النساء يدخلن فيما يخص الرجال من الخطاب إذا كان بصيغة جمع التكسير،
واختلف أهل العلم في دخول النساء فيما يخص الرجال من جمع المذكر السالم، فإذا قيل: "المؤمنون" -مثلا- هل يدخل فيهم النساء؟ فالمسألة خلافية في دخول النساء في جمع المذكر السالم؛ لأن لهن ما يقابله من جمع المؤنث السالم، فمن العلماء من يقول: تدخل النساء في جمع المذكر السالم، وقد جاء في مريم بخصوصها في آخر سورة التحريم: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [(12) سورة التحريم] ولم يقل: وكانت من القانتات، فدخلت في جمع المذكر السالم، وقال بهذا جمع من العلماء. وقيل: لا يدخل النساء في جمع المذكر السالم إلا بدليل خارجي، وإلا لو دخل النساء في جمع المذكر السالم لما احتيج إلى قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [(31) سورة النــور] يكفي قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النــور]، وفي بعض الآيات: {الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [(35) سورة الأحزاب] والعطف يقتضي المغايرة، فالمؤمنات غير المؤمنين، فدل العطف على عدم دخول النساء في جمع الرجال.
ولا شك في دخول النساء في خطاب الرجال إذا دلت القرينة على ذلك، ولا يخالف فيه أحد إذا دلت القرينة على ذلك، فالأصل أن الخطاب بـ(يا أيها الذين آمنوا) يدخل فيه الرجال والنساء، والخطاب للجميع، نعم إذا دل الدليل على عدم دخول النساء في الخطاب ودلت القرينة على ذلك فلا تدخل، ويبقى إذا تجرد الخطاب عن القرينة فهل تدخل الصديقات في الصديقين؟ هذا محل الخلاف، لأن النساء شقائق الرجال في الأحكام، فأي خطابٍ يتجه للرجال فتطالب به النساء إلا ما دل الدليل على استثنائه؛ لأن الشرع نزل للرجال والنساء، لكل مكلف من الرجال والنساء، نعم إذا كان هناك ما يخص المرأة من أحكام تستثنى من خطاب الرجال.