كتاب العتق من سبل السلام (4)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعم.
أحسن الله إليك.
"الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والسامعين.
أما بعد:
فقال في البلوغ وشرحه في كتاب العتق:
باب المدبَّر والمكاتَب وأم الولد:
المدبَّر اسم مفعول، وهو الرقيق الذي علق عتقه بموت مالكه، سمي بذلك؛ لأن مالكه دبر أمر دنياه وأمر آخرته، أما دنياه فاستمرار انتفاعه بخدمة عبده، وأما آخرته فتحصيل ثواب العتق. والمكاتَب اسم مفعول، وهو الرقيق الذي وقعت عليه كتابة، وحقيقة الكتابة تعليق عتق المملوك على أدائه مالاً أو نحوه من مالك أو نحوه، وحقيقة الكتابة تعليق عتق المملوك على أدائه مالاً أو نحوه من مالك أو نحوه، وهي على خلاف القياس عند من يقول: إن العبد لا يملك، وأم الولد تقدَّم ذكرها في كتاب البيع."
المدبَّر هو الذي يعلَّق عتقه بالموت عن دبر حياته، والمدبَّر اسم مفعول متعلِّق بالمعتَق، وما ذكره الشارح في سبب التسمية لا يناسِب ارتباط اللفظ بالعبد المعتَق عن دبر حياة سيده؛ لأنه قال: سمي بذلك؛ لأن مالكه دبَّر دنياه وآخرته، يكون مدبِّرًا، يكون مدبِّرًا لا مدبَّرًا، فالمعروف أن المدبَّر هو الذي أُعتِق، هو معتَق اسم مفعول عن دبر حياة سيده بعد وفاته يعتق، يعلق عتقه بالموت بموت مالكه وسيده، وأما كون مالكه دبَّر أمره، أمر دنياه وآخرته، فاستفاد من العبد طيلة حياته، واستفاد من ثواب العتق بعد مماته فهذا الكلام صحيح من حيث الجملة، لكنه لا يكون سببًا لتسميته مدبَّرا.
المكاتَب أيضًا اسم مفعول، وهو الذي يُعلَّق عتقه بدفع قيمته، يُكاتَب، المكاتبة تكون من طرفين من السيد ومن العبد، كل يكاتِب صاحبه على أنه إذا دفع له المبلغ قيمة العبد، العبد يدفع قيمته على نجوم وأقساط، فإذا انتهت هذه النجوم تحرر، سواء كان كانت المكاتَبة من السيد نفسه أو من غيره، كما فعلت عائشة- رضي الله عنها- ببريرة، وإذا كاتب السيد عبده على نجوم وأقساط وانتهت هذه النجوم صار حرًّا، وإن أعجز نفسه في يوم من الأيام ولو لم يبقَ إلا نجم واحد عاد رقيقًا.
طالب: ..........
لا.. لأنه له هو الأصل أنه له عبد، ولذلك قالوا: وهو على خلاف القياس عند من يقول: إن العبد لا يملِك على قول الجمهور إذا تُرك العبد يتكسب ويسدد هذه النجوم الأصل أن هذا الكسب لسيده، ولذا إذا أعجز نفسه خلاص تروح عليه، وأم الولد التي تقدم ذكرها في كتاب البيع وحكم بيعها والخلاف في ذلك بين الصحابة هي التي يعتقها ولدها إذا جاءت بولد من سيدها تستمر في حياته حكمها حكم الإماء، وإذا مات عتقت، أعتقها ولدها.
نعم.
أحسن الله إليك.
"قال: عن جابر- رضي الله عنه- أن رجلاً من الأنصار، اسمه مذكور كما في رواية مسلم."
مذكور كذا أو مذكار؟
أنا عندي مذكور في الموضعين، في الموضعين وضع: مذكور.
ولا وضع عليه علامة؟
ما صحح؟
أبدًا ولا شيء.
ماذا عندك يا شيخ؟
طالب: مذكار.
مذكار كما في رواية مسلم، إن كان راجعه المحقق.
لا، ما راجعه ولا شيء.
نعم.
"قال: عن جابر -رضي الله عنه- أن رجلاً من الأنصار اسمه مذكار، كما في رواية مسلم، وتقدم في البيع من رواية أبي داود أن اسمه مذكار.."
