شرح المحرر - كتاب الزكاة - 03
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين يا رب العالمين.
قال المؤلف -رحمه الله-:
باب: زكاة المعشرات
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ليس فيما دون خمسة أواقٍ من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)) رواه مسلم.
وفي لفظ له من حديث أبي سعيد: ((ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة)) وفي لفظ له بدل التمر: ((ثمر)) بالثاء المثلثة.
وعن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر)) رواه البخاري، ولأبي داود: ((فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلاً العشر، وفيما سقي بالسواني أو النضح نصف العشر)) وإسناده على رسم مسلم.
وعن سفيان عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثهما إلى اليمن، فأمرهما أن يعلما الناس أمر دينهم، وقال: ((لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر)) رواه الطبراني والحاكم، وطلحة روى له مسلم.
وعن إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله عن عمه موسى بن طلحة عن معاذ بن جبل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((فيما سقت السماء والبعل والسيل العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر، وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب، وأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب فقد عفا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)) رواه الدارقطني والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وزعم أن موسى بن طلحة تابعي كبير، لا ينكر أن يدرك أيام معاذ، هكذا قال، وإسحاق بن يحيى تركه أحمد والنسائي وغيرهما، وقال أبو زرعة: موسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمر مرسلاً، ومعاذ توفي في خلافة عمر، فرواية موسى عنه أولى بالإرسال، وقد قيل: إن موسى ولد في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وسماه، ولم يثبت، قيل: إنه صحب عثمان مدة، والمشهور في هذا ما رواه سفيان الثوري عن عمرو بن عثمان....
عمرو بنِ
عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة قال: عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه إنما أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر.
وعن عبد الرحمن بن مسعود قال: جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا، قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وأبو حاتم البستي والحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وقال البزار: لم يروه عن سهل إلا عبد الرحمن بن مسعود بن نيار، وهو معروف، وقال ابن القطان: هذا غير كاف فيما يبتغى من عدالته، فكم من معروف غير ثقة، والرجل لا يعرف له حال، ولا يعرف بغير هذا، كذا قال، وفيه نظر.
وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لونين من التمر الجعرور ولون الحوبيق...
الحَبِيق، الحَبِيق.
ولون الحَبِيق، وكان الناس يتيممون شرار ثمارهم فيخرجونها في صدقاتهم، فنزلت: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] رواه أبو داود والطبراني، وهذا لفظه، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، وقد روي مرسلاً، قال الدارقطني: وهو الأولى بالصواب.
وعن سليمان بن موسى عن أبي سيارة المتعي، قال: قلت: يا رسول الله إن لي نحلاً؟ قال: ((أدِ العشر)) قلت: يا رسول الله احمها لي، فحماها، رواه أحمد وابن ماجه، وهذا لفظه، وقال البيهقي: هذا أصح ما روي في وجوب العشر فيه، وهو منقطع، وقال البخاري وغيره: ليس في زكاة العسل شيء يصح.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: زكاة المعشرات
يريد بذلك الخارج من الأرض من الزروع والثمار، وما في حكمها، مما يختلف فيه أهل العلم.
المعشرات قيل لها ذلك لأنه يجب فيها العشر، أو نصفه، أو ثلاثة أرباعه، على ما سيأتي.
قال -رحمه الله-: "عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((ليس فيما دون خمسة أواقٍ من الورق صدقة))" خمس أواق: جمع أوقية، والأوقية أربعون درهماً، الخمس مائتا درهم، وهذا تقدم ذكره من الورق، يعني من الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة؛ لأن النقدين هما الأصل فيما يتعامل به، الذهب والفضة، وقيمتهما فيهما، بحيث لا يمكن إلغاؤهما، ما يمكن إلغاء الدينار من الذهب أو الدرهم من الفضة؛ لأن القطعة تحمل القيمة، سواء كانت مضروبة أو غير مضروبة، يعني ليس التعامل بالذهب والفضة في الأمان مثل التعامل بغيرهما من النقود التي هي في الحقيقة عوض عن الذهب والفضة، فخمس أواق مائتا درهم وزناً، هذا نصاب الفضة الورق، وفيها ربع العشر كما تقدم بيانه.
((ليس فيما دون خمسة أواقٍ من الورق صدقة)) لأن النصاب مائتا درهم، والخمس الأواق في أربعين مائتا درهم، فإذا نقصت، فإذا لم يكن عند الرجل إلا مائة وتسعين، أو مائة وتسعة وتسعين، لكن النص جاء على مائة وتسعين، وعرفنا فيما تقدم أن الحساب يكون فيما فوق الآحاد بالعقود، والعقد الذي يلي المائتين هو مائة وتسعين.
((ليس فيما دون خمسة أواقٍ من الورق صدقة)) لأنها لم تبلغ النصاب ((وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة)) الذود من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر، وذود وصف لخمس، الخمس ذود؛ لأنها بين الثلاثة إلى العشرة، أما إذا قلنا: وليس فيما دون خمسِ ذودٍ، خمسِ بالإضافة اختل المعنى، المعنى نحتاج إلى خمسة أذواد، والذود من الثلاثة إلى التسعة، يعني أقل تقدير يكون النصاب خمسة عشر، لكن الذود وصف لخمس، فالخمس ذود؛ لأنها واقعة فيما بين الثلاث إلى التسع عند بعضهم، أو إلى العشر عند أكثر أهل اللغة، الذي ليس عنده خمس من الإبل ليس فيها زكاة في الأربع ليس فيها زكاة، الثلاث الثنتان الواحدة إلا أن يشاء ربها كما تقدم، فيخرج صدقة نفل ليست بواجبة، والكلام هنا في الصدقة الواجبة الزكاة.
((وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)) خمسة أوسق يعني بعض الروايات عند مسلم: ((من الثمر)) الذي يشمل التمر وغير التمر.
((خمسة أوسق)) الوسْق ويقال: الوسَق ستون صاعاً، فإذا ضربنا الستين في خمسة يكون النصاب ثلاثمائة صاع من التمر، إذا قلت عن ثلاثمائة صاع قالوا: يعفى عن الشيء اليسير الحبة والحبتين، لكن إذا قلت شيئاً مؤثراً يلتفت إليه فإنه ليس فيها صدقة.
((وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)) هذا هو النصاب، خمسة أوسق ثلاثمائة صاع بالصاع النبوي، الذي هو عبارة عن أربعة أمداد، والمد هو ما يملأ كفي الرجل المتوسط، لا بكبير اليدين ولا بصغير اليدين.
((وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)) رواه مسلم، وفي لفظ له من حديث أبي سعيد: ((ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة)) تمر ولا حب دل على أن الزكاة في الثمار والحبوب ((ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة)) وفي لفظ له بدل التمر: ((ثمر)) بالثاء المثلثة.
