مع الأسف أن العلم الآن صار يُطلق على الفنون التجريبية التطبيقية، فالكليات العلميَّة عندهم: الطب، والهندسة، والعلوم، أما كلية الشريعة وأصول الدين، فهذه كليات نظريَّة وليست علميَّة! وهذا قلبٌ للفُهوم، وحَيْد عن الصواب.
الذي يدرس في كلية الطب، أو في كلية الهندسة، أو في كلية من الكليات التي يسمونها العلميَّة، يستطيع أن يجمع؛ لأن العلم يوجد فيه الكتب الصعبة المتينة المخصَّصة للمتخصِّصين، ويوجد فيه الكتب السهلة المبسَّطة التي صيغتْ بأسلوب العصر، ويفهمها كلُّ قارئ، فأنت غير متخصِّص في العلوم الشرعية، كطالب هندسة، أو طالب طب، بإمكانك أن تقرأ في (تفسير الشيخ ابن سعدي) وتفهم، لكن ما تستطيع أن تقرأ في (تفسير البيضاوي) -مثلًا- وهو بحجمه؛ لأن هذا للمتخصِّصين، فتقرأ في (تفسير ابن سعدي) وما يُشكِل عليك شيء، وليس فيه مخالفات يُخشى عليك منها؛ لأنك طالب غير متخصِّص، وليست عندك الأرضية والأهلية التي تُعينك على الفهم، فلا مانع أن تقرأ في (تفسير ابن سعدي)، ولا مانع أن تقرأ في (تيسير العلام)، ولا مانع أن تقرأ في (الشرح الممتع)، بعد أن كان (الزاد) من أصعب الكتب، ذلَّلَه الشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه- حتى صار في متناول الناس كلهم، فكلهم يفهمون، فتقرأ (الشرح الممتع) وكأنك تسمع صوت الشيخ -رحمه الله-، لكن هل نقول لطالب الطب: اقرأ (الروض المربع)؛ لكي تفهم (الزاد)؟ مستحيل، ما يُمكن أن يفهم (الزاد) من خلال (الروض المربع)، فهذا للمتخصِّصين.