شرح أبواب الصلاة من سنن الترمذي (27)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء.
قال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى:
باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين في السجود حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال أخبرنا معلى بن أسد قال حدثنا وهيب عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع اليدين ونصب القدمين قال عبد الله وقال المعلى حدثنا حماد بن مسعدة عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع اليدين فذكر نحوه ولم يذكر فيه عن أبيه وروى يحيى بن سعيد القطان وغير واحد عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع اليدين ونصب القدمين مرسل وهذا أصح من حديث وهيب وهو الذي أجمع عليه أهل العلم واختاروه."
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف رحمه الله تعالى "باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين في السجود" في وضع اليدين يعني على الأرض إزاء المنكبين أو حذو الأذنين كما تقدم تقريره فيما مضى وأن وضع اليدين في السجود قريب من رفعهما مع التكبير والركوع والرفع منه فجاء رفعهما حذو المنكبين مع تكبيرة الإحرام والمواضع المشروعة وجاء أنه -عليه الصلاة والسلام- رفع يديه إلى فروع أذنيه وقالوا إن الحكم واحد في وضع اليدين على الأرض والمراد باليدين الكفان لأن الذراعين لا يوضعان على الأرض لأن هذا هو الافتراش المنهي عنه فالمراد باليدين الكفان فقط دون الذراعين ومع ذلك يقرر أهل العلم أنه يستحب استقبال القبلة بهما ولذا يحكمون بالندب لضم الأصابع كما تقدم لأنها إذا لم تضم الأصابع تفرقت ولا تكون تجاه القبلة حتى تضم وهذا تقدم الكلام فيه بدليله وكذلك القدم سواء كان ذلك في حال القيام فتنصب القدمان تجاه القبلة وأنتم ترون عدم الاهتمام بهذا كثير من الناس لا يهتم بل مع الأسف من طلاب العلم تجد الرجل اليمنى متجهة إلى بيت المقدس واليسرى إلى صنعاء والأصل أن يستقبل بهما القبلة كسائر بدنه ويستقبل بأطراف قدميه القبلة وهذا جاء في حديث أبي حميد الصحيح في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بمحضر عشرة من أصحابه قال رحمه الله "حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن" هو الدارمي الإمام المشهور صاحب السنن المشهورة المتداولة وصاحب المسند الذي نص أهل العلم على ذكره وإن انتقد العراقي وغيره ابن الصلاح في جعله كتاب الدارمي مسندًا لأن الموجود المتداول مرتَّب على الأبواب وهذا نبهنا عليه مرارًا وأن الدارمي ذُكر في ترجمته في تاريخ بغداد وغيره أن له مسند فلعله غير السنن المعروفة وإن كان الإطلاق العام للمسند يشمل السنن المرتَّبة على الأبواب إذا كانت تروى بالأسانيد كما قيل في صحيح البخاري أنه الجامع الصحيح المسند لأن الأحاديث تروى فيه بالأسانيد "قال أخبرنا مُعلى بن أسد" يعني العَمِّي البصري وهو ثقة "قال حدثنا وُهَيْب" بن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم وهو كذلك ثقة ثبت تغيَّر قليلاً بأخره "عن محمد بن عجلان" المدني وهو صدوق عند أهل العلم لا يصل إلى مرتبة من قبله من التوثيق وليس ممن يُردّ حديثه "عن محمد بن إبراهيم" التيمي ثقة أيضًا وهو راوي حديث الأعمال بالنيات وقد تفرد بروايته وله أفراد كما نص على ذلك أهل العلم منها حديث «إنما الأعمال بالنيات» "عن عامر بن سعد بن أبي وقاص" تابعي ثقة كثير الحديث "عن أبيه" سعد بن أبي وقاص الزهري أحد العشرة المبشرين بالجنة "عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع اليدين ونصب القدمين" أمر بوضع اليدين ونصب القدمين أمر بوضع اليدين يعني على الأرض والمراد بذلك الكفان كما تقدم إزاء القبلة إما حذو المنكبين أو إلى موازاة الأذنين ونصب القدمين بجعل قدميه قائمتين قائمتين على بطون الأصابع والأصابع يستقبل بها القبلة كما ذكرنا ذلك عن حديث أبي حميد في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- وكثير من المصلين لا يجعلون القدمين بهذه المثابة منصوبة وأصابعها إلى القبلة بعضهم يلتفت بها يمينًا أو شمالاً بالثنتين وبعضهم يجعل اليمنى يمين واليسرى شمال وبعضهم يجعل ظهورهما على الأرض وأسوأ من ذلك كله من يرفعهما عن الأرض لأننا أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم ومن يرفع القدمين عن الأرض أو إحداهما لم يسجد على سبعة أعظم كل هذه مخالفات أنتم ترون يعني أحد يجعلهما يمين والثاني يسدلهما يسار إلى غير ذلك من الصور التي لا تخفى عليكم وهذه أمور مشاهدة "قال عبد الله وقال مُعلى بن أسد حدثنا حمّاد بن مسعدة" يعني بدلاً من وهيب في الطريق السابق "حماد بن مسعدة عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع اليدين فذكر نحوه" يعني من غير ذكر لسعد بن أبي وقاص الصحابي فالحديث يرفعه التابعي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذه حقيقة المرسَل.
