شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (17)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-: وحدثني محمد بن حاتم وعبد بن حميد، قال ابن حاتم: حدثنا محمد بن بكر، قال أخبرنا ابن جريج، قال أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- رمى الجمرة بمثل حصى الخذف".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وحدثني محمد بن حاتم وعبد بن حميد، قال ابن حاتم" وهذا يقول: قالا حدثنا، لكن أعاد أحدهما، ومرَّ بنا مراراً أن المتجه أن من يعيده هو صاحب اللفظ.
"قال ابن حاتم: حدثنا محمد بن بكر، قال أخبرنا ابن جريج، قال أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- يقول: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- رمى الجمرة بمثل حصى الخذف" وتقدم ما يدل على هذا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قرر ذلك بفعله وقوله وتمثيله، فتضافرت عليه السنن، القول والفعل والتمثيل، بمعنى أنه صنع كما يصنع الخاذف بيده، وحصى الخذف مثل حب الباقلاء والبندق..
طالب:......
نعم، الآن النبي -عليه الصلاة والسلام- رمى بمثل حصى الخذف هذا فعل وإلا..؟ فعل، وقاله بكلامه -عليه الصلاة والسلام- على ما تقدم، ورفع الحصيات في يده، وأراهم إياها، وقال: «بمثل هذا فارموا، إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو»، والتمثيل: فعل مثل ما يفعل الخاذف، نعم، هذا التمثيل.
فكون الحصى بهذا المقدار هو السنة، والزيادة عليه من الغلو والإفراط، والرمي بما هو دونه في الحجم تفريط وتساهل، والخير كل الخير في اتباعه والاقتداء به والائتساء به -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:......
الشيخ: إيه عند أهل العلم يجزي إذا كان مما يسمى حصى ولو صغر أو كبر، الإجزاء يجزي، كثيرٌ من الجهال يرمي بالأحجار الكبيرة وأحياناً بالعصي وأحياناً بالنعال، وأحياناً..،نعم، وهناك قصص ومشاهد مضحكة حول الجمرات، يعني وجد من وقف على الشاخص يجلده بالعصا ويدعو عليه ويسبه ويشتمه ويقول: أنت الذي فرقتَ بيني وبين زوجتي، أقول قصص كثيرة مضحكة من هذا النوع، وتتكرر باستمرار، ومع ذلك الجهال لا يريدون أن يتعلموا، والتقصير ممن أخذ عليه العهد والميثاق بالبيان والبلاغ حاصل نسأل الله العفو، وإن كان الجهات المسئولة عن الحج رتبت من يفيد الناس ويوجه الناس ويعظ الناس ويعلم الناس، لكن الأعداد الهائلة، ومثل هذه الأماكن مواطن الزحام يستحيل أن يعلم كل شخص بعينه، لكن على المسلم أن يتعلم، لا سيما ما يصحح عباداته الواجبة عليه.
طالب:......
لا، هم يقولون حصى.
طالب:......
المقصود أنها حصى، ما في إشكال..... ما هو بحصى التراب المجتمع ما هو بحصى.
طالب:......
عندهم ما يجزئ مثل هذا، التراب إذا اجتمع ولا الخزف ولا الزجاج لا بد أن يكون من الحصى.
"وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال حدثنا أبو خالد الأحمر وابن إدريس عن ابن جريج، عن أبي الزبير عن جابر -رضي الله عنهما- قال: "رمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس".
وحدثناه علي بن خشرم، قال أخبرنا عيسى، قال أخبرنا ابن جريج، قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يقول: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال حدثنا أبو خالد الأحمر وابن إدريس، عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: "رمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمرة يوم النحر ضحى" يعني بعد أفاض من المزدلفة بعد الإسفار جداً وصل مكان الجمرة ضحى فرماها بسبع حصيات، وهذه هي السنة، ثم نحر ثم حلق ثم أفاض.
"وأما بعد" يعني بعد ذلك اليوم بعد يوم النحر، ولذا بنيت بعد على الضم؛ لأن المضاف محذوف مع نيته؛ لأنه إذا حذف المضاف مع نيته بنيت على الضم وإذا أضيفت أعربت {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ} [(137) سورة آل عمران]، قبل وبعد الحكم واحد والجهات الست، وإذا قطع عن الإضافة مع عدم إضافة نية المضاف إليه أُعربت مع التنوين، وهنا قطعت عن الإضافة مع نية المضاف إليه، "وأما بعد" أي بعد ذلك اليوم، "فإذا زالت الشمس" يعني في أيام التشريق الحادي عشر والثاني عشر لمن أراد أن يتعجل، والثالث عشر لمن تأخر، {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة]، ماذا نفهم من هذه الآية؟ المساواة؟ يعني هل نفهم من الآية تفضل التأخر؟ يعني إذا استحضرنا هنا {فلا إثم عليه} استحضرنا معه {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [(158) سورة البقرة]، استحضرنا {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} [(101) سورة النساء]، كلها فيها رفع الإثم، وماذا يقتضي رفع الإثم؟
الجواز، وعرفنا أنه بالنسبة للسعي، السعي ركن من أركان الحج وتقدم ما فيه، والقصر سنة، وهنا التقدم أو التأخر كلامها لا إثم عليه، هل يعني هذا أنهما سواء؟ ولماذا عقب التأخر بقوله: {لمن اتقى} أو {لمن اتقى} يعود على الجميع؟
الشرط والوصف والقيد والاستثناء إذا تعقبت جمل تعود على الأخيرة أو على الجميع؟
طالب:......
الشيخ: لا، الآن هذا لمن تأخر يلزم فيه التقوى، واللي تعجل ما يلزمه التقوى؟
طالب:......
الشيخ: لا، {لمن اتقى} لكن هل التقوى مشترطة فيمن تأخر دون من تقدم أو للجميع؟
طالب:......
الشيخ: يعني هل نستفيد من الآية أن التأخر أفضل من التعجل؟ {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} السياق واحد، لا مزية من خلال الآية لمن تعجل ولا لمن تأخر، يبقى قوله -جل وعلا-: {لِمَنِ اتَّقَى} هل المراد به من تأخر أو الجميع؟
هو لا يمكن أن يقال: لمن تعجل فقط، مفروغٌ منه يعني، يعني لا يقال {لمن اتقى} خاص بمن تعجل ولا للجميع، إنما.. لا، هم يتفقون على أن الآخر داخل، يعني في القذف {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4، 5) سورة النــور]، التوبة ترفع الفسق أو ترفع الثلاثة كلها؟ لهم ثلاثة أوصاف يجلدون.. القاذف يجلد ثمانين جلدة ولا تقبل له شهادته أبداً، ويحكم عليه بالفسق، {إلا الذين تابوا} هل يرفع الأوصاف الثلاثة؟ الحد لا يرفع اتفاقاً، لا يرتفع الحد بالتوبة، قبول الشهادة.
