شرح منظومة الزمزمي في علوم القرآن (07)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الناظم -رحمه الله-:
النوع الثالث: الإمالة
حَـمْزَةُ والـكِسَائِيْ قَـدْ أَمَالاَ |
| مَا الياءُ أَصْلُهُ اسْـمًَا أَو افـْعالا |
أَنَّى بِمَعْنَى كيفَ مَا بِاليَا رُسِـمْ |
| حَتَّى إِلى لَدَى عَلَى زَكَى التُـزِمْ |
إِخْرَاجُها سِـوَاهُما لَـمْ يُمـِلِ |
| إِلاَّ بِبـَعْضٍ لِمَـحَلِّهـَا اعْـدِلِ |
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- الناظم: "النوع الثالث من أنواع العقد الثالث، ما يرجع إلى الأداء"، بعد أن تحدث عن النوعين الأول والثاني: الوقف والابتداء، شرع في الكلام على النوع الثالث؛ وهو الإمالة.
وقوله: (ما يرجع إلى الأداء)، يفيدنا في معنى الأداء الذي وقع فيه الخلاف؛ الوقف والابتداء، يعني: لو وقف إنسان على غير ما قرر الوقوف عليه، يأثم وإلا ما يأثم؟ أو ابتدأ من موضع لم يذكر عنه القراء البدء به، أو أمال، وعادة إمامه الذي تلقى عنه القرآن على طريقته لا يميل، قل مثل هذا في المد وتخفيف الهمز والإدغام على ما سيأتي، هذه الأنواع الستة هي موضوعات الأداء.
فالنوع الثالث: هو الإمالة، الإمالة وإن كانت في الأصوات معنوية، إلا أن فيها شبه من الإمالة الحسية، فالمائل غير المعتدل، الأصل أن الألف إذا نطق بها على أنها ألف فهي معتدلة؛ سواءً كانت ممدودة أو مقصورة؛ لأن الأصل في الألف أنها ممدودة، والمقصورة ينازع فيها بعضهم، يعني في رسمها، بعضهم يكتبها ممدودة باطراد، (الضحى) يكتبها بالألف؛ لأن الأصل فيها أنها ممدودة، الألف في الأصل عصا، ولذلك إذا تحدثوا عن الظاء المعجمة قالوا: المشالة؛ لأن عليها شولة تشبه العصا، فالألف الأصل فيها أنها معتدلة، كونها تكتب على صورة تشبه الياء أو على صورة الياء هذا على خلاف الأصل، وهو مجرد اصطلاح، وإلا فبعضهم يطرد كتابتها بالألف لا بالياء، إذا تقررت كتابة الألف على ما يشبه العصا من الشولة هذه معتدلة، لكن إذا نطق بها نطقًا بين الألف والياء صارت مائلة، فالإمالة المعنوية فيها شبه كبير من الإمالة الحسية، واللفظ مطابق.
(حمزة والكسائي قد أمالا)، يعني: إمالة كبرى، فالإمالة نوعان: كبرى، وصغرى، الكبرى: تنطق الفتحة قريبة من الكسرة، والألف قريبة من الياء، يعني: في وضع متوسط بينهما، والصغرى: وهي أن تلفظ بالحرف بحالة بين الفتحة والإمالة، الأولى: الفتحة قريبة من الكسرة، والصغرى: تكون متوسطة بين الفتح والإمالة السابقة. والقراء بالنسبة للإمالة وعدمها على قسمين: منهم من أمال، ومنهم من لم يمل، ابن كثير ما أمال، وانتهينا منه، من أمال؛ منهم المقل، ومنهم المكثر من الإمالة، فالمقل قالوا: ابن عامر وعاصم وقالون، والمكثر: حمزة والكسائي -هذا الذي صدر الكلام عنهما- وإمالتهما كبرى، وأبو عمرو وورش وإمالتهما صغرى.
يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
(حمزة والكسائي قد أمالا): إمالة كبرى.
(ما الياء أصله)، أي: الحرف الذي أصله الياء ثم قلبت ألفًا.
(اسمًا أو أفعالًا): همزة أفعال همزة وصل، أفعال أصلها؛ لكنها تسهل للنظم، وإن قرئت فعالًا فلا مانع.
(اسمًا): كموسى وعيسى، أو فعال أو أفعال؛ مثل: سعى ورمى ويخشى، هذا ما أصله الياء، أما ما أصله الواو فلا يمال، إذا كان أصله الياء يمال، أما إذا كان أصله الواو مثل أيش؟ الربا، الربا وعصا ودعا، هذه كلها لا تمال.
(أنى)، أي: أمال أيضًا إضافة إلى ما أصله الياء من الأسماء والأفعال (أنى)، بمعنى: كيف، وبمعنى: متى.
(أنى بمعنى كيف ما باليا رسم)، (ما باليا رسم)، يعني: في المصحف العثماني: {يَا أَسَفى}[يوسف:84].
(حتى إلى لدى على زكى التزم، إخراجها)، من الذي يمال، لماذا؟ لأن الحروف لا حظ لها في الإمالة، (التزم إخراجها).
