شرح العقيدة الواسطية (32)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أتم الصلاة والتسليم، قال المؤلف -رحمه الله-: فصل، وقد دخل في ذلك: الإيمان بأنه قريبٌ مجيب كما جمع بين ذلك في قوله تعالى: ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﮊ البقرة: ١٨٦ الآية وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته، فإنه –سبحانه- ليس كمثله شيء في جميع نعوته، وهو عليٌّ في دنوه، قريب في علوه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: فصل، وقد دخل في ذلك الإشارة تعود إلى الفصل القريب أو البعيد، دخل في ذلك أي فيما ذُكر في مقدمة الرسالة من الإيمان بالله والإيمان بما أخبر به عن نفسه، أو دخل في الفصل الذي قبله مباشرة؛ لأن هذا له صلة قوية في الفصل الذي قبله في الفصل الماضي، الفصل السابق، قد ينشأ إشكال في التوفيق بين أدلة العلو وبين ما جاء في معيته -جلَّ وعلا- وأنه مع خلقه، يعني قد يُستشكل أدلة العلو، وأن الله -جلَّ وعلا- مستوٍ على عرشه بائن من خلقه، عليٌّ عليهم فوق سمواته، وأدلة العلو المتظافرة المتكاثرة تدل على هذا، ومع ذلك هو معهم {وهو معكم أينما كنتم}، وسبق الكلام في هذا وأنه لا اختلاف ولا اضطراب بين نصوص المعية مع نصوص العلو، ويتفرع عن هذا ما جاء من أدلة العلو مع أدلة القرب، فالله -جلَّ وعلا- قريب ومع ذلكم هو مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، فوق سمواته كما تقدم، فهل بين العلو والقرب تناقض؟ أو نقول مثل ما قلنا في الفصل السابق: إنه عالٍ على خلقه بائن منهم مستوٍ على عرشه، ومع ذلكم هو قريب مجيب، وأقرب من حبل الوريد، وأقرب إلى الإنسان من عنق راحلته، عرفنا التوفيق بين نصوص المعية ونصوص العلو، وأن المعية لا تقتضي المخالطة، بدليل أن القمر وهو من أصغر المخلوقات مع الناس في سفرهم وإقامتهم، ومع ذلك هو في مكانه في السماء لا يتغير مكانه، ومع ذلك هو مع المسافر مع المقيم مع القريب ومع البعيد، مع القاصي ومع الداني، وإذا كان هذا في المخلوق ففي الخالق من باب أولى، وقل مثل هذا في القرب، يقول: وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريبٌ مجيب، كما جمع بين ذلك في قوله: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان}، جمع بين إيش؟ كما جمع بين ذلك بين القرب والإجابة، يعني ما جمع بين القرب والعلو يعني في الفصل السابق، جمع بين العلو والمعية، وهنا في هذا الفصل جمع بين القرب والإجابة، وهل الإشكال في القرب مع الإجابة، أو في القرب مع العلو؟ في القرب مع العلو.
الشيخ يقول -رحمه الله تعالى-: وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب مجيب، كما جمع بين ذلك في قوله: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب} فجمع بين القرب والإجابة، وفي قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» يعني هل يتصور أن الرب -جلَّ وعلا- بينه وبين عنق راحلته؟ أو أنه قرب يليق بجلاله وعظمته؟ قرب يليق بجلاله وعظمته ولا نعرف كيفيته، نفهم معناه ولا نعرف كيفيته، «إن الذين تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته»، وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذُكر من علوه وفوقيته، فإنه –سبحانه- ليس كمثله شيء في جميع نعوته، يعني لو قيل هذا بالنسبة للمخلوق تصورنا أن هذه النصوص متضادة، يعني هل يمكن أن يقال: إن زيدًا في السطح؟ وإيش يسمونه المتقدمون اللي قبل، وإيش يسمونه؟ وإن حُبس في إيش؟
طالب: ..............
يسمونه خلوة عندنا هذا.
طالب: ..............
