بلوغ المرام - كتاب الصلاة (24)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أوتروا يا أهل القرآن، فإن الله وتر يحب الوتر)) رواه الخمسة، وصححه ابن خزيمة".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن علي.. -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أوتروا يا أهل القرآن)) هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، وهذا الحديث من أدلة من يقول بوجوب الوتر وهم الحنفية، لكن الجمهور عندهم من الصوارف ما يجعل هذا الأمر أمر استحباب، وذكرنا من الصوارف بعض الأحاديث السابقة.
((أوتروا يا أهل القرآن)) المراد بأهل القرآن هم أهل العناية بالقرآن، والأصل أن المسلمين كلهم أهل عناية بالقرآن، ولذا قيل لهم: ((يا أهل القرآن)) والمراد المسلمين في مثل هذا النص يراد بأهل القرآن المسلمون، فالأمر متجه إلى المسلمين، لكن في النصوص الأخرى يراد بأهل القرآن أهل العناية به، الذين يَقرَؤونه ويداومون النظر فيه على الوجه المأمور به، ويُقرِؤونه الناس قراءة وفهماً وحفظاً وتدبراً ودراسة وتدريساً وتعلماً وتعليماً، هؤلاء هم أهل القرآن.
ابن القيم -رحمه الله تعالى- في زاد المعاد يقول: "أهل القرآن هم أهل العناية به، الذين هم أهل الله وخاصته، أهل العناية به ولو لم يحفظوه" لكن لا شك أن الحفظ من العناية بالقرآن، لكن قد يقول قائل: أنا عجزت أحفظ القرآن ألا يمكن أن أكون من أهل القرآن؟ نقول: نعم بلى، تكون من أهل القرآن إذا كنت من أهل العناية به، اعتنِ بالقرآن قراءة وفهماً وترتيلاً وتدبراً وإقراءً وتكون بإذن الله من أهله وإن عجزت عن حفظه.
((أوتروا يا أهل القرآن، فإن الله وتر يحب الوتر)) الوتر: الواحد، وهو الفرد، وهو الواحد الأحد، الله -جل وعلا- وتر، والصلاة بركعة واحدة وتر، الصلاة بثلاث وتر، الصلاة بخمس وتر ((فإن الله وتر)) وهذا من الأمور المشتركة، الواحد من الناس يقال له: وتر، ويقال له: واحد، ويقال له: أحد، ولذا قالوا في جمع الآحاد: أحد، وأنكر ذلك ثعلب، وهو من أئمة اللغة المحققين، قال: "حاشا أن يكون للأحد جمع" لأنه نظر إليه باعتباره اسماً من أسماء الله -جل وعلا-، فلا يكون له جمع، حاشا أن يكون للأحد جمع، لكن خفي عليه أن اليوم الذي يلي السبت يقال له: الأحد، وجمعه؟ كما في الشهر من أحد؟ أربعة آحاد، فالآحاد: جمع أحد وإن أنكر ذلك ثعلب؛ لأن من الأسماء الحسنى ما هو مشترك، الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام- {قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ} [(51) سورة يوسف] هذا مشترك، والله وترٌ، والواحد من الناس يقال له: فرد، ويقال له: وتر، ويقال له: واحد، ويقال له: أحد "الله وترٌ يحب" إثبات المحبة لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، إثبات صفة المحبة، تظافرت النصوص في الكتاب والسنة على إثبات صفة المحبة لله -عز وجل-، وأهل السنة قاطبة على إثباتها على ما يليق بجلال الله وعظمته "يحب الوتر" يعني من باب محبة المجانس والمشاكل في التسمية، وإلا الله -جل وعلا- ليس كمثله شيء، يقول بعضهم: معنى (يحب) يثيب، وهذا من باب التفسير باللازم، فإن كان من فسر باللازم ممن يثبت الصفة قبل وإلا فلا، مثال ذلك: كثيراً ما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((والذي نفسي بيده)) عليك أن تقول: في النص إثبات اليد لله -جل وعلا-، لكن الذي يقول: معناه روحي في تصرفه، إن كان ممن عرف بإثبات اليد لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته نقول: تفسير صحيح، من الذي روحه ليست في تصرف الله -جل وعلا-، لكن الذي لا يعرف بإثبات الصفات نقول: هذا فرار، وهذا تأويل، فالله -سبحانه وتعالى- يثيب من يحب، ويقبل منه عمله إذا أحبه {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [(222) سورة البقرة] {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [(195) سورة البقرة] يحبهم بمعنى فيه من جهة إثبات المحبة لله -جل وعلا- باعتبار ما يتعلق به، وباعتبار ما يتعلق بالمخلوقين الإثابة والقبول.
"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) متفق عليه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) يعني اختموا صلاة الليل -قيام الليل التهجد- بالوتر، فاجعلوه آخر ما تؤدونه من هذه الصلاة في هذا الوقت بالليل، وأما بالنسبة للنهار فلا وتر فيه إلا صلاة المغرب، وجاء في حديث عائشة الذي أشرنا إليه سابقاً: ((وإلا المغرب فإنها وتر النهار)) يعني يختم بها عمل النهار، وأما بالنسبة لليل فآخر عمل الإنسان بالليل يكون وتر؛ لن الله يحب الوتر، فيختم العمل بما يحبه الله -جل وعلا-.