(سواهما)، أي: سوى حمزة والكسائي لم يمل إمالة كبرى.
(إلا ببعض)، يعني: مواضع يسيرة، (إلا ببعض لمحلها اعدل)، أي: الإمالة المناسبة.
(لمحله)، أي: ذلك البعض.
(اعدل)، يعني: لا تمل ولا تجر عن الطريق فتأتي بالإمالة في غير محلها، وذلكم لأن أبا عمرو وورشًا وأبا بكر وحفصًا وهشامًا أمالوا في مواضع معدودة، يعني: يسيرة لا تتعدى هذه المواضع، يعني: ليست إمالتهم قاعدة مطردة؛ إنما أمالوا بعض الكلمات، بخلاف حمزة والكسائي القاعدة: أن ما أصله الياء من الأفعال والأسماء يمال عندهم.
يوجد الآن من العرب من عندهم نوع إمالة، حتى في كلامهم العادي، هم يجمعهم بلد، ما يلزم أن يجمعهم قبيلة.
طالب:........
لا، إمالة ليست على قاعدة لكنها صارت لهجة عندهم، هذا مثل الطفل الذي رفض أن يقرأ: {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ}[القارعة:6]، قال: لا، موازينِه؛ لأنه يظن {مَوَازِينُهُ} لهجة أهل القصيم هذه، هو ما يبي لهجة القصيم، مثلها في أمثلة شواهد عربية كثيرة، نعم، اقرأ المتن.
أحسن الله إليكم.
النوع الرابع: المد
نَـوْعانِ مَا يُوصَلُ ، أَو مَا يُفْصَلُ |
| وفِيْهِمَا حَمْزَةُ ، وَرْشٌ أَطْـوَلُ |
فَعَاصِـمٌ ، فَبَعْـدَهُ ابنُ عَـامِرِ |
| مَعَ الكِسَائِيْ، فَأَبُو عَمْرٍو حَرِى |
وحَرْفَ مَدٍّ مَكَّنُـوا في المُتَّـصِلْ |
| طُرَّا ، ولكِنْ خُلْفُهُمْ في المُنْفَصِلْ |
يقول الناظم -رحمه الله تعالى- في النوع الرابع من الأنواع المتعلقة بالأداء، من أنواع العقد الثالث: (المد)، والمد والمط بمعنى واحد، فإذا قيل لك: ما المد؟ تعرفه باللفظ الآخر، وإذا قيل لك: ما المط؟ تقول: هو المد، والمراد بالمد: الزيادة فيه، الأصل أن المد، المد العادي الطبيعي، كم حركة؟ حركتين، ولذلك يقولون: المد الطبيعي أنه ألف واحدة، وفي ألفين وألف ونص وثلاثة ألفات، أيش معنى هذا الكلام؟ حركتين، نعم، ست حركات، وهني ثلاث ألفات، هذا أعلى المد.
فالمراد بالمد هنا: الزيادة على القدر الطبيعي من المد الذي هو ألف واحدة عندهم، لكن في النظم وله ظروفه، من تكلم بالكلام العادي، النظم وله ظروفه؛ لأنه كالمد الطبيعي موجود في كلام العرب العادي، لكن قد يحتاج في المد إذا كان في النظم أن يقصر، يقصر عن الألف الواحدة، وقد يطوى حرف المد للحاجة إلى وزن البيت.
وضد المد، المد أولًا لا يكون إلا في الحروف الثلاثة؛ حروف العلة: الألف والواو والياء، وضده القصر؛ وهو ترك تلك الزيادة.
يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
نوعان ما يوصل أو ما يفصل |
| .......................................... |
(ما يوصل)، يعني: المتصل، (وما يفصل)، يعني: المنفصل، والمراد بالمتصل: ما يكون فيه حرف المد والهمزة في كلمة واحدة، نحو: شاء، وسوء، في كلمة واحدة، نعم، شاء، سوء، وأما المنفصل: وهو ما يكون فيه المد والهمزة في كلمتين: {بما أنزل الله}.
بالنسبة للحكم: المتصل حكمه الوجوب، والمنفصل جائز، هذا واجب وهذا جائز، يعني: هل يجب على الإنسان أن يمد (سوء) ست حركات؟ كم؟ أصل المد أربعة، لو مدها ثلاث؟
طالب:.......
لا، لا، أصله واجب، هذا مد واجب.
طالب: ........
أنا أريد من تقرير الوجوب؛ هل هو الوجوب المعروف عند الفقهاء؟ بمعنى: أنه يأثم تاركه، أو الوجوب المعروف عند النحاة؛ الفاعل يجب رفعه؟ يعني: هل وجوب اصطلاحي؟ يعني: ما يأثم؛ لأن هذا نوع من أنواع الأداء -ثم نرجع إلى مسألته-، هاه.
طالب: .......
لا، لا (من لم يجود القرآن آثم)، أيش معنى هذا كلام بالنص؟ نعم.
طالب: ........
