معرفة منتصف الليل تكون بمعرفة وقت غروب الشمس ووقت طلوع الفجر، وقسمة الحاصل على اثنين، فمثلًا إذا قُدِّر -على سبيل المثال- أن الشمس تغرب في السادسة والنصف، والفجر يطلع في الثالثة والنصف، يكون بين غروب الشمس وطلوع الفجر تسع ساعات، فإذا قسمنا التسع على اثنين صار الناتج أربع ساعات ونصفًا، إذا ضممنا الأربع والنصف إلى السادسة والنصف صار منتصف الليل في الحادية عشرة، وهكذا. والسائل يريد أن يعرف نهاية وقت صلاة العشاء، وهذا على القول بأن وقت صلاة العشاء ينتهي بمنتصف الليل، وهو الذي يدل عليه حديث عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- في (صحيح مسلم): «ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط» [مسلم: 612]، وهذا قال به جمع من أهل العلم، والحديث نصٌّ فيه، ولعله هو الراجح، ومن أهل العلم من يقول: إن وقت العشاء ينتهي بطلوع الفجر، ويدل له حديث: «ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصلِّ الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى» [مسلم: 681]، ومنهم من يقول: إلى ثلث الليل؛ لأن جبريل –عليه السلام- صلى بالنبي –عليه الصلاة والسلام- في اليوم الثاني بعد مضي ثلث الليل.
على كل حال المرجَّح أنه إلى نصف الليل؛ لأن حديث إمامة جبريل بالنبي -عليه الصلاة والسلام- متقدِّم على حديث عبد الله بن عمرو في أول الأمر، وحديث «ليس في النوم تفريط» مخصوصٌ بصلاة الصبح، فلا يستمر وقتها إلى وقت الظهر، والعام إذا دخله التخصيص لا شك أنه يضعف، فإذا خُصَّ بصلاة الفجر فليُخَصّ بصلاة العشاء، والله أعلم.