ويأتي الخلاف فيما تجب فيه الزكاة مما يخرج من الأرض في..... فيوجب الزكاة في كل ما يخرج من الأرض، وهذا سيأتي.
قال -رحمه الله- بعد ذلك: "وعن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر))" فيما سقت السماء بالمطر أو بالبرد أو بالطل الذي يتحلل فيما بعد مع دفء الجو، وينزل على المزارع إذا كان يكفيها، فهو المطر، أو البرد إذا نزل من السماء ثم ماع في الأرض صار ماءاً.
((أو كان عثرياً)) يعني يعثر على الماء بعروقه، بأن يكون الماء قريباً من سطح الأرض، فيشرب الماء بعروقه، ولا يحتاج إلى سقي يترتب عليه كلفة ومؤونة.
((العشر)) لأن هذه تسقى من غير فعل الآدمي، فزاد فيها حق الله -جل وعلا- إلى أن وصل إلى العشر، أكثر من غيرها، وكلما سهل الحصول على المال كثرت فيه الزكاة، أو زاد نصيب الفقراء منه، وإذا صعب الحصول عليه قل، هذا الأصل؛ لأنه قد يقول قائل: أنا أتعب كثيراً في تحصيل الأموال، وفلان لا يتعب، لماذا لا تكون الزكاة عليه أكثر من الزكاة علي طرداً لمثل هذا الكلام؟ يعني قد يخرج الاثنان إلى السوق في ظروف متشابهة، ويتعاملون بمعاملات متقاربة، فيرجع هذا بالألوف، وهذا قد يرجع بشيء يسير، وقد لا يرجع بشيء، ثم في النهاية إذا حال الحول فإذا بأحدهما عنده مائة ألف، والثاني عنده عشرة آلاف، هل نقول: هذا الذي سهل عليه الكسب وكسب مائة ألف خلال عام عليه أكثر من زكاة الثاني؟ لا، هذا يقتصر على ما ورد فيه النص؛ لأن بعض الناس تيسر له أسباب التجارة، ويربح الأرباح الطائلة من غير عناء ولا مشقة، والسبب في هذا عدم مراعاة مثل هذا الأمر أنه لا ينضبط، ما يمكن ضبطه، بينما ما جاء فيه النص يمكن ضبطه، وأما ما عداه من أنواع التجارات فلا يمكن ضبطه.
نقول لهذا الشخص الذي كسب الأموال الطائلة، وتيسرت له أسباب الكسب، ووجوه الربح، الواجب عليك أن تخرج من ربع العشر في تجارتك، إذا لم تكن مما حد فيه، إذا لم تكن التجارة من الإبل، أو من بهيمة الأنعام، أو من الخارج من الأرض، أو من العسل، أو الركاز أو المعادن على ما يختلف فيه أهل العلم، ما عدا ذلك من الأموال، وعروض التجارة كلها زكاتها ربع العشر، نقول مثل هذا؛ لأنه قد يقال: إذا كان المنظور إليه فيه تفاوت القدر الواجب في زكاة الخارج من الأرض الكلفة والمشقة تخفف الزكاة، قد يقول قائل: أنا أشتغل بناء في الشمس في الظهيرة، وأي كلفة ومشقة أشد من هذا، لماذا تكون زكاتي مثل زكاة الذين يجلسون في الأماكن الباردة الفخمة، ويخدمون ويربحون الأموال الطائلة، ما دام هذه قاعدة الشرع في الخارج من الأرض لماذا لا يكون هذا مثله في التجارات؟ نقول: هذا يقتصر على مورد النص؛ لأن غيره لا يمكن ضبطه.
((فيما سقت السماء والعيون)) التي تجري على وجه الأرض تنبع من الأرض وتجري من غير تعب من الآدمي ((أو كان عثرياً)) يشرب الماء بعروقه ((العشر)) العثري: الذي يشرب الماء بعروقه، الآن من التقنيات التي وجدت عند بعض أرباب المزارع الكبيرة يجعلون الماء تحت الطبقة من الأرض، تحت طبقة من الأرض، فيشرب الماء بعروقه، ويستفيدون وفرة في الماء؛ لأن الماء إذا تعرض للشمس قد يتبخر منه شيء ترون أن الأرض تيبس إذا ضربتها الشمس، لكن إذا مدد له مواصير تحت الأرض ونقط تنقيط تحت الطبقة الأولى يترك له مقدار شبر يحميه من الشمس، هل نقول: إن هذا عثري باعتبار أنه وصل إلى الماء بعروقه أم نقول: إن هذا بفعل الآدمي؟ بفعل الآدمي.
((أو كان عثرياً العشر)) عشرة بالمائة ((وفيما سقي بالنضح نصف العشر)) بالنضح، بالنواضح بالسانية بالمكائن، بالرشاشات، بغيرها مما يتعب عليه، ويتكلف فيه الآدمي، هذا نصف العشر، وعرفنا أن الزكاة تخفف عن مثل هذا؛ لأنه تعب، تعب عليها، وخسر بسببها الأموال، أما الأول فلم يتعب، فزيد عليه في مقدار الزكاة.
قد يقول قائل: السماء تسقي المزارع، لكن ليس على طول العام في فصل من فصول السنة، ثم ينقطع، ثم تسقى بالنواضح والسواني والمكاين إذا كان النصف، نصف المدة بالسماء والنصف الثاني بالنواضح والسواني هذا ممكن حسابه، فثلاثة أرباع العشر والشيء اليسير لا يلتفت إليه زيادة أيام أو نقص أيام هذا لا يلتفت إليه، المقصود أنه إذا كان فيه كلفة فالزكاة تخف، وإذا لم يتكلف صاحبه فالزكاة تضاعف عليه حتى تبلغ العشر.
"رواه البخاري، ولأبي داود: ((فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلاً))" قد يقول قائل: ما سقت السماء هذا واضح في كون المخلوق لا دخل له فيه، وقد يتسبب تسقي السماء مكاناً قريباً منه ثم يتسبب في جلبه إلى أرضه، وقد يجلب الماء من النهر إلى أرضه، نعم الأرض على حافة النهر، لكن هذه الأرض تحتاج إلى سواقي تحفظ الماء، أخاديد يمشي معها الماء إلى المراد سقيه، يعني ما في سقي إلا بهذه الطريقة، فيقول: أنا تعبت، عملت هذه الأخاديد، والماء معروف أنه من النهر، إذ لا يمكن جريان ماء على وجه الأرض إلا بالأخاديد، بخلاف أنهار الجنة التي تجري بغير أخاديد.
