اقترحَ بعضُ المُدرِّسينَ في المعاهد العلمية إعادَةَ ترتيبِ كتاب (العقيدة الواسطية)، بحيثُ يُجمعُ الدَّليلُ منَ الكِتابِ والسُّنةِ على الصفة الواحدة في موضعٍ واحدٍ بدلًا من أنْ يَتشتَّتَ الطَّالبُ فيقرَأَ في الأدلَّةِ منَ الكِتابِ ثمَّ يَنتقِلَ إلى الأدلَّةِ منَ السُّنةِ. ولكن كُتبُ أهلِ العِلمِ ينبغي ألَّا يُتعرَّضَ لها بتغييرٍ أبدًا، ومن أرادَ أن يجعَلَ لنفسِه تهذيبًا خاصًّا به فله ذلك. أمَّا كُتبُ أهلِ العِلم التي أُلِّفَتْ على طريقةٍ معيَّنةٍ، وبنوايا -نحسبُها والعِلمُ عندَ اللهِ جلَّ وعلا- خالصةً، وكُتِبَ لها القَبولُ والانتشارُ، فإنها إذا تعرضتْ للتغييرِ ذهبت ميزتُها وقيمتُها، وذهب رونقُها، والكِتابُ الذي يُعرَّضُ لمثلِ هذا التَّغييرِ والتَّبديلِ، والتقديمِ والتأخيرِ، قد يُعْرَضُ عنه، ويؤُولُ به الأمرُ في النهايةِ للإلغاءِ؛ لأنَّه لا يَلبَثُ أنْ يأتي مَن يَقترِحُ اقتراحًا آخرَ، وهكذا. والعِلمُ دِينٌ فلتنظرْ عمَّن تأخذُه، فلا يُسَوَّى كِتابٌ أَلَّفَه شَيخُ الإسلامِ –رحمه الله- وبَقِيَ كما كَتَبَه بكِتابٍ لمدرِّسٍ من المُدرِّسينَ قدَّمَ فيه وأخَّرَ، وزادَ ونقَصَ.