لا شك أن حب النبي -عليه الصلاة والسلام- فرض على المسلمين، قال –عليه الصلاة والسلام-: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» [البخاري: 15]، وجاء في خبر عمر –رضي الله عنه- الذي قال فيه: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك» فقال له عمر: فإنه الآن، والله، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الآن يا عمر» [البخاري: 6632]، فمحبة النبي -عليه الصلاة والسلام- مقدمة على محبة النفس، وعلى محبة أقرب الناس إلى المسلم، لكن يبقى أن المحبة ترجمتها باتباعه -عليه الصلاة والسلام-، أما مجرد احتفال بليلة مولده، وتبادل الأشعار والمدائح التي يسمونها نبوية وفيها ما فيها من الغلو والإطراء، وبعضها فيه شرك، والذي نهى عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا شك أن هذا مرفوض ولا يجوز ألبتة، وأول من قام بهذه البدعة وأوجدها هم العبيديون الذين تسموا بالفاطميين، كما ذكر ذلك المقريزي في (خِططه)، وكذلك ما ذكره القلقشندي في (صبح الأعشى) من أن قيامهم كان في أواخر القرن الرابع سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وأنهم يسمون أنفسهم بالفاطميين وهم في ذلك كذبة دجالون، ويقول ابن خَلِّكان في (وفَيَات الأعيان): (وأهل العلم بالأنساب من المحققين ينكرون دعواهم في النسب)، وتابعه على ذلك ابن الجوزي، وأبو شامة، وغيرهم من عامة أهل العلم، فأوّل من أقام المولد هم العبيديون هؤلاء، وحالهم معروفة في الابتداع، فهم مبتدعة غلاة، لا يُعتبر بهم ولا يُعتد بهم، وقد مضت القرون المفضلة الثلاثة المذكورة في قوله –صلى الله عليه وسلم-: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» [البخاري: 2652]، ولا يوجد لهذا الاحتفال أثر، وكل خير في اتباع من سلف. والشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- في (فتاويه) يقول: (أوّل من احتفل بالمولد هو صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري بن أبي الحسن بن بكتكي)، فلا شك أن هذه بدعة محدثة وتشتمل على منكرات فلا تجوز ألبتة.
السؤال
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي، وجمعِ الناس له، وقراءة القرآن فيه وشيء من السنة، وتبادل الأشعار والمدائح النبوية، وبذل المآكل والأطعمة فيه؟ وهل هي عادة سلفية حسنة؟
الجواب