أبي داود والنسائي، من رواية أبي داود والنسائي أن اسمه أبو مذكار.
أبو مذكار.
طالب: ..........
نعم.
"وتقدم في البيع من رواية أبي داود والنسائي أن اسمه أبو مذكار، واسم غلامه أبو يعقوب أعتق غلامًا له، وهو يعقوب كما في مسلم.."
هكذا يا شيخ؟
كما في مسلم أيضًا نعم.
يعقوب أم أبو يعقوب؟
في مسلم: يعقوب، وفي أبي داود والنسائي: أبو يعقوب.
أحسن الله إليك.
"أعتق غلامًا له، وهو يعقوب.."
مسلم بالاسم السيد والعبد مذكار ويعقوب، وفي أبي داود والنسائي بالكنية أبو مذكار وأبو يعقوب.
أحسن الله إليك.
"أعتق غلامًا له- وهو يعقوب كما في مسلم- عن دبر -بضم الدال المهملة وبضم الموحدة وسكونها- لم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «من يشتريه مني»، فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم. متفق عليه، وفي لفظ البخاري: فاحتاج.."
ليس له أن يعتق، ولا أن يتصدق، ولا أن يوصي في هذا الوقت الذي هو عن دبر حياته أو في مرض موته المخوف إلا بالثلث فأقل.
أحسن الله إليك.
"وفي رواية النسائي: وكان عليه دين فباعه بثمانمائة درهم، فأعطاه وقال: اقضِ دينك. الحديث دليل على شرعية التدبير، وهو متفق على مشروعيته، واختلف العلماء هل ينفذ من رأس المال أو من الثلث؟ فذهب الجمهور إلى أنه ينفذ من الثلث، وذهب جماعة من السلف والظاهرية إلى أنه ينفذ من رأس المال. استدل الجمهور بقياسه على الوصية، بقياسه على الوصية بجامع أنه مال ينفذ بعد الموت، وبحديث ابن عمر مرفوعا: المدبَّر من الثلث، ورُد.."
هذا واضح، هذا واضح ضعفه من لفظه.
أحسن الله إليك.
"ورُدَّ الحديث بأنه جزم أئمة الحديث بضعفه وإنكاره، وأن رفعه باطل، وإنما هو موقوف على ابن عمر، كما قاله البيهقي: الصحيح أنه موقوف، وروى البيهقي عن أبي قلابة مرسلاً أن رجلاً أعتق عبدًا عن دبر، فجعله النبي -صلى الله عليه وسلم- من الثلث. وأخرج عن علي كذلك موقوفًا، واستدل الآخرون بالقياس على الهبة، بالقياس على الهبة ونحوها مما يخرجه الإنسان من ماله في حياته، ودليل الأولين أولى لتأيد القيام بالمرسل والموقوف، ولأن قياسه على الوصية أولى من القياس على الهبة."
نعم؛ لارتباطه بالموت كالوصية والهبة بالحياة.
أحسن الله إليك.
"وفي الحديث دليل على جواز بيع المدبَّر لحاجته، لنفقته أو لقضاء دينه، وذهب طائفة إلى عدم جواز بيعه مطلقًا، مستدلين بقوله تعالى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [سورة المائدة:1]، ورُدَّ بأنه عام خصصه حديث الكتاب، وذهب آخرون منهم الشافعي وأحمد إلى جواز بيعه مطلقًا، مستدلين بحديث جابر، وتشبيهه بالوصية."
وبشَبهه بالوصية.
نعم؛ لأنه لا يثبت إلا بالموت كالوصية.
أحسن الله إليك.
"مستدلين بحديث جابر، وبشَبهه بالوصية، فإنه إذا احتاج الموصي باع ما أوصى به، وكذلك مع استغنائه، قالوا: والحديث ليس فيه قصر البيع على الحاجة والضرورة، وإنما الواقع جزئي من جزئيات صور جواز بيعه، وقياسه على الوصية يؤيِّد اعتبار الجواز المطلَق، والظاهر هو القول الأول."
