((تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) كثير من الناس إذا جاء وقت الحاجة والوقت الذي يريد استغلاله في الخير للمضاعفات العظيمة، يقول: نستغل هذه المواسم، فليلة القدر نحييها، أو نحيي العشر الأواخر كلها، لا نضيع منها شيئًا، ولا نفرط بشيء، ونترك القيل والقال، وإذا جاورنا في المسجد الحرام أو في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- نستغل كل لحظة. لكن أين أنت في الرخاء؟ أين موقعك من هذه العبادات وموقعها منك في أيام الرخاء؟ ماذا تفعل في طول وقتك؟ في طول عمرك؟ في أيام الرخاء؟ هل عودت نفسك على الحزم؟ عودت نفسك على التلاوة؟ على الصلاة؟ على الذكر؟ إن كنت عودت نفسك في طول العام فأبشر. والواقع يشهد بذلك، يأتي بعض الناس ويجاور في أقدس البقاع، يقول: المسألة عشر ليالٍ، وترجى فيها ليلة القدر أستغلها، وأترك القيل والقال، وأنكَبُّ على المصحف، والسلف يختمون في كل ليلة، أنا سأختم كل ليلة، هل يستطيع وهو ما عود نفسه في أيام الرخاء؟ لا يستطيع، ولا يعان على ذلك. ورأينا منهم أعدادًا كبيرة من طلاب العلم يقضون أوقاتهم في القيل والقال، يعتكفون في المساجد، لكن لا يصبرون عما كانوا يزاولونه قبل ذلك في حال الرخاء، تجد الكلام المباح موجود بكثرة، وقد يتعدونه إلى شيء مما فيه ما فيه، وقد لا يصبرون عن شيء كانوا يزاولونه، منهم من يأتي بالصحف والمجلات؛ لأنه اعتادها، ومنهم من يحضر الآلات، ومنهم من يستعمل الجوال ليلا ونهارا كل وقته، ونصيب القرآن منه كنصيبه في وقت الرخاء. رأينا من يجلس من بعد صلاة العصر في المسجد الحرام يريد أن يقرأ إلى الفطور، يعني في الصيف يستطيع أن يقرأ عشرة أجزاء، ثم تجده يفتح المصحف يقرأ خمس دقائق وهو لم يتعود، ثم يغلق المصحف ويتلفت يمينًا وشمالاً غاديًا ورايحًا ما وجد أحدًا، ثم يعود إلى المصحف خمس دقائق إن جاء أحد، وإلا قام هو يبحث عن الناس؛ لأن هذه حاله في حال الرخاء. وإذا أوى إلى مضجعه أسف وندم على أن ضيع اليوم، وتوعد نفسه في الغد، ثم نفس ما كان تعوده في حال الرخاء ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)).