شرح الموطأ - كتاب الحج (17)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بد له منها أو الدواء صنع ذلك وافتدى.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كانت تقول: المحرم لا يحله إلا البيت.
وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السَّختياني عن رجل من أهل البصرة كان قديمًا أنه قال: خرجت إلى مكة، حتى إذا كنت ببعض الطريق كسرت فخذي، فأرسلت إلى مكة وبها عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- والناس فلم يرخص لي أحد أن أحل، فأقمت على ذلك الماء سبعة أشهر حتى أحللت بعمرة.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: من حبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن سعيد بن حزابة المخزومي صرع ببعض طريق مكة وهو محرم، فسأل من يلي على الماء الذي كان عليه، فوجد عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وعبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- ومروان بن الحكم فذكر لهم الذي عرض له، فكلهم أمره أن يتداوى بما لا بد منه له ويفتدي، فإذا صح اعتمر فحل من إحرامه، ثم عليه حج قابل، ويهدي ما استيسر من الهدي.
قال مالك -رحمه الله-: وعلى هذا الأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو، وقد أمر عمر بن الخطاب أبا أيوب الأنصاري وهبار بن الأسود -رضي الله عنهم- حين فاتهما الحج، وأتيا يوم النحر، أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالًا ثم يحجان عامًا قابلًا ويهديان، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
قال مالك: وكل من حبس عن الحج بعدما يحرم إما بمرض أو بغيره أو بخطأ من العدد، أو خفي عليه الهلال فهو محصر عليه ما على المحصر.
قال يحيى: سئل مالك عمن أهل من أهل مكة بالحج ثم أصابه كسر أو بطن متحرق أو امرأة تطلق، قال: من أصابه هذا منهم فهو محصر يكون عليه مثل ما على أهل الآفاق إذا هم أحصروا.
قال مالك في رجل قدم معتمرًا في أشهر الحج حتى إذا قضى عمرته أهل بالحج من مكة، ثم كسر أو أصابه أمر لا يقدر على أن يحضر مع الناس الموقف، قال مالك: أرى أن يقيم حتى إذا برأ خرج إلى الحل ثم يرجع إلى مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يحل ثم عليه حج قابل والهدي.
قال مالك فيمن أهل بالحج من مكة ثم طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، ثم مرض فلم يستطع أن يحضر مع الناس الموقف، قال مالك: إذا فاته الحج فإن استطاع خرج إلى الحل فدخل بعمرة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة؛ لأن الطواف الأول لم يكن نواه للعمرة فلذلك يعمل بهذا، وعليه حج قابل والهدي، فإن كان من غير أهل مكة فأصابه مرض حال بينه وبين الحج فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة حل بعمرة وطاف بالبيت طوافًا آخر وسعى بين الصفا والمروة؛ لأن طوافه الأول وسعيه إنما كان نواه للحج، وعليه حج قابل والهدي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو" وعرفنا أن هذا يكون بالمرض، بذهاب النفقة، بضلال الطريق، فيما يفوت عليه الوقوف الذي بفواته يفوت الحج.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه قال: "المحصر بمرض لا يحل" وعرفنا الفرق، وجه التفريق فيمن أحصر بعدو ومن حصر بمرض، عرفنا وجه التفريق أن المحصر بعدو لا يتصور منه الوصول إلى البيت، بينما من أحصر بمرض يتصور منه الوصول إلى البيت، ولو بمساعدة غيره بأن يصل محمولاً أو يطاف به محمول، ويسعى به محمولاً، يمكن.
"أنه قال: المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة" ولا يجوز له التحلل، محصر بمرض، قلنا: إنه لا يتحلل حتى يطوف بالبيت، ولو اقتضى هذا مكثه في المستشفى مدة طويلة، كسر ومرض ودخل المستشفى مثلًا بعد أن دخل في النسك، وأقام في المستشفى أشهرًا، وهو يرجى برؤه، أو سنين، نعم، يبقى على إحرامه، لماذا لا نقول: إن هذا مثل ما لو قيل للمحصر بعدو: اضرب خباء دون العدو وامكث على إحرامك حتى تتمكن من الدخول إلى البيت؟ ما الفرق بين أن يبقى المريض على سرير المستشفى سنة مثلًا أو يبقى بخبائه أو ببلد دون العدو ويبقى محرمًا؟ أيهما أيسر؟ محرم وهو مريض على السرير أو محرم وهو مصدود عن البيت حتى يرتفع هذا الصد وينتقل هذا العدو؟ أيهما أسهل؟ يعني من هذه الحيثية صد العدو أسهل، مع مراعاة سبب نزولها، يعني مراعاة سبب النزول، لكن هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟ العبرة بعموم اللفظ، وهنا يتقوى القول بأن الحصر بجميع أنواعه كل ما يصد عن البيت سواءً كان بعدو أو بغيره يسيغ التحلل، وعلى كل حال كلام الشيخ الشنقيطي -رحمه الله تعالى- مفصل، ونأتي عليه قريبًا، فقط نأتي على كلام المؤلف بسرعة، ثم بعد ذلك نعود إلى كلام الشيخ، نعم؟
طالب:........