أنهارها من غير أخدود جرت |
| سبحان ممسكها عن الفيضانِ |
أما في الدنيا تعرفون أنه إذا تركت من غير أخاديد ضاعت وتفرقت يميناً وشمالاً، هل يكفي هذا التعب في وضع هذا الأخدود أن تخفف عنه الزكاة؟ نعم؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
كافي؟
طالب:.......
لكنه يخد هذه الأخاديد مرة واحدة في عمره، وتستمر هذه الزروع والثمار تشرب من ماء النهر من غير كلفة ولا مشقة، يعني مثل هذا لا يلتفت إليه مثل حرث الأرض، هل نقول: أنت حرثت وفلان ما حرث؟ هل يؤثر هذا أو لا يؤثر؟ مثل هذه التصرفات التي لا تتكرر لا يلتفت إليها.
"ولأبي داود: ((فيما سقت السماء والأنهار والعيون))" التي تفيض على الأرض ((أو كان بعلاً)) بعلاً يكفيه رطوبة الجو، لا سيما إذا كان فيه شيء من الطل والبعول معروفة.
((العشر)) لأنها لا كلفة فيها ولا مشقة ((وفيما سقي بالسواني)) الدواب التي يتستقى عليها أو يستقى بها، يستنبط بها الماء من الأبئار، أبئار أو آبار؟ الجمع؟ آبار أو أبئار؟ جمع بئر؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
جمع بئر نظيره الأصل أبئار هذا الأصل، لكنهم يسهلونه ويقولون: آبار.
((وفيما سقي بالسواني أو النضح نصف العشر)) وهذا كما تقدم؛ لأن فيه كلفة ومشقة على صاحبه، فلا يجمع عليه بين هذه المشقة وبين مضاعفة الزكاة.
"وإسناده على رسم مسلم" رواية أبي داود سندها صحيح على شرط مسلم، وهي في معنى ما جاء في مسلم، وفي معنى ما جاء في البخاري، يعني في المعنى المتفق عليه.
قال -رحمه الله-: "وعن سفيان عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثهما إلى اليمن" تقدم ما جاء في بعث معاذ إلى اليمن، وأنه مكث في اليمن إلى أن مات النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم قدم في خلافة أبي بكر، وأما أبو موسى فقدم على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو في حجة الوداع، وسأله النبي -عليه الصلاة والسلام- بما أحرمت؟ كما سأل علياً -رضي الله عنه- بما أحرمت؟ فقال كل واحد منهما: أحرمت بما أحرم به النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلي ساق الهدي مثل النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلم يحل حتى بلغ الهدي محله، كفعله -عليه الصلاة والسلام-، قارن، وأما أبو موسى فلم يسق الهدي فأمره بالإحلال، وسيأتي هذا في المناسك -إن شاء الله تعالى-.
المقصود أن أبا موسى بعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- كما بعث معاذاً إلى اليمن، لكن معاذ لم يقدم حتى مات النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأبو موسى قدم عليه وهو في حجته.
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثهما إلى اليمن، فأمرهما أن يعلما الناس أمر دينهم، وقال: ((لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر))" لا، الحصر هذا يقتضي أنه لا زكاة إلا في هذه الأربعة الأصناف، لكن هذا مرتب على درجة الحديث وصحة الحديث، ففيه كلام كثير لأهل العلم.
الحديث يقول: عن سفيان، إمام، عن طلحة بن يحيى، وطلحة هذا روى له مسلم كما قال المؤلف عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى ومعاذ بن جبل، فالسند صحيح، التعليق للمحقق حصل فيه بعض الأوهام.
ذكر كلاماً طويلاً في هذا الحديث، وهو مما يتعلق بالحديث الذي يليه، وهو من متعلقات الحديث الذي يليه لأنه قال هنا في التعليق على نفس الحديث، قال: وفي الاتصال بين موسى بن طلحة ومعاذ نظر، فقد ذكروا أن وفاة موسى..، ثم قال بعد ذلك: لكن شيخنا الألباني في إرواء الغليل بقوله: وأقول: لا وجه عندي لإعلال هذا السند بالإرسال؛ لأن موسى..، موسى موجود في الحديث الذي يليه، نعم؛ لأن موسى إنما يرويه عن كتاب معاذ، ويصرح بأنه كان عنده، فهي رواية من طريق الوجادة، وهي حجة على الراجح من أقوال علماء أصول الحديث، ولا قائل باشتراط اللقاء مع صاحب الكتاب، وإنما يشترط الثقة بالكتاب، وأنه غير مدخول، فإذا كان موسى هذا ثقة، ويقول: عندي كتاب معاذ بذلك فهو وجادة من أقوى الوجادات؛ لقرب العهد بصاحب الكتاب، والله أعلم.
وهذا الكلام موجود في الحديث الذي يليه، نعم، ومع ذلك، مع وجود هذا الكلام فيه، وتقوية الألباني، وأنه وجادة موسى بن طلحة عن معاذ بن جبل وجادة، قال: ضعيف جداً، الحديث الذي يليه، وهذا الحديث الذي معنا صححه، حديث الباب، صحيح وسنده مثلما ترون، سفيان إمام، وطلحة بن يحيى خرج له مسلم، وأبو بردة معروف، تابعي جليل يروي عن أبيه أبي موسى ومعاذ بن جبل، فإسناده صحيح بلا شك، لكن الكلام هل المرجح أنه من قول النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر)) أو أنه من صنيعهما، فكانا لا يأخذان الزكاة إلا من هذه الأصناف الأربعة، كما في بعض الروايات، هذا المحل الذي يؤثر في دراسة الحديث، يعني هل هو موقوف وإلا مرفوع؟ الحديث حديث الباب نص في أنه مرفوع، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر)) وبهذا قال جمع من أهل العلم، وأن الزكاة لا تجب بشيء مما يخرج من الأرض إلا هذه الأصناف الأربعة، والحصر صريح في هذا، ومنهم من يقول: يقاس عليها ما يشاركها في العلة، وهي الادخار، كل ما يقتات ويدخر تجب فيه الزكاة.
ومنهم من يقتصر على الادخار، حتى لو كان الخارج من الارض لا يستعمل في الأكل، يستعمل في علاج مثلاً، يستعمل في بهارات مثلاً، يعني ليس قوت، فيقول: إذا وجد الادخار فتجب فيه الزكاة؛ لأن هذه الأمور يجمعها الادخار، يعني نظير ما قالوا في الربويات الذي ينظر إلى العلة يطردها في كل ما يشاركها في علته، والذي لا ينظر إلى العلة، ويقتصر على الوارد كالظاهرية يقول: لا ربا إلا فيما ذكر في الستة الأنواع، ولا زكاة إلا فيما ذكر من هذه الأربعة أنواع، وعلى هذا أهل الحجاز، ((لا زكاة إلا في الأربعة الأصناف)) طيب الشعر والحنطة ماذا عن الأرز؟ فيه زكاة وإلا ما فيه زكاة؟ ماذا عن الذرة، وقد جاء فيها أحاديث لكنها فيها كلام، الأرز فيه زكاة مثل الحنطة وإلا ما فيه؟
طالب:.......