لا شك أن شبهه بالوصية واضح؛ لتعلق كليهما بالموت، المدبَّر لا يثبت تدبيره إلا بالوفاة، والوصية لا تثبت إلا بالموت فهي به أشبه.
أحسن الله إليك.
"وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «المكاتَب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم» أخرجه أبو داود بإسناد حسن، وأصله عند أحمد والثلاثة، وصححه الحاكم، وروي من طرق كلها لا تخلو عن مقال. قال الشافعي في حديث عمرو بن شعيب: لا أعلم أحدًا روى هذا إلا عمرو بن شعيب، ولم أر من رضيت من أهل العلم يثبته. وعلى هذا فتيا المفتين. والحديث دليل على أن المكاتَب إذا لم يفِ بما كوتب عليه فهو عبد له أحكام الرق، وإلى هذا ذهب الجمهور: الهادوية والحنفية والشافعي ومالك، وفي المسألة خلاف؛ فروي عن علي -عليه السلام- أنه يعتق إذا أدى شرط، إذا أدى شرط ما كَتب عليه.."
كاتب عليه..
عندنا: إذا أدى الشرط فقط أنه يعتق إذا أدى الشرط، ما معنى أدى الشرط وهو باقٍ عليه؟ يعني إذا لم يخِلّ بالنجوم السابقة، يعني كما يقال الآن: إذا كان التسديد متتابعًا، يعني العفو عن بعض القروض إذا مات المقترض، وهي أقساط قالوا: إذا كان متتابعًا في التسديد يعفى عنه، هذا إذا كان متتابعًا في التسديد فليس لسيده أن يعيده إلى الرق إذا وفى بشرطه، لكن إذا كان ما تابع التسديد؛ نجم يؤدي، ونجم لا يؤدي، فلسيده أن يعيده، والجمهور على أنه مازال رقيقًا حتى ينتهي من تسديد جميع نجوم الكتابة.
أحسن الله إليك.
"ويروى عنه أنه يعتق بقدر ما أدى. ودليله ما أخرجه النسائي من طريق عكرمة، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «يودى المكاتب بحصة ما أدى دية حر، وما بقي دية عبد»."
يعني يكون حكمه التبعيض، يكون مبعضًا، فيرث ويورث ويودى بقدر ما فيه من حرية.
أحسن الله إليك.
"قال البيهقي: قال أبو عيسى فيما بلغني عنه: سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: روى بعضهم هذا الحديث عن أيوب عن عكرمة عن علي، قال البيهقي: فاختلف على عكرمة فيه، ورواية عكرمة عن علي مرسَلة، ورواية عكرمة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسَلة، وروي عن علي -عليه السلام- من طرق مرفوعًا وموقوفًا.
قلت: فقد ثبت له أصل إلا أنه قد عارضه حديث الكتاب، وقول الجمهور دليله الحديث، وإن كان ما خلت طرقه عن قادح إلا أنه أيَّدته آثار، إلا أنه أيَّدته آثار سلفية عن الصحابة، ولأنه أخذ بالاحتياط في حق السيد، فلا يزول ملكه إلا بما قد رضي به من تسليم ما عند عبده، فالأقرب كلام الجمهور."
طالب: ..........
بيع المكاتَبة، بيع المكاتَبة بيع العبد على نفسه إلا إذا استصحب ذلك كونه أقساطًا ومريحة، وكونه أقل من قيمته، أشياء من هذا تؤجر بقدرها فهذا ليس بعتق.
أحسن الله إليك.
"وعن أم سلمة- رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان لإحداكن مكاتَب وكان عنده ما يؤدي ما يؤدي فلتحتجب منه»."
كأنها حكمت بعتقه بمجرد الكتابة؛ لأنه قد عتق حكمًا؛ لأنه عنده ما يؤدي.
أحسن الله إليك.
"رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي، وهو دليل على مسألتين: الأولى: أن المكاتَب إذا صار معه جميع مال المكاتبة فقد صار له ما للأحرار، فتحتجب منه سيدته إذا كان مملوكًا لامرأة، وإن لم يكن قد سلم ذلك، وهو معارَض بحديث عمرو بن شعيب، وقد جمع بينهما الشافعي فقال: هذا خاص بأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو احتجابهن عن المكاتَب، وإن لم يكن قد سلم مال الكتابة إذا كان واحدًا له.."
