخفاء والتعمية وعدم التحديد بدقة مقصد شرعي، وله نظائر.
طالب: .......
نعم.
طالب: ذكر الشنقيطي في ....قال: لم أرَ من أهل العلم من يتطرق إلى هذا الإشكال....حديث ابن عمر حديث الثلاثة...
الشيخ ضعَّفه؟
طالب: قال يعني.......لا لا، يا شيخ كأنه يعني قال حديث ...تشابه..
على كل حال آمنا بالله وما جاءنا عن الله، ما عندنا أدنى إشكال في هذه الأمور، وإذا بقي الإشكال فليكن من المتشابه، وليكن مما أُخفي ذكره وبيانه بدقة عن الأمة، ما المانع؟ يعني ساعة الجمعة جاء فيها أحاديث تقول كذا وأحاديث صحيحة تقول كذا. ليلة القدر أكثر من خمسين قولًا لأهل العلم، ولجل عشرة منها أدلة صحيحة، كله في الصحيح، ما نقول: هذا اضطراب. نقول: هذا إخفاء لحكمة، يعني كونه مرة يقول: الدجال، ومرة يقول كذا، يقول الثلاث ومرة يقول كذا، ما نقول: لماذا جمع الثلاث؟ هذا الإشكال لا بد من إيراده، ثم بعد ذلك يُسعى في حله، يسعى في حله. يعني يمكن هذا يفتح بابًا على شخص عنده شيء من الاضطراب، عنده شيء، قلبه فيه شيء من المرض يمكن هذا، لكن طالب العلم الراسخ الذي يؤمن بما جاء بالله وبما جاء عن الله وعن رسول الله-عليه الصلاة والسلام- ما عنده مشكلة، صح الخبر على العين والرأس، يسعى في حله إن استطاع، وإلا يقول: آمنا بالله
طالب:..........ليس إيرادت الإشكالات ترد على الثلاث يا شيخ......واحد..
كيف؟
طالب: يعني كون أن الإيمان لا ينفع إذا خرجت الدابة أو طلعت الشمس....يعني الناس عين اليقين هذا المشهد أمامهم كذلك رؤيتهم لنزول عيسى....
لا، هو الإشكال الوارد الذي يرد في الدجال أنه قبل عيسى وفي زمن عيسى ينفع الإيمان، بينما خروج الشمس من مغربها وخروج الدابة بعد عيسى، هذا ما فيه إشكال.
طالب: لكن ما ترد الإشكال.....
الإشكال إذا كان الأمر معلقًا بكذا أو كذا، الدابة أو طلوع الشمس من مغربها، يعني الإشكال في الدجال واضح، كوننا يعني نسعى في حل هذا أمر مطلوب، ولا بد من السعي الجاد في حله والبحث في كلام أهل العلم، ثم بعد ذلك نقول: سمعنا وأطعنا وسلمنا إذا عجزنا.
طالب:....
ودنا كلام الشنقيطي، في أي جزء؟
طالب:.....يوم يأتي لا ينفع نفسًا إيمانها
كيف؟
طالب:....
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:
"قوله تعالى: {يا عِبادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}.
"قَالَ مُقَاتِلٌ: وَرَوَاهُ الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ: يُنَادِي مُنَادٍ فِي الْعَرَصَاتِ { يَا عِبَادِي لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} فَيَرْفَعُ أهل العرصة رؤوسهم، فَيَقُولُ الْمُنَادِي: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ} فينكس أهل الأديان رؤوسهم غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ."
لأنهم يدخلون في العباد، غير المسلمين يدخل في العباد، يدخل في النداء يا عبادي، لكن التخصيص فيما بعده، {الذين آمنوا وكانوا يتقون}، مع أن الفاسق {الذين أمنوا وكانوا مسلمين} سيأتي كلام عن المحاسبي.
اقرأ كلام المحاسبي.
" وَذَكَرَ الْمُحَاسِبِيُّ فِي الرِّعَايَةِ: وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُنَادِيَ يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ: { يَا عِبَادِي لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ ولا أنتم تحزنون}، فيرفع الخلائق رؤوسهم، يَقُولُونَ: نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ. ثُمَّ يُنَادِي الثَّانِيَةَ: { الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ} فَيُنَكِّسُ الْكُفَّارُ رؤوسهم ويبقى الموحدون رافعي رؤوسهم. ثُمَّ يُنَادِي الثَّالِثَةَ: { الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 63] فينكس أهل الكبائر رؤوسهم، ويبقى أهل التقوى رافعي رؤوسهم، قَدْ أَزَالَ عَنْهُمُ الْخَوْفَ وَالْحُزْنَ كَمَا وَعَدَهُمْ، لِأَنَّهُ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ، لَا يَخْذُلُ وَلِيَّهُ وَلَا يسلمه عند الهلكة وقرئ: " يا عباد".
وقرئ يا عباد بالكسر، يعني هي المثبتة عندنا، وهي قراءتنا، مما يدل على أن قراءة المؤلف بإثبات الياء، يعني قال: وقرئ يا عباد، والمثبت في الآية هذه القراءة التي أشار إليها بقوله: وقرئ، ما يدل على أن قراءته خلافه، يا عبادِ.
قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ}
قَالَ الزَّجَّاجُ:" الَّذِينَ" نُصِبَ عَلَى النَّعْتِ لِ" عِبادِي" لِأَنَّ" عِبادِي" مُنَادَى مُضَافٌ. وَقِيلَ:" الَّذِينَ آمَنُوا" خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَوِ ابْتِدَاءٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا أَوِ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَالُ لَهُمُ: " ادْخُلُوا الجنة". قرأ أَبُو بَكْرٍ وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ" يَا عِبَادِيَ" بِفَتْحِ الْيَاءِ وَإِثْبَاتِهَا فِي الْحَالَيْنِ".
منادى المضاف إلى ياء المتكلم له ستة أوجه من الإعراب، ستة أوجه من الإعراب، جمعها ابن مالك في قوله؟
طالب: وجعلنا ..................
نعم.
طالب: بالنسبة للعبودية يعني هذا بسب التخصيصات عبودية خاصة..
بلا شك، نعم مثل عباد الرحمن.
" وَلِذَلِكَ أَثْبَتَهَا نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَرُوَيْسٌ سَاكِنَةً فِي الْحَالَيْنِ. وَحَذَفَهَا الْبَاقُونَ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ مُثْبَتَةٌ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ الشَّامِ وَالْمَدِينَةِ لَا غَيْرَ. { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} أَيْ يُقَالُ لَهُمُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، أَوْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا الْجَنَّةَ" أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ" الْمُسْلِمَاتُ فِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ: قُرَنَاؤُكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: زَوْجَاتُكُمْ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، " تُحْبَرُونَ" تُكْرَمُونَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ."
يعني كما قيل في { احشروا الذين ظلموا وأزوجهم} يعني أمثالهم ونظراءهم من أصحابهم وقرنائهم في الدنيا أو زوجاتهم في الدنيا التي توافقهم أو اللواتي يوافقنهم على ظلمهم.
" وَالْكَرَامَةُ فِي الْمَنْزِلَةِ. الْحَسَنُ: تَفْرَحُونَ، وَالْفَرَحُ فِي القلب. قتادة: تنعمون، وَالنَّعِيمُ فِي الْبَدَنِ مُجَاهِدٌ: تُسَرُّونَ، وَالسُّرُورُ فِي العين. ابن أبي نجيح: تعجبون، والعجب ها هنا دَرْكُ مَا يُسْتَطْرَفُ. يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: هُوَ التَّلَذُّذُ بِالسَّمَاعِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي" الروم"
قوله تعالى: {يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ}.
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: { يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ} أَيْ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ أَطْعِمَةٌ وَأَشْرِبَةٌ يُطَافُ بِهَا عَلَيْهِمْ فِي صِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَطْعِمَةَ وَالْأَشْرِبَةَ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْإِطَافَةِ بِالصِّحَافِ وَالْأَكْوَابِ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يكون فيها شيء."
لا قيمة لها بدون الطعام والشراب، الأواني لا قيمة لها، القيمة لما يُوضع فيها، ووجدت إنما هي لحفظ ما يوضع فيها.
"وَذَكَرَ الذَّهَبَ فِي الصِّحَافِ وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنِ الإعادة في الأكواب، كقوله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ} [الأحزاب: 35]. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: « لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ »، وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ" الْحَجِّ" أَنَّ مَنْ أَكَلَ فِيهِمَا فِي الدُّنْيَا أَوْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَتُبْ حُرِمَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ."
نعم، والجزاء من جنس العمل، كما يُحرم شارب الخمر من شربها في الجنة، ويحرم سامع الغناء من سماعها في الجنة.
" وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: يَطُوفُ عَلَى أَدْنَاهُمْ فِي الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً سَبْعُونَ أَلْفَ غُلَامٍ بِسَبْعِينَ أَلْفَ صَحْفَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، يُغَدَّى عَلَيْهِ بِهَا، فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا لَوْنٌ لَيْسَ فِي صَاحِبَتِهَا، يَأْكُلُ مِنْ آخِرِهَا كَمَا يأكل من أولها، ويجد طعم آخرها كما يَجِدُ طَعْمَ أَوَّلِهَا، لَا يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَيُرَاحُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهَا. وَيَطُوفُ عَلَى أَرْفَعِهِمْ دَرَجَةً كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ غُلَامٍ، مَعَ كُلِّ غُلَامٍ صَحْفَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، فِيهَا لَوْنٌ مِنَ الطَّعَامِ لَيْسَ فِي صَاحِبَتِهَا، يَأْكُلُ مِنْ آخِرِهَا كما يأكل من أولها، ويجد طعم آخرها كَمَا يَجِدُ طَعْمَ أَوَّلِهَا، لَا يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا.
"وَأَكْوابٍ" أَيْ وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِأَكْوَابٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: { وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ} [الإنسان: 15]، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ رَجُلٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: يُؤْتَوْنَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ ذَلِكَ أُوتُوا بِالشَّرَابِ الطَّهُورِ فَتُضْمَرُ لِذَلِكَ بُطُونُهُمْ، وَيُفِيضُ عَرَقًا مِنْ جُلُودِهِمْ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، ثُمَّ قرأ { شَراباً طَهُوراً} [الإنسان: 21]. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ -اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ- وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ، وَلَا يَتْفُلُونَ، وَلَا يَبُولُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ» قَالُوا: فَمَا بَالُ الطَّعَامِ؟ قَالَ: «جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ وَالتَّكْبِيرَ- فِي رِوَايَةٍ- كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ».