أنت تتصور المسألة في رجل كسر، انكسر عنده الحوض ويحتاج إلى سنة وحمله لا يستطيع، لا يستطيع أن يطوف ولا يسعى، ولا يثبت على محمول، لا بد من سرير، ولا بد من...، نعم؟
طالب:........
كيف؟
طالب:........
لا، هم يقولون: يمكث في الإحرام، ونحن نريد أن نقرر هل هو بهذه الصورة أشد ممن حصر بعدو، نعم، يمكث على إحرامه أو يتحلل الجميع؟ يمكث الجميع أو يتحلل الجميع؟ النص جاء بأنه يتحلل، وسبب النزول بالعدو، لكن هل ما يوجد مما هو أشد من العدو، أشد من العدو يجعل الحكم مثل من أحصر بعدو، وهذا قول معتبر عند أهل العلم قول الحنفية وغيرهم، ومعروف عند الحنابلة القول بأن الحصر يشمل العدو والمرض، أو نقصر النص على سببه، والجميع يتفقون على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإذا وجد ما أثره كأثر الحصر بالعدو يأخذ حكمه، وقد يوجد ما هو أشد من الحصر بالعدو فيكون قياسه من باب الأولى، أو شمول العلة.
طالب: شيخ -غفر الله لك- بالنسبة للقائلين بالقضاء أدلتهم أليست قوية؟
فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: لا والآية: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ} [(196) سورة البقرة].
لكن لو استطاع الإتمام أتم.
طالب:........
لا، في أقوال للصحابة يحج من قابل.
طالب: أنا أقصد أن الآية: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] فقط، فكت الإتمام؟
نعم، وليس فيها أكثر من الهدي، على كل حال كلام الشيخ وافٍ، الشنقيطي -رحمه الله-، ولعلنا نأتي على مقاصده ومهماته -إن شاء الله تعالى-.
"أنه قال: المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة" ولا يجوز له التحلل، "فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بد له منها -لمرض أو برد مثلًا- أو الدواء" المشتمل على شيء من المحظور "صنع ذلك وافتدى" ولا إثم عليه كالسليم للحاجة، يعني مثل كعب بن عجرة لما احتاج إلى حلق شعره صنع ذلك وافتدى، ونزلت فيه الآية، قال...، نعم؟
طالب:........
لو معه أطياب وإلا معه شيء، يحتاج إلى شيء من ذلك، يعني ما يشتمل على محظور.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه -قالوا: عن عمرة أو غيرها- عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كانت تقول: "المحرم لا يحله إلا البيت" وهذا عمومه يشمل جميع من أحرم، ولا يستثنى من ذلك إلا ما اتفق عليه وهو الحصر بالعدو.
قال ابن عبد البر: معناه المحرم يمرض مرضًا لا يقدر أن يصل إلى البيت فيبقى على حاله، فإن احتاج إلى لبس أو دواء فعله وافتدى، فإذا برأ أتى البيت فطاف به وسعى، فهذا مفاده -مفاد كلام ابن عمر السابق-، نعم، وهو رأي الإمام مالك.
"وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة" اسمه كيسان السَّختياني "عن رجل من أهل البصرة كان قديمًا" "عن رجل من أهل البصرة" ذكروا أنه أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي "أنه قال: "خرجت إلى مكة -يعني معتمرًا- حتى إذا كنت ببعض الطريق -وقعت عن راحلتي كما في بعض الروايات- كسرت فخذي، فأرسلت إلى مكة وبها عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر" والناس يعني من الصحابة وكبار التابعين، فسألوهم، "فلم يرخص لي أحد أن أحل" لماذا؟ لأن العمرة ليس لها وقت يفوت كالحج، يعني العمرة أمرها أوسع، ينتظر فمتى ما طاب يأتي بالعمرة، يطوف ويسعى ويقصر وينتهي أو يحلق، "فأقمت على ذلك الماء سبعة أشهر" الماء الذي كسر عنده أقام سبعة أشهر، "حتى أحللت بعمرة" يعني بعد أن عافاه الله وشفاه من كسره، لكن لو أمكن حمله إلى مكة والطواف به والسعي يكفيه؛ لأنه محتاج إلى هذا، يقول: "فلم يرخص لي أحد أن أحل" هذا يسند قول الإمام مالك والشافعي.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه قال: من حبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى -أيضًا- بين الصفا والمروة" ويكمل أركان العمرة الطواف والسعي، ثم بعد ذلك ما يجب عليه من حلق أو تقصير.
ثم قال: "حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن سعيد بن حزابة المخزومي صرع ببعض طريق مكة وهو محرم" صرع من أيسر الأمور أن يقع يسقط من دابته فيكسر أو يموت، المقصود أن هذا سهل في السابق كثرة...، لكنه في هذه الأوقات بسبب الحوادث أكثر، والإصابات أبلغ، نسأل الله العافية، وكثير منها سببه التفريط.