((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) مقتضى الأمر ((اجعلوا)) للوجوب، لكن جاء من الأدلة ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بعد الوتر، ولذا من أوتر في أول الليل، ثم تيسر له أن يقوم من آخر الليل، نقول له: خلاص أنت صليت الوتر ولا صلاة بعده، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت أنه صلى بعد الوتر، نقول له: صل من الليل ما شئت، لكن مثنى مثنى، نعم من غلب على ظنه أنه يقوم من آخر الليل المستحب بالنسبة له أن يجعل آخر صلاته بالليل وتر للأمر الوارد في الحديث، لكن إذا غلب على ظنه أنه لا يستطيع القيام من آخر الليل أوتر في أوله، وقد أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا هريرة -رضي الله عنه- أن يوتر قبل أن ينام، وعلى هذا كلٌ يعرف نفسه، ويعرف حاله، الذي يغلب على ظنه أنه لا يقوم من آخر الليل يوتر من أول الليل؛ لئلا يفوته ما يحبه الله -جل وعلا-، فإذا أوتر في أول الليل ثم تيسر له أن انتبه يصلي مثنى مثنى، وقال بعضهم: يشفع وتره السابق، بمعنى أنه يفتتح صلاته بركعةٍ واحدة تشفع له الوتر السابق، ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر بعد ذلك، فتكون الركعة التي ابتدأ بها صلاته شفعت وتره الأول، ويكون على هذا ختم صلاته وجعل آخر صلاته بالليل وتراً قيل بهذا، لكن الحديث الذي يليه حديث: ((لا وتران في ليلة)) هو من باب أولى لا أكثر من ذلك، فإذا شفع وتره بركعة ثم أوتر بآخر صلاته كم يكون أوتر؟ أوتر ثلاث أوتار، وجاء النفي ويراد به النهي لصلاة الوتر أكثر من مرة، مرتين فأكثر على ما سيأتي في الحديث الآخر.
المقصود أن الأمر هنا أمر إرشاد أن تختم الصلاة بالوتر صلاة الليل كما ختمت صلاة النهار بصلاة المغرب وهي وتر.
"وعن طلق بن علي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا وتران في ليلة)) رواه أحمد والثلاثة، وصححه ابن حبان".
"طلق بن علي" الحنفي "قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا وتران في ليلة)) (لا) هذه نافية وإلا ناهية؟ نافية، ويأتي النفي ويراد به النهي، وإذا جاء النهي بلفظ النفي صار أبلغ، النفي الأصل فيه يتجه إلى حقيقة الشيء وذاته، فإذا نفيت الحقيقية فلأن تنفى الصحة من باب أولى، يعني إذا قلنا: شخص أوتر مرتين في ليلة والنص يقول: ((لا وتران)) هو أوتر، كيف تنفى حقيقة الوتر الموجودة؟ هذا مبالغة في نفي الصحة؛ لأن نفي الصحة قد تنفى الصحة وتبقى الحقيقة، لكن إذا نفيت الحقيقة صار أبلغ في نفي الصحة
وأيضاً ما يعمل على غير هدي، وعلى غير مراد الله وجوده مثل عدمه، كأنه معدوم، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- للمسيء ((صل فإنك لم تصل)) يعني لو قال شخص آخر: إنه صلى، قرأ وركع وسجد هي صلاة ((لم تصل)) هذا نفي للحقيقة، لكن هل المراد به نفي الحقيقة العرفية؟ هو صلى في عرف الناس، في عرفهم صلى، لكن نفي للحقيقة الشرعية، وهنا النفي متجه إلى الحقيقة الشرعية.
((لا وتران)) (لا) هذه نافية، و((وتران)) هل هذه نافية للجنس أو نافية للوحدة؟ إذا قلنا: نافية للجنس فمقتضى ما بعدها أن يكون منصوب وإلا مبني على الفتح؟ وحينئذٍ يكون الأصل: "لا وترين" ويكون في هذه الحالة المثنى جاء على لغة من يلزمه الألف في جميع الحالات، كلام صحيح وإلا فيه شيء؟
طالب:......
لا هذه نافية للجنس وإلا للوحدة؟ هو ما عندنا إما نافية للوحدة وإلا نافية للجنس، لجنس الوتر أو للمفرد، بغض النظر عن كونه مثنى أو جمع، لكن الكلام على اللفظ: ((لا وتران)) أجيبوا يا الإخوان أين العربية؟
طالب:......
كيف؟
طالب:......
ترى فيه لغة عند بعض العرب، وهي معتبرة إلزام المثنى الألف: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طـه] على قراءة الإيش؟ التشديد تشديد إنّ، على لغة من يلزم المثنى الألف، الأصل: (إنّ هذين) لكن على لغة من يلزم المثنى الألف، قال: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طـه] وإن هذه مخففة من الثقيلة، وإذا خففت قل العمل، يقل عملها، خففت (إن) فقل العمل، لكن على قراءة التشديد على لغة من يلزم المثنى الألف كما هنا ((لا وتران في ليلة)) في ليلةٍ واحدة، وهذا يرد على من يقول بنقض الوتر، وأنه يصلي ركعة تشفع وتره الأول، ثم يصلي ما شاء، ثم يوتر في آخر الليل ليمتثل الأمر الوارد في الحديث السابق: ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) لكن لو أوتر مع الإمام في أول الليل، أوتر مع الإمام في صلاة التراويح في أول الليل ثم سلم الإمام فجاء بركعة تشفع له وتره، هل يدخل في النفي هنا في الحديث؟ لأنه ما أوتر أصلاً، ما أوتر في أول الليل، إنما صلاها شفعاً، وهل يدخل في حديث: ((من صلى مع الإمام حتى ينصرف)) فإذا زاد على صلاة الإمام يدخل في حديث: أنه قام الليل كله إذا زاد؟ أما إذا نقص أمره معلوم ((حتى ينصرف)) وإذا زاد دخل من باب أولى، وحينئذٍ من أراد أن يوتر آخر الليل يشفع، إذا أوتر مع الإمام يشفع وتره فيزيد ركعة، يمكن أن يرد على هذا؟ لو أوتر الإمام بثلاث بسلامٍ واحد هل يزيد ركعة فيشفع وتره فيكون حينئذٍ صلى أربع ركعات بسلامٍ واحد فيكون قد خالف ((صلاة الليل مثنى مثنى))؟ أو نقول: حينئذٍ لا تشفع الوتر لأنك زدت على الركعتين وإذا قمت من آخر الليل تصلي مثنى مثنى؟ أو يشفع في هذه الحالة؟ إذا أوتر الإمام بثلاث بسلامٍ واحد أو بخمس أو بسبع وأراد أن يشفع الوتر ليقوم من آخر الليل ويجعل آخر صلاته بالليل وتر يشفع وإلا ما يشفع إذا زاد الإمام على ركعتين؟ نعم؟
طالب:......