الذي لا ينظر إلى العلة، ويقتصر على الأربع يقول: ما في زكاة، والذي ينظر إلى العلة يقول: لا زكاة في أي خارج من الأرض إلا ما يشارك هذه الأصناف الأربعة في العلة، وهذا هو المعروف عند الحنابلة.
الحنفية يقولون: كل ما يخرج من الأرض فيه الزكاة، فيما سقت السماء العشر، فتجب في الفواكه والخضروات؛ لأنها تسقيها السماء ففيها العشر، لكن هذا اللفظ، لا شك أنه عام يدخله التخصيص بمثل هذا النص، يدخله التخصيص، فإن قلنا بالاقتصار على هذه الأربعة، وأخرجنا ما عداها، الآن المحاصيل الزراعية من الحبوب والثمار التي هي خارج هذه الأصناف الأربعة أكثر من هذه الأصناف، الأرز مثلاً لو نظرنا على مستوى العالم وجدناه أكثر من الحنطة، فهل نقول: إن مثل هذه الأموال الطائلة ليس فيها زكاة.
الفواكه الخضروات ليس فيها زكاة مطلقاً، وإلا ليس فيها زكاة الخارج من الأرض؟ إنما الزكاة في قيمتها، إذا حال عليها الحول، فالخلاف بين أهل العلم من هذه الحيثية، هل تزكى زكاة الخارج من الأرض؟ فكل ما يخرج من الأرض يزكى عند الحنفية، وعند أهل الحجاز لا يزكى إلا الأربعة، ومن عداهم يقول: تزكى هذه الأربعة وما يشاركها في العلة، ولا شك أن من يقول بالقياس يلزمه أن يقول بزكاة كل ما يتفق مع هذه الأربعة في العلة، الشعير والحنطة والزبيب والتمر.
الذرة جاء فيها أحاديث لا يثبتها أهل العلم بالحديث، لكنها تقتات وتدخر، مثلها الدخن، وأولى منهما الأرز، هذه مشاركة في العلة،...... يقول: هذه ليس فيها زكاة خارج من الأرض، إنما فيها زكاة..، الزكاة في قيمتها إذا حال عليها الحول، وأما قول الحنفية في أن كل ما يخرج من الأرض فيه زكاة بدليل: ((فيما سقت السماء العشر)) فقول ضعيف؛ لأن التخصيص بمثل هذا الحديث وارد.
"رواه الطبراني والحاكم، وطلحة روى له مسلم".
"وعن إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله عن عمه موسى بن طلحة عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((فيما سقت السماء والبعل والسيل العشر))" على ما تقدم؛ لأنه ليس فيه كلفة ولا مشقة ((وفيما سقي بالنضح نصف العشر، وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب)) هذا الحديث لو صح لقلنا: إن الحبوب يدخل فيها الذرة، ويدخل فيها الأرز، وفيها إشارة إلى الاشتراك في العلة، مما يسند من يقول بأنه يقاس عليها ما يشاركها في العلة، لكنه فيه كلام، ومضعف عند أهل العلم.
((وأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب فقد عفا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)) لأنه لا يقتات، إنما يؤكل في يومه، وإذا بيع فالزكاة في قيمته إذا بلغت نصاباً ((وأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب فقد عفا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)) يعني ليس فيه زكاة الخارج من الأرض، وإنما إذا كان معداً للتجارة بكميات كبيرة يصفو من قيمتها ما يحول الحول عليه وهو نصاب فأكثر فإنه يزكى زكاة التجارة.
"رواه الدارقطني والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وزعم أن موسى بن طلحة تابعي كبير، لا ينكر أن يدرك أيام معاذ، كذا قال، وإسحاق بن يحيى تركه أحمد" إسحاق بن يحيى بن طلحة هذا متروك، وهذا هو العلة الحقيقية في ضعف الحديث، وليست العلة الخلاف في إدراك موسى بن طلحة لمعاذ؛ لأن روايته عن معاذ كتاب وجادة، والوجادة طريق من طرق التحمل، تحمل الحديث عند أهل العلم، شريطة ألا يشك الواجد في خط من نسب إليه، الوجادة الطريق الثامن من طريق التحمل، قالوا: وهي منقطعة، وفيها شوب اتصال، لماذا؟ لأنك قد تجد خط شخص لا تشك في خطه، فهل يكون متصل؟ من لازمه أن يكون متصل؟ تقف على خط ابن حجر، تعرف خط ابن حجر، نعرف خط ابن حجر، ونعرف خط غيره من خطوط العلماء، نعرف خط السخاوي، ونعرف خط ابن عبد الهادي، ونعرف خطوط كثير من أهل العلم، بما لا يشك فيه، هل معنى هذا أننا إذا وجدنا بخطه أن يكون هناك اتصال؟ لا، هي منقطعة، لكن فيها شوب اتصال، يعني معرفتك لخطه كأنك سمعت منه بدون واسطة؛ لأنك تنقل عنه بدون واسطة، الوجادة لا بد من التأكد بحيث لا تشك أدنى شك في أن هذا خط فلان، وأحياناً تنسب كتب إلى غير أصحابها لأنها وجدت بخطوط غيرهم، فنسبت إليهم، ويحصل الوهم كثير، وهناك حواشي تعلق على الكتب بخطوط تنسب إلى من هي بخطه، وهو في الحقيقة قد نقلها عن غيره، فلا يلزم منها الاتصال، قالوا: هي منقطعة، فيها شوب اتصال، والشيخ -رحمه الله- الألباني يقول: لأن موسى إنما يرويه عن كتاب معاذ، ويصرح بأنه كان عنده، فهي رواية من طريق الوجادة، وهي حجة على الراجح من أقوال علماء أصول الحديث ولا قائل باشتراط اللقاء مع صاحب الكتاب، وإنما يشترط الثقة بالكتاب، وأنه غير مدخول، يعني هل تشترط معاصرة وإلا ما تشترط؟ يعني تشترط معاصرة وإلا..؟ تروي عن شخص قبلك بخمسة قرون أو عشرة قرون تقول: عن فلان، ويكون متصل؟ نعم لك أن تقول: وجدت بخط فلان، فلا تعدو حقيقة الأمر كما هو في كثير من المواضع في مسند الإمام أحمد، قال عبد الله: وجدت بخط أبي، هذه ما فيها إشكال؛ لأنه لقيه، وروى عنه ووجد عنه بخطه الذي لا يشك فيه، أما أن تروي عن شخص تقول: متصل ولا تبين أنه وجادة هذا لا يحمل على الاتصال لا بد أن تبين.
