بلوغ المرام - كتاب الطهارة (12)
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام - كتاب الطهارة (12)
شرح: باب: نواقض الوضوء، وباب: آداب قضاء الحاجة
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قال المصنف -رحمه الله-:
وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتوضأ من لحوم الغنم? قال: ((إن شئت)) قال: أتوضأ من لحوم الإبل? قال: ((نعم)) أخرجه مسلم.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من غسل ميتاً فليغتسل, ومن حمله فليتوضأ)) أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه، وقال أحمد: لا يصح في هذا الباب شيء.
وعن عبد الله بن أبي بكر -رحمه الله- أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم: ((أن لا يمس القرآن إلا طاهر)) رواه مالك مرسلاً, ووصله النسائي وابن حبان, وهو معلول.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه" رواه مسلم, وعلقه البخاري.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وصلى ولم يتوضأ" أخرجه الدارقطني ولينه.
وعن معاوية -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((العين وكاء السهو, فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) رواه أحمد والطبراني وزاد: ((ومن نام فليتوضأ)) وهذه الزيادة في هذا الحديث عند أبي داود من حديث علي دون قوله: ((استطلق الوكاء)) وفي كلا الإسنادين ضعف.
ولأبي داود أيضاً عن ابن عباس مرفوعاً: ((إنما الوضوء على من نام مضطجعاً)) وفي إسناده ضعف أيضًا.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يأتي أحدكم الشيطان في صلاته, فينفخ في مقعدته فيخيل إليه أنه أحدث, ولم يحدث, فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) أخرجه البزار، وأصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد، ولمسلم: عن أبي هريرة نحوه.
وللحاكم عن أبي سعيد مرفوعاً: ((إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنك أحدثت, فليقل: كذبت)) وأخرجه ابن حبان بلفظ: ((فليقل في نفسه)).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:
وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أتوضأ من لحوم الغنم? أتوضأ من لحوم الغنم؟ الأصل: أأتوضأ؟ فحذفت همزة الاستفهام لعدم اللبس، وللثقل، أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: ((إن شئت)) قال: أتوضأ من لحوم الإبل? قال: ((نعم)) في لحوم الغنم رد الخيرة إليه، يحيل إلى أن أكل لحوم الغنم لا ينقض الطهارة، بخلاف الأكل من لحم الإبل -لحم الجزور- فإنه ينقض الطهارة، ولذا أدرجه المصنف في باب نواقض الوضوء، والحديث صحيح، مخرج في صحيح مسلم، إذن كيف يقول جمع غفير من أهل العلم -إن لم يكونوا الأكثر- ففيهم إمامان من الأئمة المتبوعين كيف يقولوا بعدم النقض مع صحة هذا الحديث وصراحته؟ قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: ((نعم)) وفي الباب أيضاً حديث البراء، وهو صحيح أيضاً ومخرج في السنن: ((توضئوا من لحوم الإبل ولا توضئوا من لحوم الغنم)) ونقل ابن خزيمة الاتفاق على صحة الحديث، ولا إشكال في صحة الحديثين ولا مطعن فيهما، ولذا قال الشافعي: إن صح الحديث في لحوم الإبل قلت به، ومعروف أن مذهب الشافعية عدم نقض الوضوء بالأكل من لحم الإبل.
فالإمام أحمد ومالك في المشهور عنه وجمع غفير من أهل العلم من أتباع الإمام الشافعي وغيره يقولون: بأن الأكل من لحوم الإبل ينقض الوضوء، استدلالاً بهذين الحديثين، والشافعي وأبو حنيفة في المعروف عنهما يقولان: لا ينتقض الوضوء بأكل لحوم الإبل، وإذا نظرنا إلى المسألة وجدنا أن الإمامين في مقابل إمامين وتسلم النصوص عن المعارض، فلا محيد ولا مندوحة عن العمل بهذين الحديثين، كيف يظن بمثل الشافعي..؟ أولاً: الشافعي لم يثبت عنده خبر جابر ولا خبر البراء، ومن باب أولى بالنسبة لأبي حنيفة؛ لأن الشافعي أعلم بالحديث من أبي حنيفة، وكل على خير -إن شاء الله تعالى- وهما إمامان من أئمة المسلمين، إماما هدى لا يقدح فيهما، لكن لا يلزم أن يطلعا على كل شيء، وأن يعرفا كل شيء، الشافعي جاء بالقاعدة المطلقة عنده: "إن صح الحديث فهو مذهبي" وللسبكي رسالة: "في معنى قول الإمام المطلبي: إذا صح الحديث فهو مذهبي" وقال كثير من الشافعية بمسائل لم يثبتها الإمام؛ لأنه صح فيها الخبر على مقتضى هذه القاعدة.
قد يقال قائل: كيف يظن بالشافعي وأبي حنيفة وأتباعهما أنهم مع صحة الحديثين نعم من خفي عليه الخبر معذور لكن من عرف مثل هذين الحديثين الصحيحين، استدلوا بأدلة، من أوضحها في الدلالة حديث جابر قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار" ترك الوضوء مما مست النار، "كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار"، ولحم الإبل تمسها النار وإلا لا تمسه؟ تمسه النار؛ لأنه لا يؤكل نيئاً، بل لا بد أن يكون مطبوخاً.