يكون صلى أربع ((صلاة الليل مثنى مثنى)) وعرفنا أنه إذا قام في التراويح إلى ثالثة فكأنما قام إلى ثالثة في الفجر.
طالب:......
يصلي ركعتين ثم يسلم قبل الإمام؟ فيكون انصرف قبل الإمام فلا يكتب له قيام ليلة، نعم؟
طالب:......
يشفع وتكون صلاته ما زاد على الثنتين غير مقصودة، فلا يكون حينئذٍ خالف النص: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) لكن يبقى أنها مخالفة سواءً كانت مقصودة أو غير مقصودة، هي مخالفة.
"وعن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوتر بـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص]" رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وزاد: "ولا يسلم إلا في آخرهن".
ولأبي داود والترمذي نحوه عن عائشة وفيه: "كل سورة في ركعة، وفي الأخيرة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] والمعوذتين".
حديث: "أبي بن كعب -رضي الله عنه-" فيه ما يقرأ في صلاة الوتر، يقرأ إذا أوتر بثلاث في الأولى: "بـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] وفي الثانية: "{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون]" وفي الثالثة: "{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص]" يقول: "رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وزاد: "ولا يسلم إلا في آخرهن" عرفنا سابقاً أن له أن يسلم أن تكون الثلاث بسلامين وأن تكون بسلامٍ واحد له ذلك، لكن المنهي عنه تشبيه الوتر بالمغرب، بمعنى أنه يصلي الركعتين، ثم يجلس بعد الثانية ويتشهد ثم يقوم ليأتي بالثالثة، وحينئذٍ يكون قد شبه الوتر بالمغرب، وهذا جاء النهي عنه.
الحديث الذي يليه مثل هذا، يقول: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] في الركعة الأولى، وفي الثانية: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] والثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] والمعوذتين عند أبي داود والترمذي، لكن لفظ المعوذتين غير محفوظ ضعيف، فيه خصيف الجزري مضعف، بل نص بعضهم على أن هذه الزيادة -زيادة المعوذتين- منكرة، فالثابت ما ذكر من السور الثلاث.
"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أوتروا قبل أن تصبحوا)) رواه مسلم، ولابن حبان: ((من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له)).
حديث أبي سعيد يبين آخر وقت الوتر "أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أوتروا قبل أن تصبحوا)) وعرفنا سابقاً أن وقت الوتر من صلاة العشاء إلى طلوع الصبح هذا وقته ((أوتروا قبل أن تصبحوا)) فهذا دليل على أن الوتر يفعل قبل طلوع الصبح، وإذا خشي الإنسان الصبح فليصل ركعة، إذا خشي، ما هو بإذا أصبح، إذا خشي أن يطلع عليه الصبح يصلي له ركعة توتر له ما قد صلى
((أوتروا قبل أن تصبحوا)) رواه مسلم، ولابن حبان: ((من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له)) انتهى وقته، انتهى وقته، الحديث الذي يليه حديث أبي سعيد أيضاً يدل على أن من نام..، نعم اقرأ، اقرأ الحديث.
"ولابن حبان: ((من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له)) وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو ذكر)) رواه الخمسة إلا النسائي".
هذا الحديث قد يكون فيه نوع معارضة للأحاديث السابقة، حديث أبي سعيد الثاني: "وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نام عن الوتر أو نسيه فليصلِ إذا أصبح أو ذكر)) ((من نام.... فليصل إذا أصبح)) يعني إذا أصبح دخل في الصبح، ومثله إذا أمسى، إذا أنجد يعني دخل نجد، إذا أتهم دخل تهامة، إذا أظلم دخل في الظلام، مقتضى هذه الصيغة أنه بمجرد دخوله في الصبح يصلي إذا نسي، وهذا فيه معارضة لما سبق من الأحاديث، وقد عمل بهذا جمع من السلف، ورأوا أن الذي يخرج بالصبح فالوقت الاختياري للوتر، وأما وقته الاضطراري فيبقى إلى قيام صلاة الصبح.
((من نام عن الوتر أو نسيه)) عندنا من نام أو نسي ((فليصل)) من نام إذا أصبح، ومن نسي إذا ذكر، وهذا فيه ما يسمى باللف والنشر، مرتب وإلا مشوش؟ نعم؟
طالب:......
لف ونشر هنا، مرتب، مرتب؛ لأن الكلمة الأولى مناسبة للكلمة الأولى من الجملة الأولى، الكلمة الثانية من الجملة الثانية مناسبة للكلمة الثانية من الجملة الأولى، فهذا يسمى عندهم باللف والنشر المرتب، وقد يأتي اللف والنشر مشوشاً، وبكلٍ منهما جاء القرآن أفصح الكلام، جاء مرتب وجاء غير مرتب.
هنا: ((من نام عن الوتر)) نام على أساس أن يقوم، ما انتبه إلا والمؤذن يؤذن لصلاة الصبح ماذا نقول له؟ مقتضى هذا الحديث أن يوتر، وهذا محفوظ عن جماعة من السلف، لكن النصوص السابقة كلها تدل على أن وقت الوتر ينتهي بطلوع الفجر، وهي أكثر وأرجح من حيث الصحة، مجموعها أرجح من هذا، وقد عمل بهذا جماعة من السلف، حفظ عنهم أنهم أوتروا بعد طلوع الفجر، فمن فعله عاملاً بهذا الحديث مقتدياً بمن سلف ما ينكر عليه، لكن النصوص الأكثر والأصرح، الأكثر والأصرح تدل على أن وقت الوتر ينتهي بطلوع الصبح، وحديث الباب يمكن تأويله، فالصبح ما ينتهي بصلاة الصبح، إنما يستمر بعد طلوع الشمس يقال له: صبح، بعد طلوع الشمس وارتفاعها يقال له: صبح ما لم يمسِ، فهو مصبح ما لم يمسِ، فيحمل هذا على أنه ((إذا أصبح)) يعني في أول النهار بعد ارتفاع الشمس، وبعد خروج وقت النهي، إذا نسيه يصليه إذا ذكره، وهذا أيضاً ليس على إطلاقه، افترض أنه ما ذكر الوتر إلا بعد صلاة الظهر، نقول: تقضي؟ خلاص فات محله، فات محله.
"وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل)) رواه مسلم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله)) إذا غلب على ظنه أنه لا يقوم من آخر الليل إما لثقلٍ في نومه، أو لتعب يحس به، أو أنه إذا نام لن يقوم هذا يوتر من آخر الليل، وأوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا هريرة أن يوتر قبل أن ينام، لعله لما عرف عنه من ثقلٍ في نومه، وأنه يغلب على الظن أنه لا يقوم، وحينئذٍ إذا خاف وغلب على ظنه أنه لا يقوم من آخر الليل فإنه يوتر قبل أن ينام من أول الليل، وبعض الناس يغالط نفسه، يلبس عليه الشيطان، يسهر فإذا بقي على طلوع الصبح ساعة قال: أرتاح قليلاً ثم أقوم للوتر، هذا الذي يغلب على الظن أنه لن يقوم، فمثل هذا يوتر قبل أن ينام، ووتره واقعٌ في آخر الليل وفي الثلث الأخير، على كل حال يوتر قبل أن ينام مثل هذا؛ لأنه يغلب على ظنه أنه لن يقوم.
((ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة)) تحضرها الملائكة، ولا شك أن ما تحضره الملائكة تؤمن عليه لا شك أنه حريٌ بالقبول، وجدير بأن لا يرد على صاحبه، يقول: ((فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)) الوتر وصلاة الليل والتهجد عموماً في الثلث الأخير من الليل أفضل، وأفضل القيام قيام داود ينام نصف الليل، ثم يقوم ثلثه، ثم ينام السدس، هذا أفضل القيام، إذا نام نصف الليل هل يعتبر النوم من غروب الشمس ودخول وقت الليل أو من صلاة العشاء؟ من غروب الشمس ينام نصف الليل، إذا غربت الشمس نام نصف الليل؟ وإلا من صلاة العشاء؟ يحسب النص بداية من صلاة العشاء، من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ثم يحسب، ينام نصف هذه المدة، ويقوم الثلث ويرتاح السدس، وإذا حسب بهذه الطريقة يكون قيامه في الثلث الأخير، وبهذا تلتئم النصوص، أما إذا قلنا: يحسب من غروب الشمس، أولاً: لن يتمكن من نوم نصف الليل، لا بد أن ينتظر العشاء، لا بد أن ينتظر العشاء، فلا يتحقق له نوم نصف الليل، وإذا قام نصف الليل فإن أكثر قيامه يكون قبل الثلث الأخير من الليل، ظاهر وإلا مو بظاهر؟
شيخ الإسلام -رحمه الله- يحرر هذا، يقول: في مثل هذا الحديث يحسب الليل من صلاة العشاء، والحث على قيام الثلث الأخير وقت النزول الإلهي يحسب من غروب الشمس وهذا ظاهر، يعني لو حسبنا في قيام ونوم داود -عليه السلام-، لو حسبناه من غروب الشمس، أولاً: لن يتاح للمسلم أن ينام من غروب الشمس، من غروب الشمس أمامه فريضتان المغرب والعشاء، لن ينام قبل صلاة المغرب وقبل صلاة العشاء، فلن يتحقق له نوم نصف الليل، إذا حسبنا الآن من غروب الشمس إلى منتصف الليل في أثناء هذه المدة صلاة المغرب وصلاة العشاء، لكن إذا حسبنا الوقت من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقسمناه على اثنين، ونام هذه المدة ثم انتبه يكون قيامه في الثلث الأخير، بخلاف ما إذا حسبنا من غروب الشمس.
لكن إذا قلنا: وقت النزول الإلهي في الثلث الأخير ونام أو على الأقل ما قام في الثلثين الأول والثاني نام، إذا نام من بعد صلاة العشاء وقام في الثلث الأخير وافق وقت النزول الإلهي، فلا يكون هناك تعارض بين الحديثين.
((فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)) يسعى الإنسان أن يشهده أهل الخير، ولا يشهده أهل الشر، يشكو كثير من الناس من الوساوس، ومن تسلط الشياطين، وقد جلب الأسباب، وترك ما يمنع من دخول الشياطين، تجد البيت مهجور بالنسبة لقراءة القرآن، بيتٌ خرب ليس فيه ذكر، فيه ما يجلب الشياطين من معازف ومزامير وصور لا تدخله الملائكة، فالبيت الذي لا تدخله الملائكة من يدخله؟ يدخله الشياطين، فإذا تسلطت الشياطين على مثل هؤلاء ليس بغريب، فعلى الإنسان أن يسعى جاهداً في تحصيل ما يطرد الشياطين، ويمكن الملائكة من الدخول، فالملائكة لا تدخل بيت فيه كلب ولا صورة ولا..، ويحرص على الطهارة، جاء أيضاً في بعض الأخبار أنها لا تدخل بيت فيه جنب، وإن كان فيه ما فيه، فهذه الصلاة فضلها في كونها مشهودة.
"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر)) رواه الترمذي".