قال: وإنما يشترط الثقة بالكتاب، وأنه غير مدخول، فإذا كان موسى ثقة، ويقول: عندنا كتاب معاذ، فهي وجادة من أقوى الوجادات؛ لقرب العهد بصاحب الكتاب، والله أعلم.
يعني وجد حاشية على المقنع بخط الشيخ سليمان بن عبد الله ابن الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب فطبعت هكذا، وجدت بخطه، والظاهر أنها له، ما لم يوجد تصريح بأنها له فيخشى -وقد وقع- أن تنسب للشيخ جزماً.
بعض الناس يورد الشيء على سبيل التردد لعل المراد كذا، ثم يأتي من يجزم بهذا المتردد فيه، وهذا يحتاج إلى مزيد من التثبت، فما دام ما يوجد نسخة تنص على أنها من تأليفه فلا ينسب إليه الكلام -رحمه الله-.
الحاشية بطبعة المنار القديمة غير منسوبة لأحد، وهي تختلف عن الحاشية التي طبعت في المطبعة السلفية وهي الموجودة بخط الشيخ، فيخشى مع طول العهد أن يأتي من يأتي ولا يبين مثل هذا الإشكال، وأنها وجادة، وأنها مجرد وجادة، وليس كل ما يوجد بخط فلان من الناس أن يكون من مقوله، قد يكون من الفوائد التي نقلها عن غيره، فإذا قلت: وجدت بخط فلان انتهى الإشكال، بينت حقيقة الأمر، ولذا لا يجوز أن تقول: حدثنا أو سمعت أو قال فلان، وأنت لم تتأكد أنها من قوله.
"رواه الدارقطني والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وزعم أن موسى بن طلحة تابعي كبير" زعم الحاكم أن موسى بن طلحة تابعي كبير "لا ينكر أن يدرك أيام معاذ، كذا قال" لكن إذا كانت روايته عنه على سبيل الوجادة فهذا قد يتجاوز فيه، أما مجرد احتمال أنه أدرك فلا يكفي، احتمال إلا إذا وجدت المعاصرة على قول من يكتفي بها على ما تقدم، وإسحاق بن يحيى وهذا هو العلة الحقيقية، في تضعيف الخبر إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، وإسحاق بن يحيى تركه أحمد والنسائي وغيرهما "وقال أبو زرعة: موسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمر مرسل" فكيف به عن معاذ بن جبل وقد مات سنة كم؟ ثماني عشرة في الطاعون، طاعون عمواس، يعني قبل عمر، موسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمر مرسل، قد يكون الإرسال خفي، يعني يدرك معاذ؛ لأنه في بلد أمكنه لقاء معاذ، ويروي عن عمر مرسل؛ لأنه في بلد غير بلد عمر، فقد يروي عن الشخص المتقدم الوفاة متصلاً، ويروي عن الشخص المتأخر الوفاة مرسلاً؛ لأنه تيسر له لقاء المتقدم ولم يتيسر له لقاء المتأخر، فيكون من المرسل الخفي، موسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمر مرسل "ومعاذ توفي في خلافة عمر، فرواية موسى عنه بالأولى بالإرسال" لكن إذا قلنا: إن رواية موسى بن طلحة عن معاذ بن جبل بطريق الوجادة، فمن يصحح الرواية بهذا الطريق يرتفع عنده هذا الإشكال.
"فرواية موسى عنه أولى بالإرسال، وقد قيل: إن موسى ولد في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يثبت، وقيل: إنه صحب عثمان مدة" يعني صحبته لعثمان لا تعني إدراكه لعمر، ولا لمعاذ من باب أولى.
قال -رحمه الله-: "والمشهور في هذا ما رواه الثوري عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة، قال: عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إنما أخذ الصدقة))" التركيب ماشي؟ موجود عندكم إيش؟
طالب:.......
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إنما أخذ)).
طالب: إنما أخذ الصدقة.
أعد، أعد.
طالب: أنه إنما أخذ الصدقة.
يعني ما في قال؟
طالب: لا ما في قال، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال: عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
طالب: أنه.
أنه إنما أخذ الصدقة، يعني من فعله لا من أمره، الحديث السابق: ((لا تأخذ)) وهذا الحديث: "أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر" يعني يكون هذا من فعله، وذاك من قوله، والمرجح من فعله -عليه الصلاة والسلام-، لكن الفعل لا يقتضي الحصر كما في الحديث الذي فيه: لا تأخذ الصدقة إلا من كذا وكذا، ففيه الحصر.
"أنه أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر" ويفيد ما أفاده الحديث السابق في أخذ الزكاة من الأربعة الأنواع إلا أنه يختلف عن الحديث السابق في أن الحديث السابق فيه حصر، ومفهوم الحصر ألا تؤخذ الصدقة من غير الأربعة، وحديث الباب من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ولا يقتضي حصر، وسبق الخلاف في ذلك، وأن أهل الحجاز يحصرون الزكاة في الأربعة الأنواع، وأهل الكوفة بما فيهم الحنفية أبو حنيفة وأتباعه كلهم يقولون: الزكاة في جميع ما سقت السماء، في جميع ما يخرج من الأرض حتى الفواكه والخضروات وغيرها، والقول الوسط في هذه المسألة أنها تؤخذ من هذه الأربعة، وما يشاركها في العلة، وهو مقتضى..، بل هو لازم لكل من يقول بالقياس.
"وعن عبد الرحمن بن مسعود قال: جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا، قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو حاتم البستي والحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وقال البزار: لم يروه عن سهل إلا عبد الرحمن بن مسعود بن نيار، وهو معروف، قال ابن القطان: هذا غير كافٍ فيما ينبغي من عدالته، فكم من معروف غير ثقة، والرجل لا يعرف له حال، ولا يعرف بغير هذا، كذا قال، وفيه نظر، فإنه من رواية عبد الرحمن بن مسعود بن نيار عن سهل، ووثقه ابن حبان" هذا الحديث مضعف بعبد الرحمن بن مسعود بن نيار، وكونه معروف عند البزار لا يعني أنه ثقة، معروف بأي شيء؟ هاه؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
المعرفة فقط تكفي؟
طالب:.......
ما تكفي المعرفة في التوثيق، لا تكفي المعرفة في التوثيق، يعني قالوا في تعريف الحسن: والحسن المعروف.
طالب:.......
إيش؟
طالب: طرقاً وغدت.
لا، لا لا، الألفية هذه، الألفية.
