بعض الحجاج إذا جاء وقت اللزوم -عشية عرفة-، ووقت التنزل الإلهي، والتعرض للنفحات الإلهية، تجدهم من صلاة العصر، أو من قبل الصلاة وهم يتجهزون للانصراف، ويغفلون عما يشرع في هذا الموطن من الذكر والدعاء والإلحاح على الله -جلَّ وعلا-. فيركبون السيارات ويحملون أمتعتهم، ويبدؤون بالانصراف؛ ليقفوا على الحد من أجل أن يصلوا إلى مزدلفة قبل الناس. فإذا رجع إلى بلده أخذ يتحدث في المجالس أنّا وصلنا مزدلفة بعد الغروب بربع ساعة وهكذا، وهذه حقيقة مرة إن كان هذا هو الهدف وهو الدافع. مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استغرق الوقت كله يدعو ويذكر الله ويلح بالدعاء، من بداية الوقوف بعد الزوال إلى غروب الشمس. وحملات الحج حدث عنهم ولا حرج، فهم لكثرة من يتبعهم تجدهم من قبل وقت العصر وهم يأمرون الناس بالتأهب، وكل إنسان يلزم مكانه بالأرقام والأمتعة، فنصيبهم للتعرض لهذه الرحمة قليل جدًا. فإذا جاؤوا إلى مزدلفة من قبل منتصف الليل يشوشون على الناس ويؤذونهم، ويأمرونهم بالركوب، ومجرد أن يركبوا في السيارات يجلسون فيها إلى الصبح. فما الداعي لمثل هذه العجلة، لا سيما إذا كانت النتيجة معروفة أنها محسومة، فأمامك سيارات واقفة وأناس نيام، فما أنت فاعل؟!. والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما صلى بالمزدلفة المغرب والعشاء نام حتى أصبح ليستعد لأعمال يوم النحر .