الآن محل الاتفاق بين أهل العلم الأول لا يرتفع الذي هو الحد؛ لأنه حق آدمي، والأخير الفسق وصف الفسق يرتفع اتفاقاً، لكن هل تقبل شهادته أو لا تقبل؟
طالب:......
{إلا الذين تابوا} معروف أنه إذا تاب بشروطها، يعني توبة مقبولة توبة نصوح، يرتفع وصف الفسق بلا شك، لكن هل تقبل شهادته والله -جل وعلا- يقول: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً} الآن الاستثناء تعقب جمل صح وإلا لا؟ تعقب جمل يعود إلى الأخيرة اتفاقاً، يرفع الوصف الأخير اتفاقاً ولا يرفع الوصف الأول اتفاقاً، والثاني هو محل الخلاف بين أهل العلم، ولذا يختلفون هل يرفع الجمل السابقة كلها أو لا يرفع إلا الأخيرة، أو يترك الحكم للقرائن والأدلة الأخرى كما هنا، هذا المقرر عند المحققين أنه يترك للأدلة الأخرى، أحياناً يقتضي رفع الجميع، أحياناً يقتضي رفع الأخير فقط، والباقي يترك للأدلة الأخرى والقرائن.
نعود إلى آية البقرة {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} لمن اتصف بهذا الوصف يحصل له رفع الإثم سواء تعجل أو تأخر، ويكون معنى الآية هو معنى قوله -عليه الصلاة والسلام-: «رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» فلا إثم عليه ألبته، شريطة أن يتحقق الوصف الذي هو التقوى سواءٌ في ذلك من تعجل ومن تأخر، ثم نأخذ حكم أو فضل التأخر من فعله -عليه الصلاة والسلام- كونه تأخر، فعلى هذا قوله: {لمن اتقى} يعود إلى الجميع، والتقوى شرطٌ لرفع الإثم عن الحاج سواء تعجل أو تأخر، شريطة أن يكون قد اتقى الله في حجه، فيكون الحج قد ترتبت عليه آثار من محو الذنوب كلها، حتى يقول جمعٌ من أهل العلم أنه يمحو الكبائر والصغائر، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، شريطة أن يكون قد اتقى الله في حجه: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
طالب:......
الشيخ: لا لا، لا ولا تدل عليه، هذا السياق ما يدل عليه، رفع الإثم المذكور في الآية {لمن اتقى} لا يستحق رفع الإثم إلا من اتقى، أنت لا تتصور أن الإثم الحاصل في الحج، رفع الإثم الذي تحمله هذا الشخص -هذا الحاج- فيكون هذا من أدلة فضل الحج، الأدلة العظيمة التي تثبت فضل الحج أنه يرفع الإثم عن الحج، فيكون معنى الآية هو معنى قوله: «رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» لكن بهذا القيد أن يكون قد اتقى، أما الذي لا يتقي الله تعالى في حجه لا تترتب عليه آثاره، فلا يرتفع عنه إثمه ولا يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
طالب:......
المسألة معروفة عند أهل العلم خلاف، منهم ابن حجر يرجح أنه للجميع الصغائر والكبائر والألباني كذلك، لكن القيد تكرر في نصوص كثيرة «ما اجتنبت الكبائر»، «ما لم تغشَ كبيرة» وعند الجمهور الكبائر لا بد لها من التوبة، جاء عند ابن ماجه حديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا عشية عرفة أن يغفر لعموم الحاج، فقال: «قد فعلت إلا المظالم، فقال يا رب: والمظالم، فلم يجب في عرفة» عند ابن ماجه وفيه ضعف، فلم يجب في عرفة أجيب بالمزدلفة، فقال: «والمظالم»، وبهذا يستدل على أن.. ابن حجر جعل هذا الحديث شاهد لحديث «رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» وأنه يتناول الكبائر والصغائر، وليس معنى هذا أن الإنسان يسترسل في اقتراف المحرمات، واجترام الذنوب والمعاصي كبيرها وصغيرها ثم بعد ذلك يقول: أحج وأرجع... هذا لا يوفق للحج المبرور، هذا لا يوفق للحج المبرور، كثيرٌ من الناس يقول الأمر سهل الحج أربعة أيام، وبعضهم يختصره في ثلاثة، أربعة أيام يقول: لو أن إنسان بالمخيط أو بالإبرة يخيط الفم يستطيع أن يمسك نفسه ثلاثة أيام لا يرفث ولا يفسق ويرجع.. هذا لا يمكن، مستحيل، لا يوفق، الشخص الذي لسانه طول عامه في القيل والقال يريد أن يحفظ لسانه في هذه الأيام لا يستطيع، وجرِّب تجد، كثير من الناس حج بهذه النية وبهذا القصد فإذا وصل إلى الأماكن المقدسة حتى في يوم عرفة تجده لا يستغل الوقت لا بذكر ولا بتلاوة، وإنما يستغله بالقيل والقال، وإن كان وحده تلفت يميناً وشمالاً علَّه أن يعرف أحداً يذهب إليه، هذا حاصل، «تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة»، وكثير من طلبة العلم لا يعرف القرآن إلا إذا تقدم قبل الإقامة بخمس دقائق، وأدى الركعتين على أي وجه، ثم تناول المصحف وقرأ، يعني إن صادف مثل هذه الفرصة وإلا فالقرآن ليس له عنده نصيب، ثم بعد ذلك في العشر الأواخر يذهب إلى الأماكن المقدسة ويفرغ نفسه من جميع الأعمال، والنية طيبة لا إشكال فيها، لكن هل يعان على أن يفعل في هذه العشر مثل ما يفعله سلف هذه الأمة من ملازمة كتاب الله، حتى أن بعضهم يقرأ القرآن كل يوم؟
..رأينا الإخوان، يجلس بعد صلاة العصر إلى المغرب، لكنه ما اعتاد أن يقرأ القرآن ليل نهار، وله ورد ما يفرط فيه يومي، يجلس بعد صلاة العصر يفتح المصحف، ثم يقرأ دقيقة أو دقيقتين، ثم يلتفت يمين أو شمال لعله يجيء أحد، ثم بعد ذلك خمس دقائق ربع ساعة يطبق المصحف وإن جاء واحد وإلا راح هو يدور! «تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة»، هذا الحاصل يا إخوان، الآن من أثقل الأمور على بعض طلاب العلم -ونسأل الله -جل وعلا- العفو والمسامحة- أنه في حل أنسه إذا كان في رحلة أو في إستراحة، طالع بهم وينبسط ويستأنس، ثم يجيء واحد من خيار الناس الذي لا قيل ولا قال، قد لا يطاق مثل هذا في مثل هذه الظروف، لا سيما من الإنسان اللي تعود، يبي ناس يصلحون للرحلات، أيش معنى يصلحون للرحلات؟ يعني أهل سواليف، السواليف أيها الإخوان تجر بعضها بعضاً، لذلك يثقل عليه أن يقرأ في كتاب.