أقول: هذا الحديث متأخر عن حديث جابر والبراء، والعمل بآخر الأمرين هو الأصل، فعلى هذا يكون حديث جابر وحديث البراء منسوخين بالحديث الذي سمعناه، لكن متى يلجأ إلى النسخ؟ هل يمكن اللجوء إلى النسخ أو القول بالترجيح مع إمكان الجمع، إذا أمكن الجمع عند أهل العلم ولو بحمل عام على خاص أو مطلق على
مقيد تعين العمل به، وحديث: "كان آخر الأمرين ترك الوضوء" عام "مما مست النار" حديث عام، وحديث جابر وحديث البراء خاص بلحم الإبل، والخاص مقدم على العام، الخاص مقدم على العام، ولذا قال جمع من الشافعية: بأن لحم الإبل ينقض الوضوء، الأكل من لحم الإبل ينقض الوضوء، تركوا مذهب إمامهم لصحة الخبر؛ ولأن إمامهم نص على أنه إذا صح الحديث فهو مذهبه، وعلى كل حال لو لم ينص الإمام على مثل هذه القاعدة، وصح وثبت عند المسلم عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتركه لقول فلان أو علان، لا يجوز له ذلك بحال، لا يجوز له ذلك، يقول ابن عباس: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتقولون: قال أبو بكر وعمر {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [(63) سورة النــور] فعلى الإنسان أن يجعل المصادر نصب عينيه، نصوص الوحيين هما الحجة الملزمة، نعم على طالب العلم المبتدئ أن يتفقه على كتاب معتمد عند أهل العلم، ولو كان مجرداً من الدليل في بداية الأمر، ثم بعد ذلك إذا تصور هذه المسائل وفهمها استدل لها، ونظر في أقوال المخالفين واستدل لهم، وعمل بالقول الراجح، وحينئذٍ يتأهل للاجتهاد، وحينئذٍ يتأهل للاجتهاد، إذا تأهل للنظر والموازنة بين أقوال أهل العلم بأدلتها، وتوصل إلى القول الراجح بدليله فحينئذٍ يتأهل للاجتهاد، وإذا تأهل كان فرضه الاجتهاد، ولا يسوغ له أن يقلد أحداً من الرجال؛ لأن الحجة فيما قاله الله -عز وجل-، وقاله رسوله -عليه الصلاة والسلام-، أما قال فلان، وقال فلان، ليست بحجج، نعم تقليد الرجال وتقليد الأئمة من تبرأ الذمة بتقليدهم هو فرض العامي ومن في حكم العامي؛ لأن تكليف العوام وأشبه العوام بالاجتهاد تكليف بما لا يطاق، وهو تضييع لهم، فإذا تأهل الإنسان كان فرضه..، ولذا كثير من الشافعية يقول بهذا.
في فتح الباري يقول: "وقال الشافعي والجمهور، الشافعي والجمهور بأن لحم الإبل لا ينقض الوضوء" ولا بد من أن يقيد الجمهور، لما عرفنا من أن القولين متساويين من حيث العدد، ولا يطلق الجمهور إلا على الأكثر، لا بد أن يقال: قال الشافعي والجمهور من أصحابه، ما يطلق الجمهور، كما قال صاحب عون المعبود: "قال: الشافعي والجمهور من أصحابه" لأن من الشافعية أيضاً من قال بالقول الثاني.
على كل حال هذه المسألة فيها ما سمعنا من أمره -عليه الصلاة والسلام- بالوضوء من لحم الإبل في الحديثين الصحيحين، وفيها أيضاً الحديث الآخر: "كان آخر الأمرين –في حديث جابر- كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار" وما مست النار يدخل فيه لحم الإبل وغيره، فالذي يقول: نعمل بآخر الأمرين يقول بالنسخ، لكن المعتمد عند أهل العلم أنه لا يصار إلى النسخ إذا أمكن الجمع، والجمع يمكن بحمل العام على الخاص كما سمعنا، وحديث لحم الإبل خاص وترك الوضوء مما مست النار عام، والخاص مقدم على العام عند أهل العلم.
لحم الغنم ولحم الإبل ما الذي يقصد باللحم؟ هل يقصد به الأحمر فلا يدخل فيه ما عداه من كبد، أمعاء، ومصارين، وكرش وما أشبه ذلك، يدخل أو لا يدخل؟ نعم؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
يدخل لماذا؟ المسألة كما تعرفون خلافية مشهورة عند من يقول بنقض الوضوء من لحم الإبل، المسألة كما تعرفون مشهورة التنصيص على لحم الإبل، والكبد والطحال والكرش والأمعاء لا يقال لها لحم لا لغة ولا عرفاً، لكن ماذا يقول هذا القائل عن قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [(3) سورة المائدة] {وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} إذا قلنا بهذا القول فيلزمنا أن نقول: بأن شحم الخنزير وما حواه جلده من غير اللحم ليس بحرام، وإلا نكون حينئذٍ قد فرقنا بين المتماثلات، وعلى كل حال المسألة خلافية كما سمعتم والأحوط أن يتوضأ من كل ما حواه جلده، من كل ما حواه جلد البعير.
الحديث الثاني: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من غسل ميتاً فليغتسل))" ميِّتاً أو ميْتاً؟
طالب:.......
مضبوط عندكم بإيش؟ بالتشديد وإلا بالتخفيف؟ نعم؟
طالب:.......
نعم هو مضبوط في بعض النسخ بالتخفيف، وكثير منها بل أكثرها بالتشديد، الفرق بين الميِّت والميت، إيش الفرق بين الميِّت والميت؟ نعم؟
طالب:.......
نعم يفرق أهل العلم بينهما بأن الميت بالتشديد من سيموت {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [(30) سورة الزمر] والميت من مات فعلاً، بأن فارقت روحه بدنه، وهنا: "من حمل ميِّتاً" حمل شخص سيموت أو حمل شخصاً قد مات؟ نعم، قد مات.
((من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)) أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه، وقال أحمد: "لا يصح في هذا الباب شيء"، "لا يصح في هذا الباب شيء".