هذا الذي هو الأداء، الذي أطلنا الكلام فيه ولا نعيده -إن شاء الله تعالى-، لكن أنا أريد، هم قالوا المتصل واجب، والمنفصل جائز، هم قابلوا الواجب بالجائز، هل معنى الوجوب هذا وجوب شرعي حكمي فقهي؟ كثير من القراء ومن يبحثوا في هذه العلوم يقول: وأما حكمه الفقهي فينظر فيه عند الفقهاء، ما يقول مثل هذا يقولون، إيه، أيش معنى هل؟ معنى هذا أنهم يجزمون بتأثيم من لم يجود؟ لا يجزمون، إيه، لكن أثمه وقال: حرام عليك، قال: حرام عليك أن تفعل، إيه لو تمسكوا بقول الله -جل وعلا-: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل:4]، أمر بالترتيل، ولا يتمكن الإنسان من الترتيل إلا على هذه الكيفية، هذه يمكن أن يستمسك بها، أما مسألة أداء، هاه.
طالب: ... ما هو بدليل؟
هذا ما أعرف أقوى من هذا الدليل إطلاقًا، أما مسألة أداء وكيفيات هذه تحتاج إلى مسجلات يا إخوان، تحتاج إلى مسجلات، وأثر عن ابن مسعود –رضي الله عنه- مختلف في صحته وضعفه، ونبي نأثم الأمة من أجله، هذا شيء ثاني.
(نوعان ما يوصل أو ما يفصل)، على كل حال اللي يشارك وعنده شيء هذا يشكر على هذا، ما هي بمسألة كوني أختلف معه في الرأي أنه يصير مذموم، لا، لا، أبدًا، هذا عكس، الذي له عناية في هذه الأمور، ويهتم بها، هذا لا شك أنه له عناية بكتاب الله، ولا يعني هذا أنه إذا عارض أو خالف، لا، لا، أبدًا... المسألة مسألة بحث، ويمكن كثير منكم أفضل مني ألف مرة في هذه الأبواب، المسألة مسألة علم ودين.
(نوعان ما يوصل أو ما يفصل): المتصل والمنفصل.
(وفيهما حمزة وورش أطول)، يعني: من غيرهما، ولهما ثلاث ألفات، يعني: ست حركات، طيب لو (الضالين) كم تمد؟ ست، إيه، لكن ما يوجد الآن من المشايخ ما يمدها أكثر من ذلك؟ كثير، يمدونها أكثر من هذا إلى أن ينقطع النفس، أحيانًا نفس المتابع ينقطع فضلًا عن القارئ، فلا شك أن الالتزام بالقواعد المعروفة المتعارف عليها عند أهل الفن هو الأصل، وهم يجعلون المدود يحكمها الوقف، قلت بالأمس: من أكثر القراء الذي نسمعهم لا سيما إذا كانوا في الصلاة، أو يبي ينهون القراءة على أي حال، فقراءتهم للكلمة في درج الكلام وهو يقرأ بعدها أقصر من قراءته إذا أراد أن يقف، والحكم التجويدي يختلف هذا عن هذا؟ الأصل ما يختلف، وقل مثل هذا في تكبيرات الصلاة، تختلف من انتقال إلى آخر، وتعود الناس على هذا، ولو خولف هذا الأمر لاضطربت صلاة كثير من الناس، فلعل هذا من الأمور المتروكة التي لم يرد فيها شيء ولا تحديد بيّن.
(حمزة وورش أطول): من غيرهما، ولهما ثلاث ألفات، أي: ست حركات.
(فعاصم): يليه في الطول، يليهما في الطول، فعاصم بعده.
(فبعده ابن عامر مع الكسائي)، (فعاصم فبعده ابن عامر مع الكسائي)، ولهما ألفان قدر أربع حركات، الحركات يضبطونها بأي شيء؟ بالعد، نعم.
طالب: ........
وهذا مأثور ومتواتر وإلا ما هو بمأثور؟
طالب: ........
العد والانقباض والانبساط.
طالب: .......
إيه، لأننا نريد أن نرجع كيفية نختلف فيها ونعيدها إلى شيء لا نعرفه، وكلها في إطار الجائز، هاه، الذي يترتب عليه الأجر العشر حسنات، يعني: الترتيل والحدر كله يضمن عشر حسنات، نعم، يبقى أن الترتيل قدر زائد، التدبر قدر أكبر، العمل والاستنباط أكبر أيضًا، فكل شيء له أجره.
(فأبو عمرو): وله ألف ونصف، يعني: ثلاث حركات.
(حري)، أي: حقيق وجدير.
(وحرف مد): حرف مفعول مقدم، (مكنوا)، (حرف مد مكنوا في المتصل)، يعني: في المد المتصل، أي: جعلوا له مكانة.
(طرًّا)، أي: جميعًا من غير استثناء، وإنما الخلاف في القدر.
(ولكن خلفهم في المنفصل)، يعني: إذا جاء المد في كلمة والهمز في كلمة أخرى.
(في المنفصل): فمنهم من لم يمد ولا يزيد على المد الطبيعي؛ كقالون والسوسي -نحن لو ذهبنا نفصل وننقل كل ما قيل معناه لن ننتهي أبد- وابن كثير أيضًا، ومنهم من مد وهم الباقون، نعم، اقرأ.
