لا شك أن السنن الرواتب وأيضًا التراويح من السنن المؤكَّدة، ويبقى المفاضلة عند ضيق الوقت بين السنة الراتبة وصلاة التراويح، ولا شك أن السنة الراتبة في الوقت مقدَّمة على صلاة التراويح، فالأصل أن يبدأ بالفريضة، ثم يَذكر الأذكار المتعلِّقة بها، ثم يصلي الراتبة، ثم يَشرع في التراويح، لكن قد يَرد هنا أنه جاء في فضل مَن قام مع الإمام حتى ينصرف أنه يُكتب له قيام ليلة [أبو داود: 1375]، و"قام معه" يعني: من بداية الصلاة، فمِن هنا قد يتوجَّه القول بأنه يصلي مع الإمام، مع ما جاء من قوله –صلى الله عليه وسلم-: «إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام» [الترمذي: 591]، والرواتب لا شك أن أمرها وشأنها والحث عليها والترغيب فيها ثابت في السنة، ويبقى أن هذه المفاضَلة إذا قلنا: إن مَن فاتته الراتبة حتى دخل وقت الأخرى فهي سنة فات وقتها فلا تُقضى، وإذا قلنا: إن الأمر فيه سعة، والوقت بعد صلاة التراويح محل للصلاة، وهو من الليل، وقيامه مشروع، فيقضيها بعد صلاة التراويح كما قضى النبي -عليه الصلاة والسلام- راتبة الظهر بعد صلاة العصر. والمسألة محل نظر وترجيح بين هذه الفضائل:
- هل يُقدِّم التراويح؛ ليتمكَّن من القيام مع الإمام حتى ينصرف، ويصنع كما يصنع الإمام؟ هذا له وجه لترجيح تقديم صلاة التراويح.
- أو يُقدِّم الراتبة؛ للاهتمام بما جاء في الرواتب من فضلها والحث عليها وأنها تفوت إذا صلى قبلها ما لا ترتبط به؟ فالمسألة محل نظر، على كل حال إذا فعل هذا فهو حسن، وإن أخَّرها إلى أن يُسلِّم مع الإمام؛ ليحوز أجر قيام الليلة كاملة، ثم يصليها قضاءً كما لو صلاها بعد فريضة أخرى كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا له وجه، والله أعلم.