الحد: هو التعريف، وجمعه: حدود. والتعاريف يُعنى بها أهل العلم عناية فائقة، يُحررونها ويُجودونها ويَذكرون القيود المدخلة والمخرجة والمحترزات؛ ليكون التعريف جامعًا مانعًا.
والعناية بالحدود والتعاريف وجدت في المتأخرين أكثر، أما سلف هذه الأمة فلا يذكرونها ولا يعنون بها إلا نادرًا، وإذا قامت الحاجة إلى تعليم شيء فلا بدّ من تعريفه، إذ كيف يُتكلم عنه ويُبحث عن حكمه وهو لا يُعرف، خاصةً ما تختلف حقيقته الشرعية عن حقيقته العرفية، فإنهم يحتاجون إلى بيانه، أما المصطلحات التي لا يُختلف فيها فلا يضعون لها حدًّا، مثل الصلاة والزكاة والصوم؛ لأنها أمور عملية معروفة، وهناك أمور تكون معروفة بين الناس فإذا عُرِّفت ضاعت وزاد غموضها وخفاؤها، وأما المتأخرون فجعلوا الحد ركنًا ركينًا، وأساسًا في التعريف، واهتموا به في التعليم والتعلم والتأليف، فلا يتكلمون عن شيء إلا بعد تعريفه، ويقولون: إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والتصور لا يكون إلا بالحد.