يقول: "صرع ببعض طريق مكة وهو محرم، فسأل -من يلي- على الماء الذي كان عليه" سأل القائمين على الماء "عن العلماء" فهل على هذا الماء أحد؟ "فوجد عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم، فذكر لهم الذي عرض له، فكلهم أمره أن يتداوى بما لا بد له منه ويفتدي" للتداوي المشتمل على طيب، "فإذا صح وبرأ من مرضه اعتمر فحل من إحرامه" بفعل العمرة، يتحلل بعمرة، الآن هو أحرم بحج، ثم حصل له ما يمنعه من الحج، مثل هذا يتداوى بما لا بد له منه، ولو مكث في المستشفى مدة طويلة، ثم بعد ذلك يتحلل بعمرة، "ثم عليه حج قابل ويهدي ما استيسر من الهدي".
الآن وجوه الاتفاق ووجوه الافتراق بين من أحصر بعدو ومن أحصر بمرض، الافتراق أن من أحصر بعدو يتحلل، ومن أحصر بمرض لا يتحلل على رأي الإمام مالك -رحمه الله-، ووجوه الاتفاق أنه يهدي ويحج من قابل كل منهما على ما تقدم.
"قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا" يعني في مذهبه وفي بلده المدينة "فيمن أحصر بغير عدو" أنه لا يحل إلا بفعل العمرة، لكن أحصر وأمكنه الحج، يلزمه أن يحج، مرض قبل مع دخول الشهر مثلًا ذي الحجة، ثم بعد ذلك تعالج وبرئ قبل الوقوف، هذا ما عنده مشكلة، ما فيه إشكال بالنسبة له، الإشكال فيما لو فاته الوقوف ولم يقف مع الناس، "يقول مالك: وعلى هذا الأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو" أنه لا يحل إلا بفعل العمرة، سواءً كان محرمًا بعمرة أو محرمًا بحج لم يتمكن فيه من أدائه مع العجز.
طالب:........
يعني يستطيع يوزع الحج ويرجع.
طالب:........
لكن مثل هذا........ويروح....... يروح، يقول: وأنت أوقف عنه، وأنت طُف، وأنت اسعَ، وأنت ارمِ.
طالب: يقول: ويستدل بأنه ما صح في العبادات في جزء من بعضه صح في الكل، في كله صح في جزئه، بما أنه تصح النيابة في كله تصح في بعضه.
النيابة من غير حاجة، ونقتصر فيها على ما ورد.
طالب: هو يقول: مثلًا إذا إذا حج فرضه صح له أن ينيب عنه في النفل، ويقول: أنا أقسِّم.....
إذا كان في حج النفل من القادر عليه محل خلاف كبير بين أهل العلم.
طالب: لو ترجح عنده لكن هل يصح طرده؟
لا، ما يصح، هذه عبادات توقيفية، الأصل فيها أن يؤديها المكلف بنفسه، الإنابة في بعض الصور يقتصر على ما جاء، وما عدا ذلك يبقى على أن المكلف مطالب به.
طالب:........
لا، فيه من يقول بهذا القول، لكنه قول مردود شاذ، نعم؟
طالب:........
أحصر بعمرة، محرم بعمرة، وقلنا له: يلزمك أن تبقى على إحرامك، صح وإلا لا؟ أن تبقى على إحرامك، فإذا شفيت تطوف وتسعى ما عليه هذا، إذا تمكن من أدائها كاملة ولم يرتكب محظورًا ما يلزمه شيء، هذا مجرد تأخير الإتيان بالعمرة بعد الدخول فيها.
طالب:........
أين؟
طالب: إذا أحرم ولم يتمكن أو أحصر ولم يتمكن من دخول مكة، يتحلل كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
نعم، يتحلل و......
"وقد أمر عمر بن الخطاب أبا أيوب الأنصاري -خالد بن زيد- وهبار بن الأسود حين فاتهما الحج وأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة، ثم يرجعا حلالًا من كل شيء، ثم يحجان عامًا قابلًا، ويهديان، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله" هذا أحصر بغير عدو، فاته الحج، أحصر بغير عدو، لماذا لا يقال له: تبقى على إحرامك ما دام الحصر بغير عدو حتى تؤدي الحج؟ من العام يبقى على إحرامه، ما الفرق بينه وبين المريض الذي يبقى على سريره مثلًا وقد أحرم؟ الآن مكث سبعة أشهر على الماء، إذا أردنا أن نفرق في الحصر بين العدو والمرض، إذا فاته الحج لماذا لا نقول: يبقى محرمًا؟ مثل هذا يرد عليه أنه أحرم بالحج قبل أشهره، لا يقول: إنه أحرم الآن في أشهر الحج، ونلزمه أنه يبقى إلى أن يؤدي الحج من قابل، نقول: هذا أحرم بالحج قبل أشهره، المقصود بأشهره الشهرين ذي القعدة والحجة، وشوال والقعدة وعشر من ذي الحجة، نعم هذه أشهر الحج، فما قبلها لا يصح عند أهل العلم الإحرام به، أما بالنسبة للعمرة التي ليس لها وقت، نعم يبقى على إحرامه حتى يتمكن من أدائها.
"أتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالًا، ثم يحجان عامًا قابلًا ويهديان، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله".
طالب:........
أين؟
طالب:........
لا، هؤلاء محرمون بحج، وفاتهم الوقوف فأمرا أن يحلا بعمرة، تحللا بعمرة، ويلزمهما الحج من قابل، نعم؟
طالب:........