الفقهاء يقولون حُبس في مطمورة، بحيث تلتبس عليه الأوقات يبينون حكمه أو لا يتمكن من طهارة لا بالماء ولا بالتيمم، هل يتصور أن الإنسان يوجد في آن واحد في مكانين؟ هذا بالنسبة للمخلوق لا يتصور، وإن كان من شطحات الصوفية أنهم يتصورون مثل هذا أنه يكون بين أهله ومع الناس في عرفة يقولون بأن الولي يستطيع ذلك، وهذا من خزعبلاتهم وشطحاتهم، المقصود أن مثل هذا المتعلق بالمخلوق يستحيل، لكن بالنسبة للخالق الذي لا تدركه الأوهام ولا تبلغه الأفهام وكلامه حق يؤيد بعضه بعضًا، ولا يُضرب بعضه ببعض، فنثبت لله -جلَّ وعلا- العلو والاستواء، ونُثبت المعية ونثبت القرب، وكل هذا على ما يليق بجلاله وعظمته، نُدرك هذه وندرك معانيها ولكن لا نفهم ولا ندرك كيفيتها، «إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته»، وما ذُكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته، شيخ الإسلام -رحمه الله- في هذه الرسالة ما جاء بقوله -جلَّ وعلا- {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}، وما جاء في آخر سورة الواقعة في آخر الواقعة: {ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون}، ما جاء بهاتين الآيتين! لماذا ما جاء بهما؟ نعم؛ لأنه يرى القرب هنا في الآيتين للملائكة؛ ولهذا شيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن المعية تنقسم إلى قسمين، لكن لا يرى أن القرب ينقسم إلى قسمين، يرى أن المعية -معية العلم الشامل للجميع- لا تخفى عليه خافية، لكن المعية الخاصة للخواص، بينما القرب نعم من أهل العلم من يقول مثل المعية ينقسم إلى قسمين، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن القرب لا يكون إلا من الخواص، قربه -جلَّ وعلا- من الخواص؛ ولذلك لم يورد الآيتين؛ لأنه قرب الملائكة.
{ولكن لا تبصرون}؛ لأن القريب هذا يمكن أن يبصَر الملائكة، يمكن أن يُبصَروا، وقد رآهم بعض الصحابة رأى جبريل بعض الصحابة فيمكن أن يبصر؛ ولذلك قال: {ولكن لا تبصرون} فدل على أن هذا يمكن أن يبصر وما يمكن أن يبصر الله -جلَّ وعلا- لا يمكن أن يرى في الدنيا، فهذا الذي يمكن أن يبصر دليل على أن المراد {ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون} المراد به الملائكة الذين أمروا بقبض روحه، وكذلك في قوله -جلَّ وعلا-: {ونحن أقرب إليه من حب الوريد} هذا قرب المراد به الملائكة، {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} هل يتصور أن هذا في حق الملائكة؟ لا يتصور، {فإني قريب أجيب} فهذا يتعين أن يكون القريب هو الله -جلَّ وعلا- «إن الذين تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» هذا قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه لما رفعوا أصواتهم بالدعاء «أيها الناس اِربَعوا على أنفسكم»، وهذا تقدم، «فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته»، وهل معنى هذا أن الله -جلَّ وعلا- بين الإنسان بين الراكب وبين عنق راحلته؟ لا يتصور هذا، بل هو على عرشه بائن من خلقه وقربه يليق بجلاله وعظمته، وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته؛ من قربه الذي ذُكر في هذا الفصل ومعيته الذي ذُكر في الفصل السابق، لا ينافي ما ذُكر من علوه وفوقيته، إذا كان النزول لا يقتضي مفارقة العرش فلئن لا تقتضي المعية، والقرب من باب أولى لا ينافي ما ذُكر من علوه وفوقيته، فإنه –سبحانه- ليس كمثله شيء، يعني إذا تصورنا أن المخلوق لا يمكن أن يحصل منه هذا، فإن الله -جلَّ وعلا- ليس كمثله شيء، لا يقاس أن يقاس بمخلوق أو ينظر بمخلوق، ليس كمثله شيء في جميع نعوته.
وهو عليٌّ في دنوه، يعني صفة العلو ثابتة له، مع أنه قريب قريب في علوه، فلا تناقض بين هذا وهذا، وكله قد جاء عن الله وعن رسوله بما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يمكن أن ينقض كلام الله وكلام رسوله بعضه بعضًا، الفصل الذي يليه.
