- إذا جاء النجدي من طريق المدينة وأحرم من ذي الحليفة، وأكمل إحرامه، وذهب إلى مكة من هذا الطريق فهذا بالإجماع إحرامه صحيح، ولا يلزمه شيء.
- لكن إذا مرّ النجدي بذي الحليفة وتجاوزها، ثم أحرم من ميقاته الأصلي (قرن المنازل)، فهذا قد وافق الجملة الأولى من الحديث: «هنَّ لهنَّ»، وخالف الثانية: «ولمن أتى عليهنَّ» [البخاري: 1524]، فهذا محل خلاف بين أهل العلم، وعامة أهل العلم يلزمونه بدم؛ لأنه تجاوز الميقات من دون إحرام، ومالك يقول: ما دام أحرم من ميقاته فلا شيء عليه.
- ولو أن هذا النجدي الذي ذهب إلى مكة عن طريق المدينة تجاوز ذي الحليفة، وقضى حاجته بجدة ومكث فيها أسبوعًا، ثم أحرم من رابغ قريب من الجحفة، فهذا قد خالف الجملتين، فهل يلزمه شيء أو لا يلزمه شيء؟، الأئمة الأربعة يلزمونه بدم، ومقتضى قول مالك -رحمه الله- أنه لا يلزمه شيء، وإن كان رجع إلى ميقات ليس بميقاته الأصلي؛ لأن تحديد المواقيت لهذه الجهات إنما هو من أجل التيسير عليهم، لئلا يؤمروا أن يسلكوا طريقًا غير طريقهم. وما دامت المسألة شُرعت بهذه الكيفية من أجل التيسير، فإذا أحرم من رابغ فالذي يظهر أنه ليس عليه شيء. ولا شك أن مالكًا لم يصرح به، لكنه قريب من قوله –رحمه الله-. فلو أعفي من يفعل مثل هذا، ارتياحًا وميلًا إلى قول مالك -رحمه الله-، واستئناسًا به، لما بعد -إن شاء الله تعالى-؛ لأنه ميقات شرعي محدد، وثبت النص الصحيح به.