يقرر بعض أهل العلم: أن حكم الحاكم يرفع الخلاف، وشيخ الإسلام يقيدها بما يعرفه الحاكم، ويكون له نظر في المسألة، أما الحاكم الذي ليس له نظر، ولا معرفة في هذه المسألة فلا [مجموع الفتاوى (3/238)، والفتاوى الكبرى (4/255)].
فلو افترضنا أن المسألة مختلف فيها، أو فيها شبهة، ثم جيء بها إلى قاضٍ عارف أهل للقضاء، فحكم بأحد القولين، فنقول: هذا رفع الخلاف، فنثبت الطلاق أو ننفيه تبعًا لما حكم به، لكن في مسألة القرء مثلًا، وهل يراد به الحيض أم الطهر؟ إذا أُتِي حاكمٌ لا علم له ولا دراية فحكم بأن القرء الطهر، فهل يرفع بحكمه الخلاف؟ لا، فالحاكم الذي يرفع قوله الخلاف هو الذي له نظر ودراية فيه.
وإذا عمل الناس في بلد ما على قول معتبر له دليله، ومشوا عليه، ثم جاء من يريد أن يرفع هذا القول ويوجد فيهم شقاقًا ونزاعًا، وإن كان قوله معتبرًا من جهة الدليل والنظر، ومعمولًا به في جهات أخرى، فمثل هذا ينكر عليه، لا سيما إذا كان العمل الجاري في البلد فيه احتياط، فمثلًا: تغطية الوجه هو المعمول به في جميع أقطار المسلمين قبل أن يتسلط الاستعمار على المسلمين، فإذا نازع منازع في وجوب ستره ينكر عليه؛ لما يؤول إليه هذا القول من الشرور وفتح باب التبرج والسفور كما هو مشاهد.