تحقيق التوحيد يمنع الخلود في النار ولو كان في القلب منه أدنى مثقال حبة من خردل؛ لما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا، فيلقون في نهر الحيا أو الحياة، فينبتون كما تنبت الحِبَّة في جانب السيل، ألم ترَ أنها تخرج صفراء ملتوية» [البخاري (22)، ومسلم (475)].
وقال النبي ﷺ: «إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها، وآخر أهل الجنة دخولًا، رجل يخرج من النار كبوًا، فيقول الله: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى، فيقول: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى، فيقول: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها» [البخاري (6571)، ومسلم (479)].
هذا الخروج لمن كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، أما من فقد الإيمان بالكلية -نسأل الله السلامة والعافية- ففي العذاب الأبدي السرمدي: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمۡ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغۡفِرَ لَهُمۡ وَلَا لِيَهۡدِيَهُمۡ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 168-169].
وأما من حقَّق التوحيد وامتلأ قلبه منه وأخلص لله تعالى فهذا يمنعه من دخول النار بالكلية، كما جاء ذلك في حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما قال: «فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله» [البخاري (425)، ومسلم (1528)].