هذا الحديث المروي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- ضعيف، الحديث ضعيف، يقول: ((إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر)) هذا الحديث رفعه ضعيف، وإن كان محفوظ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- لكنه لا يثبت مرفوعاً، وهذه..، أو مثل هذا القول يدرك بالرأي للاجتهاد في مسرح، يفهم ابن عمر من النصوص أن وقت صلاة الوتر ينتهي بطلوع الفجر كما فهم غيره، ويعبر عن ذلك، فيأتي بعض الرواة ويخطئ في رفعه، ولا نقول: إن هذا مما لا يدرك في الرأي فله حكم الرفع، لا، هو ضعيف مرفوعاً، لكن يغني عنه ما سبق من الأحاديث، يغني عنه ما سبق من الأحاديث، وأن وقت الوتر ينتهي بطلوع الفجر.
"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله" رواه مسلم".
انتهينا مما يتعلق بالوتر، الآن صلاة الضحى، صلاة الضحى جاء الترغيب فيها، وجاء فعلها من قبله -عليه الصلاة والسلام-، وجاء نفي الفعل، جاء الترغيب فيها: "أوصاني خليلي بثلاث" ومنها ركعتا الضحى، وصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم الفتح ثمانياً، وأخبر -عليه الصلاة والسلام- أن ركعتي الضحى تغنيان عن صدقات المفاصل ((يصبح على كل سلامى أحدكم صدقة)) ثلاثمائة وستين مفصل على كل مفصل أن يتصدق في مقابله شكر لله -جل وعلا- على أن أوجد هذه المفاصل، يعني يتصور الإنسان أن أصابعه واقفة ما..، ليس فيها مفاصل ولا تتحرك، أو جسده صالب، كونه مستمر على هذه المفاصل الثلاثمائة والستين هذه نعمة، تحتاج إلى شكر، وكل مفصل من هذه المفاصل يحتاج إلى صدقة شكراً لوجود هذا المفصل، لكن يغني عن ذلك كله ركعتان تركعهما من الضحى، صلاة الضحى مطلوبة وإلا غير مطلوبة؟ "أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام" وأوصى غير أبي هريرة بهذا -رضي الله عنه-.
فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله، يصلي ركعتين، الضحى تصلى ركعتين كما جاءت في النصوص السابقة، وتصلى أربعاً كما هنا، تصلى ست، تصلى ثمان، صلى يوم الفتح ثمان، على خلافٍ بين أهل العلم أنها صلاة الفتح أو صلاة الضحى؟ ولذا يقرر أهل العلم أن أكثر صلاة الضحى ثمان، والصواب أنه لا حد لأكثرها، كونه صلى ثمان لا يعني أن الزيادة على ذلك غير مطلوبة، الزيادة على ذلك تدخل في الحديث السابق: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) صل ما شئت.
وعرفنا أن الحفاظ عبد الغني -رحمه الله- يصلي من ارتفاع الشمس إلى زوالها ثلاثمائة ركعة بالفاتحة فقط، قد يقول قائل: إن هذا ليس على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا فيه تشديد وفيه..، والدين يسر، نعم الدين يسر، لكن من فعل وقد جعل نصب عينيه الخبر: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) لا يلام، قررنا سابقاً أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة، يشمله نصوص عمومات وأحاديث خاصة في هذا.
"يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله" لكنه لا يزيد ركعة ولا ثلاث إنما يزيد شفعاً.
اختلف أهل العلم في حكم صلاة الضحى: فذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- أنها مختلفٌ فيها على ستة أقوال، منهم من يقول: سنة مطلقاً، ومنهم من يقول: لا يداوم عليها، ومنهم من يقول: لا تفعل صلاة الضحى، ومنهم من يقول: تفعل عند الحاجة، المقصود أنها مختلفٌ فيها، لكن الصواب أنها من السنن الثابتة، وقد جاء الترغيب فيها، وقد فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، فأرجح الأقوال أنها مستحبة، قد يقول قائل: إنه يجلس في مصلاه عملاً بحديث: ((من صلى الصبح في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم يصلي ركعتين كان له أجر عمرة)) وفي رواية: ((حجة تامة)) هذا الحديث محل كلام لأهل العلم تكلموا فيه، لكن إذا جلس في مصلاه يذكر الله حتى تنتشر الشمس فقد اقتدى بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، اقتدى بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو ثابت من فعله في الصحيح، وإذا صلى ركعتين بنية الضحى ثبت له أجر ركعتي الضحى.
وكون الحديث الذي فيه الثواب يضعف لا يعني أن هذا الفعل لا يفعل عملاً بأحاديث أخرى؛ لأن بعض الناس يقرن العمل وجوداً وعدماً بثبوت الخبر لذاته، لكن قد لا يثبت الخبر هذا، لكن ثبت ما يغني عنه، ثبت ما يغني عنه، ولذا من جلس حتى ترتفع الشمس وصلى ركعتين إن ثبت الخبر الذي فيه الأجر المنصوص عليه وأنه كأجر عمرة أو كأجر حجة تامة بها ونعمت، إن لم يثبت النبي -عليه الصلاة والسلام- جلس حتى تنتشر الشمس، وحث على ركعتي الضحى وأوصى بهما، فما يلام الذي يفعل هذا، وإن قال بعض الناس: تعمل بحديث ضعيف؟ إن ثبت الحديث الضعيف فبها ونعمت، إن لم يثبت فقد عملنا بأحاديث صحيحة، وأجرها..، فضل الله لا يحد.
"وله عنها: أنها سئلت: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى? قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه، وله عنها: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها".
