الإنسان مطلوب منه أن يُحقِّق العبودية التي من أجلها خُلق، وتكون بفعل ما أمر الله -جل وعلا-، وبالانتهاء عمَّا نهى عنه، أي: بفعل الأوامر وترك النواهي، ثم إذا حصَّل الإنسان هذه التقوى، وجعلها وقاية بينه وبين النار، وجمع من الأعمال أمثال الجبال كما جاء في بعض الأحاديث، فلا يأتي مفلسًا يوم القيامة، يوزِّع هذه الأعمال على الناس، هذا فلان فيه، وهذا علان فيه، والله -جل وعلا- لم يجعله حَكمًا بين العباد، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار كما قال ابن دقيق العيد -رحمه الله-، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته...» [مسلم: 2581]، وفي حديث معاذ -رضي الله عنه-: «وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم؟!» [الترمذي: 2616]، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا- في أعراض إخوانه المسلمين.
ومَن ثبت عنده شيء من المخالفة فيُناصح، ومقتضى النصيحة أن تُسدي له هذا العيب الذي اطَّلعتَ عليه أو بلغك عنه، وإذا لم يمتثل، وما ارتكبه فيه ضرر متعدٍّ يتعداه إلى غيره من الناس، فحينئذٍ يُحذَّر من هذا العمل، وإذا لم يمكن إلا بالتصريح، ولا يكفي بذلك التلميح، والضرر المترتِّب على قوله أو على فعله بالغٌ بالنسبة لغيره، فمثل هذا يُرد عليه.