الثَّانِيَةُ: رَوَى الْأَئِمَّةُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ»، وَقَالَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا» وَهَذَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَلَا خِلَافَ في ذلك. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي اسْتِعْمَالِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ للرجال استعمالها في شي، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ: «هَذَانِ حَرَامٌ لِذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهَا»، وَالنَّهْيُ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهَا؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْمَتَاعِ فَلَمْ يَجُزْ. أَصْلُهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ، وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ اسْتِعْجَالُ أَمْرِ الْآخِرَةِ."
· يعني إذا مُنع الأكل والشرب الذي تدعو إليه الحاجة، فلا يُمنع غيره من باب أولى، فالمنع من بابا قياس الأولى، وهو القياس الجلي، وكونه حرامًا على الذكور، هو حرام في سائر الاستعمالات، وأما الاقتصار على الأكل والشرب كما هو مذهب أهل الظاهر، وينصرهم من ينصرهم من أهل العلم، والصنعاني يقول: إن تحريم سائر الاستعمالات هو من شؤم التصرف في اللفظ النبوي، من شؤم التصرف في اللفظ النبوي، يعني اللفظ النبوي خصَّ الأكل والشرب، لكن إذا مُنع الأكل والشرب، مع أن الحاجة قد تكون داعية، ليس عندهم ما يأكل به ويشرب إلا هذا الإناء، فلأن يمنع غيره مما لا تدعو إليه الحاجة، أو تكون الحاجة أقل باب أولى، وهي لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة، للكفار في الدنيا، فمن يستعملها فقد أشبهم، والتشبه بالكفار حرام، دلَّت عليه النصوص الصحيحة الصريحة، «من تشبه بقوم فهو منهم».
طالب: حديث أم سلمة يا شيخ أن ....كان عندها....من فضة....
الفضة أمرها أسهل، وجاء ما يخصها، لكن الكلام في الذهب، وبالنسبة للرجال الأمر أشد، والحلية للنساء معروف أمرها، وتقدم الكلام فيها من هذا التفسير، التحلي للنساء معروف، ويبقى أنه بقدر ما تعارف عليه الناس، وما زاد على ذلك، فيدخل في حيز الإسراف، ويمنع؛ لأنه إسراف؛ لأن بعض النساء تستصحب هذا الأصل، وأن الحلية جائزة، وتشتري بمئات الألوف من الذهب، وتكنزها ولا تلبسها، ولا تلبسها، هذا كنز، هذا تُعذَّب به إن لم تزكِّ.
طالب:...لبس الرجال السوار من الفضة.
تشبه بالنساء، تشبه بالنساء.
طالب:......
المقصود أن هذا تشبه بالنساء. ما أعرفه، ما أعرفه.
طالب:......في الآخرة....يشترك...
أين؟
طالب:....
لا، جاء تخصيص النساء.
طالب:....استعمال...
لا، النساء ما خُص من ذلك إلا التحلي، يعني امرأة تتخذ نظارة، أو تتخذ قلم ذهب، لا، حرام مثل الرجل.
" وَذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَسَائِرُ أَجْزَاءِ الِانْتِفَاعِ، وَلِأَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَةِ» فَلَمْ يَجْعَلْ لَنَا فِيهَا حَظًّا فِي الدُّنْيَا.
الثَّالِثَةُ: إِذَا كَانَ الْإِنَاءُ مُضَبَّبًا بِهِمَا أَوْ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْهُمَا، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُشْرَبَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْمِرْآةُ تَكُونُ فِيهَا الْحَلْقَةُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَنْظُرَ فِيهَا وَجْهَهُ. وَقَدْ كَانَ عِنْدَ أَنَسٍ إِنَاءٌ مُضَبَّبٌ بِفِضَّةٍ وَقَالَ: لَقَدْ سَقَيْتُ فِيهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَتْ فِيهِ حَلْقَةُ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ حَلْقَةَ فِضَّةٍ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِمَّا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَرَكَهُ."
تكلم عليه؟
طالب: .......
إذن مقتضى كلام أنس أن الضبة من الفضة كانت في عهده –عليه الصلاة والسلام-. إِنَاءٌ مُضَبَّبٌ بِفِضَّةٍ قَالَ: لَقَدْ سَقَيْتُ فِيهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يعني بما فيه هذه الضبة من فضة، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَتْ فِيهِ حَلْقَةُ حَدِيدٍ فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ حَلْقَةَ فِضَّةٍ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا، آخر الكلام ينقض الأول، يختلف مع الأول.
