Question
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه وبعد: فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ناشدتُك الله الذي بوَّأك منازل العلماء، وخوَّلك مناقب الفضلاء، ونشر لك من حُسن الصيت، وطِيب الذِّكر، ما نحسبك أهله، إلا قرأتَ كتابي وقضيتَ حاجتي، والله مُعظِم لك أجرًا، وجاعلها لك ذخرًا، إنه لا يضيع أجر المحسنين. وإني لم أَرضَ لحاجتي غيركم معاشر العلماء، كالذي حُكي أنه أَمَّ عظيمًا في حاجة فقال له: (قصدتُك لحويجة)، فردَّ عليه أن: (انظر لها رويجلًا).
لمَّا لم أكن لطيف الاستمناح، رأيتُ أن أَشرح أمري، وأُبيِّن شأني، فيكون لقلبك أَعطف، ولحاجتي أَسعف، وما أُريد أن أشقَّ عليك، والله المستعان.
أُعلمك سماحة الشيخ أني شاب جزائري مُلتزم، قد بلغتُ الواحد والعشرين من العمر، وكنتُ قد أوتيتُ نباهة واتِّقادًا في القريحة، فكان من شأني أن نجحتُ في دراستي الرياضيات، وأنهيتُ الطور الجامعي الأول والثاني بتفوُّق، فبعثتُ ممنوحًا هذه السنة؛ لإتمام الطور الثالث في فرنسا وكْر الإباحيَّة وعاصمة الكفر، وقد نزلتُ بإحدى مدنها مُذ سبعة أشهر، فلم أزل لأهلي مُتدكِّرًا، وعلى فراقهم مُتحسِّرًا، ثم إني رُمتُ أخًا أستأنس به، فطلبتُه في المسلمين فوجدتُهم أصحاب ميوعة، وأهل التديُّن منهم قِلَّة، ثم مُتَّبعو السُّنَّة أعزُّ من أحمر الياقوت، بل من حلال القوت، فاجتمعتْ علي الغربتان، وتضافرتْ علي الوحشتان، وإني لفي ضيق شديد، فإلى الله المشتكى. وممَّا زاد الطين بلَّة أني كنتُ قد أصبتُ بصداع شديد قبيل قدومي، ما بان أثره إلا بعد نزولي فرنسا، فاستعصتْ عليَّ الدراسة، وشقَّ عليَّ الطلب، والأعجب أن نفسي فترتْ، وهمتي خمدتْ، وإني على وشك الرسوب لأول مرَّة إن لم أَتدارك الأمر، الأمر الذي سيكون شديد الوطأة على عائلتي الفقيرة؛ إذ أنا مَن يعولهم مما أَدَّخره من منحتي الدراسية المنوط استمرارها بنجاحي هذه السنة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وأنكى المصاب ما كان في بلاد الغربة.
حاجتي عندكم سماحة الشيخ اثنتان:
- فأما أولاهن -وهي ما حملني على مكاتبتكم-: فدعاء بظهر الغيب في حال شريفة، وبقعة مباركة، ووقت سني، عسى الله أن يرفع عني ما نزل.
- والثانية: نصيحة تتفضلون أنتم بها، وأتقلَّد أنا منَّتها؛ علَّ الله ينفع بها. سألتكم بما بيني وبينكم من رابطة الإيمان، إني أراكم من المحسنين، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو محمد الجزائري
لمَّا لم أكن لطيف الاستمناح، رأيتُ أن أَشرح أمري، وأُبيِّن شأني، فيكون لقلبك أَعطف، ولحاجتي أَسعف، وما أُريد أن أشقَّ عليك، والله المستعان.
أُعلمك سماحة الشيخ أني شاب جزائري مُلتزم، قد بلغتُ الواحد والعشرين من العمر، وكنتُ قد أوتيتُ نباهة واتِّقادًا في القريحة، فكان من شأني أن نجحتُ في دراستي الرياضيات، وأنهيتُ الطور الجامعي الأول والثاني بتفوُّق، فبعثتُ ممنوحًا هذه السنة؛ لإتمام الطور الثالث في فرنسا وكْر الإباحيَّة وعاصمة الكفر، وقد نزلتُ بإحدى مدنها مُذ سبعة أشهر، فلم أزل لأهلي مُتدكِّرًا، وعلى فراقهم مُتحسِّرًا، ثم إني رُمتُ أخًا أستأنس به، فطلبتُه في المسلمين فوجدتُهم أصحاب ميوعة، وأهل التديُّن منهم قِلَّة، ثم مُتَّبعو السُّنَّة أعزُّ من أحمر الياقوت، بل من حلال القوت، فاجتمعتْ علي الغربتان، وتضافرتْ علي الوحشتان، وإني لفي ضيق شديد، فإلى الله المشتكى. وممَّا زاد الطين بلَّة أني كنتُ قد أصبتُ بصداع شديد قبيل قدومي، ما بان أثره إلا بعد نزولي فرنسا، فاستعصتْ عليَّ الدراسة، وشقَّ عليَّ الطلب، والأعجب أن نفسي فترتْ، وهمتي خمدتْ، وإني على وشك الرسوب لأول مرَّة إن لم أَتدارك الأمر، الأمر الذي سيكون شديد الوطأة على عائلتي الفقيرة؛ إذ أنا مَن يعولهم مما أَدَّخره من منحتي الدراسية المنوط استمرارها بنجاحي هذه السنة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وأنكى المصاب ما كان في بلاد الغربة.
حاجتي عندكم سماحة الشيخ اثنتان:
- فأما أولاهن -وهي ما حملني على مكاتبتكم-: فدعاء بظهر الغيب في حال شريفة، وبقعة مباركة، ووقت سني، عسى الله أن يرفع عني ما نزل.
- والثانية: نصيحة تتفضلون أنتم بها، وأتقلَّد أنا منَّتها؛ علَّ الله ينفع بها. سألتكم بما بيني وبينكم من رابطة الإيمان، إني أراكم من المحسنين، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو محمد الجزائري
Answer
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما ما طلبتَ من الدعاء؛ فهو حاصل -إن شاء الله -: أسأله -جلَّ وعلا- أن يثبِّتك على الدِّين، وأن يزيدك من التوفيق والاستقامة والنجاح في أمور دينك ودنياك.
وأما النصيحة: فالذي أراه لك أن ترجع إلى أهلك، وتترك بلاد الحُريَّة وبلاد الكفر التي الإقامة فيها حرام، والهجرة منها واجبة، وعيشُك في بلدك على ما فيه من ضيق وتضييق أفضل لك ولأهلك من الغربة بين الكفار في بلاد الإباحية، وما يتيسَّر لك من أمور الدنيا خير لك بكثير من أن تطلب ما عند الله بالإقامة في بلاد الكفر، وما عند الله لا يُنال بسخطه، والله المستعان.