الصلاة ركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين، وشأنها عظيم في الإسلام، قال التابعي الجليل عبد الله بن شقيق: "كان أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة" [الترمذي: 2622]، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» [الترمذي: 2621]، و«بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» [مسلم: 82]، فشأنها عظيم، فإذا استشعر المسلم هذا الأمر وعظمة الصلاة، وأن مِن أهل العلم مَن يقول بكفره الكفر المخرج عن الملة، فإنه لا شك أنه يتعاظم تركَ الصلاة، وتبعًا لذلك يحرص على أن يؤديها في وقتها مع جماعة المسلمين، وإذا سمع الترغيب في التبكير إليها، والمسابقة والمسارعة، والمبادرة إلى الصف الأول وتكبيرة الإحرام فلا شك أنه إذا استحضر ذلك كله فإنه سوف يحرص ويتخلَّص من الشوائب والشواغل والعوائق التي تعوقه عن التبكير إلى الصلاة، فهذه من المعينات.
ولا شك أنه قد يطرأ للإنسان ما يشغله في وقتٍ من الأوقات فيتأخر تبعًا لذلك، لا مانع؛ لأن الإنسان يطرأ عليه ما يطرأ مما يعوقه ويؤخِّره، لكن لا يكون هذا ديدنه، بل يكون الأصل فيه أنه يتقدم إلى الصلاة ولا يتأخر عنها، ويُحافظ عليها في وقتها ولا يؤخِّرها عن وقتها، والوقت لا شك أنه شرط من شروط الصلاة {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، فتجب المحافظة على الصلاة في وقتها مع الجماعة إذا كان من الرجال، وأيضًا الصغار يُمرنون عليها فيُؤمرون بها لسبع، ويُضربون عليها لعشر، ولا يجوز للإنسان أن يتخلى عن صلاة الجماعة إلا لعذر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاءه الأعمى يستأذنه في أن يُصلي في بيته مع أن له بعض الأعذار التي عَذَره النبي -عليه الصلاة والسلام- بسببها في أول الأمر، فلما أدبر دعاه فقال له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم، قال: «فأجب» [مسلم: 653] «لا أجد لك رخصة» [أبو داود: 552].
فعلى الإنسان أن يُفرِّغ نفسه للصلاة، ويفرِّغ قلبه من الشواغل ليأتي إلى الصلاة وهو مرتاح البال طيِّب النفس يُقبل إليها بخشوع، ويُقبل إليها بكلِّيَّته بحيث لا ينصرف عنها ولا ينشغل عنها؛ لأنه ليس له منها إلا ما عقل، فيحرص الإنسان أن يأتي إلى الصلاة وليس في باله شيء، بحيث يُقبل عليها، وفرقٌ بين مَن يُصلي ويَحصل على العُشر من الأجر أو أقل، وبين من يحصل على أكثر من ذلك من الثلث والنصف إلى قريب الكمال، فالإنسان لو كانت الخسارة في أمور دنياه لأثَّرتْ فيه أثرًا بالغًا، فكيف يقنع من صلاته بهذا الأجر اليسير وبإمكانه أن يحصل على ما هو أكثر منه؟! والله المستعان.