الإناء مضبَّب بفضة في وقته –عليه الصلاة والسلام-، وشرب فيه النبي –عليه الصلاة والسلام– هذا مقتضى كلام أنس، ثم ابن سيرين قال: كَانَتْ فِيهِ حَلْقَةُ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ حَلْقَةَ فِضَّةٍ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِمَّا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَرَكَهُ، فمكان حق الجملة الثانية أن تكون كانت فيه حلقة فضة، فأراد أنس أن يجعل فيه حلقة فض حلقة حديد؛ لأن الحديد متفق على جوازه، فقال أبو طلحة: لا أغير شيئًا مما صنعه رسول الله- صلي الله عليه وسلم- فتركه.
طالب: ...مأخوذ من ......
لا، تشريط، تشريط.
طالب:...حلقة ربما كان فيه مضبب بفضة وفيه حلقة حديد.....فكأنما أراد أن يزيد الفضة ..
يعني غير الضبة؟
طالب: يعني أذن في التضبيب بالفضة، وأنه يسمح.
طالب: حلقة، يعني يضع فيه حلقة فضة.
طالب:.....
بنفس اللفظ كم رقمه؟
طالب:...خمسة آلاف وستمائة وثمان وثلاثين..
خمسة آلاف وستمائة وثمان وثلاثين.
طالب:......البخاري..
ماذا؟
طالب:....النبي –صلى الله عليه وسلم-..
معروف، معروف، سلسلة من فضة، لكن يبقى أن الجملة الأخيرة إن كانت هذه الحلقة غير الضبة انتهى الإشكال، وإن كانت هي الضبة فالإشكال باقٍ.
طالب:.....
ثمان وثلاثين.
يمكن الحلقة عروة يُحمل بها.
قال: وقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَتْ فِيهِ حَلْقَةُ حَدِيدٍ فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ حَلْقَةَ فِضَّةٍ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِمَّا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَرَكَهُ.
وفي الحديث: جواز اتخاذ ضبة الفضة، وكذلك السلسلة والحلقة، وهو أيضًا مما اختلف فيه، قال الخطابي: منعه مطلقًا جماعة من الصحابة والتابعين، وهو ما قاله مالك والليث، وقالوا عن مالك: يجوز من الفضة إن كان يسيرًا، وكرهه الشافعي؛ لئلا يكون شاربًا على فضته، فأخذ بعضهم منه أن الكراهة تختص بما إذا كانت الفضة في موضع الشرب، وبذلك صرح الحنفية، وقال به أحمد وإسحاق وأبو ثور.
واستدل بجواز اتخاذ السلسلة والحلقة أنه يجوز أن يتخذ للإناء رأس منفصل عنه.
ثم بعد ذلك اليسير، الضابط الكثير من اليسير، اختلفوا في ضابط الصغر في ذلك فقيل: العرف وهو الأصح، وقيل: ما يلمع على بعد كبير، وما لا فصغير، وقيل ما يستوعب جزءًا من الإناء كأسفله أو عروته أو شفته كبير، وما لا فلا، وما تشك فالأصل الإباحة.
الذي يظهر أن هذه الحلقة غير الضبة، فلا إشكال إن شاء الله.
" الرَّابِعَةُ: إِذَا لَمْ يَجُزِ اسْتِعْمَالُهَا لَمْ يَجُزِ اقْتِنَاؤُهَا؛ لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ كَالصَّنَمِ وَالطُّنْبُورِ، وَفِي كُتُبِ عُلَمَائِنَا أَنَّهُ يَلْزَمُ الْغُرْمَ فِي قِيمَتِهَا لِمَنْ كَسَرَهَا، وَهُوَ مَعْنًى فَاسِدٌ، فَإِنَّ كَسْرَها وَاجِبٌ، فَلَا ثَمَنَ لِقِيمَتِهَا، وَلَا يَجُوزُ تَقْوِيمُهَا فِي الزَّكَاةِ بِحَالٍ، وَغَيْرُ هَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ."
يعني المحرمات ليست بأموال، ليست بأموال، ولهذا لا تضمن إذا أتلفت، لكن إذا كانت هذه المحرمات في بلدان تتداول من غبر نكير إما لضعف في الديانة، أو لعدم فيها، تباع، طاهرة ويعتبرونها أموالًا، ويشترونها بأموالهم، والأنظمة تحميها، وترتب على إتلافها العقوبات، فهل نقول للمحتسب: احتسب وكسر، ولو تعرضت لما تعرضت له؟
لا شك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، يعني إذا ترتب على ذلك مفسدة كبرى أكبر من المنكر الذي تزيله، أنت في عافية وفي حل، ونصوص وعمومات الشرع وقواعده العامة تدل على ذلك؛ لأن من الناس من يسمع هذا الكلام، ويذهب إلى تلك المحلات، ويحرق.
المفاهمة في هذه الأمور مع ولي الأمر، ليس تلك الأفراد، للإنسان الذي يريد الإنكار أن يكتب إلى ولي الأمر، أن يتوسط بمن يصل إلى ولي الأمر، أن يتشفع بمن يؤثر على ولي والأمر، وما عدا ذلك ليس في قدراته وطاقته، وهو معذور حينئذ، وذمته برئت براءة تامة، والتصرفات في مثل هذه الأحوال لا شك أنها تقود إلى مفاسد عظيمة، يعني بعض أهل الغيرة من الشباب قد يقول: ما دام هذا الطنبور وكذا، وكذا ليست أموالًا، وهي تباع في الأسواق فلماذا نكسرها؟ نقول: أنت إن شاء الله مأجور وعلى خير، لكن ليس بهذه الطريقة، الطريقة أن الذي يغير مثل هذه الأمور من سمح بها.
