من مواضع رفع اليدين عند التكبير، إذا قام من الركعتين إلى الثالثة بعد التشهد.
وهذا يقول به الشافعية، ودليلهم ما خرجه البخاري من حديث ابن عمر مرفوعًا، وهو صحيح لا إشكال فيه.
وخالف في ذلك الحنابلة، لأن الإمام أحمد يرجح وقفه على ابن عمر، ويقولون: إن الإمام أحمد إمام من أئمة المسلمين، إن لم يكن أعظم من البخاري فليس دونه، فلا يحتج عليه بفعل غيره.
لكن نقول: الإمام أحمد مجتهد لا يُلزَم بقول غيره من المجتهدين، وهو مأجور على كل حال، سواء كان الرجحان معه أو مع غيره، إن أصاب له أجران وإن أخطأ فله أجره، لكن يبقى أن من عرف مثل هذا النص في صحيح البخاري، في كتاب اشترطت صحته، وتلقته الأمة بالقبول، لا مندوحة له عن العمل به، ولو صحح الإمام أحمد خلاف ذلك، بل حتى لو صحح البخاري نفسه في خارج الصحيح عدم الرفع ما اعتبرنا قوله، لأنه قوة صحيح البخاري ليست بمجرد ترجيح البخاري، أو بقوة أسانيده فقط، إنما القوة جاءته من تلقي الأمة له بالقبول، والاتفاق على تقديمه، فهو اكتسب القوة من هذه الحيثية، والإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى يقول: تلقي الأمة للكتاب أو للحديث بالقبول، أقوى من مجرد كثرة الطرق. فمن يسمع هذا الحديث وهو في البخاري، لا مندوحة له عن العمل به، اللهم إلا إذا كان مقلدًا.