طالب: .................
إيه هو في هذه الآية التي ذكرها لا يدخل، وفي الحديث الذي ذكره لا يدخل، لكن في الآيتين في آية (ق) وآية (الواقعة) يدخل فيهما جميع الأصناف؛ ولذا يذهب جمع من أهل العلم إلى أن القرب خاص وعام مثل المعية، ويجعل المتكلم في {نحن} هو الله -جلَّ وعلا-، ويكون هناك قرب عام وقرب خاص كالمعية، وشيخ الإسلام يرى أنه قرب خاص فقط بخلاف المعية؛ ولذا لا يدخل الآيتين في مثل هذا الفصل؛ لأنهما ليس من آيات القرب الإلهي، وإنما هو قرب ملائكة الذين كُلِّفوا بقبض الروح.
طالب: ..............
القرب يكون معناه قريب من المعية الخاصة لا أقول مرادف؛ لأن الترادف في مثل هذا مع تباين المعاني اختلاف المعاني ما يقال بالترادف.
طالب: ..............
يعني الضمائر، هل يكون مساقها واحد أو بعضها لله وبعضها للملائكة؟ لا شك أن الأصل إذا لم يمنع منه مانع أن الضمائر المتناسقة مرجعها واحد؛ ولذا جمع من أهل التحقيق يرون أن الآيتين في قرب الله -جلَّ وعلا- والأصل أن الله -جلَّ وعلا- إذا قال في كتابه: نحن، فإنه يريد نفسه -جلَّ وعلا-؛ ولذا القول الثاني فيه قوة.
طالب: .................
لكن الضمائر السابقة كلها لله -جلَّ وعلا- معروف هذا كلام شيخ الإسلام هو الأصل يبقى أنه هو الأصل، لكن القول الثاني أيضًا له حظ من النظر.
قال رحمنا الله وإياه: ومن الإيمان بالله وكتبه: الإيمان بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأن الله تكلم به حقيقة، وأن هذا القرآن الذي أنزله على محمد -صلى الله عليه وسلم- هو كلام الله حقيقة لا كلام غيره، ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية عن كلام الله أو عبارة، بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله -تعالى- حقيقة فإن الكلام، إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئًا لا إلى من قاله مبلغًا مؤديًا. وهو كلام الله، حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف.
-أسئلة خارجة عن الموضوع بعضها في الحديث وبعضها في الصلاة..-
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك.
يقول: اختلف العلماء في حكم المستبدل وهو الذي يستبدل بعض أحكام الشريعة بالقوانين الوضعية، وهو الذي يُحل المحاكم الشرعية محلها الأحكام الطاغوتية من المحاكم القانونية التي تحكم بالقوانين الوضعية؛ فذهب سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم إلى كفر من هذا حاله، وقد خالفه الشيخ ابن باز، كما أنه نشأت نابتة تدعي العلم أن للشيخ محمد بن إبراهيم قولين ثاني في مجموع فتاواه، وقد ردت اللجنة عليهم، فما هو الراجح في المسألة؟ علمًا أننا قد طالعنا المسألة بدقة، وخلاصة الكلام فيها أن الحكم بغير ما أنزل الله ينقسم إلى المشرع وإلى المطيع؛ فالمشرع هو الحاكم وإلى المطيع المشرع والحاكم والمتحاكم، فما هو القول الراجح في حكم المستبدل؟ بارك الله فيكم.