الحديث مخرج عند أحمد والترمذي قال: إنه حديث حسن، وهو أيضاً عند ابن حبان وصححه، وضعفه الإمام أحمد كما سمعتم، ولذا الحديث مختلف فيه، فمن قائل: إن الحديث ضعيف، كقول الإمام أحمد -رحمه الله-، ومن قائل: إن الحديث صحيح؛ لأن له طرق كثيرة أكثر من مائة طريق، أكثر من مائة طريق، ولذا يقول الحافظ ابن حجر: أسوأ أحواله أن يكون حسناً، ومن أهل العلم من صححه، أسوأ أحواله أن يكون حسناً لكثرة طرقه، هذا كلام ابن حجر، والإمام أحمد يقول: "لا يصح في هذا الباب شيء" معروف أن إطلاق الكلام في مثل هذا لا يصح في باب كذا شيء، لا يصح، لا يصح، فيه كتاب كامل صنف (المغني عن الحفظ والكتاب)، (المغني عن الحفظ والكتاب فيما لا يصح منه شيء في الباب) لعمر بن بدر الموصلي، استدرك عليه وانتقد؛ لأن مثل هذا الحصر يحتاج إلى اطلاع واسع جداً، يحتاج إلى مثل اطلاع الأئمة الكبار الذين يحفظون مئات الألوف من الأحاديث، هم الذين لهم أن يحصروا، ونظير هذا نفي الخلاف في مسألة من المسائل، فنفي الخلاف من غير المطلع واسع الاطلاع دونه خرط القتاد، لتفرق الأقوال وتشعبها، هنا الأحاديث كثيرة جداً، الإمام البخاري يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائة ألف حديث غير صحيح، منهم الإمام أحمد يحفظ سبعمائة ألف حديث، أبو داود ستمائة ألف حديث، أبو زرعة، أبو حاتم يحفظون مئات الألوف، وإذا عرفنا حال هؤلاء الأئمة عرفنا أقدارنا، طالب العلم إذا حفظ الأربعين أو العمدة أو البلوغ سمي إمام الحفاظ، والحافظ الذهبي في ترجمة الإسماعيلي يقول من التذكرة: "من عرف حال هذا الرجل جزم يقيناً أن المتأخرين على يأس تام من لحاق المتقدمين" فمثل الإمام أحمد له أن يقول: لا يصح في هذا الباب شيء، شخص عاش في السنة وللسنة، له ذلك، لكن محفظ أحاديث يسيرة! ولذا ابن بدر الموصلي وهو ليس من الحفاظ الكبار، وإن وصف بأنه محدث، لكنه لا يضاهي الأئمة ولا يدانيهم ولا يقاربهم استدرك، فانتقد في كتب، صدر كتب لانتقاد كتابه.
على كل حال الحديث مختلف فيه، والحافظ ابن حجر يقول: ": أسوأ أحواله أن يكون حسناً لكثرة طرقه"، منهم من صححه كابن حبان، وحسنه الترمذي، وضعفه جمع من أهل العلم، فإذا وجد التصحيح من المتقدم والتضعيف من المتأخر أو العكس، عندنا الإمام أحمد في جهة، وابن حبان على ما عرف عنه من التساهل في جهة، هذا مصحح وهذا مضعف، الإمام أحمد موصوف بالاعتدال، من الأئمة المعتدلين في نقد الأحاديث، وجرح الرجال، إذا وجد كلام للإمام أحمد ويقابله كلام لهؤلاء المتساهلين لا شك أن كلام الإمام أرجح، لا سيما وأن كلام الإمام أحمد يساعده الأصل ((من غسل ميتاً فليغتسل)) ((من غسل ميتاً فليغتسل)) والمسلم طاهر، لا ينجس بالموت كما هو معروف ((من حمله فليتوضأ)) ففي أحد من أهل العلم يوجب الوضوء من حمل الميت؟ لا يعلم أحد من أهل العلم يوجبه، لكن إذا صح الخبر فلا مفر من العمل به، لكن إطباق الأئمة على عدم العمل به في جزئه الثاني يدل على أنه لا يثبت كما قال الإمام أحمد، وإن كثرت طرقه، نعم كثرت الطرق تدل على أن له أصل، لكن لا يجزم به ((من غسل ميتاً فليغتسل)) هذا صريح في الأمر بالغسل، ((ومن حمله فليتوضأ)) يعني ما المراد بحمل الميت؟ هل حمله بالسرير ينقض الوضوء؟ يعني شخص حمل مع الناس الميت بسريره، أو حمله من وراء الأكفان، أو باشره بغير واسطة مس جلده يؤمر بالوضوء؟ على كل لو ثبت الخبر لا مجال للكلام، لكن أما والخلاف فيه قوي كما سمعتم، فللنظر فيه مجال يحتاج إلى ترجيح، ما دام الاختلاف قائم في ثبوته وعدم ثبوته فالنظر له مجال هنا، متى يلغى النظر؟ إذا ثبت الخبر، فليس لأحد كلام، لكن الخبر هنا لم يثبت فالكلام هنا قائم، نقول: جسد الميت طاهر، فكيف يوجب الغسل لتغسيله؟ وبدنه أيضاً طاهر فكيف يوجب الوضوء بحمله؟ قد يقول قائل: إن هذا تعبد، تعبد لا تعقل علته، وهذا يحتاج إليه من يثبت الخبر، يحتاج إليه من يثبت الخبر.
نقل عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أنه قال: "منسوخ" أبو داود وابن حجر في التلخيص نقلوا عن الإمام أحمد: أنه منسوخ، يعني حتى على فرض ثبوته هو منسوخ، يعني بما رواه البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس عليكم في غسل ميتكم إذا غسلتموه إن ميتكم يموت طاهراً)) ((ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه فإن ميتكم يموت طاهراً وليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم)) فيحمل الغسل -لو ثبت الخبر- على غسل اليدين، كما يحمل الوضوء على غسل اليدين أيضاً، كما جاء الأمر بالوضوء من اللبن، المضمضة، ((توضئوا من اللبن فإن له دسماً)).
على كل حال قد يطلق الوضوء والغسل ويراد بهما المعنى الشرعي، الحقيقة الشرعية وهذا هو الأصل، وقد يطلق الغسل والوضوء ويراد بهما الحقيقة اللغوية.
الحديث الذي يليه:
حديث: "عبد الله بن أبي بكر أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم: ((أن لا يمس القرآن إلا طاهر)) رواه مالك مرسلاً, ووصله النسائي, وابن حبان, وهو معلول.
طالب:.......
ويش هي؟ نعم، عبد الله بن أبي بكر ترجم له الشارح على أساس أنه عبد الله بن أبي بكر الصديق، ووهم في ذلك -رحمه الله-، وحصل له بعض الأوهام في تراجم الرواة، حديث أبي مرثد الغنوي عن أبي مرثد الغنوي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) عن أبي مرثد، قال: هو مرثد بن أبي مرثد، ترجم للولد والمراد الأب، هنا قال عبد الله بن أبي بكر وهو ابن أبي بكر الصديق.
