عمرة الحديبة عُدَّت عمرة من عمره -عليه الصلاة والسلام-، وإن لم يؤدِ أفعالها؛ لأن تركها وعدم إتمامها ليس في يده -صلى الله عليه وسلم-. وعلى هذا من قصد عملًا صالحًا، وحرص عليه، وبذل الأسباب، ثم صُدّ عنه، فله الأجر كاملًا بإذن الله. لكن لا يفرح لكونه صُد عنه، لأنه جاء راغبًا فيه، وصدّه يَحزّ في نفسه. أما من فرح بأنه صُدّ ومُنع فلا يحصل له مثل هذا الأجر، والظن بمثل هذا أنه إنما فعله ليقال عنه كذا، ولو كان الباعث عليه وجه الله -جل وعلا- والثواب، ما فرح بصدّه عنه. وهذه مسألة يُحتاج إليها في كثير من الأعمال، فلو قصد الإنسان المسجد ليصلي فوجد المسجد مغلقًا لترميم أو غيره، وليس بجواره مسجد قريب، وبحث عن جماعة ولم يجد، ثم صلى وحده، فله أجر كامل، وجاء في سنن أبي داود أن من قصد الجماعة فوجدهم قد صلوا فله مثل أجرهم [أبو داود: 564]. ولا يعني هذا أن من يُفرّط ويعرف أن الصلاة قد تفوته، ثم يذهب إلى المسجد بعد علمه بخروج الناس من المسجد ليحصل له الأجر، فليس الأمر كذلك، إنما المسألة مردها إلى النية «وإنما لكل امرئ ما نوى» [البخاري: 1].