المسألة فيمن يحكم بغير ما أنزل الله لا شك أن الأصل في المسألة أنها كبيرة من كبائر الذنوب، وأن فاعلها على خطر عظيم، وجاءت فيه الأوصاف الثلاثة: {فأولئك هم الكافرون}، {فأولئك هم الظالمون}، {فأولئك هم الفاسقون}، ولو نزل كل آية على صورة فالكفر لمن رأى أن أحكام غير الله أفضل من حكم الله، أو رأى أنها في مصف حكم الله، هذا لا شك في كفره، لكن من اعتقد أن حكم الله هو الأتم وهو الأشمل وهو الأكمل وهو الأصلح لكل زمان ومكان، لكنه بسبب ضغوط أو إكراه، وإن لم يكن ظاهر في صورة الإكراه لكن..، فمثل هو الذي لا يحكم بكفره عند الشيخ ابن باز وغيره، فعلى كل حال هي المسألة كبيرة وشائكة ويعتريها ما يعتريها، والتبديل التام لشرع الله بغيره هذا خطر عظيم، وقد أفتى بعض أهل العلم -ومنهم الشيخ محمد بن إبراهيم- بكفره، التبديل التام الذي يستبدل حكم الله بحكم غيره، أما من يحكم في بعض المسائل دون بعض فهذا محل الخلاف ويسعه الخلاف.
لا شك أن الكتاب إذا كان متقنًا مضبوطًا مقابلاً على أصوله، ثم يروي منه الراوي يكون ضبطه حينئذٍ ضبط كتاب لا ضبط صدر، فالذي لا يضبط في الأصل ضبط صدر، يمكن أن يضبط ضبط كتاب، وحينئذٍ يكون تحديثه من الكتاب أفضل من تحديثه من صدره، وإذا حدّث من الكتاب لا شك أنه يضبط؛ لأن المسألة المفترضة فيمن يحسن القراءة، وإذا كان لدى القارئ هذا الذي يروي ويحدِّث نسخة متقنة مضبوطة محققة محررة، وقرأ منها قراءة صحيحة، ولو كان ضعيف الضبط ولو كان خفيف الضبط يُعتمد عليه؛ لأنه وإن فقد الضبط الأصلي إلا أنه عنده الضبط الفرعي الذي هو ضبط الكتاب، وإن كان بعضهم لا يرى التحديث من الكتاب؛ لأنه خلاف الأصل، وأن الذي لا يحدث إلا من كتاب لا يُوصف بالضبط؛ لأن الأصل ضبط الصدر ما العلم إلا ما حواه الصدرُ ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮊ العنكبوت: ٤٩ هذا هو الأصل، لكن إذا لم يتيسر يعني الإنسان ما أعطي حافظة قوية إن حدث من حفظه أخطأ كثيرًا، فلا مانع أن يحدث من كتاب مقابل على أصوله محرر ومتقن مضبوط، وحينئذٍ يحصل المقصود، وكثير من أهل العلم وهم من الحفاظ الكبار ممن يحفظ الألوف المؤلفة من الأحاديث لا يحدث إلا من كتاب؛ خشية أن يَهِمَ، وخشية أن يُخطئ، والذي يروي من الكتاب أخف تجريحًا من الضعيف الذي لا يروي من الكتاب، لا شك أنه على حسب تجريحه يكون بقدر ما يخطئ فيه، فإذا وافق الحفاظ الضابطين فضابط سواء كانت روايته من حفظه أو من كتابه، وإن خالفهم فمخطئ، -كما يقول الحافظ العراقي- يعني ضعيف، فإذا كان يحدث من الكتاب يأمن الخطأ -بإذن الله- وإذا كان يحدث من حفظه وليست لديه الحافظة والاستعداد التام لاستحضار ما يروي فإن هذا يكثر فيه الخطأ، وحينئذٍ يُضعَّف بهذا.
طالب: ..................
يعني التعارض المتصور في هذا الفصل، وإذا عُقد الفصل من أجل دفعه، الشيخ يريد أن يدفع التعارض بين القرب والعلو.
طالب: ..................
لا ما يمكن القرب والإجابة ما بينهم تعارض، لكن أنا أستغرب كيف يقول الشيخ –رحمه الله- بأنه قريب مجيب كما جمع بين ذلك في قوله: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب}، جمع بين القرب والإجابة، لكن ما أحد يقول أن هذين متعارضان.
طالب: ..................
على حسب عود الإشارة، هل تعود إلى أقرب قريب وهو التعارض المفتى المتصوَّر بين العلو والمعية، وقد دفعه الشيخ بقوة -رحمه الله- ونظيره التعارض المتصور أو المتوهَّم بين العلو والقرب، وقد أجاب عنه في هذا الفصل، لكن إجابته يعني أقل في القوة من الأولى وإن كان الجواب عن الأولى هو الجواب عن الثانية، هما متقاربتان جدًّا، فالجواب عن الوهم الأول هو الجواب عن الوهم الثاني.
