صلاة التهجد تبدأ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأفضلها ما كان في الثلث الآخر من الليل، وقت النزول الإلهي، وثبت في الصحيح من حديث عائشة –رضي الله عنها- أنه -عليه الصلاة والسلام- «ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا» [البخاري: 1147]، وثبت في الحديث الصحيح أن «صلاة الليل مثنى مثنى» [البخاري: 990]، يعني يُسلِّم من كل ركعتين، وأمَّا التحديد بعدد معين كما جاء في حديث عائشة –رضي الله عنها- فلا شك أن الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- كمًّا وكيفًا هو الأصل، فمن أراد أن يقتصر على الإحدى عشرة ركعة فإنه يقتدي به في الكيف كما اقتدى به في الكم، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى من الليل فقرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران [مسلم: 772] خمسة أجزاء، يعني لا تقل بأي حال من الأحوال بالترتيل عن ساعتين، وبالهذِّ عن ساعة، وهي ركعة واحدة. والقيام جاء تقديره بالوقت لا بالعدد {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا . نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا . أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} [المزمل: ١ - ٤]، فهو محدود بالوقت، وجاء في أفضل القيام أنَّه قيام داود –عليه السلام- «كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه» [البخاري: 1131]، فالتحديد في نصوص الكتاب والسنة إنما جاء في المدة، ففرق بين مَن يصلي إحدى عشرة ركعة في ربع ساعة وبين من يصلي ثلاث ركعات –مثلًا- أو خمس ركعات في ساعة، هل نقول: إن من صلى إحدى عشرة ركعة وما زاد عليها واقتدى به -عليه الصلاة والسلام- في العدد أفضل ممن أطال القيام -وطول القيام هو القنوت- وأطال السجود -وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد-؟!
والتحديد بهذا العدد الذي ذكرته عائشة -رضي الله عنها- وإن كان في الصحيح لكن هذا على حسب ما حفظتْ ورأتْ مِن فعله -عليه الصلاة والسلام- وإلَّا فقد ثبت عنه أنه صلى ثلاث عشرة [البخاري: 1138]، وثبت أنه أطلق -عليه الصلاة والسلام- وقال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة، توتر لك ما قد صليت» [البخاري: 473]، وجاء أيضًا في الحديث الصحيح: «أعنِّي على نفسك بكثرة السجود» [مسلم: 489]، فهذا يدل على عدم التحديد بعدد معين.