والحديث معزو إلى مالك مرسلاً من طريق..، رواه مالك من طريق عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، من طريق عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، وليس من طريق عبد الله بن أبي بكر الصديق، "عن أبيه مرسلاً" مرسلاً، وأخرجه النسائي، والدارقطني عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، وعلى هذا يكون موصولاً، ولذا قال: وصله النسائي وابن حبان وهو معلول، وهو معلول، المعلول: ما اشتمل على علة، والتعبير بمعلول وإن كان مطروقاً عند أهل العلم من المحدثين والفقهاء والأصوليين حتى والمتكلمين، كلهم يقولون: معلول، العلة والمعلول، ويقولون: هذا خبر معلول، لكنهم من حيث الاشتقاق مرذول، اختار ابن الصلاح أن يقال: معلل، ولا يقال: معلول، ولذا قال الحافظ العراقي:
وسم ما بعلة مشمولُ |
|
معللاً ولا تقل معلولُ |
على أن معلل أيضاً فيها كلام، اختار الحافظ العراقي أن يقال: معل، بلام واحد، من أعله الله بالمرض فهو معل، وليس من علله بمعنى ألهاه وشغله به، فهو معلل.
المقصود أن هذا الإطلاق موجود في كلام أهل الحديث، وموجود في كلام الفقهاء والأصوليين والمتكلمين أيضاً، وتوجد أيضاً في كلام شيخ الإسلام في منهاج السنة وفي درء التعارض وفي غيرها من كتبه، يقول: المعلول، العلة والمعلول، على كل حال العلماء نصوا على أنها لغة مرذولة، بل صرح بعضهم أنها لحن، الحريري في (الدرة) -درة الغواص- وابن سيده في (المحكم) والنووي وغيرهم نصوا على أنها مرذولة، قال في (المحكم): "إنه ليس منها على ثلج" يعني ليس مرتاحاً منها، وعلى كل حال هي موجودة، الإطلاق موجود.
والمعلول أو المعل: ما اشتمل على علة، والعلة: عبارة عن سبب خفي غمض يقدح في الحديث الذي ظاهره السلامة منها.
ما علته؟ عرفنا أنه رواه مالك من طريق عبد الله بن أبي بكر عن أبيه مرسلاً، وصله النسائي والدارقطني وابن حبان عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، حينئذٍ يكون موصول، لكنه معلول فيه علة، علته أنه من رواية من؟ سليمان بن داود، قالوا: وهو متفق على تركه كما قال ابن حزم، ابن حزم يقول: هو من رواية سليمان بن داود، وهو متفق على تركه، ويشترك في هذا الاسم اثنان، سليمان بن داود اليماني، وسليمان بن داود الخولان، الأول: متفق على تركه، والثاني: ثقة عند الأكثر، وهو من رواية الثاني دون الأول فارتفعت العلة، ولذا تلقاه الناس بالقبول، تلقاه الناس بالقبول، يقول ابن عبد البر: إنه أشبه بالمتواتر لتلقي الناس بالقبول، وابن حجر وغيره يقولون: إن تلقي الأمة للخبر بالقبول أقوى من مجرد كثرة الطرق، فالحديث متلقاً بالقبول.
((ألا يمس القرآن إلا طاهر)) ففيه دليل على أنه لا يجوز لمحدث أن يمس القرآن، على أن الطهارة تطلق فيراد بها الحسية ويراد بها المعنوية، هل المقصود الطهارة من الحدث أو الطهارة من الخبث الحسي أو المعنوي؟ لا شك أن الطهارة إذا أطلقت يراد بها الطهارة الشرعية، والطهارة الشرعية إما غسل بالنسبة للحدث الأكبر أو وضوء بالنسبة للحدث الأصغر، أو تيمم لعادم الماء، فعلى هذا المتجه أنه لا يجوز لمحدث أن يمس القرآن، وهو الظاهر من هذا الحديث، وقد عرفنا أنه متلقاً بالقبول فقال ابن عبد البر: "إنه أشبه المتواتر" يعني لتلقي الأمة له بالقبول.
أما ما جاء في قوله تعالى: {فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ* لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(78 - 79) سورة الواقعة] فالمراد به الضمير يعود للكتاب المكنون، الذي ذكر في صدر الآية، في اللوح المحفوظ، والمطهرون هم الملائكة، هذا ما يراه جمع أو أكثر أهل العلم، مع أن الآية يستدل بها بل يستدل بعمومها من يقول: بأنه لا يجوز للمحدث أن يمس القرآن، فإذا تظافرت دلالة الآية مع الحديث حديث الباب وعرفنا أنه قوي، رجح قول من يمنع المحدث من مس القرآن إلا بعد الطهارة، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- استدل على جواز مس المصحف من وراء حال بأي شيء؟ هاه؟
طالب:.......
استدلالاً بعيد، بعيد كل البعد يناسب دقة البخاري وفطنته، ومفهوم استدلاله على جواز مس المصحف من وراء حائل أنه من دون حائل -من غير حائل- أنه يجوز أو لا يجوز؟ لا يجوز، فإذا استدل لجواز مس القرآن من وراء حائل فهمنا منه أنه لا يجيزه من غير حائل، استدل -رحمة الله عليه- بأي شيء؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- يضع رأسه في حجر عائشة وهي حائض، ويقرأ القرآن وهي حائض محدثة، ولا شك أنها لها أن تمس النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي جوفه القرآن، بُعد بُعد في الاستنباط، وهذا يناسب دقة الإمام -رحمة الله عليه-، ولذا بعضهم يفتي بالنسبة للشريط الذي فيه القرآن يجوز مسه للمحدث وإلا ما يجوز؟ معنا شريط الآن؟ شريط برع، إيه فاضي يا شيخ، اجلس اجلس اقرأ اللي بتلقى في أشرطة كثير حولنا، نعم شريط فاضي بس أي شريط.
