الغسل منه الكامل ومنه المجزئ، فالكامل الذي يحصل فيه الاتِّباع كما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في غسله: أن يغسل فرجه وما لوَّثه، وإن حصل قبله نقض للطهارة من بول أو غائط استنجى، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم بعد ذلك أفاض الماء على رأسه ثلاثًا، ثم عمم بدنه بالماء، وبعضهم يستروح ويستحسن أن يبدأ بشقه الأيمن ثم الأيسر، وإن دلك جسده بعد أن عممه بالماء فهذا أكمل، والدلك واجب عند المالكية دون غيرهم، فإن الغُسل والغَسل يحصل بمجرد وصول الماء إلى البدن وليس من مسماه الدلك؛ لأنهم في اللغة يقولون: (غسله العرق)، و(غسله المطر)، وهذا يحصل بمجرد مرور الماء على البدن، أو وصوله إليه من غير دلك، ولا شك أن الدلك أكمل؛ لأن الماء قد ينبو عن بعض المواطن في البدن، وقد لا يُتحقق من وصوله إلى بعض المواطن والمغابن، فيُتأكد من ذلك، لكن إذا تأكدنا أنه عمم البدن بحيث لم يبق منه شيء فإن هذا يكفي ويجزئ.
والغسل المجزئ أن يعمم بدنه بالماء، وحينئذٍ إذا نوى دخول الطهارة الصغرى التي هي الوضوء في الكبرى دخلت؛ لأنه -كما يقرر أهل العلم في قاعدة التداخل- إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضية والأخرى مؤدَّاة فإن الصغرى تدخل في الكبرى، وحينئذ إذا عمم بدنه بالماء دخل فيه الوضوء.
يقول السائل: (اغتسلت من الجنابة، هل أتوضأ للصلاة بعد الغسل)؟ الأصل والأكمل أن تتوضأ قبل الغسل كما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، وإن توضأت بعده أو أخَّرت غَسل رجليك إلى أن تنتقل من المكان الذي تلوَّث فقد جاءت بذلك السنة، والله أعلم.