تهجم الكِرماني على البخاري –رحمه الله- ووقع في هفوات في أكثر من موضع من شرحه (الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري)، وأكثر تلك الهفوات وقعت منه في كلامه عن الربط بين الحديث والترجمة، وقد تعقبه الحافظ ابن حجر في كثير من تلك المواضع. فمما ذكر الكِرماني ما جاء في الجزء الثاني من شرحه صفحة 183 يقول: (البخاري لا يراعي حسن الترتيب، وجملة قصده إنما هو في نقل الحديث وما يتعلق بتصحيحه لا غير، ونعم المقصد)، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: (العجب من دعوى الكرماني أن البخاري لا يقصد تحسين الترتيب بين الأبواب مع أنه لا يُعرف لأحدٍ من المصنفين على الأبواب من اعتنى بذلك غيره، حتى قال جمع من الأئمة: فقه البخاري في تراجمه)، ومما ذكر الكِرماني ما جاء في الجزء العاشر صفحة 183 معلقًا على كلامٍ للإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يقول: (لا يخفى ما في هذا التركيب من التعجرف)، قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله- في الجزء الرابع من شرحه على (صحيح البخاري) صفحة 485: (التعجرف من عدم فهم المراد)، إذا قصر الفهم ولم يعترف صاحبه بالقصور نشأ عن ذلك القصور إشكالات، فحينما يقصر فهم الكِرماني عن إدراك الرابط بين الحديث والترجمة يقول عن البخاري: لا يحسن ترتيب الأبواب، أو يقول: هذا تعجرف!، لا شك أن سبب ذلك القصور، وقد أبدى العلماء من المناسبات في تراجم البخاري ما يبهر العقول، وأُلفت الكتب المستقلة في بيان الرابط بين الحديث والترجمة في كل باب، وأحيانًا ذِكر الرابط قد يخفى حتى على ابن حجر والعيني ومن جاء بعدهم، وقد يقولون: المناسبة ظاهرة، وهي في الحقيقة ليست بظاهرة، وأخشى أن يكون هذا من التخلص.