إذا استحضر أنه إنما خُلق لتحقيق هدف عظيم، وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، فعليه أن يسعى في تحقيق هذا الهدف، وقد يقول قائل: (إن العبودية لا تستغرق من الإنسان أكثر من ساعتين أو ثلاث، وبقية الوقت في أمور الدنيا)، نقول: هذه الأمور من أمور الدنيا إذا ابتغُي بها وجه الله تعالى والاستعانة بها على تحقيق ما خُلق من أجله، صارت عبادات، فالنوم إذا نُوي به التقرب إلى الله -جل وعلا- بتنشيط الجسم؛ ليقوى على العبادات، يكون عبادة، وقل مثل هذا في الأكل والشرب والانبساط مع الإخوان، كل هذا إذا قُصد به الاستجمام والتقوي على طاعة الله -جل وعلا-، فإنه يُعان عليه.
وهناك أمور يغفل عنها كثير من الناس، وهي أبواب عظيمة من أبواب الخير، مثل: إذا اشترى الإنسان لنفسه أو لأهله غرضًا من مأكول أو ملبوس، فقد جاء في الحديث الصحيح حتى ما يضعه الرجل في في امرأته [البخاري: 56]، فلو استحضر هذا الرجل حينما يشتري أغراض البيت من المطعومات والمشروبات والملبوسات وقت شرائها مثل هذا الحديث -وهي ظاهرها أنها من أجْل إقامة البدن واستمرار الوجود-، انقلب شراؤه لهذه الأمور عبادة، فعلى الإنسان أن يستصحب هذه النية، والمسألة تحتاج إلى تمرين وتعويد للنفس.