واجدًا..
أحسن الله إليك.
إذا كان واجدًا مال الكتابة فهو مسدد حكمًا، المشكلة إذا كان ما يجد، فحصوله على مال المكاتبة مظنون، وأما من كان لديه المبلغ، ولديه المال الذي يسدد به فهو في حكم الأحرار؛ لأن العِوَض موجود.
أحسن الله إليك.
وإن لم يكن قد سلم مال الكتابة إذا كان واجدًا له وإلا مُنع من ذلك، كما مَنع سودة من نظر ابن زمعة إليها، مع أنه قد قال: «الولد للفراش»."
يعني من باب الاحتياط، هو حكم بأنه أخوها؛ لأنه ولد على فراش أبيها «الولد للفراش، هو لك يا عبد بن زمعة، واحتجبي منه يا سودة»، يعني من باب الاحتياط.
أحسن الله إليك.
"قلت: ولك أن تجمع بين الحديثين أن المراد أنه قِنٌّ إذا لم يجد ما بقي عليه ولو كان درهمًا، وحديث أم سلمة في مكاتَب واجد لجميع مال الكتابة، ولكنه لم يكن قد سلمه، وأما حديث أم سلمة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لها: «إذا كاتبت إحداكن عبدها فليُرِها ما بقي عليه..»."
فليَرَها..
"«فليَرَها ما بقي عليه شيء من كتابته، فإذا قضاها فلا تكلمه إلا من وراء حجاب». فإنه حديث ضعيف، لا يقاوِم حديث الباب.
المسألة الثانية: دل الحديث بمفهومه أنه يجوز لملوك المرأة النظر إليها ما لم يكاتبها ويجد مال الكتابة، وهو الذي دل له منطوق قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [سورة النــور:31] في سورة النور وفي سورة الأحزاب، ويدل له أيضًا قوله -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة- عليها السلام- لما تقنعت بثوب، وكانت إذا قنعت رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ليس عليكِ بأس، إنما هو أبوك وغلامك». أخرجه أبو داود وابن مردويه والبيهقي من حديث أنس، وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد، وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد أنه قال: كان العبيد يدخلون على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يريد مماليكهن، وفي تيسير البيان للموزعي.."
لا.. للأذرعي؟
طالب: ..........
نعم.
الأذرعي، الأذرعي يا شيخ؟
الأذرعي نعم.. لأن عندنا الأوزاعي خطأ، الأذرعي معروف من الشافعية.
"وفي تيسير البيان للأذرعي: أن رؤية المملوك لمالكته هو المنصوص، أي للشافعي، وذكر الخلاف لبعض الشافعية، ورده، وهو خلاف ما نقلنا عنه فيما يأتي، فيحتمل أن ذلك قوله، وإلى ما أفاده مفهوم الحديث.."
لا شك أن النص يدل على أن المملوك من محارم مالكته، ولا تحتجب عنه إلا إذا عتق، والذين ترددوا في كونه من المحارِم قالوا: إنه لا تمت له بصلة، وأنه لا يؤمَن عليها، لكن هذا اجتهاد في مقابِل نص، كما قالوا نظيره في ولد الزوج ابن الزوج هو محرَم بالإجماع، لكن قالوا: يخشى عليها منه فلا تسافر معه، ولا يخلو بها، في مقابل النصوص ما يمكن أن يقال مثل هذا الكلام، فإذا وجدت الخشية ولم تؤمن الفتنة قيل هذا الكلام. بالنسبة للأب والابن أيضًا إذا خيف على البنت من أبيها، وخيف على الأم من ولدها، وما أشبهه يقال مثل هذا الكلام، فليس خاصًّا بولد الزوج أو بالرقيق وما أشبه ذلك، فلا قياس مع النص.
طالب: هل يسافر....؟
ما يسافر؟! مادام من محارمها ومادام.. تكشف له..
طالب: ..........
هو مع المحارم، منسوق على المحارم.
أحسن الله إليك.
"وإلى ما أفاده مفهوم الحديث ذهب أكثر العلماء من السلف، وهو قول للشافعي، وذهبت الهادوية وأبو حنيفة إلى أن المملوك كالأجنبي، قالوا: يدل له صحة تزويجها إياه بعد العتق، وأجابوا عن هذا الحديث.."
