قال ابن تيمية: (وأنَّ الإيمانَ يزيدُ بالطاعةِ وينقصُ بالمعصيةِ). الزيادةُ دَلَّت عليها نصوصُ الكتابِ والسنَّةِ، وأيضًا فهذا أمرٌ محسوسٌ يُدركُه كُلُّ شخصٍ أنه إذا تلا القرآن زاد إيمانه، كما قال تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2]. فلا يستوِي شخصٌ يُؤدِّي العباداتِ البدنيةَ بدونِ حضورِ قلبٍ مع مَن يُقبلُ على صلاتِه بكلِّه خاشعًا مُتضرِّعًا مُتذلِّلًا بينَ يدَيِ اللهِ -جلَّ وعلا-. وكذلكَ لا يستوِي مَن يقرأُ القرآنَ مِنَ الخوارجِ الذينَ وصفَهم النبيُّ -ﷺ- بأنَّهم يقرؤونَ القرآنَ لا يجاوزُ تراقِيَهم [البخاري: 3610]، مع مَن يخشعُ إذا قرأَ القرآنَ. وأمَّا النقصُ فدليله أنه ما قبِلَ الزيادةَ يقبلُ النقصَ، وكذلك حديثُ: «ما رأيتُ مِن ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ» [البخاري: 304] يدلُّ على النقصِ. والذين يقولُون إنَّ الإيمانَ لا يزيدُ ولا ينقصُ لو تأمَّلوا لأدركوا أنَّ أحوالهم تختلفُ حينَما يقبلونَ علَى عباداتِهم قوةً وضعفًا وحينَما ينصرفونَ مِنها. وما أوقعَ هؤلاءِ في عظائمِ الأمورِ التي يقولونَ بها أو تذكر عنهم إلَّا أنَّهم أُلزموا بلوازمَ على أقوالِهم، فأخذتهم العزَّةُ بالإثمِ فالتزموا بها.