يستدل من لا يرى مشروعية صلاة الضحى بمثل هذا، "وله" أي لمسلم راوي الحديث السابق عن عائشة -رضي الله عنها- "أنها سئلت: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى? قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه" الحديث الذي يليه عنها أيضاً، وهو عند مسلم وعند البخاري أيضاً "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط" هذا نفيها على حسب علمها، وقد أثبته غيرها، كما أنها أيضاً أثبتته في الحديث السابق "كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله" وكان تدل على الاستمرار، فلعلها مع طول المدة؛ لأنها عمرت بعده -عليه الصلاة والسلام- نسيت، أو في وقتٍ من الأوقات نسيت، وفي وقتٍ ذكرت، وعلى كل حال المثبت مقدم على النافي، وصلاة الضحى ثبتت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وثبت الحث عليها، وإن قالت -رضي الله عنها- قالت: "لا إلا أن يجيء من مغيبه" وهنا قالت: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها" الحث عليها ثابت، وكونه -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي سبحة الضحى، مع أنه ثبت أنه صلاها، حتى على القول بأنه لم يصلِّ سبحة الضحى، وقد ثبت حثه عليها لا يعني أنها غير مشروعة، نفت عائشة -رضي الله عنها- أنه -عليه الصلاة والسلام- كان لا يصوم عشر ذي الحجة، لكنه ثبت من طريق غيرها ثبت من طريق غيرها، حتى لو ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- ترك صيام عشر ذي الحجة، وترك صلاة الضحى، مع أنه حث على ذلك، مع أنه صام عشر ذي الحجة وصام منها، وصلى الضحى وترك، ثبت عنه الفعل وثبت عنه الترك، وثبت عنه الحث العام والخاص، ثبت عنه: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن خيرٌ وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أن الصيام من أفضل الأعمال فهو داخل في العموم.
كونه لم يفعل، يعني ترك هذه السنة، وثبت عنه أنه فعلها من طريق غيره، كونه فعل أحياناً وترك أحياناً لا يعني أنه غير مشروع، فقد يفعل لبيان المشروعية، وقد يترك لبيان جواز الترك، وأيضاً من كان في صفته -عليه الصلاة والسلام- في تحمل أمور المسلمين العامة قد يترجح في حقه الترك، قد يترجح في حقه الترك، يعني شخص النبي -عليه الصلاة والسلام- على سبيل المثال قال: ((أفضل الصيام صيام داود، يصوم يوماً ويفطر يوماً)) هل ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ لم يثبت عنه ذلك، هل نقول: بأن صيام داود غير مشروع؟ لا، إذاً نحن مطالبون بما وجهنا إليه -عليه الصلاة والسلام-، كونه يفعل أو يترك لظرف من الظروف هذا شيء آخر.
بعض الناس قد يعوقه بعض الأعمال عن الأمور المتعدية، لو شخص علقت به أعمال الأمة، عالم كبير يحتاجه الناس في قضاء شؤونهم وفي إفتائهم وفي فصل الخصومات بينهم، وإذا صام ضعف عن تحمل هذه الأمور، نقول: يا أخي الأفضل لك ما تصوم، الأفضل أن لا تصوم؛ لأنك مشغول بما هو..، النبي -عليه الصلاة والسلام- مشغول بما هو أهم من الصيام، فكونه ما فعل لا يعني أنه غير مشروع.
يعني يأتي من يكتب أن من أخطاء الناس في العشر صيام العشر، كتب هذا في مصنف، من أخطاء الناس في عشر ذي الحجة الصيام، وأفضل العمل الصالح في هذه الأيام إلا رجل..، ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)) ((ومن صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) نفرط بهذه الوعود الثابتة من أجل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نقلت عائشة أنه لم يصم، ونقل عنه أنه صام، وحث على الصيام وبين فضل العمل الصالح.
مثل ما عندنا في صلاة الضحى، هي أثبتت أنه صلى الضحى، ونفت، ونقول: صلاة الضحى غير مشروعة؟ وأوصى بها أبا هريرة وأبا ذر وجمع من الصحابة، وبين لنا أنها كفارة عن ثلاثمائة وستين صدقة ركعتي الضحى، ونقول: غير مشروعة؟ ويأتي بعض من ينتسب إلى العلم، ثم يجلس إلى أن تنتشر الشمس ويقول: يالله خلاص عاد ما في صلاة الآن، ما في شيء اسمه صلاة الإشراق، ينكر على من يصلي، يا أخي صل، إن ثبت الحديث الذي فيه الوعد والثواب العظيم بها ونعمت، إن لم يثبت خلها صلاة الضحى، انوها صلاة الضحى.
هنا تقول: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى" لكن إذا أثبتها غيرها فالمثبت مقدم على النافي، مع أنها أثبتتها هي -رضي الله عنها- "وإني لأسبحها" يعني هل قولها: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى" هل هي تستدل بهذا على عدم المشروعية؟ هل هي تستدل بهذا على عدم مشروعية صلاة الضحى؟ لا، لا تستدل بهذا على عدم مشروعية صلاة الضحى، بدليل أنها كانت تصليها، ولو كانت غير مشروعة ما صلتها، لكن هي استروحت إلى حكاية واقع في وقت من الأوقات، في ظرف من الظروف، ولعلها بصدد الرد على من يرى قد يوجد من يرى وجوب صلاة الضحى مثلاً، فهي تقول في مثل هذا الظرف "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي" لتثني هذا المدعي على سبيل المثال، أو شخص يتشدد في مثل فعل الحافظ عبد الغني، لو جاء شخص قال: أنا بأصلي ثلاثمائة ركعة صلاة الضحى، يتجه أن يقال له: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى" لأن مثل هذه النصوص تعالج بها الحالات، يعني من ماشي على الجادة، متوسط في أمره من غير إفراط ولا تفريط، مثل هذا يجمع له بين نصوص الوعد والوعيد، لكن شخص منصرف، مفرط يؤتى له بنصوص التشديد والوعيد والعكس، لو وجد شخص مفرط متشدد يؤتى له بنصوص الوعد، فمثل هذه النصوص تعمل في مواضعها اللائقة بها، والعالم المرشد الموجه الداعية ينبغي أن يكون مثل الطبيب، فعائشة أثبتت وهي أيضاً نفت، ويحمل إثباتها على حال ونفيها على حال أخرى.
"وعن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) رواه الترمذي".