أيها الإخوان شخص عنده شهادة عليا في أخص العلوم الشرعية، جاء مرةً للدرس –مثلاً- في غير الرياض بمكة مثلاً قال للشباب في غرفةٍ ثانية نجلس إلى أن ينتهي الدرس؟ اللي ما تعود ما يطيق يا إخوان، وهو قوله -جل وعلا-: {لمن اتقى}.
فالحج لا ترتتب عليه آثاره إلا بالتقوى، الصيام لا ترتب عليه آثاره إلا بالتقوى، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} أيش؟ لعلكم تجوعون، لا، {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة].
الصلاة متى تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر؟ إذا صاحبتها التقوى {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة]، نعم هذه العبادة مجزئة ومسقطة للطلب، ولا يؤمر بحجة ثانية ولا يؤمر بقضاء الصيام ولا بإعادة الصلاة، لكن يبقى أن الآثار لا تترتب إلا إذا صحب العمل التقوى؛ لأن الله -جل وعلا- إنما يتقبل من المتقين، الله يعاملنا بالعفو، الله يعفو عنا.
يقول جابر: "رمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس" يعني في الأيام أيام التشريق الثلاثة لمن تأخر والحادي عشر والثاني عشر لمن تعجل إذا زالت الشمس، فلا يصح الرمي قبل الزوال؛ لأنه فعله -عليه الصلاة والسلام- وقال: «خذوا عني مناسككم»، وهذا قول عامة أهل العلم، ويذكر عن عطاء وطاووس أنه يجوز قبل الزوال مطلقاً، ويذكر عن أبي حنيفة أنه يجوزه يوم النفر للحاجة، لكن تجويزه يوم النفر قبل الزوال للحاجة هل يحل الإشكال؟
إذا تأملنا بعين البصيرة هل يحل الإشكال أن نقول للناس: ارموا قبل الزوال؛ لأنه وجد مقتلة بعد الزوال، المقتلة تبي تنتقل من طلوع الشمس، نفس الشيء، يعني هل الحاجة تزول بالفتوى والتيسير للناس بما قبل الزوال؟ لا تزول أبداً، المتعجل متعجل سواءٌ قيل له لا ترمي إلا بعد الزوال أو قيل له ترمي من طلوع الشمس، والزحام الزحام، يعني نعم العصر في يوم النفر خفيف؛ لأن المتعجلين -من وصفه العجلة فضلاً عن كونه بيتعجل في اليوم الثاني عشر- بيرمي مع الزوال، هذا العدد وهذا الكم الذي يرمي بعد الزوال مباشرة متى يبي يرمي إذا أفتي؟ يرمي مع طلوع الشمس، فالمشكلة هي قائمة، المشكلة قائمة لا تنحل بمثل هذه الفتوى، إنما تنحل بفقه الناس في دينهم.
يقول: "وحدثناه علي بن خشرم، قال أخبرنا عيسى، قال أخبرنا ابن جريج، قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله" أحياناً يقول بنحوه، والفرق بينهما أنه إذا قال بمثله معناه أنه باللفظ، وإذا قال بنحوه فالمعنى.
"وحدثني سلمة بن شبيب، قال حدثنا الحسن بن أعين، قال حدثنا معقل وهو ابن عبيد الله الجزري، عن أبي الزبير عن جابر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الاستجمار توٌ ورمي الجمار توٌ، والسعي بين الصفا والمروة توٌ، والطواف توٌ، وإذا استجمر أحدكم فليستجمر بتو»".
يقول -رحمه الله تعالى-:
"وحدثني سلمة بن شبيب، قال حدثنا الحسن بن أعين، قال حدثنا معقل وهو ابن عبيد الله الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الاستجمار تو»" توٌ يعني وتر، وفي الحديث في الصحيحين: «من استجمر فليوتر».
"«ورمي الجمار توٌ»" وتر أيضاً، "«والسعي بين الصفا والمروة توٌ»" يعني وتر، "«والطواف توٌ، وإذا استجمر أحدكم فليستجمر بتو»" الاستجمار تو: يعني الاستجمار المراد به قطع أثر الخارج بمسحات تكون على وتر ثلاث، فإن أنقت الثلاث زاد حتى ينقي، فإن أنقت الرابعة المسحة الرابعة والمراد هنا المسحات بغض النظر عن عدد الأحجار، قد تكون ثلاث مسحات بحجر واحدة له شعب، وقد تكون بحجرين ثلاث مسحات، فإذا أنقت كفت، على خلاف سيأتي في الجملة الأخيرة.
إن أنقت الرابعة زاد وتر لتكون خامسة، إن احتاج إلى سادس زاد سابع؛ لأن الاستجمار تو، يعني وتر، وفي الصحيحين: «من استجمر فليوتر».
والاستجمار إزالة أثر الخارج بالحجارة، وإن قال بعضهم: إن المراد به استعمال المجمرة في البخور، لكن الأول هو الظاهر، وهو الذي عليه الأكثر.
طالب:......
الشيخ: وين؟ الثلاث لا بد منها.
«ورمي الجمار تو»
طالب:......
الجملة الأولى على المسحات، والجملة الأخيرة على الأحجار.
طالب:......
يعني لو استجمر ثلاثاً بحجر واحد له ثلاث شعب يكفي، وهذا يحقق الجملة الأولى، يراد به المسحات أن تكون ثلاث فأكثر، على أن يقطعها على تو يعني على وتر، "ورمي الجمار توٌ" يعني بسبعة أحجار وتر، "والسعي بين الصفا والمروة توٌ" سبعة أشواط، "والطواف توٌ" يعني سبعة أشواط أيضاً "«وإذا استجمر أحدكم فليستجمر بتوٍ يعني بثلاثة أحجار»" ولذا لما جاءه بحجرين وروثة ألقى الروثة وقال: «إنها رجس، وقال: «أبغني ثالثاً» ولذا يذهب بعض أهل العلم أنه لا يكفي الواحد ولو كانت له شعب، لا بد من أن تكون الأحجار ثلاثة على الأقل، فإن أنقت الثلاثة بها ونعمت وإلا زاد رابع ثم قطع على تو على وتر.