أحسن الله إليك.
النوع الخامس: تخفيف الهمز.
نَقـْلٌ فَإِسْقـَاطٌ وإِبْـدالٌ بِمَدّْ |
| مِنْ جِنْسِ مَا تَلَتـْهُ كَيـْفَمَا وَرَدْ |
نَحْوُ أَئِنَّا فِـيْهِ تَسْـهِيْلٌ فَقَـطْ |
| وَرُبَّ هَـمْزٍ في مَـواضِعٍ سَقَطْ |
وكُـلُّ ذَا بِـالرَّمْـزِ والإِيْـمَاءِ |
| إِذْ بَسْـطُها في كُـتُبِ القـُرَّاءِ |
يقول الناظم -رحمه الله تعالى- في النوع الخامس من أنواع العقد الثالث، مما يتعلق بالأداء: "تخفيف الهمزة"، ما الفرق بين التخفيف والتسهيل؟
التسهيل: نوع من أنواع التخفيف، وذكرها الأنواع الأربعة، أنواع التخفيف، التخفيف يكون بأربعة أشياء: بالنقل، وبالإسقاط، وبالإبدال، وبالتسهيل.
يقول -رحمه الله تعالى-:
نقل فإسقاط وإبدال بمد |
| ............................ |
النقل: هو نقل الحركة، نقل حركة الهمزة إلى ما قبلها من ساكن، مثاله: نقل حركتها إلى ما قبلها من ساكن: (من آمنوا)، (قَدْ أَفْلَحَ). طيب، هذا نقل.
(فإسقاط) إسقاط الهمزة، وذلك إذا كان آخر الكلمة ساكنًا، النقل إذا كان ما قبلها من ساكن حرف لين، والإسقاط إذا كان الساكن غير حرف مد ولا لين، ولذلك مثلوا: بـ{قَدْ أَفْلَحَ}[المؤمنون:1] للإسقاط، وفيه نقل؛ لأن الدال أصلها ساكنة ونقلت حركة الهمزة إليها، يعني: إذا اجتمع همزتان تسقط إحداهما، الآن: (قَدَف)، ما أسقطت الهمزة؟ نعم.
طالب: ...
لكنها أسقطت، نقل حركة، هذا نقل حركة، لكن إسقاط الهمزة، الكسائي -وهذا في التسهيل- الذئب؛ ينطقها الذيب، الذيب بالياء، ومن الطرائف أنه سئل: لم لا تهمز الذيب؟ قال: أخاف أن يأكلني، هذا يسمى أيش؟ تسهيل إبدال، مثل: يومنون، هذا أيش؟ إبدال، لكن هذه أمور متداخلة، يعني: إذا قلنا بالنقل: {قَدْ أَفْلَحَ}[المؤمنون:1]، وقلنا أيضًا هو إسقاط؛ لأن الهمزة سقطت، نعم، هي نقل، طيب والنقل، إذا وقفنا على (قد) ما نقلنا، يعني: هل النقل يكون بالوصل فقط دون الإسقاط، الإبدال للهمزة بحرف من جنسه.
(نقل فإسقاط وإبدال بمد): إبدال الهمزة بحرف من جنس ما تلته الهمزة، على أي حالة تلت؛ من فتح أو ضم أو كسر، وذلك مثل: يومنون، ومثل: الذيب.
(بمد، من جنس ما تلته كيفما ورد): ائذن لي، مؤتفكة، الأمثلة كثيرة، نحو: أئنا، أئنا فيه تسهيل فقط أئنا، وماذا في {أأنذرتهم}؟، كثير طيب، من هذا الكثير فيه الإبدال، نعم، إدخال الألف بينهما. مثل هذه الأمور لا شك أن الاهتمام بها من الاهتمام بكتاب الله -جل وعلا-، من الاهتمام بالقرآن، ولا شك أن الذي يهتم بها أن هذا من علامة توفيقه، لكن يبقى أن الاهتمام بها على حساب الثمرة العظمى؛ وهو الاستنباط والعمل يكون مفضولاً؛ ولذا الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- اتجه في أول أمره بكليته إلى علم القراءات، فنهاه البدر بن جماعة، ومجموع من أهل العلم قالوا: إن هذا تعب، وثمرته أقل من التعب الذي يصرف إليه، فانصرف إلى علم الحديث، لكن هذا الكلام لا يؤخذ على إطلاقه، وأننا نترك القرآن، ونعمد إلى الأحاديث، لا، لا شك أن العناية بهذه الأمور من العناية بكتاب الله -جل وعلا-، ومعرفتها بالنسبة للأمة فرض كفاية، كغيره من العلوم إن لم يكن أهم من غيره من العلوم، لكن يبقى أن مثل هذه الأمور لا تكون على حساب الثمرة العظمى من معرفة النصوص وهو الاستنباط، وإلا لا شك أن معرفة هذه الأمور والعناية بها من تحقيق حفظ الله -جل وعلا- لهذا الكتاب، وإلا ماذا يستفيد طالب علم إذا عرف الأوجه كلها اللي في {أأنذرتهم} من الناحية العملية؟ هو يقرأ على قراءة واحدة، ثم بعد ذلك نقول له: تعتني بهذه الأوجه الجائزة بـ(أنذرتهم)، لا شك أن الثمرة أقل من ثمرة فهم المعنى والعمل به فيما قرره أهل العلم. واحد من الطلاب له عناية بالقرآن يقول: إن هذا علم قليل الثمرة، وهو ديدنه؛ يقرئ الناس، ويبين لهم الأوجه على القراءات، ويقول: قليل الثمرة، لكن مثل هذه الأمور مثلما ذكرنا: أن العناية بها من العناية بكتاب الله، ومعرفتها من فروض الكفايات على الأمة، ويبقى أن الثمرة العظمى هي: الفهم والاستنباط.