مرفوع تابع على المشهورِ |
| مرسل أو قيده بالكبيرِ |
فهذا مرسل لأن عامر بن سعد لا يذكر أباه في هذا الطريق وهي رواية الأكثر وهي المرجحة عند الإمام الترمذي وغيره "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع اليدين فذكر نحوه ولم يذكر فيه عن أبيه" والعلماء يختلفون في الاحتجاج بالمرسَل فالجمهور على أنه من قسم الضعيف لا يُقبَل لأن المحذوف يحتمل أن يكون صحابيًا ويحتمل أن يكون رواه التابعي عن تابعي مثله أو تابعي عن تابعي وقد ثبت رواية التابعي عن التابعي عن التابعي أيضًا إلى ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض وإذا وجد هذا الاحتمال وجد الا حتمال الآخر أن من رواته من قد يكون ضعيفًا من هؤلاء التابعين المحذوفين وإذا وجد هذا الاحتمال لا يرقى الخبر إلى درجة الاحتجاج لأن الأصل الاحتياط للسنة ومذهب أبي حنيفة ومالك الاحتجاج بالمراسيل كما هو معروف.
واحتج مالك كذا النعمان |
| به وتابعوهما ودانوا |
ورده جماهر النقاد |
| للجهل بالساقط في الإسناد |
وصاحب التمهيد عنهم نقله |
| ومسلم صدر الكتاب أصَّله |
فالمرسل ومنه ما معنى على المرجَّح لا يُقبَل لكن يغني عنه أحاديث جاءت في معناه "قال أبو عيسى وروى يحيى بن سعيد القطان وغير واحد عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد" عندنا وُهيب هو الذي وصله بذكر سعد بن أبي وقاص وحمّاد بن مسعدة وأيضًا يحيى بن سعيد القطان وغير واحد ذكروه "عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد" دون ذكر لسعد بن أبي وقاص "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع اليدين ونصب القدمين مرسل" قال الترمذي "وهذا أصح من حديث وهيب" لماذا؟ لأن الذين رووه بالإرسال أكثر لأن الذين رووه بالإرسال أكثر قال "وهو الذي أجمع عليه أهل العلم واختاروه" رواية الأكثر وهم ثقات ووهيب ثقة رواه موصولاً والأكثر رووه مرسلاً وإذا اختلف الرواة في وصل حديث وإرساله فقد اختلف العلماء تبعًا لذلك في الحكم لأيهما هل يحكم للوصل لأن الواصل معه زيادة علم خفيت على من أرسل أو يحكم للإرسال لأنه المتيقن أو للأكثر كما هنا أو للأحفظ خلاف بين أهل العلم والمعروف عند الأئمة المتقدمين أنه لا يحكم بحكم عام مطَّرد في مثل هذا بل يحكم لما ترجحه القرائن والشيخ أحمد شاكر يرى أن من أرسله ثقات ومن وصله ثقة ووصله زيادة وزيادة الثقة مقبولة يقول فالحديث صحيح موصولاً فالحديث صحيح موصولاً وهذه قاعدة المتأخرين في الحكم على مثل هذا التعارض هذه قاعدة المتأخرين يحكمون بأحكام مطردة وعلى كل حال الحكم متقرر بأحاديث كثيرة وليكن هذا منها وإذا قلنا بقول الإمام مالك وأبي حنيفة بالاحتجاج بالمرسل فهذا لازم له وعلى القول الثاني قول الأكثر أن المرسل مردود لا يقبل والراجح إرساله لأنه رواية الأكثر كما قرر ذلك الإمام الترمذي قلنا أن الخبر أو الحكم ثبت بنصوص أخرى.
سم.
عفا الله عنك.
قال رحمه الله تعالى:
"باب ما جاء في إقامة الصلب إذا رفع رأسه من السجود والركوع حدثنا أحمد بن محمد بن موسى قال أخبرنا ابن المبارك قال أخبرنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود قريبًا من السواء وفي الباب عن أنس حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن الحكم نحوه حديث البراء حديث حسن صحيح."
