اتِّخَاذُ الشَّعر إقْتِدَاءً بِهِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- تَكْمِيلاً للسُّنَنْ إذا دلَّ على صِدْقِ صَاحِبِهِ؛ لا شكَّ أنَّهُ يُؤْجَرُ على ذلك، أمَّا منْ يُزَاوِلُ المُنْكَرَات، ويَقْتَرِفُ الفَواحِشْ والجَرَائِمْ ويُربِّي الشَّعر ويَحْلِقَ لِحْيَتِهِ ويقول مُقْتَدِي! نقول: لا ما هو بصحيح، تقتدي بِهِ في غير واجب، وتترك الواجِبَات، قد يقول قائل: الجِهة مُنْفَكَّة! هذا عليهِ إثْمُهُ، وهذا لهُ أَجْرُهُ! وش المانع؟! نقول: لا يا أخي البابُ واحد، نعم، لو كانت من بابين مُخْتَلِفين، قُلنا الجِهَة مُنْفَكَّة، الآنْ الجِهَة غير مُنْفَكَّة، الآنْ هذا كُلُّهُ شَعر! تترُك المُسْتَحب وتَحْلِقُ الواجب، نقول: لا يا أخي، الباب واحِد والجِهة غير مُنْفَكَّة! ولِذا عِيبَ على منْ يقول من الأشعريَّة إنَّهُ يجب على الزَّاني أنْ يغض بَصَرَهُ عن المزنيِّ بها! لأنَّهُ مأمُور بغضِّ البَصَر! نقول: يا أخي الباب واحد وين رحت! ما حُرِّمَ البصر إلاَّ من أجلِ الزِّنا! وهذا مِثْلُهُ، وهذا بيربِّي شعر؛ لأنَّ النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-؛ لكنْ الأوامر الصَّرِيحة التِّي عَدَّها أهلُ العلم منْ كبائِر الذُّنُوب حلق اللِّحية ؛ يَحْلِقْ لِحيتهُ! نقول يا أخي الجِهة ما هي مُنْفَكَّة كُلُّهُ شعر، وهذا يَفْعَلُهُ كثير من النَّاس يُربِّي شعر ويقول: الرسول يربي شعر، وش المانع؟! نقول: نعم إذا صَار مظهرك مثل مظهر الرَّسُول لماذا؟ لأنَّهُ يُوجد من ينازع يُوجد من يقتدي به من الكُفَّار والفُجَّار! يُرَبُّونْ شُعُورَهُم وإقتداءهم الله أعلم به، بدليل إقتداءك بهم في حلق اللِّحية، فأنتَ مُقْتَدٍ بِهِم لا بالرَّسُول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-، وتربية الشَّعر لا شكَّ أنَّ لهُ كَلَفَة ومَشَقَّة ولذلك اعْتَذَر الإمام أحمد عنهُ، قال: لولا المَشَقَّة لاتَّخَذْنَاهُ، يحتاج إلى تسريح، يحتاج إلى تَرْجِيل، ويحتاج إلى دَهْن، كثيرٌ من النَّاس ما هو بفاضي لهذهِ الأُمُور، وفي المُقَابِل فيهِ أُناس يُبالِغُون ناس يجلِسْ ساعتين ثلاث! يتنظَّف ويتجمَّل عندهُ صالون يتحلَّق فيه على ما يقولون الأشوام! ساعتين ثلاث! ودينُ الله -جلَّ وعلا- وسط بين الغالي والجافي، دِينُنا دين الطَّهارة، دينُ النَّظافة؛ لكنْ المُبالغة والغُلُوّ، وإضاعة الوقت في مثل هذه الأُمُور – لا -؛ ولِذا جاء لِكَسْرِ هذهِ الحِدَّة، جاء حديث وهو صحيح ((البذاذةُ من الإيمان)) وهذا يُعالج بِهِ من يُبالغ بالنَّظافة؛ من يُبالغ بحيث يُخرج عن الحد الشَّرعيّ، ويُعالجُ الطَّرف الآخر بـ ((الطَّهُور شَطْرُ الإيمان)) والنُّصُوص كما تعرفُون جاءت لِعِلاج الأطراف المُتنازِعة المُتباعِدَة؛ لِيَكُون المُسلم في الوَسَطْ، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة/143] وأهلُ السُّنَّة وسطٌ بين الفِرَقْ كُلِّها، يعني إذا كان الخوارج والحرُوريَّة في كِفَّة، والمُرجئة في كِفَّة؛ فَأَهْلُ السُّنَّة وسَطٌ بينهم، في نُصُوص الوَعْدْ والوَعِيد، وقُلْ مثل هذا في جميع أبوابِ الدِّينْ.