الأفضل للمحرم أن يضحى لمن أحرم له، أي يبرز لمن أحرم له ولا يستظل بشيء، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يحجون، وقد رأى ابن عمر رجلًا ظُلل عليه بشيء قريب من رأسه كما هي عادة من يظلل عليه، فقال: «أيها المحرم اضحَ لمن أحرمت له» [ابن أبي شيبة: 14460] يعني ابرز. ولهذا كان السلف يكرهون القباب على المحامل التي لها رأس لقربها من رؤوسهم، وهذا في حق الرجال، وأما المحامل المكشوفة فلم يكرهها إلا بعض النساك لما فيها من الترفه. وليس هذا الترك من أجل المشقة لذاتها؛ وإنما المقصود ترك الترفه. ولا يتعرض المحرم كذلك لما يضره، فلا يقل أحد: أنا لا أدخل الخيمة وأبرز لمن أحرمت له، بحيث أتعرض لضربات الشمس أو البرد ونحو ذلك، لا، بل عليه أن يتقي ما يضره، لكن لا يترفه الترفه الذي كان يفعله قبل الإحرام. والنبي -عليه الصلاة والسلام-: «حج على رحل رث» [ابن ماجه: 2890]، وأنس بن مالك –رضي الله عنه-: «حج على رحل ولم يكن شحيحًا، وقال: حج النبي -عليه الصلاة والسلام- على رحل وكانت زاملته» [البخاري: 1517]، يعني يقتصد في حجه بقدر الاستطاعة. ولهذا في أسفار العبادات، سواءً كان عمرة أو حجًا أو ما أشبههما، على المسافر ألا يبالغ في الترفه والتنعم. وبعض الناس يذهب ليجاور في المسجد الحرام في العشر الأواخر من رمضان، فتجده يبحث عن أرقى الفنادق، وأغلى المركوبات، وأفخر المأكولات، وما أشبه ذلك، ومثل هذا لا يليق بهذه العبادة؛ لأن لها أثر على القلب، فلا يستحضر القلب في كل وقت مع وجود هذه الأمور، فعليه أن يقتصد في مثل هذه الأسفار، وإذا رجع إلى بيته يزاول ما كان يفعله من المباحات، ولا أحد يمنعه مما أباحه الله له، لكن وجد الأثر على القلب في التوغل في هذه الأمور.