ما التشعير؟ المقصود به أخذ العشر على بضائع المستأمن، أو أخذ العشر مما يخرج من نبات الأرض بغير مؤونة. ما هو التعشير.
على كل حال ما عليك شيء؛ لأن النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم، وقد طال الفصل فسقط السجود، هذا ما عليه شيء.
يعني النظر إلى ما حرم الله -جلَّ وعلا-.
«والأذن تزني وزناها السماع».
الاستماع لما حرم الله -جلَّ وعلا- لا سيما ما يتعلق بأمر النساء، وزنا العين الإبصار أو النظر إلى ما حرم الله -جلَّ وعلا- من النساء.
وهل هو صحيح أم ضعيف؟
لا، هو صحيح.
وهل معنى ذلك أن مشاهدة الأفلام والمسلسلات الاجتماعية تعتبر زنى والعياذ بالله أم لا؟
نعم إذا شوهدت النساء من قِبَل الرجال شاهدها الرجل ولم يغض بصره كما أمر الله وكرر، هذا النظر معناه أنها ليست النظرة الأولى، أو المرأة نظرت إلى الرجل نظر شهوة ولم تغض بصرها فينطبق عليها الحديث، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه، يعني هذه لا شك أنها مقدمات ووسائل، فإن حصلت النتيجة فلا شك أنه وقعت الطامة الفاحشة، وإن لم تقع النتيجة فهذه مقدمات وإن كانت محرمة إلا أنها ليست كزنا الفرج، بدليل «والفرج يصدق ذلك أو يكذبه»؛ لأن هناك من يقول غير ذلك، دعوة أم جُريج لما دعت على ولدها أن لا يموت حتى يرى المومسات، يعني البغايا، هذه دعوة خطيرة جدًّا، ويُخشى أن يقع فيها من يرسل بصره إلى هذه الجرائم التي تحصل في وسائل الإعلام، فعلى الإنسان أن يحفظ سمعه، وأن يحفظ بصره، وأن يحفظ قلبه، وأن يحفظ خواطره، وهو مسؤول عن ذلك كله، {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}، مسؤولاً عن هذه كلها.
يقول: هناك مجموعة من الشباب قدموا بالطائرة من الجنوب إلى الرياض، وحضرتهم الصلاة في مطار الرياض، فاختلفوا هل يجوز لهم قصر الصلاة؛ لأن المطار خارج الرياض فلم يدخل المدينة بعد أو لا يقصرونها؛ لأن الطائرة قد حلقت في سماء الرياضة قبل النزول للمطار والهواء له حكم القرار؟
هذا لو لم تحلق في سماء الرياض، المطار من الرياض؛ ولذلك كل من في الطائرة بما في ذلك الركاب والملاحين وغيرهم يقولون: وصلنا الرياض، فإذا حل في مطار الرياض فقد وصل إلى الرياض، فلا يترخص إذا أراد الإقامة أكثر من أربعة أيام.
طالب: .................
الجمهور يقولون أربعة وهو أضبط وأحوط.
لا يجوز له هذا تتبع الرخص الذي يفتي أهل العلم بتحريمه، بل يشددون فيه ويقولون: من تتبع الرخص فقد تزندق، لا شك أن مآله إلى الخروج من الدين بالكلية؛ لأنه لو كان في كل مسألة أكثر من قول، واختار الذي يبيح دون الذي يمنع في كل مسألة خرج من الدين، بل عليه أن يعمل بالراجح بدليله؛ سواء كان أسهل أو أشد.
