لا شك أن هذا تقصير ممَّن اتصف بهذا الوصف، والإشكال أنه مثل ما يُلبِّس الشيطان على الطالب، يُلبِّس على الشيخ. وفي المناطق التي زرناها والتقينا بفضلائها وعلمائها، نسألهم: لماذا لا تُقيمون دروسًا في المساجد؟ يقول بعضهم: (أول ما جئنا لهذه المنطقة أقمنا درسًا في كتاب كذا، فحضر عندنا عشرة طلاب، ثم جاء رمضان فعطَّلنا التدريس؛ لنقتصر على قراءة القرآن والتعبُّد، وبعد رمضان استأنفنا، فلم يَعد إلا خمسة من العشرة، واستمررنا مع هؤلاء الخمسة إلى أن جاء الحج وحججنا، ولمَّا رجعنا ما جاءنا إلا واحد أو اثنان، وما عندي استعداد أن أجلس لواحد أو اثنين)، قلتُ: هل أنت مستغنٍ عن العلم أو بحاجة إليه؟ قال: (أنا بحاجة ماسَّة إلى العلم)، فقلتُ: لو استأجرتَ مَن يقرأ عليك براتب ألا تدفع؟ قال: (بلى، أدفع)، فقلتُ: هؤلاء سيقرؤون عليك مجانًا، فتعاون معهم، وليس العبرة بالكثرة، والعادة والسنة الإلهيَّة في مثل هذا: أن الإنسان يُمتحن ويُبتلى في أول الأمر بمثل هذا، فإن صبر واحتسب وحصَّل من العلم بسبب قراءة الطلاب عليه، أقبل الناس عليه، وإن تَرَك تُرِك، وفي النهاية يعود عامِّيًّا؛ لأن من أعظم ما يُثَبِّت العلم ويزيده وينمِّيه: بذلَه في التعليم وفي التأليف.
السؤال
كما أن المرء يُلاحِظ عزوف كثير من طلاب العلم عن الجِدِّ في الطلب والتحصيل في هذه الأزمنة، ففي المقابِل يُلاحِظ عزوف كثير من المشايخ عن الجلوس لتعليم الطلاب وتربيتهم بشكل متكامل، فما رأيكم؟
الجواب