نحو أئنا فيه تسهيل فقط |
| ورب همز.................. |
متحرك كائن.
.............................. |
| ..............في مواضع سقط |
بلا نقل ولا إسقاط، يعني: بلا نقل ولا إسقاط، مثاله، يعني ما هو بإسقاط على القاعدة، يسقط لا على القاعدة، أقول: الرسم توقيفي ولا يخضع لقاعدة أي علم من العلوم، فنقول: الرسم، ولذلك هناك مطالبات كثيرة من أدباء وأشباههم أن يكتب القرآن بالكتابة الإملائية المعروفة المتداولة، يقول: ليسهل تعلمه من قبل الصبيان، نقول: لا، لا يجوز تغيير الرسم ولو خالف القواعد في العلوم الأخرى، يعني: ما يعدل على ضوء القواعد، {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ..} [الكهف:64] بدون ياء، وأما إذا مشينا وجرينا على القواعد العربية، أقول: لو جرينا على القواعد العربية (نبغي) ما يوجد ما يقتضي الحذف.
(وكل ذا)، يعني: كل هذا الكلام الذي تقدم، (بالرمز والإيماء)، يعني: بالإشارة، يعني: هذه إشارات وجيزة تناسب هذا المختصر، يعني: (لا بالبسط والتفصيل).
(وبسطها): بسط هذه الأمور موجود في كتب القراء، إنه موجود في كتب القراء، كتب القراءات فيها التفصيل لهذه الأمور، أما هنا فالقواعد وأمثلة يسيرة.
أثابكم الله.
النوع السادس: الإدغام
في كِلْمَةٍ أَو كِلْمَتَيْنِ إِنْ دَخَلْ |
| حَرْفٌ بِمِثْلٍ هُو الادْغَامُ يُقَلْ |
لَكِنْ أَبُو عَمْرٍو بِهَا لَمْ يُدْغِمَا |
| إِلاَّ بِمَوضِعَيْنِ نَصَّا عُلِمَـا |
يقول الناظم -رحمه الله تعالى- في النوع السادس من أنواع العقد الثالث: "الإدغام"؛ وهو الأصل فيه إدخال شيء في شيء، يعني: إدخال حرف في مثله، وهنا شيء يقال له فيما يقابل الإدغام الفك والإدغام. وعلماء البلاغة إذا أمكن الإدغام فالفك عندهم مفضول، الفك عندهم مفضول لا فاضل؛ ولذا قالوا: إن قول: الحمد لله العلي الأجللي، بالفك هذا ليس ببليغ؛ لأنه يمكن الإدغام، مع أنه جاء في بعض الكلمات في القرآن أحيانًا بالإدغام وأحيانًا بالفك، من ما يجوز الأمرين، يرتد ويرتدد، يعني: جاءت بالفك وجاءت بالإدغام مع إمكان الأمرين، فدل على جواز الأمرين على حد سواء؛ لأنه جاء في أفصح الكلام.
طالب:..........
لا، لا ما يستطيع، لكن هم قرروا في كتبهم أنه إذا أمكن الإدغام فالفك مفضول، يعني: مناف لقواعد البلاغة، نقول: جاء الفك مع إمكان الإدغام وليس بمفضول في أفصح الكلام، بدليل أنه جاء مدغمًا، يعني: دليلنا على إمكان الإدغام أنه جاء مدغمًا، هو الذروة القرآن ينبغي أن تخضع جميع العلوم لما جاء في القرآن، البلاغة تُسخّر لخدمة القرآن، وتستنبط قواعدها من القرآن، النحو كذلك تكون الأمثلة من القرآن، وإذا اختلفت القاعدة مع ما في القرآن تغيرت القاعدة، يعني في مثل قوله: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ}[الانشقاق:1]، نقول: لا بدّ من تقدير؛ لأن إذا لا يليها إلا الفعل، فلا بدّ أن نقول: إذا انشقت السماء انشقت، لماذا نحتاج إلى هذا التقدير؟ لأنهم أخضعوا الآية لقواعدهم، وأجابوا عن ما خالف القواعد بالتقدير، وأحيانًا بشيء من التكلف.
جاء الفك والإدغام في كلمة واحدة في أفصح الكلام، لكن هم يطلقون، يقولون: إذا أمكن الإدغام فالفك مفضول، نقول: من هذه الحيثية يستدرك عليهم.
طالب: ..........
كيف تعرب؟ ما أعرابها؟
طالب: ........