طالب:......
الشيخ: في هذا لما قال: «أبغني ثلاثاً» عرفنا أن أقله ثلاثاً.
طالب:......
الشيخ: مثله، يعني يغسل ثلاثاً، يغسل ثلاثاً نعم، والضابط عند أهل العلم في الاستجمار أن لا يبقى من الأُثر إلا ما لا يزيله إلا الماء، هذا بالنسبة للاستجمار، وبالنسبة للاستنجاء ضابطه عندهم عود خشونة المحل، بعض الناس ما يفهم مثل هذا الكلام، لكن لو غسل يديه بصابون -يعني من باب التقريب- لو غسل يديه بصابون وإلا من المنظفات السائلة هذه تستمر اليد فيها لزوجة، فنقول فيه أثر في صابون الآن، أو فيه من هذه المادة السائلة، لكن إذا عادت خشونة اليد عرفنا أن جميع ما على اليد من هذا الطاري قد انتهى، وقل مثل هذا في الخارج.
طالب:......
الشيخ: نعم، هو عند الجمهور إلى غروب الشمس، لكن دل قوله: "رميت بعد ما أمست، قال: «ارم ولا حرج» أنه يجوز الرمي بالليل، وأفتوا به للحاجة لتطول مدة الرمي، وهنا يحل إشكال، ما هو مثل بداية الرمي، يعني حل الإشكال بالليل ظاهر، وأما حله بالإفتاء بالرمي قبل الزوال ليس بظاهر، الناس من بيفوجهم يقول: هؤلاء يذهبون في الساعة السابعة وهؤلاء في الثامنة وهؤلاء في التاسعة، ويوزعون على النهار، وهؤلاء في الظهر وهؤلاء في العصر، لا لا، العجل اللي يبي يرمي بعد الزوال مباشرة تجده الساعة السابعة على الحوض، والعدد هو العدد، والخطر هو الخطر.
"وحدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح قالا أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة، قال حدثنا ليث عن نافع أن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: حلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحلق طائفة من أصحابه وقصر بعضهم، قال عبد الله: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «رحم الله المحلقين» مرة أو مرتين، ثم قال: «والمقصرين».
وحدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم ارحم المحلقين»، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: «اللهم ارحم المحلقين»، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: «والمقصرين».
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مسلم بن الحجاج، قال حدثنا ابن نمير، قال حدثنا أبي، قال حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «رحم الله المحلقين»، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: «رحم الله المحلقين»، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: «رحم الله المحلقين»، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: «والمقصرين».
وحدثناه ابن المثنى، قال حدثنا عبد الوهاب، قال حدثنا عبيد الله بهذا الإسناد، وقال في الحديث: فلما كانت الرابعة قال: «والمقصرين».
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير وأبو كريب جميعاً عن ابن فضيل، قال زهير حدثنا محمد بن فضيل، قال حدثنا عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم اغفر للمحلقين» قالوا: يا رسول الله، وللمقصرين، قال: «اللهم اغفر للمحلقين»، قالوا: يا رسول الله، وللمقصرين قال: «اللهم اغفر للمحلقين» قالوا: يا رسول الله، وللمقصرين، قال: «وللمقصرين».
وحدثنا أمية بن بسطام، قال حدثنا يزيد بن زريع، قال حدثنا روح عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعنى حديث أبي زرعة عن أبي هريرة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال حدثنا وكيع وأبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن يحيى بن الحصين عن جدته أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة، ولم يقل وكيع في حجة الوداع.
وحدثنا قتيبة بن سعيد، قال حدثنا يعقوب وهو ابن عبد الرحمن القاري ح وحدثنا قتيبة، قال حدثنا حاتم يعني ابن إسماعيل، كلاهما عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلق رأسه في حجة الوداع.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وحدثنا يحيى بن يحيى، ومحمد بن رمح قالا: أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة، قال حدثنا ليث عن نافع أن عبد الله قال: حلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحلق طائفة من أصحابه وقصر بعضهم، قال عبد الله: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «رحم الله المحلقين» مرة أو مرتين، ثم قال: «والمقصرين»" يعني دعا للمحلقين مراراً، ثم قال: «والمقصرين»، فيه دليلٌ على أن الحلق أفضل من التقصير، وهل هذا يوم الحديبية أو في حجة الوداع؟
خلاف بين أهل العلم، لكن لا يمنع أن يكون في الموضعين؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- لما أمرهم بالحلق في الحديبية ترددوا، وشكا ذلك إلى أم المؤمنين فقالت: احلق رأسك ثم يمتثلون؛ لأنهم ترددوا رجاء أن يحقق الله لهم دخول مكة ولا يرجعون بدون عمرة، وهذا يشق عليهم أنهم جاؤوا لأمر وصدوا عنه، أمر يرجون ثوابه عند الله -جل وعلا- ثم يصدون عنه، وخفي عليهم الحكمة العظيمة المترتبة على هذا الصلح العظيم الذي هو الفتح الحقيقي، ونزلت فيه سورة الفتح، فمن حرصهم على الخير ترددوا، لا عصياناً منهم له -عليه الصلاة والسلام-، لكنه لما حلق عرفوا أن المسألة منتهية مفروغٌ منها، كادوا أن يقتتلوا، وحينئذٍ دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- للمحلقين، وأيضاً كما سيأتي في حديث أم الحصين، وأنها شهدت مع النبي -عليه الصلاة والسلام- حجة الوداع، وأنه دعا للمحلقين ثلاثاً ثم قال: «والمقصرين»، وكل هذا يدل على أن الحلق أفضل بالنسبة للرجال؛ لأنه أبلغ في العبادة فهو أفضل اتفاقاً، أفضل اتفاقاً؛ لأنه أبلغ في العبادة، والتقصير يحصل به إسقاط الواجب، وقد دُعي لهم، ولهذه الدعوة أو بهذه الدعوة لهم يقرر جمهور العلماء أن الحلق أو التقصير نسك؛ لأنه لو كان مجرد إطلاق من محظور ما ترتب عليه أجر ولا فضل، يعني لو بمجرد إطلاق من محظور مثل لبس الثياب إذا فرغ الإنسان من حجه أو عمرته تحلل، وقد قال بهذا بعض العلماء أنه مجرد إطلاق من محظور ولا يترتب عليه شيء، لكن لما دعي لهم بالمغفرة للمحلقين والمقصرين عرفنا أنه رتب عليه الأجر فهو نسك، وليس مجرد إطلاق من محظور، وهو اجب عند الجمهور، وبعضهم يشدد في أمره فيجعله ركن من أركان الحج، وبعضهم يقول: هو مجرد إطلاق من محظور كما سمعنا ولا شيء في تركه، يعني مثل الثياب، لو الشخص إذا تحلل استمر في إزاره وردائه يلام؟ أو ينكر عليه لا سيما إذا كان هذا لباسه العادي؟ أو يريد أن يلبس مثل بعض المسلمين الذين لباسهم العادي إزار ورداء؟
ما يلزم، فلبس الثياب إطلاق من محظور لا إشكال فيه، ولذا لم يدعَ لمن لبس ثيابه، وإنما دعي للمحلقين؛ لأنه نسك يرتب عليه الثواب، وعلى تركه الفدية.
