بعض الناس يقول: (إن قيمة معرفة أسباب النزول لا تعادل التعب من ورائها، حيث إنها مجرد سرد تاريخي لما حصل)، وهذا الكلام ليس بصحيح وإن قيل؛ أولًا: لأن معرفة السبب تورث العلم بالمسبب، وكم من كلام يستغلق في كتاب الله -عز وجل-، وفي سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، بل وفي كلام الناس العادي كما في بعض أبيات الشعر، فلا يفهم إلا بسببه، فإذا عُرف السبب بطل العجب -كما يقولون-.
وثانيًا: معرفة السبب وذكره يدل على أن الراوي ضبط ما روى، وهذا في غير القرآن.
وثالثًا: من فوائد معرفة الأسباب: قصر عموم اللفظ عليه عند الحاجة، وأهل العلم يُطْبِقون -والخلاف لا يكاد يذكر- أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وبعضهم ينقل الإجماع على ذلك، والخلاف معروف في مذهب مالك، وإن لم يكن هو المعتمد، لكنه معروف.
ورابعًا: من فوائد معرفة السبب: إدخال السبب في النص، فلا يَتطرق إليه إخراج بحال من الأحوال؛ لأن دخوله قطعي.