كأنَّ حال المُسلمين أو لِسَان حال كثيرٍ منهم يقُول: الهدف والغاية هي الدُّنيا، فإذا أُصِيبَ في دُنْيَاهُ في مَالِهِ في بَدَنِهِ في وَلَدِهِ وُجِدَتْ هذهِ الأُمُور؛ لكِنْ إذا أُصِيبَ بِقَلْبِه،ِ وأهلُ العِلْم يُقَرِّرُونْ أنَّ مَسْخ القُلُوب أعْظَمْ من مَسْخِ الأبْدَانْ، وكَمْ مِنْ مَمْسُوخٍ يَعِيشُ بينَ النَّاس مَمْسُوخٌ القَلْب؟ كم من واحدٍ منْ طُلاب العلم إذا عاصتْ عليهِ مسألة وأشْكَلَتْ عليْهِ اتَّصَفَ بهذهِ الصِّفَاتْ وتَنْكشِفْ؟ لا يَتَّصِف جُلُّ المُسلمين بِهذهِ الصِّفَاتْ إلاّ إذا أُصِيبَ في دُنْيَاه، ولا شك أنَّ هذا منْ إيثَار الدُّنْيَا على الدِّينْ، و إلا فكَمْ منْ إشْكَالْ يَحْصل وكَمْ من مُصِيبة وكارِثَة تَحصُلُ للإسلام والمُسلمين، تَجِدُ الإنسان إذا دعا لا يُحضر القلب لأنَّ المسألة لا تَعْنِيهم على وَجْهِ الخُصُوص؛ لكنْ لو نَزَلَ بِهِ نَازِلَة تَخُصُّهُ اجْتَمَعَتْ هذهِ الصِّفَاتْ وتَوَافَرَتْ هذهِ الشُّرُوط شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- إذا أشْكَلَتْ عليهِ مَسْألة اسْتَغْفَرَ مِراراً يُكَرِّر الاسْتِغْفَار، ومَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفَار جَعَل الله لهُ منْ كُلِّ همٍّ فَرَجاً، ومِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، لكِنْ أيْنَ نَحْنُ من الاسْتِغْفَار؟.
الفاتحة فيها أسرار عجِيبَة لِمَنْ فهمها وتَدَبَّرَها، كَمْ حَلَّتْ منْ إشْكَالْ في أُمُور الدِّينْ والدُّنْيَا، وابنُ القَيِّم -رحمه الله تعالى- يُجلِّي ذلك ويُصَوِّرُهُ بِدِقَّة في مَدَارِج السَّالِكينْ، ويَذْكُرْ أنَّهُ اسْتَعْمَلَها واسْتَشْفَى بها منْ أَدْوَاء القُلُوب والأبْدَانْ الشَّيْء الكَثِير أبُو سعيد لمَّا قَرَأها على اللَّدِيغْ بَرِئَ فَوْراً، فَنَحْنُ فِي غَفْلَةٍ منْ هذهِ الأُمُور، وهَمُّنَا المَأْكَلْ والمَشْرَبْ والمَلْبَسْ والمَسْكَنْ، ووينْ رَاحْ، ووينْ جَاء، والاسْتراحَاتْ واللِّقَاءَاتْ التِّي غَالِبُها لا فَائِدَةَ فيها و الله المُسْتَعَانْ. أهـ.