لكن هو ما قال الإمام مالك -رحمه الله- فيما تقدم من فعل عبد الله بن زيد الجرمي أبي قلابة أنه مكث سبعة أشهر محرمًا على الماء؛ لأنه محرم بعمرة، لكن ماذا عما لو أحرم بحج في أشهر الحج، ثم حصل له مرض يمنعه أن لا يبقى على إحرامه إلى أن يحج من قابل، عرفنا الفرق بينهما أن العمرة السنة كلها وقت للعمرة فلا يتحلل، أما بالنسبة للحج فبمضي وقته انتهى، ولا يصح الإحرام به قبل دخول أشهره، نعم؟
طالب: بمجرد مضي وقته؟
نعم بمجرد مضي وقته، خلاص انتهى، يفوت الحج، نعم؟
طالب:........
تقرير مذهب الإمام مالك والشافعي ورواية عن أحمد أنه لا حصر إلا بالعدو، أما المرض فلا، يستمر محرم إلى أن يؤدي نسكه الممكن.
في البخاري عن سالم قال: كان ابن عمر يقول: أليس حسبكم سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء حتى يحج عامًا قابلًا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديًا.
معروف قول الصحابي من السنة أو نحو أمرنا حكمه الرفع، نعم معروف أن قول: حسبكم سنة نبيكم أي هذه السنة، أو سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- كل هذه لها حكم الرفع، لكن في مثل هذا استناد ابن عمر على ما حصل له في الحديبية، على ما حصل للنبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية.
يقول -كلام ابن عمر-: أليس حسبكم سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء حتى يحج عامًا قابلًا فيهدي أو يصوم من لم يجد هديًا، أو إن لم يجد هديًا.
هل ابن عمر استند على نص خاص في هذه المسألة تلزم بما ذكر، يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يحل ثم يحج عامًا قابلًا، أو استند في ذلك إلى ما حصل للنبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية؟ هل نقول: إنه فهم، وقال: هذا دليلي، فهذه السنة تدل على قولي، أو نقول: إنه استند على نص؟ نعم؟
طالب:.......
هو ما تقدم نظير هذه المسألة، قلنا: إن ابن عباس فهم أو استند إلى نص؟ في أي مسألة؟
طالب: في النكاح، نكاح المحرم.
طالب: تقليد الهدي.
في تقليد الهدي حينما عزاه إلى السنة نعم، هل نقول: إن هذا فهم من ابن عباس أو عنده نص اختص به دون غيره فعبر عنه بالسنة؟ وهنا نقول: هل هذا فهم من ابن عمر من قصة الحديبية أو نقول: إنه اعتمد على نص يدل على هذا بدليل أنه قال: "هذه السنة" نعم؟ فهمها من قصة الحديبية أو من نص خاص اختص به وعبر عنه؟ نعم؟
طالب: يرجع إلى..........
لا، يمكن نص قولي، نعم مفاده أن من حبس طاف بالبيت والصفا والمروة، ثم حل ثم يحج من عام قابل فيفدي؛ لأن قوله: من السنة أو حسبكم السنة..، وقيل: لسالم..، وسئل سالم فقال: ولا يريدون بذلك إلا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه القصة، كما ذكر ذلك الشافعي في الأم وغيره، ولا يريدون بذلك إلا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
طالب: كان فهم من الحديبية الحج.
طيب، والحج من قابل باعتبار النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى وأهدى، يعني الصورة ما فيها من الفرق إلا أنه لم يطف بالبيت هنا.
إذن الذي يغلب على الظن أنه يستند إلى نص، والحديث الخبر في البخاري، وابن عمر لا يمكن أن يضيف إلى السنة ما ليس منها، فيكون هذا الحكم ثم حل من كل شيء، طاف بالبيت يعني أنه ليس له أن يتحلل دون عمرة، نعم ليس له أن يتحلل بمجرد الصد، إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبين الصفا والمروة، وهذا يتصور فيمن حبس بمرض أو بعدو؟ إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء، كيف يطوف بالبيت وهو مصدود؟ يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- لما صد عن البيت بالعدو تحلل دون أن يطوف ويسعى، نفترض شخصًا صد بعدو، وقد أحرم بالحج هل نقول: إنه يلزمه أن يطوف بين الصفا والمروة؛ لأن هذه تختلف عن قصة الحديبية؟ أو يتحلل كما في تصريح ابن عمر: "ما أمرهما إلا واحد" نعم؟ ابن عمر يرى -راوي الخبر يرى- أنهما ما أمرهما إلا واحد؛ ليغلب على الظن أنه لو حبس جاءه ما يعوق ويحول بينه وبين الوقوف بعرفة فقط، ثم فاته الحج مثل هذا يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يحل، ثم يحج عامًا قابل، نعم؟
طالب: متعلق بالحج.