والآن يأخذون تراخيص، يبيعونها في الأسواق، فالذي سمح بها هو الذي يغيرها، ومازالت المنكرات في مجتمعات المسلمين من القدم، ولا يُتوقع أن يوجد مجتمع معصوم، لا يوجد فيه منكر، ولا يوجد فيه مخالفة، لكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فرائض الإسلام، ولا بد أن يقوم، لا بد أن تقوم هذه الشعيرة، لكن بالأساليب المناسبة، من له على قدرة على أن يغير باليد يغير باليد، وهذا فرضه. من رأي منكم منكرًا فليغيره بيده، هذا هو الأصل، لكن إن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، الحمد لله الشرع جعل في ذلك فسحة، ما قال: يغيره بيده وسكت، لنغير باليد -والله المستعان-.
طالب:.......قياس...منع الخمر.....الخمر..
ماذا؟
طالب: الخمر، الخمر..
ماذا فيه؟
طالب: يحرم استعماله في...........
يعني الخمر استعمل لدفع عطش أو لدفع غصة هذا قصدك؟
طالب:.....في الأطعمة والأدوية ...
الخمر إنها داء، وليست بدواء، هذا ما يجوز بحال.
طالب: لو دخلت في طعام..
ولو دخلت في طعام يحرم، أثَّرت عليه.
" قَوْلُهُ تَعَالَى: { بِصِحافٍ} قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الصَّحْفَةُ كَالْقَصْعَةِ وَالْجَمْعُ صِحَافٌ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَعْظَمُ الْقِصَاعِ الْجَفْنَةُ ثُمَّ الْقَصْعَةُ تَلِيهَا تُشْبِعُ الْعَشَرَةَ، ثُمَّ الصَّحْفَةُ تُشْبِعُ الْخَمْسَةَ، ثُمَّ الْمِئْكَلَةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، ثُمَّ الصُّحَيْفَةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَ. وَالصَّحِيفَةُ الْكِتَابُ وَالْجَمْعُ صُحُفٌ وَصَحَائِفٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَكْوابٍ} قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْكُوبُ كُوزٌ لَا عُرْوَةَ لَهُ، والجمع أكواب. قال الأعشى يصف الخمر:
صِرِيفِيَّةٌ طَيِّبٌ طَعْمُهَا ... لَهَا زَبَدٌ بَيْنَ كُوبٍ وَدَنٍّ
وَقَالَ آخَرُ:
مُتَّكِئًا تَصْفِقُ أَبْوَابُهُ ... يَسْعَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ بِالْكُوبِ
وَقَالَ قَتَادَةُ: الْكُوبُ الْمُدَوَّرُ الْقَصِيرُ الْعُنُقِ الْقَصِيرُ الْعُرْوَةِ. وَالْإِبْرِيقُ الْمُسْتَطِيلُ الْعُنُقِ الطَّوِيلُ الْعُرْوَةِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْأَكْوَابُ الْأَبَارِيقُ الَّتِي لا خراطيم لها. وقال قطرب: هي الْأَبَارِيقُ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا عُرًى. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّهَا الْآنِيَةُ الْمُدَوَّرَةُ الْأَفْوَاهِ. السُّدِّيُّ: هِيَ الَّتِي لَا آذَانَ لَهَا. ابْنُ عَزِيزٍ:" أَكْوابٍ" أَبَارِيقُ لَا عُرًى لَهَا وَلَا خَرَاطِيمَ."
ابن عَزيز أو ابن عُزيز الأكثر على ضبطه بالضم، عُزيز، وضبطوه بالفتح، صاحب غريب القرآن.
طالب:......
ينفع تجيء به معك.
طالب:.....
نعم.
" وَاحِدُهَا كُوبٌ.
قُلْتُ: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهَا الَّتِي لَا آذَانَ لَهَا وَلَا عُرًى. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَفِيها مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ خَيْلٍ؟ قَالَ: « إِنَّ أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ فَلَا تَشَاءُ أَنْ تُحْمَلَ فِيهَا عَلَى فَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ يَطِيرُ بِكَ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شئت» قال: وسأله رجل، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: فَلَمْ يَقُلْ لَهُ مِثْلَ ما قال لصاحبه قال: «إن يدخلك اللَّهُ الْجَنَّةَ يَكُنْ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نفسك ولذت عينك»، وقرأ أهل المدينة، ابن عَامِرٍ وَأَهْلُ الشَّامِ".
ماذا قال؟
طالب: قال: أخرجه الترمذي من حديث بريدة، وفيه المسعودي اختلط بأخرة، وقرره الترمذي عن عبد الرحمن بن ثابت مرسل........ذكر المحقق، وأما الألباني فقال..
لكن ما جاء في أهل الجنة أنهم ينتقلون على نجب من العقيان، والنجب جمع نجيب وهو؟
طالب:...
ماذا؟
طالب: الإبل..
هي الإبل، النجب الإبل نعم.
طالب:...الإبل.
