مما له تعلُّقٌ بالشرك: مسألة التشريك في العبادة، وهو أن يعمل أحدٌ العملَ لله ولغرض آخر، كمن يتوضأ بغرض الوضوء والتبرُّد معًا.
والتشريك أنواع؛ فهو إما أن يكون تشريكَ عبادةٍ بعبادةٍ، أو عبادةٍ بمباحٍ أو عبادةٍ بمحرمٍ، وبيانُ هذه الأنواع فيما يلي:
النوع الأول: تشريك عبادة بعبادة أخرى؛ وهذا على صُوَرٍ: فقد تكون العبادتان فرضَيْنِ أو نفلَيْنِ أو فرضًا ونفلًا؛ ففي بعض الصور تبطل العبادة، وفي بعضها لا تبطل؛ فمثلًا: لو نوى الفرض وتحية المسجد حصلا معًا، ولو نوى الفريضة والسنةَ الرَّاتِبةَ بطلتِ العبادة، ولم يصحَّ منهما شيء.
النوع الثاني: تشريك عبادة بمباح؛ كأن ينْصَحَ الطبيبُ شخصًا أن يخفِّفَ وزْنَه، فرأى أن يطوف حول الكعبة بدلًا من المشي في الشوارع والأسواق، وكانتْ نيتُه بالطواف طلبَ الأجرِ، ونقْصَ الوزنِ، فهذا له أجر - إن شاء الله تعالى -؛ لأن عدولَه عن المشي في الطرقات إلى المطاف عدولٌ إلى خير، وكذلك الحال لو أمره الطبيب بحِمْيَةٍ غذائية، فقال المريض: أصوم بدلًا من أن أَفْطِمَ نفسي بدون أجر، فيؤجر - إن شاء الله تعالى -؛ لأن عدوله إلى هذه العبادة خير له.
كذلك: تطويل الإمامِ الركوعَ من أجل الداخل، هذا تشريك في العبادة؛ لأنه إنما طوَّل الركوع لمصلحة أخيه المسلم؛ لكي يدركَ الركعة، فلا شيء فيه عند أهل العلم ما لم يشقَّ على المصلين، وإن أنكره القرطبي.
النوع الثالث: تشريك عبادة بمحرَّم؛ كمن ذبح لله ولغيره، فهذا التشريكُ محرمٌ، بل شركٌ أكبر يوجب حرمةَ الذبيحة.
ومسائلُ التشريكِ في العبادات مسائلُ شائكةٌ ومتنوِّعة؛ فمنها: ما يجوز اتفاقًا، ومنها ما هو مختلَفٌ فيه، ومنها: ما لا يجوز اتفاقًا.
لكن من خلَصَتْ نيتُهُ للعبادة دون أن يشركَ معها غيرها، فلا شك أنه أعظم أجرًا.