الواو في (فعلوه) يا أخي، يعني: قليل مستثناة من الجمع من الواو، ما هي مستثناة من الواو؟ إذًا يكون مفرغًا بهذه الصفة لكنه ليس بموجب، يعني: لو كان استثناءً موجبًا لقلنا: (فعلوه إلا قليلًا)، لكنه ليس بموجب.
علوم العربية ينبغي أن تخضع للقرآن، ومن أنفع ما يعين طالب العلم على فهم قواعد العربية التطبيق على القرآن، كيف؟ درست كتابًا في النحو؛ ولتكن الأجرومية مثلًا، وراجعت شروحها وحضرت الدرس، وصارت عندك أهلية وأرضية لفهم مبادئ هذا العلم، إذا انتهيت من ذلك أعرب الفاتحة بكاملها، ثم بعد ذلك طابق إعرابك بكتب إعراب القرآن، إذا تطابق هذا مع هذا فتكون حينئذ ضمنت أنك أتقنت، ثم بعد ذلك إذا قرأت كتابًا آخر أكثر من أوغل في إعراب القرآن، وطابق ما تصنعه من إعراب على كتب إعراب القرآن.
ولذا الذي يميز شرح الأزهرية وإلا الشذور؟ الذي أعرب قصار السور في آخر الكتاب -والله أني نسيتها- هل هو الشذور أو الأزهرية أو شرح الأزهرية.
المقصود: أن مثل هذا يعين طالب العلم على تقرير ما درسه من العلم النظري.
الأصل في الإدغام: أنه إدخال حرف في مثله، يقول الناظم -رحمه الله تعالى- يعني: ويكون هذا الحرف مثل المدغم فيه أو مقارب له، ويكون في كلمة أو كلمتين.
يقول: (في كلمة)، على وزن سدرة، (أو كلمتين إن دخل)، كلمة يقال لها أيضًا: كلمة: (وكلمة بها كلام قد يؤم).
في كلمة أو كلمتين إن دخل |
| حرف بمثل هو.............. |
بمثل (إن دخل)، (حرف بمثل)، يعني: بمثله، (هو الإدغام يقل)، يعني: يقال له: إدغام، يقال له: الإدغام، ويسمى الإدغام.
(لكن أبو عمرو)، لكن هذه المخففة من الثقيلة، ولو كانت غير مخففة لنصب ما بعدها، (لكن أبا عمرو)، وخففت فقل عملها، وخففت (إن) فقل العمل: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}[القصص:63]، خففت (إن) فقل العمل، لكن مثلها من أخواتها.
(لكن أبو عمرو بها لم يدغما)، (لم يدغما) لم حرف أيش؟ جزم، وأيضًا نفي من حيث المعنى، وقلب حرف نفي، وجزم وقلب، من يعرب (يدغما) بعد لم؟ والألف، كيف تكون ألف إطلاق بعد فعل مجزوم؟ الألف الإطلاق والإشباع كله يأتي لمجانس بعد فتحه، ألف أيش؟ يعني: منقلبة، أصلها نون التوكيد الخفيفة قلبت ألفًا، مثلها: {لَنَسْفَعًا} [العلق:15]، بعضهم يقول: لو قال: لن، كان أصح، (لن يدغما)، لكن من حيث المعنى، المسألة مسألة مضي، ولن يدغما في المستقبل، وعلى هذا؛ إما أن تبدل، أو تقرض، (لم) معنى، أو عمل (لن) تتقارض الحروف، أو يقال: إن الألف منقلبة عن النون نون التوكيد الخفيفة.
(إلا بموضعين نصًّا)، يعني: بالنص عنه، (علما)، يعني: النصين، وهما متقاربان في النطق والصورة: {مَّنَاسِكَكُمْ}[البقرة:200]، و{سَلَكَكُمْ}[المدثر:42]، أبو عمرو لا يعرف عنه الإدغام إلا في هذين الموضعين أدغم فيهما فقط، هاه، اقرأ: مناسكم، وأيضًا: ما سلكم، نعم، اقرأ العقد الرابع.
أثابكم الله.
العقد الرابع: ما يرجع إلى الألفاظ وهي سبعة أنواع: الأول والثاني: الغريب والمعرب.
يُرْجَعُ لِلنَّقْلِ لَدى الغَرِيْبِ |
| مَا جَاءَ كِالمِشْكاةِ في التَّعْرِيْبِ |
أَوَّاهُ ، والسِّجِلُّ ، ثُمَّ الكِفْلُ |
| كذلكَ القِسْطاسُ وهوَ العَدْلُ |
وهَذهِ ونَحوَهَا قَدْ أَنْكَرَا |
| جُمْهُورُهُمْ بالوِفْقِ قالوا : احذرا |
لما أنهى الناظم -رحمه الله تعالى- ما يتعلق بالعقد الثالث مما له صلة بالأداء، انتقل إلى العقد الرابع: وهو (ما يرجع إلى الألفاظ)، يعني: ألفاظ القرآن، وهو سبعة أنواع: النوع الأول والثاني: الغريب والمعرب، الثالث: المجاز، والرابع: المشترك، والخامس: المترادف، إلى آخره.
