هذا السائل تعارض عنده بره بوالدته وتلبية احتياجاتها، مع عمله في رسالته في الدكتوراه في علم شرعي، ولا شك أن برَّ الوالدة فرض، وعمله في هذه الرسالة مطلوب؛ لأنه يُعين على تحصيل العلم، لكنه لا يمكن أن يقابل برَّ الوالدة، وعلى كل حال مَن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه، والمجزوم به أن مثل هذا إذا قدَّم بره بوالدته سهَّل الله له عمله في رسالته، ومع ذلك نقول: يمكن التسديد والمقاربة في الأمرين، فهناك أوقات الوالدة لا تحتاجه فيها، ففي الغالب أنه بعد صلاة الصبح الوالدة ليس لها حاجات ولا مشاوير ولا مراجعات في هذا الوقت، فإذا صلى الصبح وتفرَّغ لمدة ساعة أو ساعتين لرسالته أنجز فيها ما ينجز في الوقت الطويل من الساعات في غير هذا الوقت، لا سيما وأنه مستصحب برَّ والدته الذي هو سبب لإعانته على أمور دينه ودنياه، فعليه أن يرتب أموره، وإذا استغلق الأمر وعجز أن يعمل في رسالته من أجل حاجة أُمِّه الماسِّة إليه، وأنه لا يستطيع أن يجد من الوقت ما يعمل في رسالته، فبرُّه بوالدته مقدَّم، وسوف يعوِّضه الله خيرًا مما فاته من هذا الأمر، والله أعلم.
السؤال
مستواي التحصيلي في الدراسة مرتفع -ولله الحمد-، والآن في طور كتابة رسالة الدكتوراه في العلوم الشرعية، ووالدتي بحاجة مع كبر سنها ومرضها إلى وجودي بجانبها بشكل مستمر؛ لخدمتها، وإيصالها للمستشفى، ومتابعة مواعيدها، وترتيب أمور زيارات الأقارب لها، وحيث إن الرسالة تحتاج إلى تفرُّغ وصفاء ذهن فقد حصل عندي تعارض شديد، فهل لي أن أتفرغ للكتابة لبضعة أشهر حتى أنتهي منها، ثم أتفرغ بعد ذلك تمامًا للوالدة؟
الجواب