بالحج، يعني قل مثل هذا لو صُد عن البيت؛ لأنه ما معه تصريح، فلما غابت الشمس من يوم عرفة أذنوا له..، لا طلع الفجر من يوم النحر، تصير المسألة فاتت مرة بالكلية، مثل هذا مصدود عن البيت، مثل هذا يطوف ويسعى ويتحلل ويحج من قابل ويهدي؛ لأنه حبس عن البيت، وقل مثل هذا فيمن حبس بمرض، حبس بمرض، أما الصد عن البيت الذي لا يتمكن معه من الوصول إلى البيت، مثل هذا يذبح ما استيسر ويحلق ويتحلل كما لو صد عن عمرة، أين؟
طالب:........
حسبكم سنة نبيكم، نفس الشيء.
طالب:........
لا، هم نصوا على أن قول الصحابي: من السنة حكمه الرفع.
طالب:........
هو الإشكال الآن فيمن يتوسع وينسب إلى الدين رأيه، ويوجد ما رأي الدين في كذا؟ ثم يجيب بجواب اجتهادي، وفيه كتاب مطبوع: (أنت تسأل والإسلام يجيب) مطبوع بهذا الاسم، وكثير من الأحكام اجتهادية، نعم، لو أجاب بالنص، السؤال كذا، الجواب قال الله تعالى كذا، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما صح عنه، هذا الإسلام أجاب، لكن تجتهد وتقول: الإسلام يجيب، ويربأ بابن عمر وأمثال ابن عمر أن يتصرف مثل هذا التصرف إلا أن يكون عنده توقيف في هذه المسألة.
طالب:........
هو فهم الذي يقول: إن الإسلام يجيب هذا جواب الإسلام بعد، ابن عمر صاحب تحرٍّ وتثبت، وما يمكن أن ينسب اجتهاده إلى..، لكن أحيانًا يهجم على الذهن وينقدح فيه أن دلالة الخبر مطابقة لهذا الاجتهاد، ثم يأتي من ينازعه، فإذا انقدح في ذهنه أن دلالة الخبر تدل على هذا، وقال السنة بناءً على ما انقدح في ذهنه، وجاء من ينازعه، لكن يبقى أن الاحتمال قائم، أنه هل ابن عمر حينما قال: حسبكم سنة نبيكم، استند إلى قصة الحديبية أو استند إلى نص خاص؟ وما فعله حينما نزل المختار بابن الزبير وقيل له..، طلب منه أن يؤجل الدخول في النسك، فقال: حسبنا سنة نبينا -عليه الصلاة والسلام- إن صدنا عن البيت فعلنا مثل ما فعل، فأحرم بعمرة، ثم بعد ذلك قال: ما أمرهما إلا واحد، فأحرم بهما، فالذي يظهر من مجموع الطرق أنه يستند إلى قصة الحديبية، لكن مثل ابن عمر واحتياط ابن عمر يدخل أشياء يطوف بالبيت وبالصفا والمروة، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما طاف بهما، فمثل هذا....
طالب: أثر عائشة ما يقوي أن فيه نص، لا يحل إلا البيت، المحرم لا يحله إلا البيت.
هذا قولها موقوف عليها، هذا اجتهاد، هذا ما فيه إشكال.
طالب: نعم، لا يعني أنها اجتهدت قد يكون هذا يعضد أن ابن عمر مستند على نص فعلًا، وإلا لن يقول برأيه.
ما تنتهي المسألة ترى، ولن تنحسم؛ لأن الاحتمالين لكل واحد منهما ما يؤيده، وفي مثل هذا إذا الدلالة انتابها وتجاذبها أمران على حد سواء يرجع في تقرير المسألة إلى الأدلة الخاصة، نعم؟
طالب:........
كيف؟
طالب:........
في هذا؟
طالب:........
في هذه المسألة؟
طالب:........
لا، إن حبس أحدكم عن الحج، يعني فاته، لو تصور أنه جاءه ما يمنعه، افترض أي مانع، السيارة خبطت مثلًا تبغي تصليح تجلس ثلاثة أيام، ولا يوجد وسيلة غيرها، وإذا جلس ثلاثة أيام ما وصل إلى صبح يوم النحر، حبس عن الحج، فمثل هذا يتحلل بعمرة ويذبح ما استيسر وعليه حج عام قابل، وواضح من كلام ابن عمر.
"قال مالك: "وكل من حبس عن الحج بعدما يحرم إما بمرض أو بغيره أو بخطأ من العدد، أو خفي عليه الهلال" يعني أعلن أن الشهر -شهر القعدة كامل- ثم أعلن أنه ناقص، يعني مثل ما حصل هذه السنة، لو افترضنا أن الإعلان تأخر مثلًا، الإعلان الثاني تأخر ما هو بيوم ثلاثة أعلنوه يوم ثمانية مثلًا، وقد أحرم ولا يتمكن بهذه الطريقة؛ لأنه حسب حساب يومين، وما بقي إلا يوم، هذا خطأ في العدد، "أو بخطأ من العدد أو خفي عليه الهلال" يعني في الصورة التي حصلت في هذه السنة أعلنوا أن الشهر كامل، ثم أعلنوا أن الشهر ناقص، الجهات المسئولة هل تلام في مثل هذا أو هي مستندة إلى مقدمات شرعية؟ ما جاءهم أحد أعلنوا التمام، ثم جاءهم من جاءهم وهو الملوم في تأخره فأعلنوا بناءً على الرؤية، فالملوم في مثل هذا الذي تأخر في الإبلاغ، الذي تأخر في إبلاغهم "أو خفي عليه الهلال فهو محصر عليه ما على المحصر" يتحلل بعمرة وعليه دم.