يقول رحمه الله تعالى: "باب ما جاء في إقامة الصلب إذا رفع رأسه من الركوع والسجود" كثير من الوافدين لاسيما من الشرق ترونهم إذا رفعوا رؤوسهم من الركوع والسجود لا يتمون الاعتدال فضلاً عن كونهم يطمئنون به مجرد رفع ثم نزول مباشرة وهذا في الرفع من الركوع ومن السجود على حد سواء ولا شك أن هذا خلاف ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- في صفة صلاته وقد قال «صلوا كما رأيتموني أصلي» لكن هل لهم حجة؟ النصوص كلها تدل على الطمأنينة والأمر بها وتدل على أن الرفع من الركوع والسجود مع السجود والركوع قريبًا من السواء كما في هذا الحديث وغيره ننظر في حجتهم بعد أن ننهي الكلام على السند وأول المتن قال رحمه الله "حدثنا أحمد بن محمد" بن موسى المروزي "قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا شعبة" وهو ابن الحجاج "عن الحكم" وهو ابن عتيبة "عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب" السند كله ثقات والحديث مخرج عند الجماعة كلهم "عن البراء بن عازب" عبد الرحمن بن أبي ليلى هو الأب المحدث المعروف ثقة وله أولاد من أشهرهم محمد الفقيه المعروف وهو مرمي بسوء الحفظ لكنه فقيه قاضي فقيه معتبَر وأقواله تدور كثيرًا في كتب الفقه على ما قيل فيه من ضعف في حفظه وأما الأب فهو ثقة "عن البراء بن عازب قال كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود قريبًا من السواء" وجاء في أحاديث عن أنس وغيره أنه إذا رفع من الركوع وقف حتى نقول قد نسي حتى نقول قد نسي إذا رفع رأسه من الركوع يقول ابن دقيق العيد هذا الحديث يدل على أن الاعتدال ركن طويل فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف وهو قولهم دليل عقلي ما هو دليل نقلي قياس، فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف وهو قولهم لم يُسَنَّ فيه تكرير الذكر السجود والركوع يسن فيه التكرير تقول سبحان ربي العظيم من واحدة مجزئة إلى ثلاث كمال إلى عشر كما تقدم وكذلك سبحان ربي الأعلى في السجود لكن ذكر القيام لا يسن فيه التكرير وهو قولهم لم يسن فيه تكرير الذكر كالركع والسجود وهو قياس فاسد لماذا؟ لأنه في مقابل النص قياس فاسد لأنه في مقابل النص وأيضًا فالذكر المشروع فيه أطول من الذكر المشروع في الركوع والسجود إذا كررت سبحان ربي العظيم ثلاث أو سبحان ربي الأعلى ثلاثة أطول والا أن تقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد إلى آخر الذكر لا شك أن هذا أطول يعني مع أنه مقابل النص إلا أنه قياس غير صحيح بل هو أطول على كل حال إلا من أراد أن يطيل السجود من أجل الدعاء فأكثروا فيه من الدعاء «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه في السجود من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم» وحينئذٍ يكون أطول ولا يعني أنه إذا كان أطول أن القيام من الركوع أو من السجود لا يطوَّل إذا رفع رأسه من الركوع وإذا رفع رأسه من السجود قريبًا من السواء فيه إشعار بالتفاوت لأنه قال قريب ما قال سواء ولكن لم يعيَّن هذا التفاوت ولكنه يدل على الطمأنينة في الاعتدال من الركوع وبين السجدتين لما عُلم من عادته -صلى الله عليه وسلم- من تطويل الركوع والسجود فإذا كان قريبًا من الطويل فهو مطوَّل لكنه أقل ومع ذلك هو على كل حال رد على من ينقر هذين الركنين قال بعض الحنفية أن قوله قريب من الركوع والسجود هذا فيه مبالغة من الراوي وإلا فحقيقة الأمر ليست كذلك بدليل أنه جاء في بعض الروايات أن قراءته -عليه الصلاة والسلام- وقيامه وركوعه وسجوده قريب من السواء ولا شك أن ركن القيام مع القراءة جاء فيه التطويل من النبي -عليه الصلاة والسلام- وقرأ فيها في هذا الركن من من الطوال سور طويلة فهي بلا شك أطول من الركوع والسجود لاسيما فيما ثبت فيه التطويل قال هذا مبالغة وليكن هذا مثله على كل حال الوارد من الأذكار في الرفع من الركوع والرفع من السجود يدل على الرد الصريح على من ينقر هذين الركنين وجاء في حديث المسيء الرد الصريح ثم ارفع حتى تطمئن قائمًا ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا وإذا سجد وإذا سجد وغذا رفع رأسه من الركوع من السجود قريبًا من السواء "قال وفي الباب عن أنس" عند مسلم قال رحمه الله "حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر" بندار عن غندر قال "حدثنا شعبة" وهو ابن الحجاج "عن الحكم نحوه قال أبو عيسى حديث البراء حديث حسن صحيح" وهو مثل ما قلنا أخرجه الجماعة البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه إضافة إلى الإمام الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم والعمل عليه عند أهل العلم مقتضى ذلك أي عند جميع أهل العلم ومن ينقر هذين الركنين لا سلف له وكما أنه مخالف لما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أيضًا لم يقتد بإمام تبرأ الذمة بتقليده.
سم.
عفا الله عنك.
قال رحمه الله تعالى:
"باب ما جاء في كراهية أن يبادَر الإمام في الركوع والسجود حدثنا بندار قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي.."
حدثنا.. قال إيش؟ أول السند..
حدثنا بندار..
إيش؟
حدثنا بندار..
بندار؟ نعم إيه..
"قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن يزيد قال حدثنا البراء وهو غير كذوب قال كنا إذا صلينا خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرفع رأسه من الركوع لم يحنِ رجل منا ظهره حتى يسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنسجد وفي الباب عن أنس ومعاوية وابن مسعدة صاحب الجيوش وأبي هريرة حديث البراء حديث حسن صحيح وبه يقول أهل العلم إن من خلف الإمام إنما يتبعون الإمام فيما يصنع ولا يركعون إلا بعد ركوعه ولا يرفعون إلا بعد رفعه ولا نعلم بينهم في ذلك اختلافًا."