فقلنا أن الحلق أبلغ وأعظم في الامتثال، التقصير فيه شيء من الترفه، وفيه شيء من ترك؛ لأن الحلق..
طالب:......
الشيخ: أقول التقصير فيه شيء من الترفه بخلاف الحلق؛ لأن التقصير فيه.. يبقى شيء من الجمال؛ لأن الشعر جمال للشخص، وفرقٌ بين أن يترك الشيء لله -جل وعلا- بالكلية وبين أن يبقي منه ما يبقي، فهو أبلغ في الامتثال، هذا بالنسبة للرجال.
وأما بالنسبة للنساء فالحلق بالنسبة لهن حرام لا يجوز، بل لهن التقصير، فتأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة، لكن إذا حلقت شعرها وخالفت وارتكبت المحظور هل نقول إنها أدت ما عليها؟ سقط الواجب عنها؟ نقول فعلت الواجب وزيادة؟
طالب:......
ما امتثلت، يلزمها دم وإلا ما يلزمها دم؟ هو الواجب عليها التقصير، فعلت ما هو أشد من التقصير؟
طالب:......
يعني لو حلقت شعرها يجزيها عن التقصير وإلا ما يجزي؟
طالب:......
يعني من غسل الأعضاء سبعاً سبعاً، فعل الواجب وزيادة، نقول توضأ وإلا ما توضأ؟
طالب:......
لا، ناوياً الوضوء، شو لون ما نوى الوضوء، غسل الأعضاء بدل ثلاثاً ثلاثاً سبعاً سبعاً، فعل الواجب وزيادة، هل يجزئ هذا الواجب؟ أو هذا الفعل رد.
طالب: لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا....»
طالب آخر: الزيادة مردودة لكن الأصل باقي.
«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، المرأة هذه التي حلقت شعرها عملها ليس على أمره -عليه الصلاة والسلام-، الذي توضأ سبعاً سبعاً وضوؤه ليس على أمره -عليه الصلاة والسلام- فهو رد، لكن هل المردود الأصل بالكلي كله مردود؟ وإلا القدر الزائد هو المردود؟
طالب:......
نجيب مثال، رجلٌ طلق امرأته ثلاثاً دفعة واحدة، ليس عليه أمرنا فهو رد، نقول ما وقع الطلاق بالكلية أو وقع واحدة.
طالب:......
الجمهور، الأئمة الأربعة كلهم -يقع ثلاث- ما زلنا ما زلنا بنجيب أمثلة ونظائر من أجل أن نقرر المسألة قبل.
طالب:......
والحلق بالنسبة للمرأة، نقول: تركت واجب عليها دم، وإلا نقول خلاص فعلت الواجب وزيادة؟ لو زاد خامسة..
طالب:......
الشيخ: نفس الشيء..
طالب:......
الحلق ما ينفصل، ما قصرت ثم حلقت، يعني لو صار على مرحلتين: قصرت أولاً ثم حلقت انتهى الإشكال، فعلت الواجب وارتكبت محظور.
طالب:......
نقول المسألة لها فروع: من زاد على القدر الواجب، إن كانت الزيادة مطلوبة هذا لا إشكال فيه، وهل يوصف الكل بالوجوب، أو الواجب ما أوجب الشرع والقدر الزائد نفل، يعني إذا كانت الزيادة مطلوبة، شخص عليه ألف ريال زكاة دفع ألفين فيه إشكال؟
طالب:......
ما فيه إشكال؛ لأن الزيادة مطلوبة صدقة نفل، كمن أدى ديناراً عن عشرين، هذه يمثل بها العلماء، أو دفع صاعين فطرة، يفرقون بين الزيادة المتميزة والزيادة غير المتميزة.
لكن إذا كانت الزيادة ممنوعة فهل تخل بالأصل؟ أو نقول الأصل له حكمه، والزيادة لها حكمها؟ هناك ما يأتي على العبادة بالإبطال كزيادة خامسة في الصلاة، ما نقول: يقبل أربع وواحدةٍ مردودة، صح وإلا لا؟
طالب: سهواً يا شيخ؟
لا ما هو سهو الله يعفو عنا وعنك، الكلام كله على...
طالب: تختلف في العبادات.
وأيش مرد التفريق؟ نريد ضابط لهذا التفريق، ما هو لأننا نعرف الحكم من أول وننزل عليه الفروع التي ترد علينا.
طالب:......
وتنفك هنا؟
طالب:......
طيب هذا شخص سلّم من أربع صلاة كاملة..
الزيادة المتعمدة، يعني شخص سلم من أربع صلاته كاملة، ثم قال: أنا آتي بركعة يمكن إحدى الركعات باطلة وأنا ما أدري، هذه الركعة باطلة بلا شك؛ لأن الشك متى طرأ؟
بعد الفراغ من العبادة، إذا طرأ الشك بعد الفراغ منها لا يؤثر فيها، لكن الذي يؤثر وهو في الصلاة قبل أن يُسلم قال: آتي بخامسة يمكن تكون إحدى الركعات باطلة وأنا لا أدري، نقول: صلاتك كلها باطلة.
طالب:......
ولا ينقص.
طالب:......
طيب والوضوء؟
طالب:......
ما هو الإشكال في الك...، الوضوء مرة مرة شرعي، ومرتين مرتين شرعي، وثلاثاً ثلاثاً شرعي، لكن من زاد على ذلك أساء وتعدى وظلم، لكن هل يلزم من هذا إبطال العبادة أو لا يلزم؟
هذه قاعدة تكلم عليها ابن رجب، وذكر فروعها في القواعد وراجعوها، تراجع.
المقصود أن هذه المرأة التي حلقت شعرها أساءت وظلمت وتعدّت، وسقط عنها التقصير.
طالب:......