لأنها لا تحرم عليه على التأبيد، لا تحرم عليه على التأبيد كزوج الأخت، لكن هل زوج الأخت تكشف له أخت زوجته مع تحريمها عليه في مدة نكاحه لأختها؟ فرق.
"وأجابوا عن هذا الحديث بأنه مفهوم لا يُعمَل به، وعن الآية بأن المراد بما ملكت أيمانهن المملوكات من الإماء للحرائر، وخصهن بالذكر؛ رفعًا لتوهم مغايرتهن للحرائر، كقوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [سورة النــور:31]؛ إذ الإماء لسن من نسائهن، ولا يخفى ضعف هذا وتكلفه، والحق أحق بالاتباع.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يودى- بضم حرف المضارعة مبني للمجهول، من وداه، يديه- المكاتَب بقدر ما بقدر ما عتُق منه دية الحر وبقدر ما رُقَّ منه دية العبد». رواه أحمد وأبو داود والنسائي، سقط هذا الحديث بشرحه من الشرح.."
ما الشرح؟
نعم.
الشرح ما اسمه؟
طالب: ..........
نعم، البدر التمام للقاضي الحسين بن محمد المغربي، طبع أخيرًا، طبع بعد مختصره سبل السلام بأكثر من مائة سنة.
أحسن الله إليك.
"وهو دليل على.."
ومختصر المختصر طبع قبل المختصر، يعني الحفيد وجد قبل الأب، والأب وجد قبل الجد، ما المختصر؟
طالب: ..........
فتح العلام.
أحسن الله إليك.
"سقط هذا الحديث بشرحه من الشرح، وهو دليل على أن للمكاتَب حكم الحر في قدر ما سلَّمه من مال الكتابة فتَبعُّض.."
فتُبَعَّض.
"فتُبَعَّض ديته إن قُتِل، وكذلك الحد وغيره من الأحكام التي تُنَصَّف أو التي تَنَصَّف.."
تُنَصَّف؛ لأنه على نصف حد الحر، فإذا عتق نصفه صار عليه ثلاثة أرباع حد الحر.
"وهذا قول الهادوية، وذهب علي -عليه السلام- وشريح إلى أنه يعتق كله إذا سلَّم قسطًا من مال الكتاب، وعن علي- عليه السلام- رواية مثل كلام الهادوية، واستدل من قال: لا تتبعض أحكامه بأنه عبد ما بقي عليه درهم؛ لحديث ابن عمر: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، إلا أنه موقوف، وقد رفعه ابن قانع، وأعله بالانقطاع، وأخرجه من.."
ابن قانع له معجم الصحابة، يذكر فيه أحاديث كل صحابي، ويستفاد منه في باب التخريج.
أحسن الله إليك.
"وقد رفعه ابن قانع، وأعله بالانقطاع، وأخرجه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أبو داود والنسائي، لكن قال الشافعي: لم أرَ من رضيت من أهل العلم يثبته كما تقدم. وقد أخرج أبو داود والترمذي والنسائي من حديث علي- عليه السلام- وابن عباس مرفوعين بلفظ: «المكاتَب يعتق بقدر ما أدى، ويرث، ويقام عليه الحد بقدر ما عتق»، ولا علة له، وهو يؤيِّد حديث الباب، ولعله هو، وإنما اختلف لفظه، وتقدم الخلاف في المسألة، وبيان الراجح.
وعن عمرو بن الحارث، وهو عمرو بن الحارث بن أبي ضرار بكسر الضاد المعجمة وراء خفيفة، عداده في أهل الكوفة، روى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة وغيره، قاله المصنف في التقريب.
أخي جويرية أم المؤمنين- رضي الله عنها- أنه قال: ما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند موته درهمًا ولا دينارًا ولا عبدًا ولا أمة ولا شيئًا إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضًا جعلها صدقة. رواه البخاري.
الحديث دليل على ما كان عليه -صلى الله عليه وسلم- من تنزهه عن الدنيا وأدناسها وأعراضها، وخلو قلبه وقالبه عن الاشتغال بها؛ لأنه متفرِّغ للإقبال على تبليغ ما أُمر به، وعبادة مولاه، والاشتغال بما يقربه إليه وما يرضاه.