أنا لا أحفظ نصًّا يُخوِّل للإنسان أن يباشر قتله نفسه، لكن النصوص في التسبب معروفة، التسبب في كون الإنسان يتسبب في قتل نفسه هذه النصوص موجودة ومحفوظة، لكن يباشر قتل نفسه له أن يتسبب تسببًا يقرب من المباشرة، لكن ليس له أن يباشر، يعني له أن ينغمس بين الصفوف، وله أن ينزل على الأعداء من خلال السور، ويغلب على الظن أنه يقتل، لكن ما يتولى قتل نفسه، وعلى كل حال من أفتى بالعمليات وقال: إنها أنكى للعدو ولا يوجد وسيلة غيرها، هذا اجتهاد، على كل حال أنا هذا رأيي أنه لا أعرف نصًّا يبيح للإنسان أن يباشر، وإن وُجدت النصوص التي تبيح للإنسان أن يتسبب سببًا قريبًا من المباشرة، وفرق بين هذا وهذا.
نعم إذا ترك الإنكار وهو يقدر عليه يأثم «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه» لا بد من التغيير وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شأن عظيم في دين الإسلام، في آية آل عمران قُدم على الإيمان وفي آية التوبة قدم على الصلاة، {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}؛ لعظم شأنه وخصيصة هذه الأمة وسبب رفعتها على جميع الأمم، وأما الإيمان فهو موجود عندنا وعند من قبلنا، {المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة} فالأمر بالمعروف شأنه عظيم بالنسبة للقادر على التغيير، أما العاجز لا يستطيع أن يغير بيده ولا بلسانه، فهذا له عذر ومندوحة في أن يغير بقلبه؛ بحيث يكره المنكر ويفارقه فورًا، لا يستمر جالس ويقول: أنا كاره للمنكر.
وكيف نجتنب البدع بصفة عامة وخصوصًا في وقت العزاء؛ حيث إننا لا نستطيع، وقد يصعب علينا الإنكار، وما يحدث فيه من البكاء بصوت مرتفع، لا بد من تخويف هذا الذي يبكي بصوت مرتفع، أما أصل البكاء ودمع العين أصله بدون صوت، ودمع العين وحزن القلب فهذا لا يؤثر، وقد حصل منه -عليه الصلاة والسلام-، أما ما يصحبه صوت لا سيما المرتفع من الصوت فلا شك أن هذا من النياحة، ويخوَّفون بالله -جلَّ وعلا-، وأن النائحة حكمها كذا في الإسلام، وأن الميت يعذب ببكاء أهله، بمثل هذا يندفع الشر -إن شاء الله تعالى-.
هذا ما فيه تضاد بين المتن الفقهي وبين المتن الحديثي، سواء درس المتن الفقهي وراجع للاستدلال عليه من كتب السنة، أو درس المتن الحديثي وراجع في أحكامه والاستنباط منه، وذكر أقوال العلماء من كتب الفقه، سواء فعل هذا أو هذا وإن درس المتنين معًا في آن واحد وجعل هذا يعضد هذا كان أفضل.
لا شك أن الإنسان يفتتن في حياته وفي مماته؛ ولذلك أمرنا بالاستعاذة من فتنة المحيا والممات، مادامت روحه في جسده عرضة لأن يفتن وعند ذلك {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}، والفتنة تُعرض على الإنسان بهذه الصورة إما بعرض الأديان، أو بغيرها من عرض الشهوات والشبهات، لكنها لا تضر المؤمن حقًا، من يعبد الله مخلصًا له الدين، فمثل هذا يثبَّت في حال حياته وعند مماته وفي قبره.
المراد بفتنة القبر هو السؤال عن الله -جلَّ وعلا- عن الرب والدين والنبي -عليه الصلاة والسلام-، فالمؤمن يجيب بأن الرب هو الله -جلَّ وعلا- وأن دينه الإسلام وأن نبيه محمد -عليه الصلاة والسلام-، وأما المنافق والمرتاب فإنه يقول كما جاء في الحديث الصحيح: «هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته»، ثم بعد ذلك يحصل الثواب للأول والعقاب للثاني.