"زيد بن أرقم -رضي الله عنه-" ينقل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((صلاة الأوابين)) الأواب: هو الرجَّاع إلى الله -جل وعلا-، المقبل عليه وعلى طاعته بفعل المأمورات وترك المنهيات، هذا أواب ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) الفصال: جمع فصيل، فعيل بمعنى مفعول فهو مفصول من أمه، وولد الناقة إذا فصل عنها فطم وفصل عن أمه فحرَّ الشمس الرمضاء يؤثر عليه، يقلقله، فهذا الظرف الذي يؤثر فيه على الفصيل دون الكبار هذا هو وقت صلاة الأوابين، وهو المناسب لصلاة الضحى، وهي صلاة الأوابين، والمراد بها صلاة الضحى؛ لأنها تقع في هذا الوقت ويشملها الضحى.
((حين ترمض الفصال)) تؤلمها حر الرمضاء، ومنه سمي رمضان لأنه يؤلم الصائم، لا سيما وأن وقت التسمية تسمية الأشهر كان رمضان في وقت شدة الحر الذي تحرق فيه الرمضاء من يطأ عليها، فسمي رمضان، وهنا: ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) رواه مسلم، عزوه للترمذي كما قال المؤلف هذا وهم، وهو في صحيح مسلم، ولا يوجد عند الترمذي.
والحافظ -رحمه الله- حفظت عليه بعض الأخطاء بعض الأوهام في هذا الكتاب وفي غيره من الكتب، وهو بشر كغيره يخطئ ويصيب، لكن الخطأ النادر مغتفر، ومن يعرو من الخطأ والنسيان، لكن إذا كثر الخطأ قدح، إذا كان راوي وكثر الخطأ في روايته يقدح في روايته، إذا كان مؤلف وكثرت الأوهام في مؤلفاته تقدح في مؤلفاته.
"وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصراً في الجنة)) رواه الترمذي واستغربه".
نعم يعني قال عنه: غريب، لكنه ضعيف، الحديث ضعيف، هذا الحديث فيه ضعفٌ شديد، وله ما يشهد له من حديث ابن عمر أنه قال لأبي ذر: "أوصني" وفيه: "وإن صليت ثنتي عشرة ركعةً بنى الله لك بيتاً في الجنة" وهو أضعف منه أيضاً فلا يرتق.
على كل حال عندنا ما يدل على صلاة الضحى والحث عليها ما يغني عن مثل هذا النص، وبعضهم يستروح إلى قبول مثل هذا الخبر، لا سيما وأنه يسنده أحاديث أخرى.
المسألة في مسألة الوعد والثواب المرتب عليه ((بنى الله له قصراً في الجنة)) هذا ضعيف، وإلا فصلاة الضحى ثابتة بنصوص أخرى، فيصلي من الضحى ما شاء، ركعتين أو أربع أو ست أو ثمان أو عشر أو ثنتي عشرة، يصلي ما تيسر.
ويثبت أنه صلى الضحى، وإذا كانت حين ترمض الفصال وافق صلاة الأوابين، والأولى أن تؤخر صلاة الضحى حتى ترمض الفصال، لكن إذا كان صاحب دوام مثلاً، وإذا تركها إلى هذا الوقت يمكن لا يتيسر له فعلها، يصليها إذا ارتفعت الشمس، وهي في وقتها، فوقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى زوالها.
"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- بيتي فصلى الضحى ثماني ركعات" رواه ابن حبان في صحيحه".
هذا أيضاً فيه انقطاع فهو ضعيف "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- بيتي فصلى الضحى ثماني ركعات" رواه ابن حبان في صحيحه" لكنه ضعيف، وقد أثبتت كما في صحيح مسلم أنه صلى أربع ركعات، وثبت عنها أنها نفت أنه صلى الضحى مطلقاً، وأنه لا يصليها إلا إذا جاء من مغيبه، فالمقصود أن مثل تلك الأحاديث تغني عن مثل هذا، وثبت من حديث أم هانئ أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى يوم الفتح ثماني ركعات، أما هذا الحديث فهو ضعيف.
وأصل صلاة الضحى ثابتة بما سمعنا، وبهذا نكون انتهينا من باب صلاة التطوع، بقي لنا باب: صلاة الجماعة والإمامة، وما بعده من الأبواب في دورات لاحقة، نجيب على بعض الأسئلة.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله. والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"الأسهم إن كانت عبارة عن دراهم، يعني مغطاة بالدراهم، فأنت تشتري دراهم بدراهم فهذا الربا، لكن إن كانت الأسهم عبارة عن أموال عروض تجارة مشاعة فلا بأس بها، إذا كانت أسهم في أراضي أسهم في سيارات، أسهم في..، بيع المشاع لا بأس به، لكن يبقى أنها إن كانت مغطاة بدراهم تشتري أسهم من شركة هي عبارة عن دراهم، أو أسهم بنك أو أسهم..، هذا لا يجوز.
متى؟ إذا كان في الليل فهو من قيام الليل، لكن صل مثنى مثنى.
يعني سجدتي السهو ((شفعن له صلاته)) يقول: فما الغاية من الشفع؟
هنا: إن كان الوتر بلا نية لا يقع، الشفع في حديث السهو هاتان السجدتان تقومان مقام ركعة ((تشفع له صلاته)) الأصل في الصلاة أنها رباعية شفع، فإذا زاد واحدة صارت وتر، إذا سجد سجدتين شفعن له صلاته
الاغتسال أولاً: يغسل الفرج وما تلوث، ثم الوضوء كوضوء الصلاة، يغسل فرجه وما لوثه، ثم يتوضأ وضوؤه للصلاة، ثم يفيض على رأسه الماء ثلاثاً، يروي أصول الشعر، ثم يغسل شقه الأيمن ثلاثاً، ثم الأيسر كذلك هذا الأكمل، وإن عمم البدن بالماء كفى.