يقول الإمام رحمه الله تعالى "باب ما جاء في كراهية أن يبادَر الإمامُ" أو أن يبادِر الإمامَ يعني المأموم "بالركوع والسجود" وغيرهما من الأركان فلا تجوز مسابقة الإمام كما أنها لا تجوز موافقته لأن أفعال المأموم عُطِفَت على أفعال الإمام بالفاء التي تقتضي الترتيب وأن يكون فعل المأموم عقب فعل إمامه فلا مسابقة ولا موافقة ولا تأخُّر «إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا» إلى آخره «وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد» إلى غير ذلك من الأفعال التي يقتدي بها المأموم بإمامه والكراهية في الترجمة هي كراهية التحريم لأن المبادرة والمسابقة حرام بالإجماع وهل تبطل الصلاة أو لا تبطلها؟ خلاف بين أهل العلم وجاء فيها «أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحوِّل الله رأسه رأس حمار؟! أو صورته صورة حمار؟!» لا شك أن هذا تهديد ووعيد شديد يدل على أنه من عظائم الأمور لكن هل تبطل الصلاة بذلك كما قال أحمد في رواية وبعض العلماء أو لا تبطل؟ لأنه وإن وجد التهديد إلا أنه لم يقل في الحديث فلا صلاة له أو عليه أن يعيد أو ما أشبه ذلك قال رحمه الله "حدثنا محمد بن بشار" وفي بعض النسخ حدثنا بندار وهو هو هذا اسمه وذاك لقبه قال "حدثنا عبد الرحمن بن مهدي" الإمام العلَم المشهور قال "حدثنا سفيان" وهو الثوري وهذا جارٍ على القاعدة أنه إذا كان بين سفيان والمؤلف من أصحاب الكتب الستة راويان فهو الثوري لقِدَمه وإن كان راويًا واحدًا أو راوٍ واحد فهو ابن عيينة لتأخره هذا في الغالب "قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق" وهو السَّبيعي "عن عبد الله بن يزيد" الخطمي صحابي صغير قال "حدثنا البراء" وهو ابن عازب "وهو غير كذوب" وهو غير كذوب كذوب صيغة مبالغة فعول وهي في النفي في مثل هذه الحالة غير كذوب هل تنفي أن يكون.. أن يُنفى عنه الكذب؟ هل يُنفى عنه الكذب قولنا غير كذوب يعني في قوله جل وعلا {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} [سورة فصلت:46] هل تعطي معنى {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [سورة النساء:40] سؤال صيغة مبالغة في الإثبات على حقيقتها تثبت ما نُسب إلى المسنَد إليه بكامل معناها لكن إذا نفيت؟ إذا قلنا فلان غير كذوب كما هنا {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ} [سورة فصلت:46] يعني إذا وجد هذا التعبير في غير القرآن وفي حق غير الله جل وعلا إذا قيل ما هو ظلام هل ينفي أن يكون ظالم؟ وهنا وهو غير كذوب هل ينفي أن يكون كاذب مثل هذه الصيغة ما تنفي أولاً الراوي عبد الله بن يزيد الخطمي وهو صحابي حينما يقرر أن البراء بن عازب غير كذوب مثل ما يقرر ابن مسعود وغيره في قوله حدثنا الصادق المصدوق الصادق المصدوق وهو مجرد إخبار ولا يراد بذلك حقيقة اللفظ ولا يدل على أدنى شك لأن الصحابة كلهم عدول بعضهم يرى أن الوصف ليس للبراء لأن البراء صحابي كما نُقِل عن يحيى بن معين وإنما الوصف لعبد الله بن يزيد على القول بأنه غير صحابي لأنه مختلف في صحبته وعلى هذا يكون القائل أبو إسحاق وإذا قلنا أن القائل عبد الله بن يزيد والمقول فيه البراء يحيى بن معين كأنه استبعد أن يوصَف الصحابي بأنه غير كذوب استبعد أن يوصَف الصحابي بأنه غير كذوب لأنه الصحابة كلهم عدول لكنه وصف ينفي هذا الوصف الشنيع وصف منفي لأنه لا يليق بالصحابة ولا بغيرهم من ثقات الناس فضلاً عنهم مثل ما قال ابن مسعود حدثني الصادق المصدوق النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس بحاجة بأن يوصف بهذا الوصف وإنما هو من باب التأكيد وصريح الإسناد يدل على أن القائل عبد الله بن يزيد والمقول فيه البراء وأما ما ذهب إليه يحيى بن معين من أن القائل أبو إسحاق والمقول فيه عبد الله بن يزيد فخلاف ما يدل عليه السياق وإذا كان قصده براءة البراء من مثل هذا الكلام وأنه لا يحتاج إلى مثل هذا التوثيق كذلك عبد الله بن يزيد صحابي لكنه لا يُلزَم بقول غيره إذا كان لا يراه صحابيًا وهو مختلف فيه "قال كنا إذا صلينا خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرفع رأسه من الركوع" فرفع رأسه من الركوع "لم يحنِ رجل منا ظهره حتى يسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لم يحنِ بناء على أنه من حنى يحني بالياء فجُزِم بحذف حرف العلة التي هي الياء وبقيت الكسرة للدلالة عليها ويجوز كما جاء في مسلم لم