من مبطلات الصلاة: الكلام العمْدُ مع الذِّكْرِ والعِلْمِ، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس؛ إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» [مسلم (537)]، فمن تكلم، وبان من كلامه ما يُفهَم، وما يؤدِّي إلى معنى، عالمًا عامدًا، فصلاته باطلة، وأهل العلم يعلِّقون البطلان ببيان حرْفَين، يقولون: «فَبَان حرفان، بطلت» كما في «زاد المستقنع» [(ص49)]، فلو قال: «لن» أو «لا» أو «لم» متعمِّدًا، ذاكرًا أنه في صلاة بطلت صلاته.
أما الناسي والجاهل، فلا تبطُلُ صلاته بذلك، فالناسي كمَنْ صلى الظهر ثلاثَ ركعاتٍ وسلَّم، ثم تكلَّم، فقال له جاره: أنت لم تصلِّ إلا ثلاثًا، قال: بل صلَّيْت أربعًا، ودار بينهما نقاشٌ، ثم ترجَّح عنده أنه صلى ثلاثًا، فيأتي بالرابعة، ولا يضرُّه مثلُ هذا الكلام، وقد جاء ذلك عنه صلى الله عليه وسلم في حديث ذي اليدَيْنِ؛ فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتَيِ العَشِيِّ، فسلَّم من ركعتين، فقال له ذو اليدين: أقَصُرَتِ الصلاةُ أم نسيتَ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أصَدَقَ ذو اليدين»، فقال الناس: نعم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى اثنتين أخريين، ثم سلَّم، ثم كبَّر، فسجد مثل سجوده أو أطوَلَ [البخاري (1229)، ومسلم (573)].
فهنا تكلَّم الرسول صلى الله عليه وسلم، وكلَّمه الصحابة؛ بناء على غلبة ظنِّهم بأن الصلاة قد تمت.
ومثل الناسي والجاهل أو المغلوب عليه: من تكلم من غير عمْدٍ، كمن صلَّى فوقع عليه شيءٌ آلمه، فقال: «أح»، فهنا بان حرفان، لكن لا تبطل صلاته؛ لأنه لم يتعمد الكلام.