والحسن المعروف مخرجاً وقد |
| اشتهرت رجاله بذاك حد |
"المعروف مخرجاً وقد *** اشتهرت رجاله" قالوا: الشهرة ما تكفي، الشهرة لا تكفي، كما يشتهر الراوي بالعدالة يشتهر بالضعف أيضاً، كما يشتهر الراوي بالعدالة يشتهر بالضعف، والمعرفة كما تكون في العدالة تكون أيضاً بالضعف، ولذا لا يكفي من البزار أن يقول: معروف، نعم قد ترتفع الجهالة عنه بالمعرفة عند من يقابل الجهالة بعدم العلم، وأنها عدم معرفة بحال الراوي، أما من يقول: إن الجهالة جرح في الراوي فهذا شأن آخر، وأهل العلم يختلفون في الجهالة، هل هي عدم معرفة بحال الراوي فقط، أو أنها ثبوت جرح فيه، وفي عدد كبير من الرواة في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، قال أبو حاتم: فلان مجهول، أي: لا أعرفه، هل يكون هذا جرح؟ لا، لأنه قد يعرفه غيره، إذا ما عرفه أبو حاتم يعرفه غيره، فلا تتعين أن تكون جرحاً.
وفي النخبة -وقد مر عليكم-: "ومن المهم معرفة أحوال الرواة جرحاً أو تعديلاً أو جهالة" فجعل الجهالة قسيم للجرح، وليست بقسم منه، فالجهالة لا تعني الجرح على هذا، فكونه معروف يعني أنه غير مجهول عند من يقول: إن الجهالة جرح ارتفع عنه هذا الجرح بالجهالة، لكن لا يرتفع عنه الجرح بأسباب أخرى، ومقتضى إدخال الجهالة في مراتب التجريح، وفي ألفاظ التجريح، وهو الذي جرى عليه عمل المتأخرين، أن المجهول مجروح ترد روايته، والفائدة من هذا كله أنك إذا بحثت في إسناد حديث وجدت في رواته من قيل فيه مجهول فإن قلت: إن الجهالة جرح ضعفت الخبر مباشرة، ضعيف؛ لوجود فلان وهو مجهول، وإن كانت عدم علم بحال الراوي إن كانت الجهالة عدم علم بحال الراوي فقط، فعليك أن تتوقف في الحكم على الحديث حتى تعرف حال الراوي، والذي جرنا إلى هذا الكلام قوله: "هو معروف" فالمعرفة والشهرة قد ترفع الجهالة، لكن لا ترفع الطعن بأسباب أخرى.
قال: "وعن عبد الرحمن بن مسعود قال: جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا، قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((إذا خرصتم))" الخرص: هو التقدير والحزر، التقدير، وهي حكم بالظن الغالب، يأتي الخبير الثقة لا بد أن يكون ثقة، فيمشي طولاً وعرضاً في البستان، وينظر في أشجاره، ثم يقول في النهاية: في هذا البستان خمسمائة صاع من التمر، وأهل الخبرة يضبطون أمورهم، كل أهل فن يتقنون فنهم، وقد جرب بعض هؤلاء الذين يخرصون، فلا يوجد نقص ولا زيادة إلا بشيء يسير جداً، شيء غير مؤثر، كل من عانى شيئاً ضبطه وأتقنه، تأتي إلى المهندس تريد أن تشتري عمارة، أو بيت فتخبره بقيمته، فيأتي ينظر في سقوفه وفي أرضه وفي كذا، توكل على الله اشتري رخيص، وإلا يقول لك: لا تشتري ترى أساسه غير متين، طيب تشوف الأساس؟ ما يشوف أساس، لكن صاحب خبرة.
تأتي إلى صاحب الذهب والفضة، المجوهرات، تأتي له بقطعة يرميها عليك يقول: هذه لا شيء، مغشوشة، طيب ويش يدريك؟ اعرضها على النار، قال: ما يحتاج عرضها على النار، صاحب خبرة.
تأتي إلى الجهبذ النقاد الخبير تأتيه بحديث سنده كالشمس في الصحة فيقول لك: لا يصح، ليش؟ ما يصح، اذهب إلى غيري، تذهب إلى غيره ممن هو بمستواه في علم الحديث، يقول لك: لا يصح، ولا يذكرون لك علة، فيأتي هذا الخارص يقول: فيه ثمانمائة صاع، قال: ويش يدريك؟ يمكن خمسمائة، أو ألف وخمسمائة، قال: ما لك شغل، تأتي إلى صاحب السيارات تنظر إلى السيارة كالزجاجة، ولا تفرق بينها وبين السيارة التي في الوكالة، يقول: السيارة مرشوشة في ثلاثة مواضع أو في أربعة، خبرة.
ولذلك الجمهور يعملون بالخرص، والحنفية يقولون: لا، هو حزر، ورجم بالغيب، ولا يمكن أن يتم به، نعم في باب الربا لا يكفي الخرص في البيع والشراء، ما نقول: هذا عنده ثمانمائة صاع، وهذا عنده ثمانمائة صاع بالخرص، لا، لكن في مثل الزكاة التي إن نقص يسير أو زاد يسير لا يضر هذا ما فيه إشكال، وجاءت به السنة، وقد أرسل النبي -عليه الصلاة والسلام- من يخرص تمر خيبر.
وفي هذا الحديث: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) يعني خرصتموه ثمانمائة صاع، اتركوا لصاحب البستان الربع، واعتبروه ستمائة، أو دعوا له الثلث، يأكل منه، ويطعم أضيافه، وينفع أقاربه، ويوزع لنفسه على المحتاجين، وخذوا الثلاثة الأرباع أو الثلثين، ((ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)).
الخرص ثابت في خرص تمر خيبر ثابت بلا إشكال، لكن هنا؛ لأن من أهل العلم من يقول: يحتاج إلى الخرص إذا لم يكن صاحب التمر ثقة، والأصل في المسلم العدالة، ما يخرص عليه، إنما إلى ديانته يوكل، كم بلغ تمرك؟ بلغ ثمانمائة صاع، أعطنا العشر أو نصف العشر على حسب حاله.
أما بالنسبة لخيبر وهم يهود لا يوثقون، لا بد أن يبعث من يخرص عليهم التمر، فيكون هذا خاص بغير المسلمين.
على كل حال الحديث فيه مقال، فالمسلم الأصل فيه العدالة، وأنه ثقة، وأن هذه ديانة بينه وبين ربه، كسائر الأموال، ولا يناقش، ولا يستحلف عليها، وهذا عند من يضعف الحديث، وهذا هو المتجه، المتجه ضعف الحديث، ولذا تجدون الآن، ومنذ عصور قديمة، ما في خرص للزروع ولا الثمار، كل يقدر تمره وثماره، ويؤدي زكاته.
"رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو حاتم البستي والحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وقال البزار: لم يروه عن سهل إلا عبد الرحمن بن مسعود بن نيار وهو معروف" وقلنا: إن مثل هذا لا يكفي في توثيقه "قال ابن القطان: هذا غير كاف فيما ينبغي من عدالته، فكم من معروف غير ثقة" كم من معروف لكنه غير ثقة، لكنه عرف بالضعف "والرجل لا يعرف له حال، ولا يعرف بغير هذا الحديث" يعني معرفة البزار لا تخرجه عن دائرة الجهالة، لماذا؟ رجل لا يعرف له حال، ما عرف لا بتوثيق ولا بتضعيف، إذاً مجهول، مجهول الحال، وإن عرفت عينه برواية أكثر من واحد فإن هذا لا يخرجه عن دائرة جهالة الحال؛ لأنه لا تعرف حاله، لا توثيق ولا بتضعيف، ولا يعرف بغير هذا الحديث؛ لأنه مقل في الرواية.
"كذا قال" يقول المؤلف "كذا قال" يعني ابن القطان "فإنه من رواية عبد الرحمن بن مسعود بن نيار عن سهل، ووثقه ابن حبان" توثيق ابن حبان على مراتب، فإذا ذكره ابن حبان، وكان من طبقة شيوخه الذين عرفهم، ونص على أنه ثقة، هذا لا إشكال في أنه ثقة، فهو كغيره، وإذا نص على ثقته، وهو من المتقدمين الذين لا يعرف حالهم نص على توثيقه، فهو مقبول إذا كان الحديث لا يتضمن مخالفة، والرجل معروف برواية الثقات عنه، أما إذا ذكره مجرد ذكر في الثقات، فإنه لا يكفي هذا، وإذا ذكره في الثقات، وروى عنه في صحيحه له حال تختلف عن مجرد ذكره في الثقات، فضلاً عن أن يذكره في الثقات، ويذكره في المجروحين؛ لأنه قد يذكر الراوي هنا وهنا.
وعلى كل حال المتعارف عليه والمتداول عند أهل العلم أن ابن حبان متساهل في التوثيق، وقد يوثق مثل هذا بمجرد معرفته، وارتفاع الجهالة عنه، فقد وثق جمعاً من هذا النوع.
"وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لونين من التمر الجعرور" نوع رديء من التمر "ولون الحبيق" أيضاً نوع رديء "وكان الناس يتيممون شر ثمارهم" يعني البستان فيه ألوان من التمر فيه الجيد، وفيه المتوسط، وفيه الرديء، فيقصدون الرديء يخرجونه من صدقاتهم؛ لأن الكمية لا تزيد بالجودة والرداءة، ولا تنقص، ما تزيد، لكن نزل قول الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] والمراد بالخبيث الرديء لا الحرام {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] هذا رديء، لكنه ليس بمحرم {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] ليس المراد منه أن تتيمم الحرام فتنفقه منه إنما تتيمم الخبيث فتنفق منه "وكان الناس يتيممون شر ثمارهم، فيخرجونها في صدقاتهم، فنزلت: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة]" لا تيمموا الرديء، لكن كيف العمل إذا كان في البستان مائة صنف من التمر؟ هل يزكي كل صنف منه، أو ينظر إلى المتوسط فيخرج الزكاة منه؟ عنده من التمر الكيلو بمائة، وعنده من أنواع التمر الكيلو بخمسين، وعنده من أنواع التمر ما كيلوه بعشرة، ومنها ما الكيلو منه بريال، هل نقول: يخرج الزكاة، وجب عليه، عنده خمسمائة صاع، وجب عليه العشر خمسون صاعاً، أو نصفه خمسة وعشرون صاعاً، هل نقول: تخرج من اللي كيلوه بريال، أو من اللي كيلوه بمائة؟ يعني تقصد الوسط، يعني اللي كيلوه بخمسين، طيب افترض أن الذي كيلوه بمائة قليل جداً، والذي كيلوه بعشرة كثير جداً.
منهم من يقول: لا يتم إخراج الزكاة بدقة حتى تخرج زكاة كل نوع منه، توزعه أصناف، تخرج هذا عشر هذا، وعشر هذا، وعشر هذا، وعشر هذا، وهكذا، بهذا تبرأ الذمة، أما أن تنظر إلى المتوسط -وقد قال بهذا جمع من أهل العلم- فتخرج من المتوسط، كما تخرج المتوسط من بهيمة الأنعام، تخرج المتوسط من الحبوب والثمار، لكن بهيمة الأنعام لا يمكن أن تخرج بدقة بالكيلو أو بالصاع ما يمكن، بينما الحبوب والثمار يمكن أن تخرج من كل نوع منها ما يلزم بدقة.
"رواه أبو داود والطبراني، وهذا لفظه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، وقد روي مرسلاً، وقد روي مرسلاً، قال الدارقطني: وهو الأولى بالصواب".
وعلى كل حال الحديث له طرق يشد بعضها بعضاً، يصل به إلى درجة القبول -إن شاء الله تعالى-.
قال -رحمه الله-: "وعن سليمان بن موسى عن أبي سيارة عن سليمان بن موسى عن أبي سيارة المتعي قال: قلت: يا رسول الله إن لي نحلاً؟ قال: ((أد العشر)) قلت: يا رسول الله احمها لي، فحماها لي" رواه أحمد وابن ماجه، وهذا لفظه، وقال البيهقي: هذا أصح ما روي في وجوب العشر فيه، وهو منقطع" منقطع، سليمان بن موسى لم يدرك أبا سيارة، وقول البيهقي: "هذا أصح ما روي في وجوب العشر فيه" كونه أصح، ينفي كونه منقطع أو لا ينفيه؟ يعني كلام البيهقي فيه تناقض؟ لأن أصح أفعل التفضيل عند أهل العلم لا سيما أهل الحديث يستعملونها على غير بابها، فيكون أجود، أجود ما في الباب، وإن كان ضعيفاً، كما أن قولهم: هذا الحديث أضعف ما في الباب لا يعني أنه ضعيف، بل في الباب أحاديث، لكنه أضعفها، والضعف والقوة نسبية، فإذا قلت: سالم أوثق من نافع، كلاهما ثقة، هذه أفعل التفضيل على بابها، لكن إذا قلت: نافع أضعف من سالم هل يقتضي أنهما ضعفاء؟ لا، كلاهما ثقة، وإذا قلت: ابن لهيعة أوثق من الإفريقي مثلاً هل يقتضي أنهما ثقات؟ لا يلزم ذلك، فأهل العلم يستعملون أفضل التفضيل على غير بابها، ومنها هذا، بدليل أنه قال: منقطع، فكيف يكون صحيحاً وهو منقطع؟
"هذا أصح ما روي في وجوب العشر فيه، وهو منقطع" وقد اختلف العلماء في زكاة العسل "يقول البخاري وغيره: ليس في زكاة العسل شيء يصح".