إذا بقي شيء من الشعر ولو أصوله بحيث يمس هذا تقصير وليس بحلق.
طالب:......
هذه أيضاً تندرج تحت القاعدة، إذا قدر على شيء من العبادة وعجز عن باقيها، فإن كان المقدور عليه مطلوب يؤتى به، وإن كان المقدور عليه غير مطلوب وإنما هو أشبه بالعبث فلا يؤتى به، وذكروا هذا المثال في القاعدة؛ لأنه ليس الهدف إنك تمر الموس على جلدتك وهي ما عليها شعر، هذه ليست بعبادة يجرح يمكن.
طالب:......
هذا كله إذا كان في شيء يأتي عليه لا بأس، لكن الأصلع، ما على شعره شيء، لكن إذا قدر على شيء من العبادة وعجز عن باقيها يأتي بما يقدر عليه إذا كان المقدور عليه بمفرده عبادة، شخص ما يقرأ القرآن، وقراءة الفاتحة ركن، نقول حرك شفتيك وأنت ما تقرأ؛ لأن هذا مقدور عليه؟!!
التحريك لذاته ليس بمطلوب، وإنما يثبت تبعاً للقراءة، لكن شخص لا يقرأ القرآن، والقرآن ركن القيام يستطيع أن يصلي قائماً لكنه لا يقرأ، نقول ما دام ما تقرأ لا تقف، لا تصلي قائماً؟ خلاص إنما القيام من أجل القراءة وانتهت القراءة؟! لا لا، هذا مقدور عليه وركن مستقل مطلوب لذاته.
طالب:......
صابون أيش؟ معطّر إيه إلا محظور.
طالب:......
ولو كان، كلٌ على مذهبه فيما يسقط به الواجب، بعضهم يقول: ثلاث شعرات عند الشافعية، وبعضهم يقول: ربع الرأس كالحنفية.
طالب:......
هؤلاء إذا حلق ثلاث شعرات الباقي يسوي اللي هو يبي، يرتكب من المحظورات ما شاء، عندهم عندهم، وإلا فالأصل أن حلق الرأس المقصود به جميعه كمسحه في الوضوء.
طالب:......
لا ما تجزئ، ما عنده شعر سقط عنه الواجب، أحياناً يتصرف الصبيان الذين يقفون على المرأة بالمقص، ينظر إلى الحاج ما في رأسه ولا شعرة وهو ما يبي يفلت، يبي يأخذ هذا الريال بأي وسيلة فيأخذ من لحيته.
ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- تأول قول الله -جل وعلا-: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح]، يعني تصور أن الواو للجمع، أنه لا بد أن يحصل منك الحلق والتقصير في آنٍ واحد، فحلق رأسه وأيش بقي للتقصير؟ ما بقي إلا اللحية أخذ ما زاد على القبضة، فهو يتأول الآية، ولا شك أن قوله هذا شاذ لا يتابع عليه.
طالب:......
نعم في الحج نعم، هو ذكر عنه في الحج.
طالب:......
يعني مثل المتمتع مثلاً...
طالب:......
الشيخ: لا خلاص، الأول هو النسك، مثل ما لو صليت منفرد ثم جاء جماعة، صليت الفريضة منفرد، ثم جاء جماعة قلت: والله الجماعة أفضل أبي أصلي معهم؟ نعم، فريضتك الأولى، الثانية تطوع.
طالب:......
الآية، نعم ما عنده غيرها، وإلا النصوص المرفوعة كلها «اعفوا» «أكرموا» «ارخوا» «وفروا».
طالب:......
هو يروى عن بعض الصحابة على كل حال، لكن العبرة بالمرفوع.
طالب:......
الراجح أنه مثل المسح جميع الرأس، الرأس إذا أطلق جميعه.
طالب:......
المرأة من ضفائرها تأخذ قدر الأنملة، المقصود أنها تحف من شعرها كله، تحرص.
والمطلوب من مجموعه لا من جميعه، أيش معنى من مجموعه لا من جميعه؟ أن كل الجهات تعمم لكن لا يلزم أن تكون كل شعرة شعرة يؤخذ منها.
طالب:......
يعني أخذ من بعضه وترك بعضه، وهذا يظهر للرائي وإلا ما يظهر؛ لأن عندنا شيء قد يدخلنا في محظور وهو القزع؛ لأن بعض الناس يأتي بالموس ويقص، ويغرق في القص من بعض الجهات حتى تبين البشرة، وبعضها متروك، نقول هذا القزع المنهي عنه.
طالب:......
المقصود أن الحلق والتقصير يكون للمجموع.
"وحدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم ارحم المحلقين»، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: «اللهم ارحم المحلقين»، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: «والمقصرين»" كسابقه.
"قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مسلم بن الحجاج قال..."
طالب:......
صاحب الصحيح إيه.
طالب:......
إيه، فيه إشكال؟
طالب:......
ما ورد إلا في ثلاثة مواضع، مثل هذا وقبلها يقول: قال أبو أحمد أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان عن مسلم بن الحجاج؛ لأن إبراهيم محمد بن سفيان هو الراوي عن مسلم، هو الذي روى الصحيح عن مسلم، وقد فاته ثلاثة مواضع من الصحيح ما سمعها من مسلم، ثلاثة مواضع من الصحيح هذا أولها، فهو يقول:عن مسلم بن الحجاج يرويها بالعنعنة، وإلا فالأصل أنه يرويه بالتحديث، إلا في المواضع الثلاثة وقد بينت، بينها النووي في مقدمة شرحه، فليرجع إليه.
"عن مسلم بن الحجاج، قال حدثنا ابن نمير، قال حدثنا أبي، قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «رحم الله المحلقين»، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: «رحم الله المحلقين»، قالوا: والمقصرين يا رسول الله قال: «رحم الله المحلقين» -ثلاثاً- قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: «والمقصرين»" يعني دعا للمحلقين ثلاث مرات، وللمقصرين مرة واحدة.
"وحدثناه ابن المثنى، قال حدثنا عبد الوهاب، قال حدثنا عبيد الله بهذا الإسناد، وقال في الحديث: "فلما كانت الرابعة قال: «والمقصرين»" وسبق في بعض الروايات ما يدل على أنه دعا للمحلقين مرتين، ودعا للمقصرين مع المحلقين في الثانية، وفي الثالثة، لكن هذه الرواية مفسرة، فلما كانت الرابعة قال: «والمقصرين».
