ربا النسيئة

السؤال
ما هو ربا النسيئة وما هو حلاله وحرامه؟
الجواب

الربا محرم بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم، وهو من عظائم الأمور وكبائر الذنوب، وهو حرب لله ورسوله –صلى الله عليه وسلم-، وهو الزيادة إما في الثمن النقد أو في الأجل، فالزيادة في المال ربا الفضل، والزيادة في الأجل ربا النسيئة، وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "لا ربا إلا في النسيئة" [البخاري: 2178]، فإذا بعت ربويًّا بجنسه من غير تقابض هذا ربا النسيئة، وإذا بعت ربويًّا بجنسه مع التفاضل هذا ربا الفضل، وكلاهما حرام، وقوله -رضي الله عنه-: "لا ربا إلا في النسيئة" يعني أن أمره أشد، والناس يتساهلون فيه أكثر، بخلاف ربا الفضل فإن الفضل مع وجوده وانفكاكه عن النسيئة يندر وقوعه، فلا أحد سيقول لك: خذ ألف بألف ومائة نقدًا، إلا إذا وجدت النسيئة، يعني مع النسيئة، أما ربا الفضل بمفرده فإنه لا يتصور إلا إذا اختلفت النوعية والجودة فإنه يوجد كما قالوا: إنهم يبيعون الصاع من الجيد بالصاعين من الرديء أو العكس، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «أوّه عين الربا» [البخاري: 2312]، فهذا ربا لا يجوز بحال، وإن تضمن ذلك أيضًا أن يكون معه ربا النسيئة كان الأمر أشد، وإذا وجد ربا النسيئة بمفرده فهو محرم أيضًا بالإجماع، وهو أشد من ربا الفضل، لكن يبقى أنه ليس فيه ما يوحي بأن ربا الفضل أمره يسير، الربا بنوعيه محرّم بالإجماع ومن عظائم الأمور وكبائر الذنوب، وجاء ذكره في الموبقات قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: ٢٧٥]، قال بعض المفسرين: إن المرابي يبعث يوم القيامة مجنونًا -نسأل الله العافية- {كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}، أخذًا من هذه الآية، فعلى المسلم أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يجعل هذه النصوص والوعيد الشديد نصب عينيه؛ لئلا يتساهل، وأن يحتاط بحيث لا يقع منه ذلك لا عن عمد ولا عن غفلة؛ لأنه إذا اهتم في هذا الأمر واحتاط له فإنه لن يقع فيه بإذن الله، وإذا تصوَّر هذه النصوص فإن مثل هذا التصور يقيه بإذن الله -جل وعلا- مع صدقه وإخلاصه لله أن يقع في هذا الأمر الخطير، حرب لله ورسوله، يبعث يوم القيامة مجنونًا، نسأل الله العافية، وهذا يقال في آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، كلهم ملعونون، نسأل الله العافية.