من أعظم آثار الفتن التي وقعت بالأمة فتنة البدع المغلَّظة التي أدَّتْ إلى ذهاب العقائد الصحيحة من واقع بعض المسلمين حتى وقع التفرُّق إلى جماعات وأحزاب وأفراد، وتعامى بعض الناس عن رؤية الحق وعلاماته؛ لأنهم إذا تفرَّقوا لا يصير لهم قدوة يقتدون به وإمام يأتمون به: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 32] يظنون أنهم على الحق دون من سواهم، وعامة الناس تبع لرؤسائهم.
وقد كان الناس على قلب رجل واحد، وإذا رأى المسلم أخاه بشَّ في وجهه، وتمنى له الخير، ثم تفرقت القلوب فصار كلُّ واحد لا يثقُ بالآخر، وإن كانت المظاهر متحدة والعقائد واحدة، هناك اختلاف في بعض وجهات النظر أدّى إلى تفرق في القلوب وتراشق بالألسنة، فحصلت الفرقة، قال الله تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53] وقال -جل وعلا-: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].