ليس بمنى صلاة عيد، بل رمي جمرة العقبة لهم كصلاة العيد لأهل الأمصار. ونستفيد من هذا التشبيه أن صلاة العيد لأهل الأمصار يعقبها نحر الأضاحي، ورمي الجمرة بالنسبة لأهل منى يعقبها النحر. فتصح نحر الأضحية بعد صلاة العيد اتفاقًا. لكن ماذا عما لو رمى جمرة العقبة قبل طلوع الشمس، وقبل صلاة العيد في الأمصار، هل يجوز له أن ينحر؟ المسألة فيها خلاف معروف. والنبي –صلى الله عليه وسلم- ما سئل عن شيء قدِّم أو أخِّر إلا قال: «افعل ولا حرج» [البخاري: 83]، ومن ذلك تقديم النحر على الرمي. فإذا جاز فعل المقدم قبل وقت المؤخر، وجاز تقديم المؤخر على المقدم، نتج عنه فعل المؤخر قبل وقته.
وكثير من أهل العلم يقول بأن وقت الهدي وقت النحر، مع أن نحر الهدي قبل يوم النحر جائز عند جمع من أهل العلم، كالشافعية؛ لأن هذه العبادة مربوطة بسبب ووقت. والقاعدة عند أهل العلم: أن العبادة التي لها سبب وجوب، ووقت وجوب، لا يجوز فعلها قبل السبب اتفاقًا، فلا يجوز أن يذبح الهدي قبل أن يحرم اتفاقًا. ويجوز بعد وقت الوجوب اتفاقًا، والخلاف فيما بين السبب والوقت. فالشافعية يقولون القاعدة مطَّرِدة، فيذبح الهدي قبل يوم النحر بعد انعقاد سببه، وفي هذا مؤلف اسمه (القول اليسر في جواز نحر الهدي قبل يوم النحر). وهناك رد عليه اسمه: (ايضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره). ومرد الجميع إلى هذه القاعدة. ومقتضى القاعدة الجواز، لكن المرجح وهو قول الأكثر أنها لا تجوز إلا في وقتها. ولا شك أن الأحوط أن لا ينحر بدنه إلا بعد طلوع الشمس وارتفاعها.