(الغريب): الكلمات الغامضة التي تحتاج إلى بيان وتفسير، الغريب: ما يحتاج إلى بيان وتفسير، والمعرب: ما جاء من لغات أخرى فلاكته ألسنة العرب وعربوه، فصار من استعمالهم.
(الغريب)، يعني: غريب القرآن -وقول مثل هذا في غريب الحديث- فن ونوع من أهم المهمات؛ لأنه هو الوسيلة لفهم النصوص، يعني: معرفة الغريب هو الوسيلة لفهم النصوص.
وهذا النوع كما قال أهل العلم في غريب الحديث وغريب القرآن أهم، قالوا: هذا الفن جدير بالتحري حري بالتوقي، أيش معنى هذا الكلام؟ يعني: أن طالب العلم عليه أن يهتم به من جهة، وأن يحتاط لنفسه من جهة أخرى، فلا يهجم على كلمة يفسرها من كلام الله -جل وعلا- أو من كلام نبيه -عليه الصلاة والسلام- وليس عنده بها أصل يرجع إليه.
الإمام أحمد يسأل عن معنى حديث أو معنى كلمة، فيقول: "سلوا أهل الغريب"، والإمام أحمد الذي يروي سبعمائة ألف حديث، ومعلوم أنه إذا جاء لفظ من هذه الألفاظ التي يرويها عنده من طرقه العشرات بل المئات التي يوضح بعضها بعضًا.
والأصمعي وهو يحفظ ستة عشر ألف قصيدة، لما سئل عن السقب في حديث: ((الجار أحق بسقبه))، قال: "أنا لا أفسر كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن العرب تزعم أن السقب: هو اللزيق"، يعني: الجار الملاصق.
فهم يحتاطون لأنفسهم، وإذا كان هذا في الحديث ففي القرآن من باب أولى، وليحذر طالب العلم كل الحذر أن يهجم على كتاب الله فيفسر غريبه دون أن يرجع؛ لأنه حيئنذ يتقول على الله -جل وعلا- أن معنى هذا اللفظ كذا.
وألف في الغريب الكتب الكثيرة؛ منها: غريب القرآن لابن قتيبة، ومنها: غريب القرآن للهروي، ومنها: المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، ومنها: غريب القرآن -وهو مختصر جدًّا- لابن عزيز السجستاني، وهذا أطراه العلماء بالمدح، وهو كتاب مختصر صغير جدًّا، أثنوا عليه ثناء كبيرًا على اختصاره.
كتب غريب الحديث أيضًا يعتني بها طالب العلم، ومن أفضلها: كتاب غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام، وغريب الحديث للخطابي، وغريب الحديث للهروي، النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، الفائق في غريب الحديث للزمخشري، كتب كثيرة في الغريب، فليس لأحد حجة، قل ما وجدت، تجد، ابحث. الصحابة لما قال النبي --عليه الصلاة والسلام-- إن من أمته: ((سبعين ألف يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب))، تباحثوا في المراد بالسبعين من غير مرجع ولا مصدر يرجعون إليه، ولغتهم لا تسعفهم في هذا، تسعفهم اللغة في تفسير هذا؟ لا تسعفهم، لكنهم أهل تحري وتوقي وتثبت، يعني: لو أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- بين أظهرهم؛ لأنه قال الحديث ودخل المنزل، "فبات الناس يدوكون"، يعني: يتداولون الآراء، "قالوا: لعلهم كذا، لعلهم كذا، لعلهم كذا، فخرج النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يثرب عليهم"؛ لأنهم لم يجزموا بشيء.
فإذا أتى الإنسان بحرف الترجي، وقلنا في مناسبات: إنه إذا وجد مجموعة من طلبة العلم في مجلس مثلًا، وعرض لهم آية وإلا حديث في معناها أو في لفظها إشكال، وتداولوا فيما بينهم؛ لعله كذا، وليس بينهم كتب يرجعون إليها؛ لعل المراد كذا، لعل المراد كذا، ثم بعد ذلك يصححون. فالنبي -عليه الصلاة والسلام- صحح لهم ولم يثرب عليهم، فإذا جيء بحرف الترجي من غير جزم فالأمر فيه شيء من السعة؛ لأن السامع ما يجزم بأن هذا هو المراد من كلام الله أو كلام نبيه -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:......
لا، فيه اجتهاد، يعني: تفترض أنك ما عندك شيء من كتب غريب القرآن، عندك لسان العرب وتبي آية وإلا حديث، أيش معنى هذه الكلمة من آية أو من حديث؟ ترجع لسان العرب يذكر لك عشرين معنى، فهذا اجتهاد، كونك تحدد المعنى المراد؛ ولذا يقولون: لا يتكلم في غريب الحديث إلا من له معرفة باللغة والحديث، ما يكفي المعرفة باللغة فقط، لماذا؟ لأن بعض الكلمات يختلف معناها باختلاف السياق، والذي ما يعرف إلا اللغة فقط ما يعرف، لكن إذا كانت عنده معرفة بحديث النبي -عليه الصلاة والسلام- تبين له المعنى المراد، وقل مثل هذا في القرآن، لا بدّ أن تكون له عناية بالقرآن، وله اطلاع على كتب الأئمة الموثوقين في تفسير القرآن.
