أكثر ما قيل فيمن حج مع النبي -عليه الصلاة والسلام- مائة وأربعة عشر ألف، أو مائة وعشرون ألف. لكن أين هم من الملايين الذين يعوق بعضهم بعضًا عن ترتيب سنن الحج وتطبيقها. فلا يكاد يفعل ما جاء في الحج من السنن، إلا من له سلطة تهيء له هذه الأمور. وعامة الناس يصعب عليهم تطبيق هذه السنن. فعلى الإنسان أن يحرص على تطبيق سنن الحج، فإن صُد عنها فقد ثبت أجره ولا شيء عليه. لكن بعض الناس من بداية الأمر ليس في ذهنه أن يطبق شيئًا منها، وهذا فعلناه وفعله غيرنا -نسأل الله العفو والمعافاة-. يذهب الإنسان إلى مكة ليلة عرفة، ويسكن في شقة في أي مكان، في العزيزية أو غيرها، ثم إذا أصبح وأضحى ركب سيارته ذاهبًا إلى عرفة، من غير نظر إلى أي سنة كانت، لا تروية، ولا صلوات بمنى، ولا خروج على هيئة مشروعة. ثم بعد ذلك يقف بعرفة، وإذا غربت الشمس نزل إلى مزدلفة، وبعد ذلك يذهب إلى مسكنه الذي استأجره، ولا يذهب إلى منى. وكثير من الناس على هذا، باعتبار أن المسألة شاقة وتطبيقها صعب، فيفعلون هذا من غير محاولة لتطبيق هذه السنن. وفي هذا إذابة للسنن، ولا شك أن ترك السنن يعرض الواجبات إلى الترك، وهذا مجرب. فالذين يفعلون مثل هذا، تجد أن من أشق الأمور عليهم، أن يخرجوا إلى منى للمبيت، فتجدهم يترخصون ويلبثون، ولا يخرجون إلا متأخرين. وقد لا يدخلون منى إلا بعد منتصف الليل، وهذه عقوبة ومن شؤم ترك السنن. ومثل هذه الحجة لا تؤدي الثمرة التي رتبت عليها، وإن كانت صحيحة مجزئة لا يؤمر بإعادتها. فعلى الإنسان أن يحرص أن يحج كما حج النبي -عليه الصلاة والسلام-، «لتأخذوا مناسككم» [مسلم: 1297]. وإذا قصد شيئًا فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم صُد عنه، ثبت أجره.