" وقرأ أهل المدينة، ابن عَامِرٍ وَأَهْلُ الشَّامِ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ"، الْبَاقُونَ: { تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ} أَيْ تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ، تَقُولُ: الَّذِي ضَرَبْتَ زَيْدٌ، أَيِ الَّذِي ضَرَبْتَهُ زَيْدٌ، { وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ}".
متى يجوز حذف العائد؟
طالب:......
ماذا؟
طالب: صار فيه قرين يا شيخ..
إذا طالت الصلة.
طالب: العائد إذا كان موصولًا بالفعل....
نعم.
طالب:..... يجوز حذفه هذا إذا طالت الصلة.
إذا طالت الصلة.
طالب: إذا لم تطيل الصلة فلا يجوز حذفه........رفع..
هنا ضمير نصب، إن يستطل وصلٌ وإن لم يستطل فالحذف نذر.
طالب:.....
وهنا طالت أم ما طالت؟
طالب:...
الذي ضربت زيد، {ما تشتهي الأنفس} على القراءة الأخرى.
طالب:......ما طالت....ضمير.... به عنه ...وهنا لم يوجد ضمير غير الضمير .....مثل الذي ضربته بداري يعني عندنا ضميران لو حذفنا..
واحد كفى الثاني نعم.
طالب: هذا هو ....إطالة الصلة......
يقول الباقون: تشتهي الأنفس.
طالب: ورد، ورد ولكن قليل ورد..
والحذف نذر، يعني قليل.
طالب:...ولذلك عُبر عنه بقُرئ...
لا، ما فيه قُرئ قرأ أهل المدينة وابن عمر وأهل الشام {فيها ما تشتهيه}، والباقون: {تشتهي الأنفس} يعني الأكثر.
على كل حال إذا كانت القراءة سبعية، والقاعدة تعدل ما فيه أشكال.
طالب:......
نعم، ما عندنا إشكال، القاعدة تعدل، القاعدة تُعدل.
"{وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} تَقُولُ: لَذَّ الشَّيْءُ يَلَذُّ لِذَاذًا، وَلَذَاذَةً. وَلَذِذْتُ. بِالشَّيْءِ أَلَذُّ (بِالْكَسْرِ فِي الْمَاضِي وَالْفَتْحِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) لِذَاذًا وَلَذَاذَةً، أَيْ وَجَدْتُهُ لَذِيذًا. وَالْتَذَذْتُ بِهِ وَتَلَذَّذْتُ بِهِ بِمَعْنًى. أَيْ فِي الْجَنَّةِ مَا تَسْتَلِذُّهُ الْعَيْنُ فَكَانَ حَسَنَ الْمَنْظَرِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: {وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} النَّظَرُ إِلَى اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ-، كَمَا فِي الْخَبَرِ « أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ»".
هذا أعظم نعيم لأهل الجنة النظر إلى وجه الكريم.
"{وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ} بَاقُونَ دَائِمُونَ؛ لِأَنَّهَا لَوِ انْقَطَعَتْ لتبغضت.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ} أَيْ يُقَالُ لَهُمْ هَذِهِ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي كَانَتْ تُوصَفُ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: أَشَارَ تَعَالَى إِلَى الْجَنَّةِ بِتِلْكَ وَإِلَى جَهَنَّمَ بِهَذِهِ، لِيُخَوَّفَ بِجَهَنَّمَ وَيُؤَكِّدَ التَّحْذِيرَ مِنْهَا. وَجَعَلَهَا بِالْإِشَارَةِ الْقَرِيبَةِ كَالْحَاضِرَةِ الَّتِي يَنْظُرُ إِلَيْهَا { الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَلَقَ اللَّهُ لِكُلِّ نَفْسٍ جَنَّةً وَنَارًا، فَالْكَافِرُ يَرِثُ نَارَ الْمُسْلِمِ، وَالْمُسْلِمُ يَرِثُ جَنَّةَ الْكَافِرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هذا مرفوعًا في {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 1] مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي "الْأَعْرَافِ" أيضًا."
ماذا قال عنه؟
طالب:.....
ماذا قال؟ التخيير ما فيه؟
تراجع الإحالات قبل ما تحضر، الله يجزيك الخير.
قوله تعالى: {لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ } الْفَاكِهَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَأَجْنَاسُهَا الْفَوَاكِهُ، وَالْفَاكِهَانِيُّ الَّذِي يَبِيعُهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الثِّمَارُ كُلُّهَا، رَطْبُهَا وَيَابِسُهَا، أَيْ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ سِوَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فاكهة كثيرة يأكلون منها قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ} لَمَّا ذَكَرَ أَحْوَالَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ذَكَرَ أَحْوَالَ أَهْلِ النَّارِ أَيْضًا لِيُبَيِّنَ فَضْلَ الْمُطِيعِ عَلَى الْعَاصِي {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ}".
هذه أحد الأوجه التي من أجلها قيل: إن القرآن مثاني؛ لأنه تثنى فيه أحوال على الأضداد، أحوال المطيع ثم حال العاصي، أحوال الكافر ثم حال المؤمن، وهكذا أو العكس.