إيه جزاك الله خيراً، لو افترضنا أن هذا الشريط مسجل فيه قرآن، هل يجوز للمحدث أن يمسه هكذا؟ أو نقول: فيه حائل وهو جرم الشريط؟ والمقصود بالشريط الخيط الرفيع الذي يكون بمثابة ورق المصحف؟ أو نقول: ليس فيه قرآن الشريط ليس فيه حقيقة القرآن وإن كان فيه الصوت؟ وحينئذٍ نقول: الشريط يشبه حافظ القرآن، الشريط أقرب ما يكون إلى حافظ القرآن؛ لأن في جوفه ذات القرآن، نعم، ذات القرآن، ذات المصحف في جوفه؟ لا، إنما في جوفه المحفوظ من القرآن، ولا شك أن القرآن يطلق بعدة إطلاقات، يطلق ويراد به المصحف المشتمل على القرآن، ويطلق ويراد به المقروء، كما أنه يطلق ويراد المحفوظ والمتلو، المقصود أن استدلال البخاري في غاية البعد، في غاية الدقة، ويستعمل مثل هذا الاستنباط الدقيق كثيراً -رحمة الله عليه-.
الحديث الذي يليه:
حديث: "عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".. الحديث الذي قبله رواه الإمام مالك مرسلاً، وعرفنا المرسل مراراً مر بنا، وطبقنا على رواية عبد الله بن أبي بكر، فالراوي أبو بكر، وإذا قلنا: عن أبيه عن جده اتصل الإسناد كما في رواية النسائي، فالذي يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون مرسلاً كما في طريق مالك، ولذا قال: رواه مالك مرسلاً ووصله النسائي وابن حبان.
الذي يليه حديث: "عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه"، "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه"، "رواه مسلم وعلقه البخاري" علقه البخاري: إيش معنى علقه البخاري؟ وهو مخرج أيضاً عند أبي داود والترمذي وابن ماجه وأحمد والبيهقي وجمع من أهل العلم، لكن يكفينا أنه في الصحيح، في صحيح مسلم موصول، محتج به، وهو معلق في صحيح البخاري، وحقيقة التعليق: أن يحذف المصنف من مبادئ السند راوٍ أو أكثر من راوٍ على التوالي، نعم.
وإن يكن أول الإسناد حذف |
|
مع صيغة الجزم فتعليقاً عرف
|
ولو إلى آخره...، يعني ولو حذف السند إلى آخره، يسمى تعليق، البخاري علق كثير من الأحاديث، ألف وثلاثمائة وأربعين أو واحد وأربعين حديث كلها معلقة في البخاري، وهي موصولة كلها، عدا مائة وستين حديث، والكلام فيها مبسوط في كتب المصطلح وأشرنا إليه مراراً، لكن يكفينا أن الحديث موصول في صحيح مسلم.
"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه" المصنف إنما ذكر الحديث لئلا يتوهم أن نواقض الوضوء مانعة من ذكر الله -عز وجل-، لئلا يتوهم أن نواقض الوضوء التي ذكرت مانعة من الذكر، وجاء في آخر سورة آل عمران {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] يعني على كل حال وعلى كل هيئة، قائم، قاعد، مضطجع، يمشي، جالس، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] لا شك أن الأكمل أن يهتم الإنسان لمثل هذا الذكر، لمثل هذا القرآن، ولذا المعروف عن الإمام مالك -رحمة الله عليه- أنه يعتني برواية الحديث، يتنظف، ويتطيب، يغتسل، يلبس أجود ثيابه، ويجلس بهيبة ووقار، يتطيب إجلالاً لكلام الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن مثل هذا من تعظيم شعائر الله، وهي من تقوى القلوب كما هو معروف، والقرآن من باب أولى، لكن إذا كان المفاضلة بين الاضطجاع والجلوس فالجلوس أكمل، لكن المفاضلة بين الاضطجاع والترك القراءة مضطجع أفضل من الترك، ولذا جاء المدح {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] والرسول -عليه الصلاة والسلام- يذكر الله على كل أحيانه، محدثاً أو متطهراً.
هناك حالات ينبغي أن يصان الذكر عنها في أماكن لا تليق، وفي أحوال لا تنبغي: الذكر حال التثاؤب مثلاً، ينبغي أن يكف الإنسان عن الذكر ويكظم، ثم بعد ذلك يعود إلى ذكر، وبعض الناس وهو يقرأ القرآن يتثاءب فيسمع صوته غير المناسب، والتثاؤب من الشيطان، هذا لا يليق بقارئ القرآن أن يقرأ وهو يتثاءب، كما أنه لا يليق به أن يقرأ به في المواضع التي هي غير مناسبة كحال الغائط والبول والجماع وما أشبه ذلك، أيضاً في الأماكن: أماكن السخط، أماكن الغضب.
على كل حال القرآن لا بد من تعظيمه في النفوس ولا بد من العناية به، وفي حكمه سائر الأذكار، لكن العناية به أشد، العناية به أشد؛ لأنه كلام الله، وفضله على سائر الكلام كفضل الله على غيره، وعرفنا أن تعظيم القرآن وتعظيم السنة من تعظيم شعائر الله، وهذا من تقوى القلوب، وعرفنا أنه إذا كانت المفاضلة بين الشخص يقرأ قائم أو قاعد القاعد أكثر احترام للمقروء، وأهيب، وأهيب من المضطجع، وحاله أكمل، لكن إذا كانت المفاضلة بين القراءة حال القيام أو حال الاضطجاع وبين الترك، فلا شك أن القراءة والذكر حال القيام وحال الاضطجاع وحال المشي أكمل، وفي هذا يقول: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] يعني في سائر أحوالهم.
"وعن معاوية -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((العين وكاء السه, فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) رواه أحمد, والطبراني، وزاد: ((ومن نام فليتوضأ)).
هذا هو الشاهد، وتقدم الكلام في النوم وأقوال العلماء فيه، وهل هو ناقض أو ليس بناقض مطلقاً؟ أو هو مظنة للنقض؟ تقدم الكلام في ذلك.
((إذا نامت العينان استطلق الوكاء)) رواه أحمد والطبراني، وزاد: ((ومن نام فليتوضأ)).
طالب:.......
إيه يجي يجي الترتيب يختلف من نسخة إلى نسخة.