"قال يحيى: سئل مالك عمن أهل من أهل مكة بالحج ثم أصابه كسر لبعض أعضائه أو بطن متحرق" كيف بطن متحرق؟ إسهال شديد يمنعه "أو امرأة تطلق" يعني أخذها الطلق والمخاض قال: "من أصابه هذا منهم فهو محصر، يكون عليه مثل ما على أهل الآفاق" يعني بإمكان المرأة التي تطلق أن تؤدي جميع ما يؤديه الحجاج إلا الطواف بالبيت.
طالب:.......
لا، بإمكانها قبل أن يبدأ نفاسها أن تطوف أيضًا، لكن إذا قرر الأطباء أنها لو خرجت مع الناس وهي في هذه الحالة أنها عليها خطر تموت مثلًا فمثل هذه محصرة، يكون عليها مثل ما على أهل الآفاق إذا هم أحصروا، يعني لا فرق بين أهل مكة وغيرهم.
"قال مالك: في رجل قدم معتمرًا في أشهر الحج، حتى إذا قضى عمرته أهل بالحج من مكة ثم كسر أو أصابه أمر لا يقدر على أن يحضر مع الناس الموقف -بعرفة- قال مالك: أرى أن يقيم حتى إذا برَأ -أو برِئ أو برُؤ مثلث الراء يعني صح من مرضه- خرج إلى الحِل" نعم، لماذا؟ لأن إحرامه من مكة، فيلزمه حينئذٍ أن يخرج إلى الحل، ويؤدي عمرة فلا بد أن يجمع فيها بين الحل والحرم، لكن من أحرم من الميقات مثلًا بالعمرة وبقي عليه..، ما يلزمه أن يخرج إلى الحل وهنا وجه التفريق.
ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد يقول: "قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا فيمن حبس بغير عدو، والمحصر الذي أراد الله -عز وجل- بقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] هو المريض، قال: وإنما جعلنا للمحصر بالعدو أن يحل بالسنة، وذلك أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- حصره العدو فحل، قال مالك: ولم نجعل له الإحلال بالكتاب وإنما جعلناه بالسنة في ذلك".
الآن الخلاف في الآية هل هي بالعدو أو بالعدو وبغيره؟ يعني ما يتعرضون للخلاف هل الآية تتناول العدو أم لا؟ يعني هل دلالة الآية مع دلالة قصة الحديبية فيها تطابق وإلا ما فيها تطابق؟ يعني {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}... {فَمَن لَّمْ يَجِدْ} [(196) سورة البقرة] هل فيه حللتم؟ نعم؟ في الآية؟
طالب:........
يقول: إن أحصرتم هذا المريض، ورأيه في المريض أنه لا يتحلل، في الآية في قوله -عز وجل-: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] يقول: هو المريض، يعني الحصر بالعدو يؤخذ من قصة الحديبية، والحصر بالمرض يؤخذ من الآية، هذا مفاد كلام ابن عبد البر -رحمه الله-، نعم؟
طالب:........
كيف؟
طالب:........
يمشي؟
طالب:........
من حيث إن الآية ما فيها تنصيص على أنه يحل، ما الذي يلزمه بالهدي الآن؟ أهل بعمرة ومرض وجلس عشرة أشهر سنة على إحرامه، وأتى بعمرته على الوجه المطلوب، ما الذي يلزمه ما استيسر من الهدي؟ لأن رأي مالك أنه يبقى على إحرامه، ارتكب محظورًا عليه فداء المحظور، ما ارتكب شيئًا هذا، ما الذي يلزمه؟ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي؟
طالب: كان مريضًا.......
يعني المعروف أن العلماء لا يختلفون في إدخال العدو في الآية، ويجعلون دلالة الآية مطابقة لدلالة قصة الحديبية، المختلف فيها الحصر بغير العدو هل يدخل في الآية أو في قصة الحديبية أو لا يدخل؟
طالب: العكس.
عكس كلام مالك -رحمه الله-، وإلا ابن عبد البر من أعلم الناس بمذهبه، ومن أدق الناس، هذا كلام يعني...
"قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا فيمن حبس بغير عدو، قال مالك: والمحصر الذي أراد الله -عز وجل- بقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] هو المريض، ماذا يستفيد مالك من هذا الكلام؟ يستفيد أن الآية ليس فيها تنصيص على أنه يحل، لكن هل يقول مالك: إن المريض إذا لم يحل حتى أدى العمرة على الوجه المطلوب ولم يرتكب محظورًا عليه ما استيسر من الهدي؟ هنا يأتي النقض.
طالب:........
هذا الحج....... لأنه يحل من الحج.
طالب:........
ما ذكر شيء، والمحصر الذي أراد الله -عز وجل- بقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] هو المريض.
طالب: لو حملناه....... العمرة.
ماذا يشمل.
طالب: لو حملناه.......
ما عندنا ما يدلنا على حمله.
