مَن أفطر بسبب المرض لا شيء عليه، وهذا قد نصَّ الله عليه -جل وعلا- في كتابه، والصيام قد يتسبَّب في زيادة المرض، وقد يتسبَّب في تأخُّر برئه ويتضرر به، ولا مانع حينئذٍ من الإفطار، ولا بد أن يكون المرض متحقِّق الضرر؛ لأن هناك من الأمراض ما يتذرَّع ويعتذر به بعض الناس وهو في الحقيقة لا يضره، لا يزيد في مرضه ولا يتأخَّر برؤه، ويتحمله إذا صام، لكن الناس يتفاوتون، بعضهم يتحمَّل الصيام ولو زاد مرضه أو تأخَّر برؤه، وهذا من التشديد على النفس الذي لم يأتِ به شرع، وبعض الناس بمجرد أن يُصاب بأدنى مرض لا علاقة له بالصيام ولا أثر للصيام فيه يُفطِر ويدَّعي أنه مريض، والمريض معذور بالكتاب والسنة! فعلى المسلم أن يحتاط لدينه، فلا يفطر بأدنى سبب، ولا يكلِّف نفسه ما يكون سببًا في زيادة مرضه أو تأخُّر برئه، فيكون متوسطًا في أموره، والدين وسط، فدين الله وسط بين الغالي والجافي، وإذا كان لا يستطيع القضاء -كما يقول السائل بسبب ارتفاع السكر- وقال الأطباء: إنه يضره الصيام، فإنه حينئذٍ يعدل إلى الكفارة بالإطعام. يقول: (هل الإطعام عن كل يوم مسكينًا يجزئ؟)، نعم يجزئ، وهذا منصوص عليه في كتاب الله -جل وعلا-، والله أعلم.
وإطعام المسكين مقداره نصف صاع عن كل يوم من الطعام، من الأرْز، أو من البر، أو التمر، أو غير ذلك. وإذا كان من الأصناف التي تُطبخ وطَبَخَه أحسن إلى المُطعَم.