يَحْنُ بالضم لأنه من حنا يحنو وهو كما يقال حنى يحني يقال حنا يحنو بالواو وبالياء ومعناه أنه لم يثنِ فهو من باب رمى يرمي أو عدا يعدو "لم يحنِ رجل منا ظهره حتى يسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنسجد" وإذا سجد فاسجدوا لأن الفاء للتعقيب يعني بعده ولا يوافَق ولا يسابَق لا يكون سجود المأموم مع سجود إمامه ولا يكون سجوده قبل إمامه وإنما يقع بعده فإذا تم وسجد ووصل إلى الأرض شرع المأموم في السجود في كلام لابن العربي في عارضة الأحوذي كنا إذا صلينا خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرفع رأسه من الركوع لم يحنِ رجل منا ظهره "حتى يسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنسجد" يقول ابن العربي في العارضة هكذا ينبغي أن يكون حكم الائتمام والقدوة ولقد فات هذا جميع الخليقة هذا فيه مبالغة جميع الخليقة يسابقون الإمام؟ لا، يوجد من يسابق لكن جميع الخليقة يسابقون، لا، قال ولقد فات هذا جميع الخليقة فلا ترى أحدًا يركع ولا يرفع ولا يسجد إلا قبل إمامه قد يكون هذا في وقته من فئة من الناس كما هو موجود الآن بعض الناس مطبوع على العجلة مطبوع على العجلة وإلا ما الذي يستفيده؟ لا يستفيد شيئًا يبي ينصرف قبل الإمام؟! بعض الناس إذا وقف عند الإشارة هو مع ولده فتح الباب ونزل وتقدم هو بيسبق السيارة هو؟! مطبوع بعض الناس على هذه العجلة ولا تفيده شيئًا يقول ولقد فات هذا جميع الخليقة فلا ترى أحدًا يركع ولا يرفع ولا يسجد إلا قبل إمام لأنهم يستعجلون وإذا نظر العاقل علم أن عجلته لا تنفعه لا تنفعه في ذلك فإنه لا يقدر أن يسلِّم قبل إمامه فإنه لا يقدر أن يسلِّم قبل إمامه فليصبر عليه في سائر الأفعال وجاء في الخبر «العجلة من الشيطان» يريد الشيطان أن يفسد عليك عبادتك فليصبر عليه في سائر الأفعال كما يصبر في السلام وفي الصحيح عن البراء أنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رفع رأسه من الركوع لم نزل قيامًا حتى نراه وضع جبهته في الأرض فإن فعل أحدكم فإن فعل أحدكم كذلك في صلاته واقتحم النهي وخالف السنة أو فعله معه ولم يسبقه فاعلموا أن المستحب أن يفعل ما في الحديث من أن يكون فاعلاً لأفعال الصلاة بعد إمامه إلى آخر كلام نقله عن الإمام مالك يقول قال ابن وهب عن مالك في الأعمى يخالف إمامه فيركع قبله ويسجد قبله أنه يستأنف الصلاة وهذا صحيح لأن القدوة فرض لا بد من الاقتداء بالإمام إنما جعل الإمام ليؤتم به هذا حصر قال رحمه الله "وفي الباب عن أنس" عند مسلم "ومعاوية" عند الطبراني "وابن مسعدة" صاحب الجيوش عند الإمام أحمد في المسند "وأبي هريرة" في الصحيحين في البخاري ومسلم "وابن مسعدة" صاحب الجيوش واسمه عبدالله بن مسعدة ولقبه صاحب الجيوش وكان معاوية يوليه على الجيوش في قتال الروم "قال أبو عيسى حديث البراء حديث حسن صحيح" وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما "وبه يقول أهل العلم" وبه يقول أهل العلم يعني بمفاده بحكمه أنه لا تجوز المسابقة ولا الموافقة بل لا بد أن تقع أفعال المأموم بعد أفعال إمامه "وبه يقول أهل العلم إن من خلف الإمام إنما يتبعون الإمام فيما يصنع لا يركعون إلا بعد ركوعه ولا يرفعون إلا بعد رفعه لا نعلم بينهم في ذلك خلافًا" وعرفنا ما في المسابقة من التهديد والوعيد الشديد «أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار؟! أو صورته صورة حمار؟!» وهل مثل هذا الوعيد يقتضي بطلان الصلاة كما قال به جمع من أهل العلم أو يقتضي الإثم والتحريم مع صحة الصلاة لأنه لم يُنَص في الحديث على البطلان ولا على وجوب الإعادة ولا شك أن من كبَّر تكبيرة الإحرام قبل إمامه أن صلاته لم تنعقد أن صلاته لم تنعقد والخلاف فيما عدا ذلك.
نعم.. سم..
عفا الله عنك.
قال رحمه الله تعالى:
"باب ما جاء في كراهية الإقعاء بين السجدتين حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال أخبرنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يا علي أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي لا تُقْعِ بين السجدتين» هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث علي من حديث أبي إسحاق عن الحارث عن علي وقد ضعّف بعض أهل العلم الحارث الأعور والعمل على هذا الحديث عن أكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء وفي الباب عن عائشة وأنس وأبي هريرة."
الذي يليله.. اقرأ الذي يليه.