طالب: حتى يستقيم، وأتموا الحج والعمرة.
والله مشكل هذا.
"قال: وإنما جعلنا للمحصر بالعدو أن يحل بالسنة، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حصره العدو فحل، قال مالك: ولم نجعل له الإحلال بالكتاب" يعني جعل دلالة الكتاب خاصة، نعم؟
طالب: بالمريض.
بالمريض، وقصة الحديبية خاصة بالعدو.
"ولم نجعل له الإحلال بالكتاب، وإنما جعلناه بالسنة في ذلك، ذكر ذلك أحمد بن المعذل عن مالك وهو قول الشافعي".
طالب:.........
لا، هو يريد أن يقرر أن من أحصر بمرض لا يتحلل؛ لأن الآية لا تدل عليه، وقصة الحديبية يتحلل؛ لأن الحصر بالعدو جاء النص فيه، وفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: الشيخ محمد الأمين ما أشار إليه؟
لا سنأتي بكلامه، كلامه مطول، نعم من الموافقات أن..، حتى الشيخ الأمين الشنقيطي مالكي المذهب يوضح لنا هذا الكلام -إن شاء الله تعالى-.
طالب:........
ما يدخل في الآية، إذا مرض الآية نص فيه، لكن هل هناك ارتباط بين الآية والحديث؟ يعني هل في قصة الحديبية نزلت الآية وإلا منفكة عنها؟ نعم فيرجع إلى أسباب النزول إن كان لها ارتباط فتنزيله..، دخول سبب النزول في النص قطعي عند أهل العلم، يعني إذا كان سبب النزول يتناول وجوهًا، يتناول أفرادًا، فدخول الوجه الذي ذكر فيه سبب النزول قطعي عند أهل العلم، ولا يجوز إخراجه بحال.
طالب:........
كيف؟
طالب:........
يعني قبل الحديبية؟ يعني قبل السنة الرابعة؟
طالب:........
لا، لا في واحد قال الرابعة.
على كل حال في كلام الشنقيطي -إن شاء الله- ما يحل الإشكالات كلها، نعم؟
طالب:........
إذا وجد ما يحصر ويمنع المحرم من أداء نسكه، المسألة تفترض في العمرة، في الحج الذي يفوت، أما العمرة تدخل في كلام مالك، لكن الحج الذي يفوت لا بمرض ولا بعدو، ما عنده ترخيص، يقال له: ارجع، ماذا يصير؟ يلحق بالعدو أو بالمرض؟
طالب:.......
لكن يبقى أن وصوله إلى البيت ممكن بعد فوات.
طالب: إن لم يستطع؟
كالمرض، فعلى كل حال كلام الشيخ مطول، وفيه فوائد كثيرة -إن شاء الله- نأتي عليه.
"قال مالك في رجل قدم معتمرًا في أشهر الحج، حتى إذا قضى عمرته أهل بالحج من مكة ثم كسر أو أصابه أمر لا يقدر" يعني مرض أو غيره "أمر لا يقدر على أن يحضر مع الناس الموقف" بعرفة "قال مالك: أرى أن يقيم -يعني ولو طالت المدة- حتى إذا برأ خرج إلى الحل ليأتي بعمرة" لماذا؟ لأنه أحرم فيحتاج إلى أن يخرج بالعمرة، نعم؟
طالب:........
أين؟
طالب:........
نعم، إحرامه من مكة بالحج صحيحة، لكن أحرم هذا الإحرام الذي من مكة، وقد كان يريده للحج ما يلزمه أن يخرج إلى الحل، لكنه الآن إحرام من مكة للعمرة، صار للعمرة، فلا بد أن يخرج على كلام مالك ليجمع بينهما.
طالب:........
كيف؟
طالب:........
يعني هل حجه إحرامه بطل؟ أو خروجه لا للإحرام وإنما ليجمع بين..، يعني هل إحرامه ساري المفعول وإلا ليس بسارٍ؟ يعني هو محرم حكمًا وإن لم يكن محرم حقيقةً، هو محرم بحج وفاته الحج، يتحلل بعمرة، لكن الفترة بين الحج الذي فات والعمرة التي لم يدخل فيها حتى يخرج إلى الحل؟
طالب:........
صحيح، أصلًا ما طلبت منه العمرة إلا ليتحلل، فكيف يتحلل قبلها؟ نعم؟
طالب:........
لا، واضح هذا.
"ثم يرجع إلى مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يحل، ثم عليه حج قابل والهدي" جبرًا لذلك.
