محبة الله ومحبة رسوله -عليه الصلاة والسلام- تتمثَّل في طاعتهما وامتثال أوامرهما واجتناب نواهيهما، أما مَن يزعم أنه يحب الله ورسوله ويعصيهما فمحبتُه هذه دعوى لا دليل عليها، ولا يلزم من ذلك أن يكون معصومًا، بل عليه أن يطيع الله في امتثال أوامره واجتناب نواهيه، وإذا حصلتْ منه هفوةٌ أو زلةٌ بادر بالتخلص منها بالتوبة النصوح، وأما ما يُوجد من بعض المسلمين في بعض الأوساط من أنهم يزعمون هذه المحبة ويُنشدون فيها الأناشيد ويتمايلون فيها وقد يرقصون ويزعمون أنهم في ذلك يحبون الله ورسوله فهذه دعوى، وهي مخالِفة لما جاء عنه وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-.
تعصي الإله وأنت تزعم حبَّه |
| هذا لعمري في القياس شنيعُ |
وبعضهم يتقرب إلى الله ويزعم أنه يحبه ويتقرب إليه بنوعٍ من الغلو برسوله -عليه الصلاة والسلام-، ويزعم أنه يحب الرسول ويفعل معه ما لا يجوز فعله إلا مع الله -جل وعلا-، ولا يجوز صرفه إلا له، فيقع في الغلو الذي حذَّر منه -عليه الصلاة والسلام- بقوله: «لا تطروني كما أَطْرَت النصارى ابنَ مريم» [البخاري: 3445] وبقوله: «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» [النسائي: 3057].
نعم، محبة الله ورسوله تتمثل في طاعتهما بفعل الأوامر واجتناب النواهي، أما من يزعم أنه يحب ويقرأ في الكتب التي فيها بعض الغلو بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ويعتني بها ويترك القرآن أو يترك السنة والعمل بها فهذا حُبُّه ليس بصحيح، ودعواه ليست بصحيحة، وإنما المحبة التامة تَكمل في الاتباع التام، والله أعلم.