"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير وأبو كريب، جميعاً عن ابن فضيل، قال زهير حدثنا محمد ابن فضيل، قال حدثنا عُمارة -يعني ابن القعقاع- عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم اغفر للمحلقين»، قالوا يا رسول الله: وللمقصرين، قال: «اللهم اغفر للمحلقين»، قالوا يا رسول الله: وللمقصرين، قال: «اللهم اغفر للمحلقين»، ثلاثاً، قالوا يا رسول الله: وللمقصرين، قال: «وللمقصرين»" يعني في المرة الرابعة.
"وحدثني أمية بن بسطام، قال حدثنا يزيد بن زريع، قال حدثنا روح عن العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعنى حديث أبي زرعة عن أبي هريرة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال حدثنا وكيع وأبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن يحيى بن الحصين، عن جدته -التي تقدمت أم الحصين- أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة، ولم يقل وكيع في حجة الوداع" يعني اختلفوا في هذه اللفظة، أبو داود الطيالسي قال في حجة الوداع، ووكيع لم يقل في حجة الوداع.
المقصود أنه تقدم أنها شهدت حجة الوداع، وعقلت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عقلت مما قاله وفعله على ما تقدم بعضه، على كل حال هذا يدل على أن هذه الدعوة كانت في حجة الوداع، وإن روي نظيرها ومثلها في الحديبية.
"وحدثنا قتيبة بن سعيد، قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري ح وحدثنا قتيبة، قال حدثنا حاتم يعني ابن إسماعيل، كلاهما عن موسى بن عقبة عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلق رأسه في حجة الوداع" وسيأتي أنه أمر الحالق فأخذ الشق الأيمن والشق الأيسر ووزعه على من حضر، وأعطى أبا طلحة منه ما أعطى، المقصود أنه ثبت أنه في حجة الوداع حلق، أما حديث معاوية وأنه قصر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على المروة بمشقص أو مشاقص فهذا كان في عمرة القضاء.
"حدثنا يحيى بن يحيى، قال أخبرنا حفص بن غياث، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى منىً، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنىً ونحر، ثم قال للحلاق: «خذ» وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير وأبو كريب قالوا أخبرنا حفص بن غياث، عن هشام بهذا الإسناد، أما أبو بكر فقال في روايته للحلاق: «ها» وأشار بيده إلى الجانب الأيمن هكذا، فقسم شعره بين من يليه، قال: ثم أشار إلى الحلاق وإلى الجانب الأيسر فحلقه فأعطاه أمَّ سُليم.
وأما في رواية أبي كريب قال: فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس، ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك ثم قال: «هاهنا أبو طلحة؟» فدفعه إلى أبي طلحة.
وحدثنا محمد بن المثنى، قال حدثنا عبد الأعلى، قال حدثنا هشام، عن محمد عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمى جمرة العقبة، ثم انصرف إلى البدن فنحرها، والحجام جالس وقال بيده عن رأسه فحلق شقه الأيمن، فقسمه فيمن يليه، ثم قال: «احلق الشق الآخر»، فقال: «أين أبو طلحة؟» فأعطاه إياه.
وحدثنا ابن أبي عمر، قال حدثنا سفيان، قال سمعت هشام بن حسان يخبر عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك قال: لما رمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر فقال: «احلق» فحلقه فأعطاه أبا طلحة، فقال: «اقسمه بين الناس»".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"حدثنا يحيى بن يحيى، قال أخبرنا حفص بن غياث، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى منىً" فأتى الجمرة فرماها: على ما تقدم بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم أتى منزله بمنىً ونحر، ونحر بدنه ثلاثاً وستين بيده، وترك ما غبر لعلي بن أبي طالب، "ثم قال للحلاق: «خذ» وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر" يعني احلق الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر، "ثم جعل يعطيه الناس".
"وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير وأبو كريب قالوا: أخبرنا حفص بن غياث، عن هشام بهذا الإسناد، أما أبو بكر، فقال في روايته للحلاق: «ها» وأشار بيده" ها يعني خذ، "وأشار بيده إلى الجانب الأيمن هكذا، فقسم شعره بين من يليه، قال: ثم أشار إلى الحلاق وإلى الجانب الأيسر، فحلقه فأعطاه أم سُليم" والرواية الأخرى أعطاه أبا طلحة، قال: «أين أبو طلحة؟».
أم سُليم علاقتها بأبي طلحة زوجها، سواءٌ أعطاه إياها له أو أعطاه هذه الشعرات لها المقصود أنه ما خرج عنهما.
"وأما في رواية أبي كريب قال: فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس، ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك، ثم قال: «هاهنا أبو طلحة؟» فدفعه إلى أبي طلحة" إما أن يكون أعطاه أم سليم بواسطة أو بغير واسطة، بواسطة زوجها أبي طلحة أو بدون واسطة.
وتوزيع الشعر من شعره -عليه الصلاة والسلام- وقد جعل الله -جل وعلا- في جميع أجزائه البركة، وهذا خاصٌ به لا يتعداه إلى غيره، فليس لأحد أن يطلب من أحد شعراً أو شيئاً مما مسه بدنه أو يتبرك به أو يتمسح به، بل هذا خاصٌ بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا في الأحاديث الصحيحة، لكن دون إثبات ما يدعى أنه من شعر النبي -عليه الصلاة والسلام- في العصور المتأخرة دونه خرط القتاد، يعني ما يقال إن هذه الشعرات من شعره -عليه الصلاة والسلام- نتبرك بها، من يثبت هذا؟
وإلا لو ثبتت بما لا مرية فيه -ودون إثباتها خرط القتاد- يتبرك بها؛ لأنه ما وزعت إلا لهذا، فلا يتبرك بغيره -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله جعل فيه البركة، وهذا خاصٌ به، فلم يتبرك الناس بأفضل الأمة بعد نبيها، ما تبركوا بشعر أبي بكر، ولا بشعر عمر، ولا بشعر غيره، هذا خاصٌ به -عليه الصلاة والسلام-، وحفظته أم سليم، وبقي عندها، وكانت تصب عليه من الطيب فتزداد رائحته، وبقي عندها، المقصود أنه فيه بركة، ثابتة البركة به -عليه الصلاة والسلام- بالنصوص القطعية وبجميع ما مس بدنه، لكن ما يدعى من أن هذه من شعرات النبي أو هذه بردة النبي -عليه الصلاة والسلام- كل هذا لا يمكن إثباته.
وتجاوزوا حتى أثبتوا أن هذا مصحف النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني وجد في بعض الأقطار من يطلعك على مصحف قديم، ويقول هذا الذي يقرأ فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-! وكثيرٌ من الناس تطوف عليهم مثل هذه الأشياء.
طالب:......
