التسمية عند الوضوء جاء فيها أحاديث لو صحَّت لقيل بشرطية التسمية؛ لأن منها ما يدل على ذلك كحديث «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» [أبو داود: 101]، ولكن الحديث فيه كلامٌ طويل لأهل العلم، فقال الإمام أحمد: (لا يصح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- في التسمية في الوضوء شيء).
وذهب بعضهم إلى أن التسمية في الوضوء واجبة، تجب مع الذِّكر وتسقط مع النسيان، ومنهم من يقول: هي سُنَّة لا واجبة، والأحاديث الواردة في ذلك وإن كان منها ما يدل على ما هو أشد من الكراهة إلا أنها لا تثبت بسندٍ صحيح كما قال الإمام أحمد، وإذا كان أمرها هكذا، فقد قال بعض أهل العلم: إن التسمية سُنَّة، فتسقط حينئذٍ في هذا المكان الذي يجب أن يُعظَّم فيه اسم الله.
والذين يُوجبونها يقولون: يُسمِّي مع الكراهية؛ لأن هذه الكراهة تزول بالحاجة. والمسألة متردَّدة بين كراهة ذكر الله –جلَّ وعلا- في هذه المواطن وبين استحباب التسمية، أو بين تحريم الذِّكر في هذه المواطن وبين وجوب التسمية.
وعلى كل حال ما دام الباب لم يثبت فيه شيء في التسمية، فتعظيم الله وإجلاله عن هذه الأماكن هو المطلوب وهو المتعيِّن، وبعضهم يقول: يُسمِّي في نفسه، ولا يذكر بلسانه ولا بشفتيه.
والمقصود أن هذا هو كلام أهل العلم في هذه المسألة، والاحتياط ألَّا يُسمَّي إلا عند إرادة دخول المكان، فإذا أراد الدخول يسمي، «إذا دخل أحدكم الخلاء فليقل: بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخُبث والخَبائث» [الدعاء للطبراني: 356]، والمراد بـ«إذا دخل» أي: «إذا أراد أن يدخل» [البخاري: 142] كما في الروايات الأخرى، فإذا سمَّى هنا انتهى كل شيء.
والضبط في هذا الذِّكر: «أعوذ بك من الخُبْث والخَبَائث»، أو«الخُبُث والخَبَائث» فـ«الخُبْث»: الشر، و«الخَبَائث»: الشياطين، فكأنه يستعيذ بالله من الشر وأهله.
و«الخُبُث» بالضم: جمع خبيث، و«الخَبَائث»: جمع خبيثة، وحينئذٍ كأنه يستعيذ من ذُكران الشياطين وإناثهم، هذا على الضبطين، والله أعلم.