"قال مالك فيمن أهل بالحج من مكة، ثم طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، ثم مرض فلم يستطع أن يحضر مع الناس الموقف" بعرفة، المسألة مفترضة فيمن أهل بالحج فقط أو أهل بهما معًا؟ نعم فجاء إلى مكة فطاف للقدوم، وسعى سعي الحج، وفاته الحج، نعم، قال مالك: إذا فاته الحج وذلك بفوات الوقوف هل يعتد بالطواف والسعي؟ يقول: لا يعتد بهما، لماذا؟ لأنه لم ينوه للعمرة، إنما نواه للحج؛ إذا فاته الحج فإن استطاع خرج إلى الحل فدخل بعمرة فطاف بالبيت؛ لأنه قد يقول قائل: إنه طاف وسعى ما بقى عليه إلا أن يقصر ويمشي، فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، والسبب في ذلك أن الطواف الأول لم يكن نواه للعمرة، الطواف الأول مسنون للقدوم، والسعي الذي بعده للحج ليس للعمرة، لم يكن نواه للعمرة فلذلك يعمل بهذا، أي يأتي بطواف وسعي، وعليه حج قابل والهدي، فإن كان من غير أهل مكة فأصابه مرض حال بينه وبين الحج، فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة حل بعمرة وطاف بالبيت طوافًا آخر، وسعى بين الصفا والمروة؛ لأنه طوافه الأول وسعيه يعني الأول إنما كان نواه للحج الذي فاته، وعليه حج قابل والهدي.
فلا فرق حينئذٍ بين المكي وغيره.
نأتي إلى كلام الشيخ في مسألة الإحصار، وهل يختص بالعدو أو يشمل كل ما يمنع من أداء النسك؟
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] اختلف العلماء في المراد بالإحصار في هذه الآية الكريمة، فقال قوم: هو صد العدو المحرم ومنعه إياه من الطواف بالبيت، وقال قوم: المراد به ما يشمل الجميع من عدو ومرض ونحو ذلك، ولكن قوله تعالى بعد هذا: {فَإِذَآ أَمِنتُمْ} يشير إلى أن المراد بالإحصار هنا صد العدو للمحرم -وفي هذا يرد الشيخ على مالك أنه خاص بالمرض- لأن الأمن إذا أطلق في لغة العرب انصرف إلى الأمن من الخوف لا إلى الشفاء من المرض ونحو ذلك، ويؤيده أنه لم يذكر الشيء الذي منه الأمن، فدل على أن المراد به ما تقدم من الإحصار، فثبت أنه الخوف من العدو، فما أجاب به بعض العلماء من أن الأمن يطلق على الأمن من المرض كما في حديث: ((من سبق العاطس بالحمد أمن من الشوص واللوص والعلوص)) أخرجه ابن ماجه في سننه فهو ظاهر السقوط.
أولًا: الحديث من سنين وأنا أبحث عنه في ابن ماجه ما وجدته، وسبق الشيخ الشنقيطي إلى عزوه إلى ابن ماجه القرطبي، وبالمناسبة يعني كثير من مباحث الكتاب موجودة في القرطبي، وكأنه أصل لهذا الكتاب، أما إذا قال: قال مقيده فهي اجتهادات الشيخ، لكن الكتاب معوله على القرطبي في كثير من مباحثه، ولا يعني هذا أن الشيخ ليس له جهد ولا دور، لا، الكتاب متميز، إذا قال الشيخ: قال مقيده الزم، تحرير وتحقيق وفهم دقيق قد لا يوجد عند غيره -رحمه الله-.
فهذا الحديث ما وقفت عليه في سنن ابن ماجه، ولعله في بعض الروايات التي لم تصلنا.
أخرجه ابن ماجه في سننه فهو ظاهر السقوط؛ لأن الأمن فيه مقيد بكونه من المرض، فلو أطلق لانصرف إلى الأمن من الخوف.
يعني فرق بين الأمن المطلق والأمن المقيد، لو قال شخص مثلًا في يوم امتحان استيقظ وإذا بالساعة بقي على الامتحان ربع ساعة، والطريق يعني ما يكفيه ربع ساعة، ثم ركب مع غيره ممن هو أخبر منه بالطرق وكذا ووصل، فقال: أمنا من فوات الامتحان، نعم الأسلوب سائغ، أمن وفوات الامتحان بالنسبة له مخوف والمرض مخوف، لكن الأمن المطلق هو المقابل للخوف من العدو.
فهو ظاهر السقوط؛ لأن الأمن فيه مقيد بكونه من المرض، فلو أطلق لانصرف إلى الأمن من الخوف.
وقد يجاب أيضًا بأنه يخاف وقوع المذكور من الشوص الذي هو وجع السن، واللوص الذي هو وجع الأذن، والعلوص الذي هو وجع البطن؛ لأنه قبل وقوعها به يطلق عليه أنه خائف من وقوعها، فإذا أمن من وقوعها به فقد أمن من خوف، أما لو كانت وقعت به بالفعل فلا يحسن أن يقال: أمن منها؛ لأن الخوف في لغة العرب هو الغم من أمر مستقبل لا واقع بالفعل، فدل هذا على أن زعم إمكان إطلاق الأمن على الشفاء من المرض خلاف الظاهر، وحاصل تحرير هذه المسالة في مبحثين:
الأول: في معنى الإحصار في اللغة العربية.
والثاني: في تحقيق المراد به في الآية الكريمة، وأقوال العلماء، وأدلتها في ذلك، ونحن نبين ذلك كله -إن شاء الله تعالى-.
ثم أطال الكلام في تقرير المسألة من جهة العربية، وفي تقرير كلام أهل العلم في أبسط عبارة وأوضح بيان، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، ونأتي به -إن شاء الله- غدًا، وإن تمت مراجعته من قبلكم ليكون أسهل في الفهم فهو مطلوب، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"