المعرب: كلمات غير عربية، استعملها العرب ولاكتها ألسنتهم وعربوها، وقد يكون غيروا في بعض حروفها، وفيه: المعرب للجواليقي من أنفس ما كتب في هذا الباب، في معرفة الغريب.
يرجع للنقل لدى الغريب |
| ما جاء........................ |
(يرجع للنقل لدى الغريب)، يعني: يرجع إلى الكتب التي تعتمد على النقل عن العلماء الراسخين، أهل التحري والتثبت، الذين يجمعون بين علمهم بالقرآن إلى علمهم بلغة العرب، وبين علمهم بالسنة إلى معرفة اللغة العربية.
(ما جاء كالمشكاة في التعريب): المشكاة: لفظة حبشية عند من يقول بأن في القرآن ألفاظ غير عربية، تعريبها أو معناها بلغة العرب: الكوة، يعني: الفتحة تكون في الجدار، وجود كلمات غير عربية في القرآن، القرآن {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ}[الشعراء:195]، فإذا قلنا: إن فيه كلمات غير عربية ترد علينا الآية أو لا ترد؟ الكلام على
طالب:.....
الآن خلنا، كيف نجيب هذه مسألة ثانية.
{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء:195]، مفهوم الآية: أن القرآن كله {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء:195]، ليس فيه من غير لغة العرب شيء، وأهل العلم يجمعون على أن القرآن ليس فيه جمل ولا تراكيب أعجمية، هذا محل إجماع، كما أنهم يجمعون على وجود الأعلام الأعجمية إجماع، لكن ألفاظ ليست تراكيب ولا أعلام هذا محل الخلاف، فمنهم من نفى؛ لأن هذا ينافي كون القرآن عربيًّا، إذا وجد فيه بشيء من لغة غيرهم ما استطعنا أن نقول: إن القرآن -والمراد جميعه- بلغة العرب، يكون فيه وفيه، والذين يقولون بوجود مثل هذه الألفاظ ألفاظ يسيرة جدًّا، يعني: جمع منها، أو قول: حصرت في ستين لفظ، يعني: بمعدل كل عشر صفحات لفظة كلمة واحدة، هل وجود مثل هذا الشيء اليسير يخرج القرآن عن كونه عربيًّا؟ لا، لا يخرجه عن كونه عربيًّا.
فالمشكاة بلغة الحبشة هي: الكوة عند العرب بالتعريب.
(أواه): بلغة الحبشة أيضًا الموقن أو الرحيم.
(والسجل): الرجل بلسان الحبشة، السجل: الرجل: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ..}[الأنبياء:104]، يعني: طي الرجل بلسان الحبشة، {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}، المراد به: الرجل بلسان الحبشة، من المفسرين من قال: إن السجل اسم لكاتب من كتّاب الوحي عند النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن لا يوجد من اسمه السجل في كتّابه -عليه الصلاة والسلام-، ولا من الصحابة عمومًا.
(أواه): هذه بلغة الحبشة، لكن ألا يمكن أن تخرج على معنى عربي صحيح، وصيغة مبالغة من التأوه الدال على التحزن، لا سيما إذا قرأ القرآن، أو مثل بين يدي ربه يناجيه، يمكن تخريجها على وجه عربي صحيح وإلا ما يمكن؟ ما في ما يمنع، والسجل قالوا: الرجل بلسان الحبشة.
(ثم الكفل): {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ}[الحديد:25]، الكفل: الضّعف بلسان الحبشة، {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ}[الحديد:25]، الكفل الواحد: ضعف، والكفلين يصير كم؟ أربعة أضعاف، وماذا عن آية النساء: {مَّن يَشْفَعْ}[النساء:85]، معنى واحد، في التفسير: الكفل والنصيب واحد، وهنا يقول: الضعف بلسان الحبشة.
(كذلك القسطاس وهو العدل): القسطاس عند الروم: العدل أو الميزان.
(وهذه ونحوها): كالسندس والإستبرق.
(قد أنكرا): أنكرها (جمهورهم)، أنكروا وجود ألفاظ غير عربية في القرآن جمهور العلماء، طيب، وجود مثل هذه الكلمات المعروفة عند غير العرب، قالوا: إن هذا مما توافقت فيه اللغات، مما توافقت فيه اللغات، (جمهورهم)؛ كالشافعي وابن جرير وغيرهم، جمع غفير من أهل العلم.
(بالوفق قالوا احذرا): احذر: أن تقول في القرآن كلامًا لا تتحقق منه تلزم بلوازمه فتضل وتضل؛ لأنها أحيانًا قد يجزم الإنسان بشيء لا يدري ما الآثار المترتبة عليه، لا سيما فيما يتعلق بالله -جل وعلا-، أو ما جاء عن الله -جل وعلا-، فمثل هذا يحذر الإنسان أن يقول شيئًا يلزمه عليه لوازم.
"