الجهل هو عدم العلم بالشيء الذي لا يعلم حكم المسألة، ولم يكن سبب جهله الإعراض عن دين الله فإنه معذور {لأنذركم به ومن بلغ} فمن بلغته الحجة مؤاخذ، والذي لم تبلغه الحجة لا يؤاخذ، لا بد من بلوغ الحجة، وبالنسبة لغير العرب لا بد من فهم الحجة، لا بد من فهم الحجة بالنسبة لغير العرب؛ لأنهم يسمعون كلامًا كلا كلام، ومن العرب من يُنَزَّل منزلة الأعاجم؛ فتجد الواحد منهم يطوف بقبر، ومع ذلك لا يرى أنه مخالف، بل يكرر لا إله إلا الله وهو يطوف بالقبر، وحينئذٍ يكون أبو جهل أعرف منه بمعنى لا إله إلا الله، وقد خاب وخسر من هذه حاله -نسأل الله السلامة والعافية- على كل حال بلوغ الحجة لا بد منه وفهم الحجة لمن لا يفهمها كالأعاجم ومن في حكمهم لا بد منه، يبقى مسألة إزالة المانع عن قبول الحجة، هذا لم يقل به أحد، وإن تذرع به من تذرع من المخالفين؛ لأن بعض الناس يقول: الحجة جاءتنا من شخص لا نرتضيه، وُضعت بيننا وبينه الحواجز، قيل مثلاً: إن فلان وهابي احذروه، وصار الناس يتتابعون على هذه الكلمة، وصاروا يحذرون الوهابي الذي يأتيهم بالحق بدليله، ويتبعون شيوخهم شيوخ الطرق ومشائخهم، الزوايا والتكايا وما أشبه ذلك، يتبعونهم ويثقون بهم كما يثق أهل السنة بعلمائهم، ولا شك أن هذا مانع من قبول الحجة، لكن هذا ليس بشرط، إذا بلغت الحجة وأقيمت الحجة يكفي.
لعلها تريد أن زوج أختها يشتغل في شركة..، هل يجوز أن تأكل طعامها الذي أصله منه، أصل هذا الطعام -طعام الزوجة من زوجها وهو يشتغل في شركة محرمة، فإذا كان دخله مقصورًا على هذه الشركة وليست له أعمال أخرى يكتسب منها غير هذه الشركة، فلا إشكال في أنه لا يجوز الأكل من هذا الطعام؛ لأنه سُحت، ثمنه محرم فلا يجوز، وإن كانت لديه أعمال أخرى وهذه الشركة مغمورة بالنسبة لأعماله الأخرى، فالورع تركه لكنه لا يتعين تركه، الورع تركه، وأما التحريم فلاحتمال أن يكون الطعام المقدم من الكسب المباح والورع تركه.
هذه يُجيب بها أهل الورع أحيانًا في المسائل التي لم يتحرر لهم فيها دليل منع، يقولون: لا ينبغي، وقد يستعملها الإمام أحمد بإزاء المحرم، يكون أمرًا محرمًا، ويقول: لا ينبغي أو أكره هذا، وهذا من ورعه واحتياطه -رحمه الله-.
أولاً لا يسجد لمثل هذا العلماء يقولون: إن أسرَّ في جهرية أو جهر في سرية كُره، ومثل هذا لا يُسجد له، لكنه إن أصر وصارت له عادة وديدن يجهر في السرية ويسر في الجهرية هذا مبتدع فعله محرم، لكن إذا حصل ذلك أحيانًا سهوًا أو جهرًا في آية أو آيتين فلا مانع منه -إن شاء الله تعالى-.
عليك أن تطيع والديك، والعلم بإمكانك أن تستدركه بواسطة الآلات، وبالتعاون مع الإخوان ومع الأقران ومع الشيوخ الذين في القرية أو في المدينة القريبة عندكم، فبإمكانك..، وأيضًا الآلات تقوم مقام الحضور إذا لم يمكن، وعلى كل حال إذا بررت بوالديك أُعنت على طلب العلم، والله المستعان.
هذا يقول: سمعت أن في تأليف كتاب منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية قصة أود التأكد من صحتها؛ وهو أن شيخ الإسلام ذهب إلى مكتبة أحد الروافض ليستعير منه منهاج الكرامة، فرفض إعارته له؛ لعلمه أنه ابن تيمية، فطلب شيخ الإسلام أن يقرأ منهاج الكرامة عنده فوافق الرافضي على ذلك، فلما أتم شيخ الإسلام قراءته ذهب إلى بيته واستعرض نصوص ابن الحلي من حفظه ورد عليها، وألّف منهاج السنة لذلك، فهل تصح هذه القصة؟ أفيدونا مأجورين.