وزاد: ((ومن نام فليتوضأ)) وهذه الزيادة في هذا الحديث عند أبي داود من حديث علي دون قوله: ((استطلق الوكاء)) وفي كلا الإسنادين ضعف، على كل حال الحديثان ضعيفان؛ لأن في إسناد حديث معاوية أبا بكر بن أبي مريم وهو ضعيف، وفي إسناد حديث علي الوضين بن عطاء وهو صدوق سيء الحفظ، وعلى كل حال يغني عنه ما تقدم، يغني عنه ما تقدم من أن النوم ينقض الوضوء، وعرفنا المراد بالنوم الناقض، وأنه من النوم المستغرق، بحيث يغيب العقل ولا يعي ما يدور حوله، وهذا انتهى الكلام فيه.
((العين وكاء)) الوكاء: الرباط الذي يربط به ما يحمل، وعاء المتاع، كالكيس والخريطة وما أشبهها، فالتشبيه واضح، ((العين وكاء السه)) السه: الدبر ((فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) لا شك أن الإنسان إذا نام لو افترضنا أن في يده شيء، نعم، في يده كأس فيه ماء، يشرب ونام، ويش مآل الماء؟ نعم، ينكب، خلاص.
أيضاً جميع الجوارح تسترخي إذا نام الإنسان فاليقظة حراسة، والنوم ترك لهذه الحراسة ((فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)) وزاد: ((ومن نام فليتوضأ)) وهذه الزيادة في هذا الحديث عند أبي داود من حديث علي دون قوله: ((استطلق الوكاء)).
على كل حال الحديثان ضعيفان كما سمعنا، وهما يشهدان لما تقدم من أن النوم ناقض، حديث صفوان بن عسال: ((ولكن من غائط أو بول أو نوم)) والحديث مصحح.
"ولأبي داود أيضاً عن ابن عباس مرفوعاً: ((إنما الوضوء على من نام مضطجعاً)) وفيه ضعف" فيه ضعف، أو في إسناده ضعف، هذا حكم هل ينبئ عن شدة الضعف؟ إذا قيل: فيه ضعف، هل هو مثل قولهم: ضعيف؟ لا، ضعيف أشد من قولهم: فيه ضعف، والحديث أشد من كونه ضعيفاً بل هو منكر، الحديث منكر، نص أبو داود على أنه منكر، وبين وجه نكارته، والمنكر الذي اعتمده المتأخرون: أنه ما جمع أمرين، المخالفة مع الضعف من المخالف، ما يرويه الضعيف مخالفاً فيه غيره، وأطلق بعضهم من المتقدمين النكارة على مجرد التفرد.
المنكر الفرد كذا البرديجي
|
|
أطلق والصواب في التخريجِ |
لأن بعضهم لا يفرق بين الشاذ والمنكر، وعلى كل حال الحديث: ((إنما الوضوء على من نام مضطجعاً)) لا يلتفت إليه، وعرفنا أن النوم المستغرق ينقض الوضوء، وما عداه لا ينقض الوضوء، والاضطجاع مظنة للاستغراق.
"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وصلى ولم يتوضأ"، "احتجم وصلى ولم يتوضأ" والحديث أخرجه الدارقطني, ولينه" بل الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده صالح بن مقاتل وليس بالقوي، لين، متى يقال في الراوي: إنه لين؟ نعم، متى يقال في الراوي: إنه لين؟ "أخرجه الدارقطني ولينه" قال: هو حديث لين، وذلك لأن في إسناده صالح بن مقاتل وليس بالقوي، نعم؟
طالب:.......
ليش؟
طالب:.......
يقول: يضبط بعض الأسانيد دون بعض، الذي يقع الخطأ في حديثه على حسب نسبة هذا الخطأ شدة وضعفاً، لكن اللين؟ نعم؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
ليس بقوي، إذا كان ليس بقوي يصير ثقة وإلا ضعيف؟ نعم؟
طالب:.......
إذا لم يتابع، ولو كان ثقة؟ نعم؟ نحتاج إلى كلام قبل هذا، إذا كان ليس له من الحديث إلا القليل، اللين هو الذي ليس له من الحديث إلا القليل، هو لم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله فإن توبع بمقبول وإلا فلين، هذا نص عليه ابن حجر في مقدمة التقريب، إذا لم يكن له من الحديث إلا
القليل، ولم يثبت في حقه ما يترك حديثه من أجله، فإن توبع فالمقبول وإلا فلين.
على كل حال الحديث ضعيف ((احتجم وصلى ولم يتوضأ)) وبه يحتج من يقول بالأصل أنه لا ينقض ما يخرج من البدن، إلا ما نص عليه، من البول والغائط والريح، ودم الحيض والاستحاضة، يعني من المخرج المعتاد، ولو خرج الدم من غير المخرج المعتاد ولو كثر فإنه لا ينقض الوضوء، وهذا دليل له على ضعفه، وسبق الكلام في المسألة، سبق الكلام في المسألة.
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يأتي أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ في مقعدته، فيخيل إليه أنه أحدث ولم يحدث, فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)).
هذا قريب من الحديث السابق، الحديث السابق الذي فيه أن الإنسان لا يخرج عن يقين الطهارة إلا بيقين الحديث، وأن مجرد الشك لا يخرجه، أو لا يلغي الطهارة المتيقنة، وعلى كل حال الحديث قابل للتحسين، قابل للتحسين ((يأتي أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ في مقعدته، فيخيل إليه أنه أحدث)) يعبث في مقعدة ابن آدم، فيخيل إليه، أو فيخيِل الشيطان أنه أحدث ولم يحدث، أو فيخيل الحدث نعم ((فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يحد ريحاً)) فالطهارة المتيقنة لا تنقض بشك، بل لا بد من يقين، والشك لا يرفع اليقين كما هو القاعدة المعروفة، وأصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد، لا يلزم أنه إذا قيل: أصله في كذا، لا يلزم أن يكون اللفظ المطلوب في الصحيح، وإنما يكون جزء من الحديث في الصحيح غير محل الشاهد، غير محل الشاهد.
"ولمسلم: عن أبي هريرة نحوه" تقدم أيضاً حديث أبي هريرة قبل عشر صفحات، قبل كم حديث؟ نعم، بيأذن.
يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: "ولمسلم عن أبي هريرة أيضاً نحوه" هو الحديث الذي تقدم الخامس المخرج في مسلم: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أو لا؟ فلا يخرجن من المسجد)) وتقدم شرحه، وهو شاهد لأحاديث الباب.
يقول: "وللحاكم عن أبي سعيد مرفوعاً: ((إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنك أحدثت فليقل: كذبت)) وأخرجه ابن حبان بلفظ: ((فليقل في نفسه))".
الشيطان حريص وقد حلف بعزة الله -عز وجل- أن يغوي الناس، لماذا؟ ليكثر السواد معه في النار، وهو العدو الحقيقي فعلينا أن نتخذه عدواً كما أمرنا الله -عز وجل-، فهو يريد أن يفسد هذه العبادة التي هي أعظم دعائم الإسلام وأركانه بعد الشهادتين، فعلينا أن لا نلتفت لتلبيسه لا في الصلاة ولا في غيرها، وكم من شخص ابتلي بوسواس أعقبه جنون، في باب الطهارة أكثر ما يأتي الشيطان للإنسان في باب الطهارة، فإذا عزم على نفسه وتطهر جاء يوسوس إليه في الصلاة، فيعبث بمقعدته لكي ينصرف ويترك الصلاة.
كم من شخص مكث الساعات وهو يجاهد نفسه ليتوضأ، وهذا السبب..، سببه الوحيد أنه أجاب الشيطان فيما طلب منه، "إنك أحدثت" وافقه على ما قال ولم يتخذه عدواً، وفي الغالب أنه يقع مثل هذا إذا كان هناك زيادة في الحرص مع الجهل، مع الجهل، كم من شخص قيل له: صلي على وضعك، على حالك، وقد طرق علي الباب شخص في الساعة الثامنة في الشتاء الثامنة صباحاً في الشتاء قال: إنه لم يستطع أن يصلي العشاء إلى الآن، كم بين الثامنة وصلاة العشاء؟ كم؟ لم يستطع صلاة العشاء، إذا غسل فرجه قال: ما نظفت، أعاد ثانية ثالثة وعاشرة ومائة، إذا غسل وجهه قال: لعله جاءه رشاش، جاءه شيء، أعاد، إذا غسل يده كذلك، مسح رأسه، إذا مسك الباب قال: تنجست، إذا فعل إذا ترك، وقد جاءني هذا الشخص قال: إنه فاتته الصلاة وهو لا يستطيع أن يصلي بمفرده، فقال: لعلك تصلي بي صلاة المغرب، قلت: لا بأس، لكن لا بد أن تعالج نفسك؟ قال: خلاص أنا بصلي، كبرنا للإحرام فجلس وتركني، لماذا؟ الصلاة في المسجد، أصلي به في المسجد، إذا أمامه الثلاثة الأجزاء الأخيرة من القرآن مكتوب عليها العشر الأخير، نعم، يقول: رأيت الأخير وأنا أصلي المغرب فاختلط علي الأمر، أنا أصلي الأخير وإلا المغرب، فجلس، قلت: يا أخي صلِ على حالك، قال: ما نويت قلت: لا تنوِ، قال: ما اكتملت الطهارة، قلت: لا تتطهر، قال: أنا مجنون، قلت: شبيه بالجنون، بل يمكن أشد من الجنون، صلاة العشاء في الشتاء كم؟ الساعة كم؟ سبع؟ نعم؟
طالب: سبعة، سبعة ونصف.
سبع، إلى الساعة الثامنة صباحاً وهو يعالج كل الليل خمسة عشر ساعة كم؟ ثلاثة عشر ساعة وهو يحاول يصلي العشاء ما استطاع، ترك الوظيفة بسبب الوضوء لصلاة الظهر، ترك العمل، ترك ارتباطاته، ترك أسرته، هذا الجنون، وسببه الاسترسال مع مطالب الشيطان، الشيطان لا يزال بابن آدم يغويه ليصرفه عن دينه بالكيلة، إن سهل عليه جره عن الدين وانسلاخه منه بها ونعمت، وإلا دفعه إلى الأمام، وكلاهما مذموم، وكل هذا من الاستجابة لمطالب الشيطان ووساوسه، نسأل الله -جل وعلا- أن يعصمنا منه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لا، ليس لك ذلك؛ لأنك إن فررت من تقليد الأئمة وقعت في تقليد غيرهم، في تقليد الصنعاني، قد تقول: هل لي أن آخذ الفقه من مؤلفات الشيخ الألباني، أو الشيخ ابن باز وقد عرفا بالاقتداء والإئتساء؟ نقول: هما كغيرهما من أهل العلم إن فررت من تقليد أحمد وقعت في تقليد الألباني وهكذا، وكله تقليد، لكن إن كنت من أهل النظر فعليك أن تنظر، لتصل إلى النتائج بنفسك، إذا كنت أهلاً لذلك، أما إذا كنت عامياً أو في حكم العامي لا يوجد لديك آلية النظر فقلد من تبرأ ذمتك بتقليده، ممن يجمع مع العلم والدين الورع.
عرفنا أن مثل هذه الأجهزة أشبه ما تكون في صدر الإنسان، بصدر الإنسان؛ لأنها لو فتحت أو حللت ما يرى فيها شيء من القرآن، فليست مثل المصحف، أو المصحف المكتوب على ورق، تختلف فأشبه ما تكون بالقرآن الذي في جوف الإنسان، كما ذكره البخاري -رحمه الله تعالى-.
أولاً: تحية المسجد سنة عند جماهير أهل العلم، لكن الأمر متأكد ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) إن كانت الحاجة عند باب المسجد ورجع عاجلاً تكفيه التحية الأولى، وإن طال الفصل فلا بد أن يعيدها، على سبيل الاستحباب المتأكد عند جماهير أهل العلم.
نقول: الوقت الذي يصرف في العلم والعمل والدعوة ليس بتضييع، فإذا حصل الإنسان ما يستفيد به بنفسه ويعمل به، وعلى نور من الله -عز وجل- فعليه أن يدعو الناس، ويحاول إصلاح من تحت يده ومن يليه، والله المستعان، فكون الإنسان يغشى هذه المجامع بنية الإصلاح والدعوة هذا من أفضل الأعمال، وليست بتضييع للوقت.