وقوله: ولا عبدًا وأمة، وقد قدمنا أنه -صلى الله عليه وسلم- أعتق ثلاثًا وستين رقبة، فلم يمت وعنده مملوك، والأرض التي جعلها صدقة قال أبو داود: كانت نخل بني النضير لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصة له، أعطاه الله إياها، فقال: ما أفاء الله على رسوله، فأعطى أكثرها للمهاجرين، وبقي منها صدقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي في أيدي بني فاطمة.
ولأبي داود أيضًا من طريق ابن شهاب: كانت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث صفايا بنو النضير وخيبر وفدك."
يعني ما يصطفيه لنفسه -عليه الصلاة والسلام-، لكنه لا يورَث، لا يورَث كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «نحن معاشر الأنبياء لا نورَث، ما تركنا صدقة».
أحسن الله إليك.
"فأما بنو النضير فكانت حبسًا لنوائبه، وأما فدك فكانت حبسًا لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزأها بين المسلمين ثم قسم جزءًا لنفقة أهله، وما فضل منه جعله في فقراء المهاجرين.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته»."
هي التي تسمى أم ولد.
أحسن الله إليك.
"أخرجه ابن ماجه والحاكم بإسناد ضعيف؛ إذ في سنده الحسين بن عبد الله الهاشمي ضعيف جدًّا، ورجح جماعة وقفه على عمر -رضي الله عنه-.
الحديث دال على حرية أم الولد بعد وفاة سيدها، وعليه دل الحديث الأول، حيث قال: ولا أمة، فإنه -صلى الله عليه وسلم- توفي وخلَّف مارية القبطية أم إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-، وتوفيت في أيام عمر، فدل على أنها عتقت بوفاته -صلى الله عليه وسلم-، ولأجل هذا الحكم ذكر المصنف الحديث الأول، وتقدم الكلام في أم الولد مستوفى في كتاب البيع.
وعن سهل بن حَنيف- رضي الله عنه-.."
حُنَيْف.
أحسن الله إليك.
"وعن سهل بن حُنَيْف -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أعان مجاهدًا في سبيل الله أو غارمًا في عسرته»، الغارم الذي يلتزم ما ضمنه، ويكفل له ويؤديه، قاله في النهاية.."
ضمنه وتكفَّل به هذا الذي يلتزم ما ضمنه وتكفَّل به.
أحسن الله إليك.
"الغارم الذي يلتزم ما ضمنه وتكفل به ويؤديه، قاله في النهاية: «أو مكاتبًا في رقبته أظله الله يوم لا ظل إلا ظله». رواه أحمد، وصححه الحاكم.
فيه دليل على عظم أجر هذه الإعانة بمن ذكر، وذُكر هنا لأجل المكاتَب، وقد قال تعالى في المكاتَب: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [سورة النــور:33]، وقد أخرج النسائي من حديث علي -رضي الله عنه- مرفوعًا أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «في الآية ربع الكتابة»."
{وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ} [سورة النــور:33] يعني ربعها.
أحسن الله إليك.
"قال النسائي: أي الصواب وقفه، قال الحاكم في رواية الرفع: صحيح الإسناد، وقد فَسَّر قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [سورة البقرة:177].."
وقد فُسِّر..
"وقد فُسِّر قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [سورة البقرة:177] بإعانة المكاتَبين، وأخرج ابن جرير وغيره عن علي -عليه السلام- أنه قال: أمر الله تعالى السيد أن يدع الربع للمكاتَب من ثمنه. وهذا تعليم من الله تعالى، وليس بفريضة، ولكن فيه أجر."
كل ما كان من هذا النوع فيه أجر، كل إعانة لمسلم فإن فيه أجرًا عظيمًا سواء كان مكاتَبًا أو أسيرًا عانيًا أو غارمًا مدينًا ما لم يكن سبب الدين إثمًا بسبب محرم فإنه لا يستحق الإعانة، أما إذا كان سببه مباحًا أو حاجة فإنه يعان، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
والله أعلم.
وصلى الله على محمد...