القصة فيها نكارة، فكيف يجلس شيخ الإسلام عند شخص لا يرتضي عقيدته ويقرأ عليه كتابًا لا يرتضيه، والكتب مبذولة، يعني الحصول عليها سهل، فما أظن شيخ الإسلام يستحيل عليه الوصول إلى الكتاب إلا بهذه الطريقة.
أولاً الجمع لا يكون بين النص وبين كلام أهل العلم ولو كان صحيحًا؛ إنما الجمع والتوفيق إنما يكون بين النصوص، فلو قال السائل: كيف نجمع آيات الاستواء، وأن الله -جلَّ وعلا- مستوٍ على عرشه والعرش فوق السموات، وبين الحديث: «يا موسى لو وضعت السموات السبع وعامرهن غيري»، أولاً الحديث فيه كلام لأهل العلم ولو صح ما فيه تعارض بين السموات السبع وعامرهن غير الله -جلَّ وعلا-، فالمراد جهة العلو، وليس المراد بها السموات السبع التي بين كل واحد منها وبين الثانية خمسمائة عام، فلا يُتصور -كما أجمع على ذلك أئمة الأمة وسلفها- لا يتصور أن هذه السموات تقِلّه أو تظِلّه -جلَّ وعلا-، بل هو بائن من خلقه فوق عرشه، والعرش محيط بالمخلوقات كلها بما في ذلك السموات، فهذا هو المقرر عند أهل العلم فلا تنافر ولا تناقض.
لا شك أن دعاء الميت شرك إذا كان يطلب منه حاجة شرك، لكن إذا كان ليس المقصود به صلاح الدين الأيوبي، وإنما المقصود من يتصف بوصفه من الشجاعة والنجدة والانتصار للإسلام ونصر المسلمين، إذا كان المقصود به هذا لا يقصد صلاح الدين بذاته كأن من يقول الآن: وامعتصماه، هو لا يقصد بذلك المعتصم، وإنما يقصد بذلك من ينجده ممن يتصف بصفات المعتصم، فلا أرى في ذلك ما يمنع -إن شاء الله تعالى- لكن إن كان يريد الشخص والشخص قد مات فهذا هو الشرك.
يقول: لم أجد في المكتبات كتاب معارج القبول بتحقيق عدة المحققين. وإيش لون لم أجد في المكتبات معارج القبول بتحقيق..، هو يقول: عمدة المحققين، لكن المقصود عدة من المحققين، لكن وجدته محققًا من قِبل نظر الفاريابي، محمد صبحي حلاق، عمر بن محمد، محمود أبو عمر، فأيها أختار من هذه التحقيقات؟
أولاً أنا معوّلي وعمدتي على الطبعة الأولى التي طبعها الملك سعود -رحمه الله- فهذه الطبعات لا شك أن هؤلاء ممن يتصدى لتحقيق الكتب وتحقيقاتهم جيدة في الجملة، ويزيدون على الطبعات الأولى بتخريج الأحاديث، وإلا طبعة الملك سعود إنما طُبعت عن نسخة المؤلف صحيحة ومتقنة ومضبوطة، ما فيها شيء بالنسبة للفظ، لكن هذه الطبعات تزيد في تخريج الأحاديث وعزوها إلى مصادرها، فكلها -إن شاء الله- فيها خير، يعني هم معروفون بالتحقيق الجيد لم يبلغوا الغاية بمعنى أنهم لا يلاحظ عليهم شيء، لكنهم في الجملة في تخريج الأحاديث ينفعون.
طالب: ....................
إلى أحدكم يا أيها الناس الذين تدعون الله -جلَّ وعلا- من الصحابة من هؤلاء القرب خاص يعني ما هو عام.
طالب: ....................
هو أقرب إلى أحدكم؛ لأن هؤلاء الذين اختصوا بالقرب مسلمون صالحون مستحقون للقرب الخاص من الصحابة هؤلاء، لكن أقرب إليه من قبل الوريد يشمل المسلم والفاسق والكافر، يشمل كل واحد يُحتضر من هذه الحيثية، شيخ الإسلام ما يرى أن هناك قرب عام مثل المعية العامة.