على كل حال أهل العلم يتسامحون بالنسبة للصبي الصغير، فيتسامحون بالنسبة للوضوء؛ لأنه تكليفه بمثل هذا، وإن كان الأصل أن كلاً مطالب بالأمر به، وإن لم يطالب هو بشخصه، كما يطالب ويمرن على العبادات كلها، لكن إذا شق ذلك فالمشقة تجلب التيسير، وإذا أدى ذلك إلى تضييع الواجب فليؤخذ مثل هذه الرخصة، لكن على المدرس أن يلزم الطلاب بالوضوء قبل بدء الحصة.
على كل حال هو عبث من الشيطان، لا يصاحبه صوت ولا ريح، قد يحس به، قد يحس به؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
المقلد إذا قلد من تبرأ الذمة بتقليده وهو من جمع بين العلم والدين الورع، عرف من أهل العلم والعمل فإنه لا ينكر عليه هذا فرضه، لكن إذا كان من أهل النظر فعليه أن ينظر، وعليه أن يجتهد.
لا ينقض الوضوء.
جاء ما يخص حديث: "كان يذكر الله على كل أحيانه" ولا يمنعه من ذلك إلا الجنابة، وأما الحائض فأهل العلم يفتون بأن للحائض أن تقرأ القرآن إذا خشيت النسيان واحتاجت إلى ذلك، وإن كان الأصل أنها أشد من الجنب حدث، وهذا قول أكثر أهل العلم، بأن الحائض لا تقرأ القرآن، لكن إذا خشيت النسيان، أو كانت ملزمة إيجاباً عليها بالمدرسة معلمة أو متعلمة فأهل العلم في العصور المتأخرة يفتونها بذلك.
نعم الأوهام هو ليس بمعصوم، هذه اجتهاداته -رحمه الله-، وهو ليس بمعصوم، عليه ملاحظات، لكن يكفيه أنه اجتهد، في كتاب من أنفس الكتب، لا يستغني عنه طالب علم، لا كبير ولا صغير، ولا يعني هذا أننا نقلده في كل ما يقول، لا، وأحسن طبعاته الآن طبعة أبي الأشبال الباكستاني، نعم.
إذا كان الحدث أصغر فلا بأس يقرأه على كل أحيانه.
بدعة، نص أهل العلم على أنه بدعة.
الحكمة جاء في الخبر أنها فيها شيء من الشيطنة، حتى جاء في خبر: أنها جن خلقت من جن، وأيضاً في لحمها ما فيه من الشدة والقوة والزهومة التي تكسر بالماء، هذه مجرد التماس من أهل العلم، وإلا فالأصل أننا نعتمد الأمر الصحيح الصريح، ولو لم نعرف الحكمة.
كل هذا لا أثر له، لا ينقض الوضوء.
إن كان مجرد شك فلا يلتفت إليه بعد تيقن الطهارة، إذا تيقن الطهارة فلا يلتفت إلى الشك، سواءً كان قبل الدخول في الصلاة أو بعده؛ لأن الشك لا يرفع اليقين، الشك لا يرفع اليقين، هذه قاعدة عند أهل العلم، ودل عليها حديث أبي هريرة وغيره من الأحاديث التي مرت بنا، وعرفنا أن هذا اليقين هل يرتفع بغلبة الظن أو لا يرتفع؟ ذكرنا هذا وفصلناه في درس الظهر.
إذا توضأ وأحدث، توضأ وأحدث وجهل السابق، هو على يقين أنه متوضأ، وهو على يقين أيضاً أنه محدث، لكنه لا يدري هل السابق الحدث أو السابق الوضوء؟ لأنه إن كان السابق الوضوء انتقض بالحدث، وإن كان السابق الحدث فهو على طهارة، أهل العلم يقولون: إذا تيقن الطهارة والحدث معاً وجهل السابق منهما فهو بضد حاله قبلهما، هاه؟ فهو بضد حاله قبلهما، إيش معنى هذا الكلام؟ إذا تيقن الطهارة والحدث معاً فهو بضد حاله قبلهما، نعم؟
طالب:.......
قبل الطهارة وقبل الحدث، كيف تصوير المسألة؟ شخص صلى العصر وجاء إلى البيت وقال: إنه يريد أن يقرأ القرآن، نعم دخل الدورة ونقض الوضوء أحدث ثم توضأ، الآن هو على إيش؟ على طهارة، ثم شك هل أحدث أو لم يحدث بعد هذا الوضوء، يلتفت إليه أو ما يلتفت؟ لا يلتفت، لكن تيقن أنه محدث، تيقن أنه محدث، لكن جهل هل هو حدث جديد بمعنى أنه دخل الدورة مرة ثانية بعد أن توضأ أو هو الحدث الذي قبل الطهارة؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
هو شك ما يدري هل أحدث مرة ثانية بعد اكتمال الطهارة؟ هو متيقن أنه محدث ومتيقن أنه توضأ، تيقن أنه دخل الدورة وأحدث وتوضأ، لكن هل الحدث سابق لهذه الطهارة أو لاحق بعدها؟ هذا شك، هو متيقن أنه محدث بعد صلاة العصر، ومتيقن أنه متوضئ لقراءة القرآن، قال: "وبضد حاله قبلهما" بضد حاله قبلهما، وقبلهما إيش؟ متطهر، قبلهما متطهر لصلاة العصر، إذن هذه الطهارة التي تطهرها لصلاة العصر أكيد نقضها، فهو بضد هذه الحال، وكونه نقض الناقض هذا مشكوك فيه، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ المسألة دقيقة وهي من كلام الفقهاء ولها وجه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هو اشتكى إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ظلم أهله، وجورهم عليه، وعدم إطعامه ما يكفي، وهذا من معجزاته -عليه الصلاة والسلام-.
هل الإبل لها فضل خاص على الأنعام؟
هي من بهيمة الأنعام، لكن رعاية الغنم أقرب إلى التواضع من رعاية الإبل، وجاء في رعاء الإبل أنهم أهل غلظة، نعم.