"باب في الرخصة في الإقعاء حدثنا يحيى بن موسى قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسًا يقول قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين قال هي السنة فقلنا لنراه جفاء بالرجل قال بل هي سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- هذا حديث حسن وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحابي النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يرون بالإقعاء بأسًا وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه والعلم وأكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء بين السجدتين."
هذا يسأل يقول: كثير من الأئمة يؤخرون تكبيرة الركوع فلا يكبرون إلا إذا اقتربوا من موقع السجود يعني تكبيرة السجود خشية أن يسبقه المأمومون فهل هذا صحيح؟
التكبير الأصل فيه أنه للدلالة على الانتقال من ركن إلى ركن فيكون القول مقارنًا للفعل هذا الأصل فيه هذا الأصل وكونه يؤخر هذا الأصل من أجل غيره لا شك أن فيه محافظة على صلاة المأموم مثل ما يتأخر الإمام في الركوع ليدرك المأموم الركوع لكن ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- وأنه جعل التكبيرات للدلالة على الانتقال وأهل العلم يسمونها بهذا الاسم فالأولى أن تكون مقارنة للفعل وينبَّه على الناس لأن مثل هذا اللي يبي يسابق بيسابق اللي بيسابق اللي بيسابق الإمام بيسابقه ولو أخّر التكبير لا شك أن فعله له وجه صحيح للمحافظة على صلاة المأموم وقطع المسابقة عليه لكن لا شك أن الحق أحق أن يُتَّبَع.
قال رحمه الله "باب ما جاء في كراهية الإقعاء في السجود" الإقعاء في السجود في بعض النسخ الإقعاء بين السجدتين وهذا هو المراد السجود ما فيه إقعاء الإقعاء بين السجدتين ويُطلَق الإقعاء ويراد به نصب القدمين والجلوس بالإليتين على العقبين كما يُطلَق ويراد به الجلوس على الإليتين على الأرض ونصب القدمين هذه حقيقة الإقعاء ويطلق على هذا ويطلق على هذا لأنه جاء النهي عنه وجاءت الرخصة فيه فهل نقول أن الرخصة في حديث ابن عباس منسوخة كما قال بعضهم أو نقول أن حديث النهي منصَبٌّ على الصورة الثانية التي فيها مشابهة لإقعاء الكلب وقد نهينا عن التشبه بالحيوانات في الصلاة وما جاء في حديث ابن عباس أنه السنة محمول على الإقعاء بالمعنى الأول ننظر ما قال الإمام رحمه الله تعالى قال "حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن" الدارمي قال "أخبرنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق" وهو السبيعي "عن الحارث" بن عبد الله الأعور "عن علي" والحارث كذّبه الشعبي فيما نقله الإمام مسلم في مقدمة الصحيح ورُمي بالرفض وتضعيفه هو قول عامة أهل العلم وأحسن بعضهم به الظن لكن المرجَّح أنه ضعيف جدًا إن لم يصل إلى حد ما قاله الشعبي فيه "عن علي" رضي الله عنه "قال قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يا علي أحب لك ما أحب لنفسي أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي»" جاء في الحديث الصحيح «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» هل هذا خاص أو هل هذا الكلام لا يشمل النبي -عليه الصلاة والسلام- «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- داخلاً في خطابه فما معنى تخصيص علي رضي الله عنه وأرضاه؟ «إني أحب لك ما أحب لنفسي».
هذا يقول: ألا نقول في قوله غير كذوب أنه من باب كمال النفي أو المبالغة في نفي الصفة وكذا في قوله تعالى {لَيْسَ بِظَلاَّمٍ} [سورة آل عمران:182]؟
إذا نفيت صفة المبالغة لا يقتضي ذلك نفي أصل الشيء على ما يقتضيه اللفظ على ما يقتضيه اللفظ أما من حيث دلالة النصوص الأخرى فما عندنا الصحابة كلهم عدول ولا يجوز القدح بواحد منهم لكن هذا حصل كيف نجيب عنه؟ وجاء {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [سورة النساء:40] {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً} [سورة آل عمران:108] ما يريد الظلم فضلاً عن كونه يزاوله لا قليله ولا كثيره هذا أشد مبالغة أما نفي صيغة المبالغة فلا يقتضي نفي الأصل هذا من حيث اللفظ وإذا ضممنا إلى ذلك الأدلة الأخرى تبين وجه الصواب.
"قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يا علي أحب لك ما أحب لنفسي»" قلنا إنه ثبت في الحديث الصحيح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» ودخول المتكلم في خطابه محل خلاف بين أهل العلم لكن إذا نظرنا أن ما دل عليه الحديث كمال الذي يحب للناس ما يحب لنفسه أكمل من الذي لا يحب لهم ما يحب لنفسه والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى بهذا الكمال مع ما جُبل عليه من خلق عظيم وما طُهِّر قلبه من الأدغال والأدخال فلا شك أنه أحق بهذا فهذا شأنه مع جميع المؤمنين مع جميع من ينتسب إلى هذا الدين يحب لهم ما يحب لنفسه وقد وجه غيره إلى ذلك وهو أولى به لأنه كمال "«وأكره لك ما أكره لنفسي»" كذلك "«لا تقع بين السجدتين»" ولا شك أن النهي عن الإقعاء ثابت بغير هذا الحديث وإلا فهذا الحديث ضعيف لأن فيه الحارث الأعور وعامة أهل العلم على تضعيفه جاء النهي عن مشابهة الحيوانات الإقعاء كإقعاء السبُع أو الكلب والافتراش والنقر كنقر الغراب والبروك كبروك البعير وغير ذلك من أوجه الشبه بالحيوان "«لا تقع بين السجدتين» قال أبو عيسى هذا حديث لا نعرفه من حديث علي إلا من حديث أبي إسحاق عن الحارث" وهو ابن عبد الله الأعور عن علي وسبق أن ذكرنا أنه كذبه الشعبي فيما نقله الإمام مسلم في صدر الصحيح ومع ذلك هو من غلاة الشيعة رافضي "وقد ضعّف بعض أهل العلم الحارث الأعور" مثل ما ذكرنا "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء" لما ثبت فيه من أحاديث غير هذا الحديث "قال وفي الباب عن عائشة" عند مسلم "وعن أنس" عند ابن ماجه.. "وعن أبي هريرة" عند أحمد في المسند في حديث عائشة عند مسلم كان يفرش أو يفترش رجله اليسرى وينصب اليمنى وينهى عن عقبة الشيطان فهذا الإقعاء المنهي عنه الذي هو عقبة الشيطان وهو الإقعاء كإقعاء الكلب وهو الجلوس على الأرض على الإليتين ونصب الساقين ويضيف بعضهم وضع اليدين على الأرض أما الإقعاء المرخَّص فيه في حديث ابن عباس الذي قال فيه الإمام رحمه الله "باب ما جاء في الرخصة في الإقعاء" قال "حدثنا يحيى بن موسى قال حدثنا عبد الرزاق" وهو ابن همام الصنعاني "قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير" وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي "أنه سمع طاووسًا يقول قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين قال هي السنة" صريح في أن الإقعاء سنة قال هي السنة وإذا قال الصحابي السنة أو من السنة فله حكم الرفع لأنهم إذا أطلقوا السنة لا يريدون بذلك إلا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- "فقلنا إنه إنا لنراه إنا لنراه جفاءً بالرَّجُل" أو بالرِّجل؟ جفاء بالرِّجل أو جفاء بالرَّجُل وقد جاء مفسَّرًا على الوجهين في نصوص وقد جاء في الحديث مفسرًا بالوجهين ففي مسند الإمام أحمد "إنا لنراه جفاءً بالقدم" جفاء بالقدم وهذا يشهد لمن رواه بالرِّجل بكسر الراء وفي تاريخ ابن أبي خيثمة "وإنا لنراه جفاء بالمرء" بالمرء وهذا يفسِّر اللفظ الثاني ومصدر الحديث ومخرجه واحد فلا يمكن أن يصحح على الوجهين إنما الراجح أحدهما والثاني وهم من بعض الرواة ثم فسره على ما وهم جفاء بالرَّجل فرواه بالمرء أو بالرِّجل فرواه جفاء بالقدم على وهمه إنا لنراه جفاء بالرَّجل "قال بل هي سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح" عند مسلم وأبي داود أيضًا "وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يرون بالإقعاء بأسًا" ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه نهى عن الإقعاء وقال ابن عباس سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- وعرفنا أن الإقعاء فُسِّر بمعنيين فيحمل النهي على معنى وما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث ابن عباس على المعنى الآخر وهذا الأولى من القول بالنسخ وإن كان الأكثر من حاله -عليه الصلاة والسلام- الافتراش الافتراش في الجلسة بين السجدتين والتشهد الأول والتورك في التشهد الثاني "لا يرون بالإقعاء بأسًا وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه والعلم" كعطاء وطاووس ونافع والعبادلة "قال وأكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء بين السجدتين" وهذا قول الأئمة الأربعة لكن هل المراد بالإقعاء الذي نص الأئمة على كراهيته هو الإقعاء الذي قال فيه ابن عباس سنة نبيكم؟ نعم ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- الافتراش أكثر من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر الافتراش وهو خلاف الإقعاء وذكره في حديث ابن عباس دليل على جوازه وأنه قد يفعله أحيانًا لبيان الجواز وأما الإقعاء بالمعنى الثاني الذي هو إقعاء الكلب هذا منهي عنه بكل حال قال وأكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء بين السجدتين وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد لكن نص الشافعي في مختصر البويطي على استحبابه على استحباب ما جاء عن ابن عباس المسألة تحتاج إلى شيء من التفصيل إن كان المراد بالإقعاء ما جاء في حديث ابن عباس من نصب القدمين والجلوس على الإليتين على العقبين هذا ما جاء ذكره في حديث ابن عباس ولا بأس به وإذا كان المراد بالإقعاء القعود على الإليتين على الأرض ونصب الساقين هذا إقعاء الكلب الذي ثبت النهي عنه نقل الشيخ أحمد شاكر في حاشيته عن الخطّابي في معالم السنن قال أكثر الأحاديث على النهي عن الإقعاء في الصلاة وروي أنه عقبة الشيطان وقد ثبت من حديث وائل بن حجْر وحديث أبي حميد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قعد بين السجدتين مفترشًا قدمه اليسرى ورويت الكراهة في الإقعاء عن جماعة من الصحابة وكرهه النخعي ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وهو قول أصحاب الرأي وعامة أهل العلم وتفسير الإقعاء أن يضع إليتيه على عقبيه ويقعد مستوفزًا غير مطمئن إلى الأرض وكذلك إقعاء الكلب والسباع إنما هو أن تقعد على مآخيرها وتنصب أفخاذها قال أحمد بن حنبل وأهل مكة يستعملون الإقعاء عملاً بخبر ابن عباس وأهل مكة يستعملون الإقعاء وقال طاوس رأيت العبادلة يفعلون ذلك ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وروي عن ابن عمر أنه قال لبنيه لا تقتدوا بي في الإقعاء فإني إنما فعلت هذا حين كبرت ويشبه أن يكون حديث ابن عباس منسوخًا هذا كلام الخطابي والعمل على الأحاديث الثابتة في صفة صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول الشيخ أحمد شاكر أقول ما زعمه الخطابي من احتمال النسخ غير سديد فإن النسخ لا يُذهَب إليه إلا إن ثبت تاريخ الحديثين وعرف أن أحدهما كان قبل الآخر أو دل دليل واضح على النسخ وليس فيه شيء من هذا هنا ثم نقل عن النووي رحمه الله في شرح مسلم قال اعلم أن الإقعاء ورد فيه حديثان ففي هذا الحديث أنه سنة وفي حديث آخر النهي عنه رواه الترمذي وغيره في رواية من رواية علي وابن ماجه من رواية أنس وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى من رواية سمرة وأبي هريرة والبيهقي من رواية سمرة وأنس وأسانيدها كلها ضعيفة واختلف العلماء في حكم الإقعاء وفي تفسيره اختلافًا كثيرًا لهذه الأحاديث والصواب الذي لا معدل عنه يقول النووي والصواب الذي لا معدل عنه أن الإقعاء نوعان أحدهما أن يلصق إليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب هكذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه أبو عبيد القاسم بن سلام وآخرون من أهل اللغة وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي والنوع الثاني أن يجعل إليتيه على عقبيه بين السجدتين وهذا هو الذي وهذا هو مراد ابن عباس بقوله سنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- وقد نص الشافعي رضي الله عنه في البويطي والإملاء على استحبابه في الجلوس بين السجدتين وحمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما عليه جماعات من المحققين منهم البيهقي والقاضي عياض وآخرون رحمهم الله تعالى قال القاضي وقد روي عن جماعة من الصحابة والسلف أنهم كانوا يفعلونه قال وكذا جاء مفسَّرا عن ابن عباس رضي الله عنهما من السنة أن تمس عقبيك إليتيك من السنة أن تُمِسَّ عقبيك إليتيك هذا هو الصواب في تفسير حديث ابن عباس وقد ذكرنا أن الشافعي رضي الله عنه على استحبابه في الجلوس بين السجدتين وله نص آخر وهو الأشهر أن السنة فيه الافتراش لا شك أن الافتراش أكثر يعني جاء فيه من النصوص أكثر مما جاء في مثل حديث ابن عباس وحاصله أنهما سنتان وأيهما الأفضل؟ فيه قولان قال أحمد شاكر والذي قال النووي تحقيق جيِّد ويؤيده كتب اللغة قال ابن دريد في الجمهرة الإقعاء مصدر أقعى إقعاءً وهو أن يقعد على عقبيه وينصب صدور قدميه ونهى عن الإقعاء في الصلاة وهو أن يقعد على صدور قدميه ويلقي يديه على الأرض وفي لسان العرب أقعى الكلب إذا جلس على إسته مفترشًا رجليه وناصبًا يديه وقد جاء في الحديث النهي عن الإقعاء في الصلاة وفي رواية نهى أن يقعي الرجل في الصلاة وهو أن يضع إليتيه على عقبيه بين السجدتين وهذا تفسير الفقهاء قال الأزهري كما روي عن العبادة وأما أهل اللغة فالإقعاء عندهم أن يلصق الرجل إليتيه بالأرض وينصب ساقيه وفخذيه ويضع يديه على الأرض كما يقعي الكلب وهذا هو الصحيح وهو أشبه بكلام العرب وليس الإقعاء في السباع إلا كما قلنا والزمخشري حين فسر الحديث في النهي في كتابي الفائق والأساس الفائق في غريب الحديث والأساس أساس اللغة إنما فسر الإقعاء بما فسره به أهل اللغة فقط والفرق بين الفعلين واضح إقعاء السباع حركة المستوفز غير المطمئن وهذا منهي عنه في الصلاة والفعل الآخر جلوس على العقبين باطمئنان وليس بالإقعاء المعروف ولذلك تجد أحاديث النهي إنما تذكر الإقعاء مطلقًا أو مشبَّهًا بإقعاء الكلب يعني فيحمل المطلق عليه فيُحمَل المطلق عليه على إقعاء الكلب المقيَّد أو مشبهًا بإقعاء الكلب وأما الذي ذكر ابن عباس أنه سنة فإنما ذكر مقيدا بأنه إقعاءٌ على القدمين فكأنه إطلاق مجازي أو قريب من المجاز والله أعلم.
طالب: ...........
وش فيه؟ وش فيه؟
طالب: ...........
إيه فيه خلط هذا فيه خلط فيه خلط.
"