إن كان نسخك للاستعمال، لاستعمالك الخاص لا للمتاجرة، و....فهذا لا يترتب عليه ضرر على صاحب الامتياز الذي تعب وخسر على هذه الأشرطة فلا بأس، كمن يصور صفحة أو صفحات من كتاب، لكن من أراد أن يعيد طباعة الكتاب كاملاً أو ينسخ كمية تجارية من الأشرطة بحيث يتضرر من تعب عليها وخسر عليها فالضرر لا يجوز.
خمس رضعات.
يقول: هل يمكن الجمع بين حديثي عائشة في صلاة الضحى بأن نقول: إن قولها: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى.. لا يستلزم رؤيتها له، وإنما علمها بذلك، فاستعملت التورية في قولها: "ما رأيت" تثبت عدم وجوب صلاة الضحى وهي صادقة، ولكنها عالمة بأنه صلاها كما في قولها: "كان يصلي الضحى"؟
على كل حال هي أثبتت وهي نفت، نفت في ظرف قد تكون نسيت، والمثبت مقدم على النافي، وقد أثبتها غيرها.
على كل حال التعامل معهم أو مع من يتعامل معهم ويتعاون معهم على الإثم والعدوان الأصل المنع، لكن إن لم يوجد ما يقضي حاجتك إلا من يتعامل بالربا أو من يتعاون معه فلا بأس حينئذٍ، على أن تكون معاملتك معه شرعية.
هل يجوز أن أقبل منه الهدايا وأشاركه في طعامه وشرابه؟
الأصل أن يهجر مثل هذا، لكن إن أجدى الهجر وأفاد ونفع به فهو الأصل، وإلا يلجأ إلى صلته إن كان أدعى لقبوله لترك هذه المعصية.
عليه أن يستغل الوقت، وأن يبدأ من العلوم والكتب من هذه العلوم بالأهم فالأهم، والموضوع يطول شرحه.
طالب:......
استماع الجنب للقرآن لا بأس به.
لا فرق، هي صلاة الضحى، وقت صلاة الضحى المفضل حين ترمض الفصال، ووقتها يمتد من ارتفاع الشمس وخروج وقت النهي إلى الزوال.
لا يبطل وضوئك، احرص أن تستبرئ من البول في وقت الاستنجاء حال الاستنجاء، ثم انضح، رش الماء على موضع الخارج، وعلى السراويل وخلاص تنتهي، ولا تلتفت إلى ما يخرج بعد ذلك.
هذا رأي الشيخ -رحمه الله-، وهو قول معتبر عند جمع من أهل العلم، وإن قيل بخلافه.
صل الضحى في وقت الإشراق بعد ارتفاع الشمس وقبل دخول الدرس بنية صلاة الضحى.
نية يعني سنة، سنة الوضوء الواردة في حديث بلال -رضي الله عنه-، نعم يمكن تجمع بينها وبين تحية المسجد؛ لأن تحية المسجد لا تراد لذاتها فتدخل في أي صلاة، أما الجمع بينها وبين صلاة الضحى، صلاة الضحى مقصودة لذاتها ما تدخل.
لا، هذا اختصار، هذا اختصار من النص، والنص متعبد بلفظه.
نعم، هذه الواجبات الشرعية مستثناة شرعاً، ليس لأحد أن يعارض فيها، ومن عارض فلا طاعة له.
طالب:.......
ثلث الليل يحسب من غروب الشمس، ثلث الليل الآخر من غروب الشمس.
القاعدة عند أهل العلم أن السنن إذا فات محلها لا تقضى، وكثيراً ما يعبرون بقولهم: سنة فات وقتها، لا تقضى إذا فات وقتها، بمعنى أنه دخل وقت صلاة تليها صلاة أخرى، حينئذٍ لا تقضى.
على كل حال هو يستقل بالإثم، ومع ذلك إذا لقيته فسلم عليه.
حفظ البلوغ باعتبار أن فيه أحاديث يحتاجها طالب العلم، وهي لا توجد في الصحيحين، وهي منتقاة من كتب كالبيهقي والدارقطني وابن حبان والحاكم وغيرها من الكتب تنفع طالب العلم، ثم بعد إذا حفظه وفهمه يقرأ الكتب الأصلية.
نعم، عملك صحيح.
إذا غلب على الظن أنك لا تقوم من آخر الليل تصلي الشفع والوتر بعد صلاة العشاء، ثم إذا تيسر لك القيام تصلي ما شئت ركعتين ركعتين.
نعم، الأصل أن تقال الأذكار كما رويت، لكن من قدم أو أخر لا شيء عليه.
على كل حال الإنسان إذا بذل الأسباب ولم يفرط، وحصل أنه غلبته عيناه، فاتته صلاة الفجر لا شيء عليه ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها)) على ألا يكون ذلك ديدنه، بمعنى أنه يفرط يسهر ولا يعمل الاحتياطات اللازمة للصلاة حينئذٍ يأثم.
إن كنت تفرح ومجرد فرح بأنك وفقت للعمل الصالح، ولتسرك حسنتك هذا مطلوب، لكن كونك تعجب بعملك وتترفع به على الناس، وتزدري الناس من أجله.
فالعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ
ج أعمال صاحبه في سيله العرمِ
فالإعجاب والعجب هذا ليس بمحمود بل مذموم، وشأنه خطير، لكن كون الإنسان يفرح بأنه عمل العمل الصالح، ووفق له هذا مطلوب، ولا ينافي الإخلاص.
يتخلص منه يحرقه.
هذا يحلف بالله وهذا كاذب، لا يجوز له أن يحلف بالله وهو كاذب، وهناك ما يغني عن مثل هذا العمل {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} [(224) سورة البقرة].
طالب:......
دعاء القنوت الذي علمه النبي -عليه الصلاة والسلام- الحسن: ((اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت)).. إلى آخره، وإذا زاد من الأدعية المطلقة ما ليس فيه قطيعة ولا إثم ولا اعتداء لا بأس به، على أن لا يداوم على القنوت.