"{لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} أَيْ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ ذَلِكَ الْعَذَابُ { وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} أَيْ آيِسُونَ مِنَ الرَّحْمَةِ. وَقِيلَ: سَاكِتُونَ سُكُوتَ يَأْسٍ، وَقَدْ مَضَى فِي" الْأَنْعَامِ" {وَما ظَلَمْناهُمْ" بِالْعَذَابِ} وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ" أَنْفُسَهُمْ بِالشِّرْكِ وَيَجُوزُ" وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمُونَ" بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَالْجُمْلَةُ خبر كان."
يعني على القراءة الأولى هو ضمير فصل لا محل له من الأعراب، كما في قوله -جل وعلا- {كنت أنت الرقيب عليهم } وعلى التقدير الثاني: ولكن كانوا هم الظالمون، تكون الجملة هم الظالمون مبتدأ وخبر خبر كان.
طالب:......الكأس.......
الكأس ابن عباس يقول: كل كأس فالمراد به الخمر، كل كأس يراد به الخمر، وقولهم: إن الكوب الذي لا عروة فيه يدل على أن الكأس فيها عروة.
"قوله تعالى: { وَنادَوْا يا مالِكُ} وَهُوَ خَازِنُ جَهَنَّمَ، خَلَقَهُ لِغَضَبِهِ، إِذَا زَجَرَ النَّارَ زَجْرَةً أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ -رضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-" وَنَادَوْا يَا مَالِ" وَذَلِكَ خِلَافُ الْمُصْحَفِ."
يعني على الترخيم، يعني على الترخيم، والترخيم حذف آخر المنادى، ويجوز فيه لغة من ينتظر لغة الانتظار، انتظار الحرف المحذوف، ولغة من لا ينتظر، تقول: نادوا يا مالِ هذا لغة من ينتظر، ينتظر الكاف، ونادوا يا مالُ لغة من لا ينتظر، أن هذا الاسم كما يا عائشَ يا عائشُ، يا حارِ، يا حارُ وهكذا نعم يعني يا حارث، يا عائشة.
" وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَابْنُ مَسْعُودٍ: قَرَأَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: { وَنَادَوْا يَا مَالِ} بِاللَّامِ خَاصَّةً، يَعْنِي رَخَّمَ الِاسْمَ وَحَذَفَ الْكَافَ. وَالتَّرْخِيمُ الْحَذْفُ، وَمِنْهُ تَرْخِيمُ الِاسْمِ فِي النِّدَاءِ، وَهُوَ أَنْ يُحْذَفَ مِنْ آخِرِهِ حَرْفٌ أَوْ أَكْثَرُ، فَتَقُولُ فِي مَالِكٍ: يَا مَالِ، وَفِي حَارِثٍ: يَا حَارِ، وَفِي فَاطِمَةَ: يَا فَاطِمَ، وَفِي عَائِشَةَ: يَا عَائِشَ وَفِي مَرْوَانَ: يَا مَرْوَ، وَهَكَذَا. قَالَ:
يَا حَارِ لَا أُرْمَيَنْ مِنْكُمْ بِدَاهِيَةٍ... لَمْ يَلْقَهَا سُوقَةٌ قَبْلِي وَلَا مَلِكُ
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَحَارِ تَرَى بَرْقًا أُرِيكَ وَمِيضَهُ ... كَلَمْعِ الْيَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ
وَقَالَ أَيْضًا:
أَفَاطِمُ مَهْلًا بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ... وَإِنْ كُنْتِ قَدْ أزمعت صرمي فأجمل
وَقَالَ آخَرُ:
يَا مَرْوَ إِنَّ مَطِيَّتِي مَحْبُوسَةٌ ... تَرْجُو الْحِبَاءَ وَرَبُّهَا لَمْ يَيْأَسْ
وَفِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ «أَيْ فُلُ، هَلُمَّ» وَلَكَ فِي آخِرِ الِاسْمِ الْمُرَخَّمِ وَجْهَانِ".
ولك، في الصحيح هذا خرجه ماذا قال؟
طالب: قال ...بعض حديثه عند مسلم....
أيضًا.
طالب: من كتاب الرجال.
نعم.
" وَلَكَ فِي آخِرِ الِاسْمِ الْمُرَخَّمِ وَجْهَانِ" أَحَدُهُمَا: أَنْ تُبْقِيَهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَذْفِ. وَالْآخَرُ- أَنْ تَبْنِيَهُ عَلَى الضَّمِّ، مِثْلُ: يَا زَيْدُ، كَأَنَّكَ أَنْزَلْتَهُ مَنْزِلَتَهُ وَلَمْ تُرَاعِ الْمَحْذُوفَ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ- وَهُوَ ابْنُ سَعْدَانَ- قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ بن عيينة عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنَّا لَا نَدْرِي مَا الزُّخْرُفُ حَتَّى وَجَدْنَاهُ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: { بَيْتٌ مِنْ ذَهَبٍ}، وَكُنَّا لَا نَدْرِي { وَنادَوْا يَا مالِكُ} أَوْ يَا مَلَكُ (بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا) حَتَّى وَجَدْنَاهُ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ"، وَنَادَوْا يَا مَالِ" عَلَى التَّرْخِيمِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُعْمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ مَقْطُوعٌ لَا يُقْبَلُ مِثْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ الرَّسُولِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَكِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ بِأَنْ يُحْتَاطَ لَهُ، وَيُنْفَى عَنْهُ الْبَاطِلُ.
