إذا كانت لدى السائل القدرة على الباءة والمعاشرة فيجب عليه أن يطيع أمَّه، وإذا لم تكن لديه القدرة على الباءة والمعاشرة فإن زواجه قد يترتَّب عليه ظلم المرأة التي يتزوج بها، لكن إن أخبرها بوضعه وأنه ليست لديه القدرة على المعاشرة ورضيَتْ به فالأمر لا يعدوها. وأمر الوالدة يؤكِّد الأمر الشرعي من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «يا معشر الشباب مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج» [البخاري: 1905]، والوصف بالشباب وصفٌ أغلبي، فكل مَن لديه القدرة، ووُجدتْ عنده الحاجة إلى الزواج يتزوَّج، ولا شك أن الزواج مصالحه راجحة، حتى لو تعذَّر بعضهم وتعلَّل بعللٍ واهية، مثل: أن المرأة تعوقه عن دراسته، أو عن طلبه العلم، أو عن بعض أعماله، فإن هذه العلل لا تقاوم المصالح الكبيرة المرتبة على الزواج، فعليه أن يَمتثل الأمر الشرعي أولًا المؤكَّد بأمر الوالدة، لكن إذا كان ينفر من النساء، كما هو في حال بعض الناس نفرته من النساء شديدة، ولا يُطيق الجلوس معها، ولا يُطيق البقاء معها، فمثل هذا خارج عن إرادته، فحينئذٍ يقال: الطاعة بالمعروف، فبعض الناس إذا قيل له عن المرأة نَفَر نفرةً شديدة، ولا يُطيق سماع مثل هذا الكلام فضلًا عن أن يُطبِّقه، وحينئذٍ يُقنِع أمَّه، ويبيِّن لها أن هذا وضعه، وعلى ذلك يَرِد في حقِّه: «الطاعة في المعروف» [البخاري: 4340]، كما أنها لا تستطيع أن تُلزمه –كالأب- على الزواج بامرأةٍ بعينها، ولا الأكل من طعامٍ بعينه لا يُطيق أكله، أو معاشرة هذه المرأة والبقاء معها، فحينئذٍ الطاعة بالمعروف، وإن انتفتْ هذه الموانع فالأصل أن يستجيب للأمر الشرعي، وأمرُ الوالدة من أمر الشرع، والله أعلم.
السؤال
سائل يقول: إنه رجل بلغ من العمر خمسين سنة، ولكنه لم يتزوج حتى الآن، ولم يعد لديه رغبة في الزواج، ولا رغبة في النساء، لكن والدته ترغمه على الزواج، وتقول: (إذا أنا متُّ ولم تتزوج فأنا غير راضية عنك)، يقول السائل: هل يجب عليَّ طاعتها، أم أن هذا لا يدخل في العقوق؟
الجواب