الاهتمام بأحكام القراءات لا شك أنه من الاهتمام بكتاب الله -جل وعلا-، وأن معرفة هذه الأحكام والعناية بها من تحقيق حفظ الله -جل وعلا- لهذا الكتاب، ولا شك كذلك أن من علامة توفيق الإنسان أن يهتم بها، لكن ينبغي ألا يكون الاهتمام بها على حساب الثمرة العظمى من فهم النصوص، والاستنباط، والعمل. وقد اتجه الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- في أول أمره بكلِّيته إلى علم القراءات، فنهاه البدر بن جماعة، وجماعة من أهل العلم، وقالوا: (إن هذا تعب، وثمرته أقل من التعب الذي يُصرف إليه، فانصرف إلى علم الحديث)، لكن هذا الكلام لا يؤخذ على إطلاقه، بأن نترك القرآن، ونعمد إلى الأحاديث، بل نقول: إن العناية بهذه الأحكام من العناية بكتاب الله -جل وعلا-، ومعرفة هذا العلم بالنسبة للأمة فرض كفاية، كغيره من العلوم، إن لم يكن أهم من غيره، لكن المقصود ألا تكون على حساب الثمرة العظمى من الفهم والاستنباط والعمل.