هنا أبو سيارة المتعي قال: "قلت: يا رسول الله إن لي نحلاً؟ قال: ((أد العشر)) قلت: يا رسول الله احمها لي، فحماها لي" طيب العشر هل للعسل نصاب؟ أولاً: زكاة العسل مسألة مختلف فيها، هل تزكى على هذه الكيفية مثل الخارج من الأرض، يجب فيها العشر، أو أنها تزكى زكاة عروض التجارة؟ إذا اجتمع منها ما يباع، ثم يتحصل من قيمته نصاب فإنه يزكى الثمن، ولا يزكى العسل عند من لا يثبت مثل هذا الحديث.
والذين يقولون بأن العسل يزكى زكاة الخارج من الأرض يقولون: نصابه عشرة أفراق، والفرق: ستة عشر رطلاً، فالنصاب مائة وستون رطلاً، والرطل ثلاثمائة وثمانين جرام، فيكون نصاب العسل واحد وستين جرام وثمن، هذا عند من يقول بزكاة العسل بناءً على ثبوت مثل هذا الخبر، ولا شك أن هذا الخبر فيه ضعف شديد، والبخاري -رحمه الله- إمام الصنعة يقول: لم يصح في هذا الباب شيء، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"من عظائم الأمور، أي الذنب أعظم؟ إلى أن قال: ((أن تزاني حليلة جارك)) نسأل الله العافية.
قال: والبلد لا يحكم بشرع الله، والعشائر تأخذ المال مقابل هذا الفعل، والفاعل يتحدى الزوج، ويمر من أمامه
ويقول الزوج: فما الحل؟
الحل الطلاق؛ لأن إمساك مثل هذه المرأة التي لم يقع منها هذا الأمر هفوة أو زلة أو إكراه، أو ما أشبه ذلك وتابت بعدها توبة نصوحاً إبقاؤها لا يسوغ إطلاقاً ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت...)) قال في الثالثة أو الرابعة: ((فليبعها ولو بظفير)) وهنا يقال له: طلقها، وارتح منها.
ما يخرج غالباً، ما تحتاج إلى إخراجه كالشعر مثلاً، والرقبة وأطراف اليدين والساعدين، وأسفل الساقين، إذا لم يكن ثم فتنة.
المنهج هذا تنظيم، يترقى به الطالب من كونه مبتدئاً إلى متوسطاً إلى منتهياً، فهو سلم يترقى فيه إلى التحصيل بواسطة الكتب التي صنفت لطبقات المتعلمين، لكن من خالف هذا المنهج قد يشق عليه التحصيل، فإذا تطاول على كتب المتوسطين وهو لم يقرأ بعد كتب المبتدئين فإنه يتعب، وقد يترك التحصيل؛ لأنها فوق مستواه، وكل إنسان يعرف قدر فهمه ومستواه، فلا يتطلع، يعني بعض طلاب العلم يسمع ابن القيم -رحمه الله- وهو من المتوسطين، يسمع ابن القيم يمدح كتاب العقل والنقل لشيخ الإسلام.
واقرأ كتاب العقل والنقل الذي
ما في الوجود له نظير ثانِ
ثم يذهب إلى أن يشتري من المكتبة موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، ويقرأ فيه، أو يسمع مدح الحافظ ابن كثير لعلل الدارقطني، ثم يذهب إلى المكتبة يشتري علل الدارقطني، ويقرأ في هذين الكتابين، ثم لا يلبث ولا دقائق أن يرمي بالكتابين، ويكره العلم والتعلم.
فالإنسان عليه أن يعرف قدر نفسه، فالمبتدئ يقرأ في كتب المبتدئين، المتوسط يقرأ ما صنف للمتوسطين، المنتهي والعالم يقرأ، وقد يجد ما يشق عليه ولو كان منتهياً، وقد يجد ما يعسر عليه ولو بلغ من العلم ما بلغ، إلا أن العلم لا نهاية له، لكن على الجادة والطريقة التي رتبها أهل العلم، هذه تيسر التحصيل لطالبه.
لا، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يدخر قوت سنة لبيوته، فيما يدخره الإنسان لقوته وقوت ولده هذا ليس فيه زكاة.
بالإمكان أن يصور لهم الباب الذي يقرأ فيه، يعني على حسب مدة بقائه إذا كان سوف يمكث إلى أن ننتهي من كتاب الزكاة، يصور لهم كتاب الزكاة، وإن كان في نيته أن يجلس إلى أن ننهي كتاب الصيام يصور له كتاب الصيام.
قالوا: إن المائتي درهم تساوي ستة وخمسين ريالاً عربياً من الفضة، ثم بعد ذلك يذهب إلى الصاغة وأهل المجوهرات يسألون كم قيمة الريال العربي من الفضة؟ ثم تضرب قيمة الريال بالستة والخمسين، فيخرج النصاب بالريال الورقي.
لا، نعم في غير الصحيحين نحتاج إلى أن يصرح أبو الزبير؛ لأنه من المرتبة الثالثة، ومن الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين، لكن عنعنات المدلسين في الصحيحين محمولة على الاتصال عند أهل العلم.
معروف أن فيه فتوى من أهل العلم من الهيئة، وأنه لا يجوز، والسبب في ذلك أن الضمان فيه عائر، يعني لو تلفت هذه السلعة من يضمنها؟ هذا يقول: أنا مستأجر، وما فرطت، فلا أضمن، يضمن صاحب السلعة، وهذا يقول: أنا بائع يضمن المشتري، وكل عقد يوقع في مثل هذا الإشكال لا يجوز، يوقع في خصام.
قد يقول قائل: إن هذا يحله التأمين، نقول: الوسيلة ليست بشرعية، فالنتيجة حتماً ليست بشرعية، كلام على الحلول الشرعية.
لا، لأنه صار بكلفة من صاحب الزرع، كأنه اشترى آلة وأحضرت له هذا الماء، فيكون فيه نصف العشر.
نكتفي بهذا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لا، هي ليست على هيئة النقاب؛ لأن النقاب للعينين، وهذا للفم والأنف، لكن إذا استعمله الرجل وهو محرم وقد غطى أكثر الوجه، وقد مُنع المحرم من تغطية رأسه ووجهه فهذا فيه مخالفة، وحكم الكمامات للرجل في الصلاة، التلثم صلاة الرجل متلثماً العلماء يطلقون الكراهة، والكراهة عندهم تزول بأدنى حاجة، إذا كان الإنسان محتاج لهذا الكمام، وقد احتاج إلى التلثم لما يخرج أو ينبعث من الأرض، أو من الفرشة -فرش المسجد- من بعض الروائح، أو يكون بجانبه شخص تنبعث منه روائح كريهة هذه حاجة ترفع الكراهة.