قُلْتُ: وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ { وَنادَوْا يَا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ} بِإِثْبَاتِ الْكَافِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: بَلَغَنِي- أَوْ ذُكِرَ لِي- أَنَّ أَهْلَ النَّارِ اسْتَغَاثُوا بِالْخَزَنَةِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ} [غافر: 49]، فسألوا يومًا واحدًا يخفف عنهم فيه العذاب، فَرَدَّتْ عَلَيْهِمْ {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ} [غافر: 50] قَالَ: فَلَمَّا يَئِسُوا مِمَّا عِنْدَ الْخَزَنَةِ نَادَوْا مَالِكًا، وَهُوَ عَلَيْهِمْ، وَلَهُ مَجْلِسٌ فِي وَسَطِهَا، وَجُسُورٌ تَمُرُّ عَلَيْهَا مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَهُوَ يَرَى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: { يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ} قال: سَأَلُوا الْمَوْتَ، قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُمْ لَا يُجِيبُهُمْ ثَمَانِينَ سَنَةً، قَالَ: وَالسَّنَةُ سِتُّونَ وَثَلَاثُمَائَةِ يَوْمٍ، وَالشَّهْرُ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَالْيَوْمُ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ لَحَظَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الثَّمَانِينَ فَقَالَ: { إِنَّكُمْ ماكِثُونَ} وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ."
مخرج؟
طالب:......
نعم.
"وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «فَيَقُولُونَ: ادْعُوَا مَالِكًا فَيَقُولُونَ: يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ». قَالَ الْأَعْمَشُ: نُبِّئْتُ أَنَّ بَيْنَ دُعَائِهِمْ وَبَيْنَ إِجَابَةِ مَالِكٍ إِيَّاهُمْ أَلْفَ عَامٍ، خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَقُولُونَ ذَلِكَ فَلَا يُجِيبُهُمْ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَقُولُ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَنَوْفٌ الْبِكَالِيُّ: بَيْنَ نِدَائِهِمْ وَإِجَابَتِهِ إِيَّاهُمْ مِائَةُ سَنَةٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: أَرْبَعُونَ سَنَةً، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ".
هذه الآية استدل به من يقول- وهو القول المرجح عند أهل العلم-: إن لن لا تقتضي النفي المؤبد، {ونادوا يا مالك ليقضي علينا ربك} تمنوا الموت، يعني طلبوا الموت.
طالب: سبب الترخيم في الآية؟
ماذا؟ الترخيم؟
طالب:.....
هذا لو صح هذا لو صح لكن مخالف لرسم المصحف وإلا ما وجه الاستدلال.
طالب:...البداية....
لا أقول ما وجه الاستدلال قالوا الآية تدل على أن لن لا تقتضي النفي المؤبد.
طالب:....
ولن يتمنوه أبدًا.
طالب: ولا يتمنونه..
لن، لن.
طالب: ولن يتمنوه..
أبدًا مع اقترانها مع التأبيد لا تدل على التأبيد بدليل أنهم نادوا يا مالك ليقضي علينا ربك، ومن رأى النفي بلن مُؤبدًا فقوله انبذ وسواه ... قال: لكن في قوله –جل وعلا- {لن يخلقوا ذبابًا}؟
طالب:.......
التأبيد؟
يعني ما يمكن في يوم من الأيام أن يقال: إن لن لا تقتضي التأبيد وهؤلاء خلقوا ذبابًا؟
طالب: .......
لا، مستحيل، هذا مستحيل، لكن لا يعني أنها لا تدل عليه أحيانًا، لكنها لا تقتضيه، يعني ليس من لوازمها التأبيد.
طالب:...مر علينا أصلاً أن الحرف لا يتضح إلا بما بعده وكأنه ناقص المعنى ما يتصل به هو الذي.....
هو الذي يحدد.
طالب: هو الذي يحدد.
معروف، الحرف لا يقوم بنفسه.
هذا يسأل عن تفسير الشوكاني، وهل يكفي لفهم كتاب الله –عز وجل -، وما عيوبه، إتحاف الجماعة عن أشراط الساعة، ما أفضل كتاب إيش.
تفسير الشوكاني تفسير جامع بين الرواية والدراية، جامع بين الرأي والأثر، تفسير طيب للشوكاني، وهو معروف منزلته في الدين والاهتمام بالنص، وإن كان قد يجنح في بعض أقواله إلى أهل الظاهر.
على كل حال هذا كتاب من أفضل التفاسير فيه شيء من التأويل في بعض الصفات، ليس بنقي مائة بالمائة، لا، يلاحظ عليه ما يلاحظ، لكن مع ذلك هو من أفضل التفاسير.
طالب:......جله من القرطبي..
أوله غالبه من القرطبي، يعني يذكر المقطع ثم يفسِّره، الغالب أنه من تفسير القرطبي، يضيف له من الكشاف ومن بعض التفاسير، ثم بعد ذلك: وأخرج، وأخرجه، هذا كله من الدر المنثور.