النبي -عليه الصلاة والسلام- أمي لا يقرأ ولا يكتب، والمصحف ما جمع بين الدفتين إلا بعده -عليه الصلاة والسلام- وهناك في بعض الجهات مكحلة يزعمون أنه هي مكحلة النبي -عليه الصلاة والسلام- كل هذا لا يمكن إثباته، وفي تركيا وفي مصر وفي بقاع الأرض شيء من هذه الدعاوى.
طالب:......
يعني مكانه، المقصود المكان، المقصود المكان.
طالب:......
أقول التبرك شاع في الأمة وكثر، وعمت به المصيبة، وتعدى الناس من خلاله إلى الشرك الأكبر، ويوجد في المشرق في كشمير ضريح من أكبر الأضرحة في العالم، اسمه ضريح الشعرة، ضريح من أكبر الأضرحة في العالم، وحوله من السدنة ما لا يوجد عند غيره، والماء يدخل من تحته ويباع بالتولة، والغبار يباع بالقطارة وهكذا.
طالب:......
لا لا، هذا بكشمير، ضريح الشعرة، شعرة من؟
شعرة عبد القادر الجيلاني، وما فعلوا هذا بعبد القادر نفسه، يعني يفعل عندهم مثل هذه الأمور لكن ليس على هذا المستوى، وهذا كله من تلاعب الشيطان بابن آدم، والأمور يجر بعضها بعضاً، يعني ليس من أول وهلة وجد ضريح الشعرة، إنما وجد له مقدمات، وهذا الذي يخشاه الإنسان على نفسه أن يتساهل في شيء، ثم هذا التساهل يجره إلى ما بعده، وكل سيئة لها عقوبة، هل يتصور أن مسلماً أول ما ينطق يقول: سبحان ربي الأسفل؟؟
ما يمكن، لكن استدرجه الشيطان، وقال كلاماً كثيراً إلى أن وصل إلى هذا الحد، وهؤلاء استدرجهم الشيطان فأوغلوا فيما نهى الله عنه، وبعدوا عن منهاج النبوة إلى أن وقعوا فيما وقعوا فيه من الشرك الأكبر.
ومن أراد أن ينظر العجب العجاب في هذه المسائل فلينظر إلى رحلة ابن بطوطة، فيها شيء كثير من هذا النوع، وفيها من الاعتقاد بالأولياء والصالحين شيء لا يخطر على البال.
طالب:......
الآن اللي تسمع، يعني في توحيد الألوهية عنده مخالفات عنده طوام، نسأل الله السلامة والعافية، نحن لما كنا ندرس كتاب التوحيد الأمثلة لجميع الأبواب من هذه الرحلة، يعني في المخالفات.
طالب: التحنيك يا شيخ ...؟
الشيخ: التحنيك، كان الصحابة يأتون بأولادهم وأطفالهم وبمواليدهم إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيحنكهم، لكن هل ثبت أنهم جاؤوا بهم إلى أبي بكر وعمر؟
أبداً، لم يُروَ عن أحدٍ أنه جاء بولده إلى أبي بكر وعمر أبداً، وهذا إن كان المقصود منه بركة المحنك فهذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان المقصود منه أمرٌ طبي يعود إلى قوة حنك الصبي بدلكه بالتمر بعد مضغه، فهذه مسألة طبية يقوم بها أي شخص سواءٌ كان صالح أو غير صالح، ولذلك إذا مرّوا الشراح مرّوا على حديث التحنيك قالوا: ويؤخذ منه التبرك بالصالحين!!
أبداً، هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:......
الشيخ: إعفاء الشعر، النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت له، كان يكرم شعره وله الوفرة، وأحياناً تكون جمة وأحياناً تكون لمة، تطول وتقصر، المقصود أنه يعفي شعره، ولم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- الحلق إلا في نسك، لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه حلق شعره إلا في نسك، ولذا أطلق بعض أهل العلم أن حلق الشعر بدعة، وأنه من سيما الخوارج، لكن ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الحلاق أن يحلق شعر أولاد جعفر، وثبت به نصوص فليس ببدعة، وأن من قوي على إكرام شعره على أن يأتي بما هو أولى منها من الواجبات، ما يترك واجبات ويقول: أنا أعفي شعري سنة، هذا دليل على كذبه، يحلق لحيته ويعفي شعره يقول أتبع النبي -عليه الصلاة والسلام-؟؟ هذا برهانٌ على أنه مفتري.
طالب:......
الشيخ: يدعو له، لكن ما ثبت أن الصحابة جاؤوا بأولادهم إلى أبي بكر أبداً ولا عمر، إذا كانت ليست ببركة يقوم بها أي شخص، إذا كان لتقوية حنك الطفل بدلكه بالتمر يقوم بها أي شخص، إذا كانت طبية؛ لأنها تجر، يعني من باب حماية جناب التوحيد.
وحدثنا محمد بن المثنى، قال حدثنا عبد الأعلى، قال حدثنا هشام، عن محمد، عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمى جمرة العقبة ثم انصرف إلى البدن فنحرها، والحجام جالس: الحجام جالس هذا حجام وإلا حلاق؟؟
طالب:......
الشيخ: أشار إلى الحلاق...
طالب:......
الشيخ: الحجام هو الحلاق، الغالب أنهما متلازمان.
والحجام جالس، وقال بيده عن رأسه فحلق شقه الأيمن فقسمه فيمن يليه، ثم حلق الشق الآخر، فقال: أين أبو طلحة؟ فأعطاه إياه: وفي هذا مزية لهذه الأسرة من أبي طلحة وأم سُليم.
وحدثنا ابن أبي عمر، قال حدثنا سفيان، قال سمعت هشام بن حسان يخبر عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك قال: لما رمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر فقال: «احلق» فحلقه فأعطاه أبا طلحة، فقال: «اقسمه بين الناس»: وهذا دليلٌ على طهارة شعر الآدمي كبقية بدنه خلافاً لوجه عند الشافعية أن شعر الآدمي نجس.
طالب:......
الشيخ: ما أدري والله ما شفته...
طالب:......
الشيخ:.... حلق وانتهى الإشكال.
طالب:......
حينما يريد أن يحلق الشق الأيمن يقف عند الجانب الأيمن، وإذا أراد أن يحلق الشق الأيسر وقف عند شقه الأيسر،..... على المطلوب.
طالب:......
الشيخ: إذا بقيت أصول الشعر فهو تقصير، إذا بقي شعر يأخذه الموس فهو تقصير.
طالب:......
الشيخ: لا لا، ما فيه دليل.
طالب:......
الشيخ: هو احتجم النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو محرم، لكن للحاجة، إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
"